فوز الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو كأول مصري-عربي يتولى هذا المنصب، يمثل حدثًا تاريخيًا يتجاوز البعد الفردي إلى الرمزية الحضارية، تتويج لمسار ثقافي مصري طويل في خدمة التراث الإنساني، وإشارة إلى أن العالم يعيد الاعتراف بدور مصر والعرب كمصدر إشعاع معرفي وإنساني، لا كمجرد متلقٍ لثقافة الآخرين.

يأتي هذا الفوز في لحظة دولية دقيقة، تتقاطع فيها الأزمات الثقافية والتعليمية مع التوتر السياسي والتكنولوجي، لذلك، فإن اختيار شخصية وازنة ذات خلفية أثرية وسياحية، يؤكد أن حماية التراث والهوية من شروط التنمية والاستقرار وبناء المستقبل المشترك بين الشعوب.

هذا الانتصار الدبلوماسي لمصر والعالم العربي يؤكد قدرة المنطقة على المنافسة في مؤسسات القرار الدولي، بعد عقود من التمثيل المحدود، كما أنه ثمرة تحرك عربي إفريقي منسق دعم المرشح المصري، في إشارة إلى أن الكتلة الجنوبية بدأت تستعيد ثقتها بنفسها وتسعى إلى تصحيح اختلال التوازن في النظام الدولي.

شخصية العناني تضيف بُعدًا خاصًا لهذا الحدث، بحكم خبراته المتراكمة، ما يجعله قريبًا من ركائز رسالة اليونسكو، كما أن خبرته التنفيذية كوزير سابق للسياحة والآثار تمنحه قدرة على الربط بين التراث والتنمية المستدامة، وبين الأصالة والحداثة، وهي معادلة تحتاجها المنظمة في هذه المرحلة.

خالد العناني

تواجه اليونسكو منذ سنوات تحديات تمويلية وسياسية معقدة، بعد انسحاب بعض الدول وتقليص المساهمات، ويُنتظر من العناني أن يطرح رؤية جديدة لإدارة الموارد وتنويع مصادر التمويل، بما يضمن استقلال القرار الثقافي عن الضغوط السياسية، ويحافظ على حيادية المنظمة كمظلة دولية لحماية التعليم والعلوم والثقافة.

سيكون من أهم مهامه أيضًا إعادة تعريف أولويات المنظمة لتواكب التحولات الكبرى: الذكاء الاصطناعي، التحول الرقمي، التغير المناخي، وتحديات الهوية في عصر العولمة. فاليونسكو لم تعد فقط حارسة للآثار أو المناهج التعليمية، بل لاعبًا محوريًا في صياغة أخلاقيات التكنولوجيا وحماية الذاكرة الإنسانية من التزييف والنسيان.

من المتوقع أن يمنح فوز العناني دفعة قوية للمشروعات الثقافية في الشرق الأوسط وإفريقيا، خاصة في مجالات التعليم الأساسي وحماية التراث في مناطق النزاع، كما قد يفتح الباب أمام تعاون أعمق بين الدول العربية في مجال الثقافة الرقمية، وتوثيق التراث غير المادي، بما يعيد للمنطقة حضورها الإيجابي في المنصات الأممية.

على المستوى الرمزي، يعيد هذا الحدث الاعتبار لفكرة «العالمية من بوابة المحلية»، فاختيار شخصية مصرية لتقود مؤسسة أممية يعني أن الهوية الوطنية لا تتناقض مع الانفتاح الكوني، بل تشكّل رافعة له. إنها لحظة تأكيد أن الثقافة العربية قادرة على تقديم رؤية إنسانية جامعة، تتجاوز الصور النمطية والخطابات المتوترة.

لكن النجاح في هذه المهمة لن يكون سهلاً، فالعناني سيواجه شبكة مصالح متشابكة داخل المنظمة وخارجها، وضغوطًا من القوى الكبرى التي ترى في اليونسكو ساحة نفوذ ناعمة. التحدي الحقيقي سيكون الحفاظ على التوازن بين الاستقلال المؤسسي ومتطلبات التعاون الدولي، دون الانزلاق إلى منطق الاصطفاف السياسي أو الإملاء المالي.

