الجزيرة:
2025-12-14@20:09:02 GMT

القصف في الدوحة إثبات للفشل الإسرائيلي

تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT

القصف في الدوحة إثبات للفشل الإسرائيلي

لم تهز صواريخ المقاتلات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي العاصمة القطرية فحسب عندما استهدفت الوفد المفاوض لحركة حماس، وهو يتدارس مقترحا قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل عدة أيام، بل هزت هذه الصواريخ التي فشلت في اغتيال مفاوضي حماس، أركان العديد من القضايا التي ترتبط بالاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.

ضربة لجهود الوساطة ولمقترح وقف إطلاق النار

بشكل عام عندما تستهدف دولة ما وفدا تفاوضيا وتنتهك سيادة دولة لديها جهود متميزة ونجاحات في عملية الوساطة في صراع جارٍ، وفي أكثر من نزاع سابقا، فهذه حالة غير مسبوقة في تاريخ الصراعات في العالم، كما أنه إن ثبت تواطؤ واشنطن في دعم هذه الجريمة الإسرائيلية، فهي سابقة جديدة في دعم دولة تقدم نفسها كوسيط للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، لدولة أخرى في استهداف وسيط آخر.

ومن زاوية أخرى يتضح بشكل جلي انهيار كل السرديات الأميركية والإسرائيلية التي كانت تضلل الرأي العام بالادعاء أن المقاومة الفلسطينية، وحركة حماس هي من تعطل الوصول لوقف إطلاق النار؛ إذ إن عملية قصف الوفد المفاوض بهذا الشكل الفج، لا يمكن أن تكون إلا حصيلة جهد استخباري، وقد تم إعداد خطتها منذ وقت طويل، وهذا يؤكد النية المبيّتة لعرقلة أي مسار يوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ضربة لمكانة الولايات المتحدة وعلاقاتها بحلفائها

بالرغم من المراوغة الخطابية للولايات المتحدة، وحالة التنصل غير المقنعة من جريمة دولة الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الوفد المفاوض لحركة حماس في الدوحة، وانتهاك سيادة دولة قطر، فإن أي تحليل سليم لا يمكن أن يستبعد وجود تنسيق حول هذه العملية وتوقيتها، بل لا يمكن فهم حصول هذا الفعل بدون ضوء أخضر من الإدارة الأميركية.

ووفقا للاستنتاج السابق، فإن الحديث هنا ليس عن استهداف في إيران، أو لبنان، أو سوريا بل استهداف قطر التي تمتلك جملة من الخصائص تميزها عن غيرها، فهي حليف رئيسي للولايات المتحدة، من خارج حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقطر هي الدولة التي تستضيف إحدى كبرى القواعد الأميركية.

إعلان

كما أن قطر من الدول الرائدة في ملف الوساطة وحل النزاعات، ولها دور مشهود في النجاح على هذا المستوى.

وقطر، كذلك الحال، هي جزء من منطقة الخليج التي تمتلك علاقات خاصة وإستراتيجية مع الولايات المتحدة، ولهذا فإن افتراض أن الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب أعطت ضوءا أخضرَ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بقصف عاصمة دولة حليفة لها بكل هذه المزايا، يعد ذلك سابقة خطيرة تجعل كل حلفاء الولايات المتحدة يعيدون حساباتهم تجاه العلاقة والتعهدات والضمانات، والالتزامات الأمنية والعسكرية وغيرها، خاصة إذا كانت هذه الدول قد تتعارض مصالحها مع مصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي في أي لحظة.

وعلى افتراض أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قامت بالإضرار بالولايات المتحدة ومكانتها وصورتها وعلاقاتها، وهو ما قاله ترامب بأن القصف في الدوحة ليس من مصلحة واشنطن، لذا إذا أرادت الولايات المتحدة تجنب الآثار السلبية لهذا الفعل، فعليها النأي بنفسها عن هذا العمل الإجرامي ليس بالأساليب الخطابية المراوغة، أو التبريرات الواهية، بل بسلوك حقيقي يجبر دولة الاحتلال الإسرائيلي على إنهاء حرب الإبادة الجماعية، وليس أقل من ذلك.

