في أعماق أراضي جنوب أفريقيا، يمتد كنز جيولوجي فريد يُعرف باسم حزام البلاتين، وهو تكوين صخري يضم أكبر الاحتياطيات المؤكدة من معادن مجموعة البلاتين في العالم.

هذا الحزام، الواقع ضمن مجمع بوشفيلد الجيولوجي، ليس مجرد مصدر للثروة المعدنية، بل هو قلب الاقتصاد الجنوب أفريقي ومسرح لصراعات اجتماعية وسياسية معقدة تركت بصماتها على تاريخ البلاد الحديث.

تهيمن جنوب أفريقيا على إنتاج معادن مجموعة البلاتين بنسبة تتجاوز 70% من الإجمالي العالمي، ما يجعلها اللاعب الأبرز في سوق تُقدَّر قيمته بمليارات الدولارات سنويا.

لكن خلف هذه الأرقام المبهرة، تختبئ قصص إنسانية مؤلمة وتحديات اقتصادية عميقة، أبرزها مذبحة ماريكانا عام 2012 التي راح ضحيتها 34 عاملا منجميّا، ولا تزال تلقي بظلالها على الصناعة حتى اليوم.

هيمنة على سوق البلاتين العالمي

عندما تشرق الشمس على مناطق روستنبرغ وماريكانا في مقاطعة الشمال الغربي، فإنها تُضيء على أحد أهم المراكز الاقتصادية في القارة.

هنا، في قلب حزام البلاتين، تعمل مئات المناجم والمصانع على استخراج ومعالجة معادن تُعد من أندر وأثمن المواد على وجه الأرض.

وفقا لأحدث بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لعام 2024، تنتج جنوب أفريقيا نحو 120 طنا متريا من البلاتين سنويا، أي ما يعادل 63.2% من الإنتاج العالمي، متفوقة بفارق كبير على روسيا التي تنتج 19 طنا متريا فقط (10% من الإنتاج العالمي).

ويحتوي الحزام على ما يُقدَّر بـ95% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من معادن مجموعة البلاتين، في منطقة جيولوجية فريدة تمتد على أكثر من 65 ألف كيلومتر مربع.

منظر جوي من طائرة هليكوبتر لمنجم بويسيندال البلاتيني في ليدينبرغ (الجزيرة)مذبحة ماريكانا.. الجرح الذي لم يندمل

في 16 أغسطس/آب 2012، شهدت تلة صغيرة قرب منجم ماريكانا واحدة من أكثر المآسي دموية في تاريخ البلاد الحديث، حين فتحت قوات الشرطة النار على مئات العمال المضربين، ما أسفر عن مقتل 34 عاملا منجميا وإصابة العشرات.

إعلان

بدأت الأحداث في 8 أغسطس/آب من العام نفسه، عندما أطلق العمال إضرابا للمطالبة برفع أجورهم الشهرية من 4 آلاف راند (نحو 400 دولار آنذاك) إلى 12500 راند.

وفي منطقة تُنتج مليارات الدولارات من البلاتين سنويا، كان هؤلاء العمال يعيشون في أكواخ من الصفيح بلا مياه نقية أو كهرباء أو مرافق صحية أساسية.

وثّقت منظمة العفو الدولية عام 2016 استمرار معاناة عائلات الضحايا في فقر مدقع، وأن كثيرا من الأرامل والأيتام لم يحصلوا على تعويضات كافية.

ما لا يقل عن 10 أشخاص قتلوا خلال إضراب العمال بمنجم ماريكانا التابع لشركة لونمين (الجزيرة)الشركات العملاقة وتحدياتها

تهيمن 3 شركات كبرى على صناعة البلاتين في جنوب أفريقيا: أنجلو أميركان بلاتينيوم، وإمبالا بلاتينيوم، وسيبانيا ستيل ووتر.

توظف هذه الشركات مجتمعة أكثر من 200 ألف عامل بشكل مباشر، وتدعم مئات الآلاف من الوظائف غير المباشرة.

وفي عام 2025، واجهت "أنجلو أميركان بلاتينيوم" انخفاضا في إنتاجها بنسبة 17% في الربع الأول، ليصل إلى 696 ألفا و300 أوقية، مقارنة بـ834 ألف أوقية في الفترة نفسها من العام السابق، بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات.

ثورة الهيدروجين الأخضر والمستقبل

يلعب البلاتين دورا محوريا في خلايا الوقود الهيدروجينية، ما يجعله عنصرا أساسيا في التحول نحو الطاقة النظيفة.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يقفز الطلب على البلاتين في هذا المجال إلى أكثر من مليون أوقية سنويا بحلول 2030، مقارنة بـ200 ألف أوقية حاليا.

