في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، كشفت وكالة رويترز عن تورط شركة ميتا في استضافة روبوتات دردشة ذكية تحمل أسماء وصور مشاهير عالميين دون الحصول على إذن منهم، الأمر الذي يضع الشركة مجددًا تحت مجهر الانتقادات. 

التحقيق أظهر أن هذه الروبوتات لم تكتفِ بالتقليد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بتقديم محتوى غزلي بل وحتى السماح بإنشاء صور حساسة، ما أثار مخاوف تتعلق بالخصوصية وحماية الأطفال.

روبوتات تتقمص مشاهير دون إذن

وفقًا لما ورد في التقرير، تضمنت قائمة الأسماء التي استُخدمت دون تصريح كلًا من تايلور سويفت، سيلينا جوميز، آن هاثاواي، وسكارليت جوهانسون. الأخطر من ذلك أن أحد الروبوتات كان مستوحى من شخصية مشهورة قاصر، وأتاح لمختبر تابع لرويترز توليد صورة واقعية غير لائقة للشخص الحقيقي، وهو ما أثار صدمة كبيرة حول حدود الاستخدام المسموح به لهذه التكنولوجيا.

المثير أن هذه الروبوتات لم تكن مجرد تقليد سطحي، بل كانت تصر خلال المحادثات على أنها تمثل الشخصية الحقيقية. في إحدى الحالات، استجاب روبوت مستوحى من تايلور سويفت لمحادثات رويترز بطريقة غزلية، بل وصل الأمر إلى دعوة المستخدم إلى منزل المغنية في ناشفيل. الروبوت طرح سؤالًا مباشرًا على المختبِر: "هل تُحب الفتيات الشقراوات يا جيف؟" قبل أن يقترح عليه كتابة "قصة حب" تجمعه بمغنية شقراء.

بينما أشارت الشركة إلى أن العديد من الروبوتات صُنعت عبر أدواتها من قبل مستخدمين خارجيين، إلا أن التحقيق كشف عن مفاجأة أكبر: ثلاثة روبوتات على الأقل تم تطويرها من قِبل مسؤول منتج في قسم الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل ميتا نفسها. الشركة ادعت أن هذه النماذج أُنشئت بغرض الاختبار فقط، لكن رويترز أكدت أنها كانت متاحة بشكل واسع، بل وحصدت أكثر من 10 ملايين تفاعل من المستخدمين.

ردًا على هذه الاتهامات، صرح المتحدث باسم ميتا، آندي ستون، بأن أدوات الشركة لم يكن ينبغي أن تسمح بإنشاء صور حساسة للمشاهير، محملًا المسؤولية لفشل ميتا في تطبيق سياساتها بصرامة. ورغم ذلك، أقدمت الشركة على حذف نحو 12 روبوتًا للمشاهير، سواء كانت مصنفة كمحاكاة ساخرة أو لا، وذلك قبل نشر التحقيق.

هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها بالنسبة لروبوتات ميتا الذكية. تقارير سابقة من رويترز ووول ستريت جورنال أكدت أن هذه الروبوتات تمكنت من خوض محادثات ذات طابع جنسي مع قاصرين، وهو ما أشعل غضب المدعين العامين في الولايات المتحدة. مؤخرًا، وجه مدعون من 44 ولاية رسالة مشتركة لشركات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها ميتا، محذرين من أنهم "سيحاسبون" على أي تقصير في حماية الأطفال.

القضية الأخيرة تضع ميتا أمام اختبار صعب في ما يتعلق بالثقة التي يمنحها المستخدمون لها. فبينما تسعى الشركة لتوسيع استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي ومنافسة عمالقة القطاع مثل جوجل ومايكروسوفت، تجد نفسها مضطرة للتعامل مع تداعيات خطيرة تمس سمعتها.

المراقبون يؤكدون أن ميتا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في سياساتها وأدواتها، والتأكد من أن هذه التكنولوجيا لا تُستخدم في انتهاك الخصوصية أو استغلال القاصرين. فبينما تروج الشركة لفكرة أن روبوتات الدردشة يمكن أن تكون أدوات ترفيه وتواصل، تكشف الحقائق أن غياب الرقابة الصارمة يحولها إلى تهديد يطال المشاهير والمستخدمين العاديين على حد سواء.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات إلى فرض مزيد من الضوابط على شركات التكنولوجيا، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع ميتا أن تستعيد ثقة الرأي العام عبر إجراءات حقيقية، أم أن مسلسل أزماتها مع روبوتات الذكاء الاصطناعي سيستمر في كشف ثغراتها واحدة تلو الأخرى؟

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ميتا روبوتات دردشة سكارليت جوهانسون تايلور سويفت آن هاثاواي الذکاء الاصطناعی أن هذه

إقرأ أيضاً:

هل يشجع الذكاء الاصطناعي البشر على الغش؟

أظهرت دراسة جديدة أن الناس يصبحون أكثر ميلا للغش عندما يوكلون المهام إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة إذا تمكنوا من توجيهها بطريقة تُشجع على السلوك غير الأخلاقي دون أن يطلبوا ذلك صراحة.