ضربة للقناعات الإقليمية والصمت العربي

قصفت دولة الاحتلال الإسرائيلي في أقل من أسبوع عدة عواصم عربية من صنعاء إلى بيروت إلى دمشق، وصولا إلى الدوحة وليس انتهاء بسفن المتضامنين الأجانب في الشواطئ التونسية، وهي تقدم نفسها بذلك دولة عابثة بالأمن في المنطقة العربية، ومزعزعة للاستقرار، وتكرس نفسها كدولة مارقة.

وأمام هذه الحقائق المصحوبة بأصوات الانفجارات وألسنة النيران والأدخنة السوداء في العواصم العربية والتي تنتشي معها رؤوس زعماء اليمين الصهيوني، وحتى المعارضة الإسرائيلية، لا يمكن فهم واستيعاب وجود قناعة من أطراف عربية بمستقبل التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

فالتطبيع ليس سوى وسيلة إسرائيلية لتمرير مشاريعها للسيطرة على المنطقة، ولا تضع إسرائيل في الأولوية سوى مصالحها، وهي على استعداد لاختراق كل الخطوط الحمر بدون أي تردد، وعليه فإن الدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتراجع عن هذا المسار، والتفكير بشكل جدي بعواقب هذا المسار الهش الذي يأخذها نحو تدهور أمني ومخاطر بالغة.

لقد قدمت إنذارات كثيرة خلال السنوات الماضية، ولكن القصف الأخير في الدوحة يشكل إنذارا أكبر وأوضح، ويفتح فرصة لتصحيح القناعات، فالتطبيع الحقيقي هو الذي يدعم القضية الفلسطينية وعدالتها، وهذا لا يمكن أن يجتمع مع أي علاقة يمكن أن يستفيد منها الاحتلال الإسرائيلي.

إن الصمت العربي على ما جرى في الدوحة من استهداف سيعني القبول باستهداف عواصم عربية أخرى في الوقت الذي تحدده دولة الاحتلال الإسرائيلي، وليس المقصود بالصمت الامتناع عن إدانة هذا السلوك بل الصمت عن اتخاذ كل الخطوات العملية اللازمة للضغط على دولة الاحتلال، وإرغامها على التراجع عن هذا الإجرام والتوحّش.

ضربة لمصير الأسرى الإسرائيليين

عندما تقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة اغتيال فريق تفاوضي يتدارس مقترحا لإخراج أسرى إسرائيليين من الأسر وتسليمهم إلى عائلاتهم، فهي لا تقصف الوفد المفاوض لحركة حماس فحسب، بل تقصف مع ذلك مصير الأسرى الإسرائيليين، وتوجه رسالة لا لبس فيها لعائلات هؤلاء الأسرى، بأنها غير مهتمة بهم، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك حراك أكبر خلال الأسبوع الجاري من عائلات الأسرى الإسرائيليين ضد الحكومة الإسرائيلية.

إعلان ضربة لمشروع التغطية على الفشل بالإنجازات

تنتهج دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أمام فشلها في تحقيق أهدافها سبلا متعددة للتغطية على هذا الفشل من خلال الذهاب نحو استعراض القوة في جغرافيات مختلفة، ولو كان ذلك يضر بمصالح إسرائيل الإستراتيجية، وذلك لأن إسرائيل فقدت قدرتها على الردع، وخاصة أمام فاعل من غير الدول هو حماس، حيث ما زالت المقاومة تنفذ عمليات نوعية ضد قوات الجيش الإسرائيلي بعد مرور أكثر من 700 يوم من حرب الإبادة، ولم تنكسر إرادتها بالرغم من كل أدوات البطش التي استخدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأمام كل محاولة للتغطية على فشلها تدخل دولة الاحتلال الإسرائيلي في فشل أكبر منه وتتعمق في مستنقعه، وكان القصف في الدوحة وقصف السفن في سواحل تونس، آخر محطات هذا الفشل، والذي يوسع دائرة الفشل الإسرائيلي.