من وجهة نظري، فوز خالد العناني، بهذا المنصب المهم، محطة مفصلية في علاقة العرب بالمؤسسات الدولية، اختبار لقدرتنا على الانتقال من موقع المتفرج إلى صانع القرار، ومن الدفاع عن التراث إلى صياغة مستقبل الثقافة والمعرفة، وقد يكون نجاحه بداية لعصر جديد، تُسمع فيه اللغة العربية في قلب القرارات الأممية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: خالد العناني اليونسكو فوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو فوز خالد العناني خالد العنانی

إقرأ أيضاً:

حجام يتألق بثلاثة مساهمات ويقود يونغ بويز لفوز ساحق على فينترتور

قدّم الظهير الأيسر الدولي الجزائري، ونادي يونغ بويز السويسري، جوان حجام، اليوم السبت، واحدة من أفضل مبارياته هذا الموسم، بل ربما الأفضل في مسيرته حتى الآن.

وذلك خلال مواجهة فريقه أمام فينترتور في الجولة 14 من الدوري السويسري، حيث بصم على أداء استثنائي توّجه بثلاث مساهمات مباشرة في الأهداف.

كان حجام في يومه، إذ سجل هدفًا رائعًا وأضاف تمريريْن حاسمتيْن، ليكون وراء ثلاثة من أهداف فريقه الخمسة في مباراة انتهت بانتصار عريض 5-0.

هذه هي أول مرة يساهم فيها حجام بثلاثة أهداف في مباراة واحدة، ليؤكد التطور الكبير الذي يشهده مستواه منذ بداية الموسم.

بفضل أدائه المميز، ارتفع رصيد حجام إلى 5 مساهمات (أهداف + تمريرات) في الدوري، ليصبح أكثر مدافع مساهمة في الأهداف هذا الموسم، متفوقًا على جميع منافسيه في البطولة.

كما منح موقع “سوفاسكور” حجام تقييمًا خرافيًا بلغ 9.7، وهو: أفضل تقييم في المباراة أعلى تقييم له في قاعدة البيانات الإحصائية الخاصة بالموقع ما يعكس حجم التأثير الذي تركه على مجريات اللعب.

شارك حجام أساسيًا وغادر أرضية الميدان في الدقيقة 80 بعدما أدى دوره كاملاً، مساهماً بشكل مباشر في فوز فريقه العريض ورفع رصيده إلى 25 نقطة في وصافة الترتيب بعد مرور 14 جولة.

بهذه المباراة، يوجه الظهير الجزائري رسالة قوية بأنه يعيش واحدة من أفضل فتراته، وأنه عنصر مهم في فريقه، مع جاهزية لافتة قد تعزز مكانته في المنتخب الوطني.

مقالات مشابهة

  • حجام يتألق بثلاث مساهمات ويقود يونغ بويز لفوز ساحق على فينترتور
  • الحضور الإماراتي لدى اليونسكو.. منجزات ثقافية وتعليمية
  • قطة يقود بيراميدز لفوز مريح في بداية رحلة دوري الأبطال
  • حجام يتألق بثلاثة مساهمات ويقود يونغ بويز لفوز ساحق على فينترتور
  • انطلاق فعاليات أسبوع الثقافة اليمنية ضمن مبادرة “انسجام عالمي2”
  • 16 عنصراً سعودياً في قائمة اليونسكو.. و"الأحساء" توثق تاريخ الري
  • خالد بن محمد بن زايد يزور معرض “نوماد أبوظبي”
  • عبد المنعم سعيد يوضح دلالات قرار تكساس بحظر الإخوان
  • خان شمال
  • الريشة الذهبية بتيسمسيلت.. صالون وطني يجدّد صلة الفنان بالتراث بروح معاصرة