خريطة جنوب أفريقيا (الجزيرة)الأبعاد الجيوسياسية

صنّفت الولايات المتحدة البلاتين معدنا "حرجا للأمن القومي" في إستراتيجيتها للمعادن الحرجة لعام 2024، في حين تستثمر الصين مليارات الدولارات في القطاع الجنوب أفريقي، ما يثير قلق الغرب من تنامي نفوذها.

وفي 28 أغسطس/آب 2025، وقّعت حكومة جنوب أفريقيا اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتطوير "ممر الهيدروجين الأخضر" بقيمة 8 مليارات يورو، لربط مناجم البلاتين بأسواق الطاقة الأوروبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

نهاية مأساوية لجريمة هزّت الصعيد.. إحالة أوراق الجُناة في مذبحــة «أبو حزام» إلى المفتي

قضت محكمة جنايات نجع حمادي، شمال قنا، بإحالة أوراق خمسة أشخاص إلى فضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، بتهمة قتل عشرة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، بينهم أطفال، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مذبحة أبو حزام".

وترجع وقائع القضية إلى الثاني من يونيو عام 2021، عندما تلقت أجهزة الأمن بقنا إخطارًا من مركز شرطة نجع حمادي، يفيد بمصرع وإصابة عدد من الأشخاص، بينهم أطفال وسيدات، أثناء استقلالهم سيارة ميكروباص بقرية أبو حزام.

وتبين مصرع كلٍّ من: نور الدين عبد الشافي محمد (65 عامًا)، يوسف مسعود نور (15 عامًا)، حنان حامد شاكر (20 عامًا)، فتحي عمر محمد (30 عامًا)، عبد الشكور عبد الراضي عبد الشكور (49 عامًا)، عدلي حسن أحمد (45 عامًا)، هدى سعيد نور (8 أعوام)، محمد سيد محمد (22 عامًا)، وآخرين.

كما أُصيب كلٌّ من: هدية شحات محمد (27 عامًا) بطلق ناري أسفل الظهر، وجمال عبد اللطيف بكري (57 عامًا) بطلق ناري في الجانب الأيمن، وأيوب وليد أبو الحجاج (5 أعوام) بطلق ناري في الساق اليمنى، وعلاء عبد الصبور عبد المطلب (41 عامًا) بطلق ناري في الرأس، وناجح مسعد محمد (15 عامًا) بطلق ناري في الساعد الأيمن، وسناء محمد أحمد (50 عامًا) بطلق ناري في الظهر، وصابرين أحمد محمد (47 عامًا).

وكشفت تحريات المباحث عن وجود خلافات وخصومة ثأرية بين عائلتي السعدية والعوامر بقرية أبو حزام، تجددت ودفعت أطرافًا من العائلة المعتدية إلى إعداد كمين لسيارة يستقلها أفراد من العائلة الأخرى، وبمجرد ملاحظتهم دخول السيارة بادروا بإطلاق وابل من الأعيرة النارية، ما أسقط مستقليها بين قتيل ومصاب.

وتمكنت أجهزة الأمن من كشف هوية المتهمين بارتكاب المذبحة، حيث تبين أن وراءها كلًّا من:
سيف. أ. ع، موظف بإدارة تموين نجع حمادي، وإسماعيل. إ. م. إ، ومحمود. س. ع. م، وعاطف. ع. أ. م، وصلاح الدين. أ. م.

وتم ضبطهم، وأُحيلت القضية برقم 20366 جنايات نجع حمادي، والمقيدة برقم 3237 كلي قنا، إلى محكمة الجنايات التي قضت بإحالة أوراقهم إلى المفتي.

طباعة شارك قنا محكمة جنايات نجع حمادى مذبحة بنجع حمادى مذبحة أبوحزام

مقالات مشابهة

  • نهاية مأساوية لجريمة هزّت الصعيد.. إحالة أوراق الجُناة في مذبحــة «أبو حزام» إلى المفتي
  • إرشادات هامة لحماية أنظمة الأمان بالسيارة؟
  • الأحمر يطمح لقطع أكثر من نصف الطريق في مواجهة قطر المونديالية
  • قتيلان في غارتين إسرائيليتين بجنوب لبنان
  • الأرض تصبح أكثر ظلمة.. والعواقب مقلقة للمناخ العالمي| ما القصة ؟
  • موجز أخبار جنوب سيناء| أمين حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يعلن استقالته.. والاحتفال بنصر أكتوبر المجيد
  • شهيدان وجريح في استهداف مسيّرة إسرائيلية لسيّارة بجنوب لبنان
  • وزارة العمل تحرر محاضر ضد منشآت سياحية مخالفة في شرم الشيخ
  • تعلن محكمة جنوب غرب الأمانة بأن الأخ/ هلال محمد الأرض تقدم إليها بطلب تعديل اللقب
  • أبو فاطمة يقدم أوراق اعتماده لرئيس جنوب أفريقيا سفيراً للسودان لدى بريتوريا