إن محاولات تعويض الهزائم والانتكاسات والتغطية على الانقسامات الداخلية والضغط الناشئ من الانتقادات الدولية المتزايدة بتكتيكات تكرس الفشل يحمل مخاطر إستراتيجية، ومع ذلك يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي مصرّ على هذا الاتجاه، وهو ما يحث كافة الدول على العمل بشكل موحد لإيقاف هذا الجنون الممزوج بالتوحش والعربدة، والذي يؤكد بطائراته وصواريخه وعقليته أنه لا يعرف حدودا ولا خطوطا حمراء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة الوفد المفاوض فی الدوحة یمکن أن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

رائد سعد.. واضع خطة سور أريحا التي هزمت فرقة غزة الإسرائيلية

أحد أبرز القادة التاريخيين في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومن الشخصيات التي كانت لها أدوار محورية في البنية العسكرية للحركة. تقلد أثناء مسيرته العسكرية مناصب قيادية متعددة، أبرزها قائد لواء مدينة غزة، قبل أن يتولى قيادة التصنيع العسكري. 

وفي مرحلة لاحقة شغل سعد منصب قائد ركن العمليات بالمجلس العسكري العام، قبل أن تسند هذه المهام لاحقا إلى محمد السنوار، فيما ظل سعد أحد أهم القادة العسكريين داخل البنية العسكرية والتنظيمية للحركة.

المولد والنشأة

ولد رائد سعد يوم 15 أغسطس/آب 1972، وهو من سكان مدينة غزة.

الدراسة والتكوين العلمي

حصل سعد على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، وكان حينها نشطا في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، ونال شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.

المسار العسكري

بدأ سعد نشاطه مبكرا ضمن صفوف الجناح العسكري لحركة حماس، ولاحقه الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 1987، واعتُقل مرات عدة.

وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، وهو من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.

وفي 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة بين 2012 و2021.

تقول إسرائيل إنه كان مسؤولا عن الخطط العملياتية للحرب، وأشرف على خطوتين إستراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى، الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.

وبعد توقف الحرب الإسرائيلية على القطاع في 2025، شغل سعد عضوية المجلس العسكري الجديد ضمن مساعي القسام لإعادة تنظيم صفوفها، كما شغل إدارة العمليات العسكرية، ووصف بأنه الرجل الثاني في القيادة بعد عز الدين الحداد.

الاعتقال ومحاولات الاغتيال

وكانت إسرائيل قد زعمت اعتقال سعد أثناء اقتحامها مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشرت صورته حينها ضمن مجموعة من المعتقلين، قبل أن تعترف أنها وردت بالخطأ.

إعلان

وتعرض سعد أيضا أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (2023-2025) لمحاولات اغتيال عدة، كان أبرزها في مايو/أيار 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ.

كما عرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية بقيمة 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.

ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد فترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتين حتى بعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2025.

إعلان جديد بالاغتيال

في 13 ديسمبر/كانون الأول 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ بالتعاون مع جهاز الأمن العام (الشاباك)، هجوما استهدف قياديا بارزا في حركة حماس داخل مدينة غزة.

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المستهدف هو رائد سعد، الذي يُنسب إليه المشاركة في وضع خطة هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وإلحاق الهزيمة بفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، على حدّ تعبيرها. كما وصفته بأنه الرجل الثاني في الحركة، مؤكدةً نجاح العملية.

غير أن حركة حماس وكتائب القسام لم تؤكدا عملية الاغتيال ولم تصدرا أي بيان أو تصريح بشأنها.

مقالات مشابهة

  • رائد سعد.. واضع خطة سور أريحا التي هزمت فرقة غزة الإسرائيلية
  • أمريكا تضغط لتشكيل قوة دولية.. الأمم المتحدة: إعادة إعمار غزة تكلف 70 مليار دولار
  • كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
  • الاحتلال يعتقل مُسناً فلسطينياً في الأغوار
  • جيش الاحتلال يُبرر عملية استهداف قيادي حماس بغزة
  • الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لإخلاء قرية في جنوب لبنان قبل القصف
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال القيادي في حماس رائد سعد
  • السفير الأمريكي بالأمم المتحدة: لا يمكننا السماح ببقاء حماس بغزة
  • بمشاركة 25 دولة.. مؤتمر بالدوحة لوضع خطة تشكيل قوة دولية في غزة
  • قرار أممي يطالب الاحتلال بالتوقف عن عرقلة دخول المساعدات لغزة