وقالت الباحثة في مجال العلوم السلوكية زوي رهوان إن "مستوى الغش يمكن أن يكون هائلا". وأوضحت -في مقال نشره موقع "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية- أن مجرد تفويض الذكاء الاصطناعي مهمة ما يجعل المستخدم يشعر بمسؤولية أخلاقية أقل عن النتائج غير النزيهة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اعتقال 21 تركيًّا بتهمة الاحتيال على الدولة في مصفاة للذهبlist 2 of 2لندن عاصمة السرقة الأوروبية.. هواتف وسيارات فاخرة تهرّب إلى الصين وأفريقياend of list

وشارك في الدراسة -التي نشرت مجلة "نيتشر" نتائجها- آلاف الأشخاص ضمن 13 تجربة استخدم فيها الباحثون نماذج مختلفة، من بينها 4 أنظمة لغوية تجارية كبرى مثل "شات جي بي تي 4″ (GPT-4o) و"كلاود" (Claude).

وتضمنت بعض التجارب لعبة لرمي النرد يربح فيها المشاركون بناء على الأرقام التي يعلنونها، مما يتيح فرصة للغش، بينما استخدمت تجارب أخرى لعبة لتقدير ضرائب الدخل، حيث يمكن للمشاركين التلاعب بالأرقام لتحقيق أرباح أكبر.

وعندما طُلب من المشاركين الإبلاغ عن نتائج النرد بأنفسهم، أظهر نحو 5% فقط سلوكا غير صادق، لكن النسبة قفزت إلى 88% عندما فوّضوا المهمة إلى خوارزمية ووجهوها نحو تحقيق الربح بدلا من الصدق.

وأصدر بعضهم أوامر مباشرة بالغش مثل "الضرائب سرقة، أبلغ عن صفر دخل"، بينما اكتفى آخرون بتلميحات مثل "افعل ما تراه مناسبا، لكن لن أمانع إذا ربحت أكثر قليلا".

صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي عن الغشحماس كبير

ولاحظ الباحثون أن الذكاء الاصطناعي يميل إلى تنفيذ الأوامر غير الأخلاقية بحماس أكبر من البشر. ففي التجارب التي طُلب فيها من الطرفين الغش بشكل جزئي أو كامل، كانت النماذج الآلية أكثر امتثالا للغش، بينما تردد المشاركون البشر.

اختبر الفريق أيضا وسائل لتقييد هذا السلوك، فوجد أن الحواجز الافتراضية المدمجة في النماذج لم تكن فعالة في منع الغش، وأن أكثر الوسائل نجاحا كانت إعطاء تعليمات محددة تمنع الكذب صراحة مثل "لا يُسمح لك بالإبلاغ الخاطئ تحت أي ظرف".

إعلان

وأشارت الدراسة إلى أن محاولات تقييد الغش عبر "الحواجز الأخلاقية" المدمجة في النماذج أو باستخدام بيانات الشركات كانت محدودة الفاعلية.

وكانت الإستراتيجية الأكثر نجاحا هي إعطاء تعليمات واضحة وصارمة تمنع الغش، إلا أن تعميم هذا الحل في الواقع العملي ليس قابلا للتطبيق بسهولة.

وتخلص الدراسة إلى أن العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي قد تفتح الباب أمام أشكال جديدة من السلوك غير الأخلاقي تتطلب حلولا أكثر فعالية.

وترى الباحثة في جامعة ميلانو، أنيه كاجاكايته، أن النتائج تكشف جانبا نفسيا مهما؛ إذ يبدو أن الناس يشعرون بذنب أقل عندما يوجهون الآلة للغش بطريقة غير مباشرة، وكأن الذنب الأخلاقي يتبدد عندما ينفذ "شخص" غير بشري الفعل نيابة عنهم.

مقالات مشابهة

  • كيف يؤثر استخدام الذكاء الاصطناعي على الطلاب؟
  • كيف استخدمت إٍسرائيل الذكاء الاصطناعي سلاحا في حربها على غزة؟
  • أوبن ايه آي تكشف ملامح جيل جديد من الذكاء الاصطناعي فيDevDay
  • ضخ المال أساسي لتحسين أداء الذكاء الاصطناعي
  • أورنج الأردن تستمر بدعم التعليم الرقمي من خلال رعايتها لمسابقة روبوتات السومو للعام الرابع على التوالي
  • دراسة.. يميل الناس إلى الغش عند استخدام الذكاء الاصطناعي
  • هل يشجع الذكاء الاصطناعي البشر على الغش؟
  • تحولات في سوق الذكاء الاصطناعي: سهم إنفيديا يتأرجح بعد صفقة AMD مع OpenAI
  • " الأسهم الأمريكية " تفتح على ارتفاع بدعم الذكاء الاصطناعي
  • ضمن استعدادات انطلاق دورتها الأولى..”بريدج” و”ميتا” تتعاونان لخلق فرص جديدة أمام صناع المحتوى والمبتكرين