مسقط- الرؤية

يعتبر يوم المرأة العمانية الذي تحتفل به سلطنة عُمان في السابع عشر من أكتوبر من كل عام مناسبة وطنية تسلط الضوء على إنجازات المرأة ودورها المتنامي في بناء المجتمع والمساهمة في مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية وغيرها، حيث يعد الاحتفال بهذا اليوم اعترافاً بما حققته المرأة في القطاعات المختلفة والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية الوطنية.

وتشكّل المرأة العمانية جزءاً لا يتجزأ في منظومة القطاع المصرفي بشكل عام وتعزيز نمو وأداء بنك مسقط بشكل خاص، إذ تشكل الموظفات أكثر من 46% من إجمالي القوى العاملة بالبنك، والتي تضم أكثر من 4,000 موظف وموظفة موزعين على مختلف الإدارات والفروع في أنحاء سلطنة عمان، كما تضم الإدارة التنفيذية لبنك مسقط 20% من العمانيات التي يتقلدن مناصب قيادية في مختلف المجالات، الأمر الذي يبرهن على حرص البنك واهتمامه في الاستثمار في قدرات موظّفيه وتمكين الكفاءات النسائية الشابة.

وقالت وفاء بنت إبراهيم العجمية مساعد مدير عام المعاملات والخدمات المصرفية الحكومية ببنك مسقط: "إننا نتوجه بخالص التقدير والاعتزاز إلى كل امرأة عُمانية أثبتت حضورها في مختلف مجالات الحياة، وأسهمت بعطائها وكفاءتها في مسيرة البناء والتنمية التي تشهدها بلادنا الغالية تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- وفي هذا اليوم الذي نحتفي فيه بإنجازات المرأة العُمانية، نؤكد في بنك مسقط إيماننا الراسخ بدور المرأة كشريك أساسي في تحقيق التطور المؤسسي والاستدامة، حيث كانت المرأة -وما زالت- جزءًا فاعلاً من نجاحاتنا، حيث أثبتت قدرتها على الإبداع والقيادة والمساهمة في تحقيق أهداف البنك في مختلف المجالات، كما إن تمكين المرأة العُمانية يظل من أولوياتنا، من خلال توفير بيئة عمل داعمة، تتيح لها النمو والتطور المهني، وتمنحها فرصاً متكافئة للتميز والمشاركة في صنع القرار. ونحن فخورون بما حققته موظفاتنا من إنجازات مشرفة تعكس روح العزيمة والإصرار على النجاح".

وعبّرت عدد من موظفات بنك مسقط عن فرحتهن بهذه المناسبة السعيدة وامتنانهن للاهتمام السامي بالمرأة العُمانية، وبما تحققه من إنجازات متواصلة على كافة الأصعدة، إذ أوضحت عائشة بنت كامل الهوتية، مديرة فرع بنك مسقط بالإنابة فرع المستشفى السلطاني: "نُهني المرأة العُمانية بيومها المجيد، هذا اليوم الذي يجسّد مكانتها ودورها الريادي في بناء الوطن، ونُبارك لكل امرأة عُمانية إنجازاتها، مواصلين المضي قُدمًا في مسيرة العطاء والتميّز". وحول تجربتها مع بنك مسقط، قالت الهوتية إنها كانت مميزة وغنية بالتحديات والفرص، ففي البداية عملت ضمن فريق محترف وبيئة تحفز على الابتكار والتطوير المستمر، حيث اكتسبت مهارات مهمة في تقديم الخدمات المصرفية، والتعامل مع الزبائن، وأيقنت من خلال ذلك أهمية العمل الجماعي والالتزام بأعلى معايير الجودة، مما ساعدها في بناء انطلاقة قوية لمشوارها المهني حتى وصلت اليوم إلى منصب مديرة الفرع.

 ودعت الهوتية النساء جميعاً إلى ضرورة تجاوز الصعوبات والتحديات من خلال التحلي بالثقة وبالقدرة على النجاح وبأن يكُنّ دائماً مصدر قوة وإلهام لنفسهن وللآخرين من حولهن لأنهن الركيزة الأساسية لبناء مستقبل مزدهر لوطننا الغالي.

أما أروى بنت سعود الراشدية، مديرة الفرع الرئيسي -ميثاق للصيرفة الإسلامية- فقالت: "يوم المرأة العُمانية يذكّرنا بالثقة التي أولاها القائد الراحل-طيب الله ثراه- وما تواصل عليه قيادتنا الحكيمة من تمكين للمرأة في مختلف مواقع العمل والمسؤولية، إنه يوم يترجم ما حققته المرأة من نجاحات في قطاعات التعليم، الصحة، الاقتصاد، والقطاع المصرفي وغيرها من القطاعات ودورها كأم ومربية للأجيال، ومن هذا المنطلق، أشعر بالفخر بأن أكون جزءًا من هذه المسيرة، وأسعى لأن أكون قدوة لغيري من النساء في خدمة المجتمع والمساهمة في رفعة الوطن".

وذكرت: "العمل في بيئة مهنية متطورة مثل بنك مسقط أتاح لي فرصًا مهمة للتدريب والتأهيل، حيث استثمر البنك في تطوير مهاراتي من خلال الدورات المتخصصة وبرامج بناء القدرات، مما ساعدني على توسيع مداركي واكتساب أدوات جديدة لمواجهة التحديات، وذلك كان علامة فارقة في مسيرتي المهنية، فالبنك لا يقتصر دوره على كونه مؤسسة مالية رائدة، بل هو مدرسة متكاملة في تطوير الكفاءات الوطنية، ومن خلال البرامج التدريبية المتنوعة، وورش العمل، والمبادرات التي تركز على بناء المهارات القيادية، استطعت أن أرتقي بخبرتي العملية وأن أتعلم كيف أوازن بين الابتكار والمسؤولية."

وبينت روية بنت محمد الهنائية مديرة فرع بنك مسقط في سوق بركاء: "بمناسبة يوم المرأة العمانية أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لكل امرأة عمانية أثبتت أن الطموح لا يعرف حدودا وأن العطاء لا يرتبط بمكان أو زمان؛ هذا اليوم هو احتفاء بالإنجازات وبالعزيمة القوية التي تتحلى بها المرأة العمانية في مختلف المجالات. فكل عام ونحن نرتقي ونُسهم في بناء وطننا العزيز بكل فخر واعتزاز."

وبدأت الهنائية مسيرتها التعليمية بشغف كبير نحو التخصصات الإدارية والمالية حيث حصلت على بكالوريوس في العلوم المالية والمصرفية، ثم التحقت بالقطاع المصرفي الذي وجدت فيه بيئة محفزة للنمو والتطور، فالبنك يعد من المؤسسات الرائدة التي تؤمن بتمكين المرأة وتوفير بيئة عمل محفزة على الإبداع والتميز، مؤكدة: "من خلال عملي كمديرة فرع تعلمت الكثير عن القيادة وإدارة الفرق، والتعامل مع مختلف شرائح المجتمع، وأنا فخورة بأن أكون جزءا من مؤسسة تضع التنمية البشرية في مقدمة أولوياتها، وتمنح المرأة العمانية مساحة حقيقية للإسهام في بناء الاقتصاد الوطني".

وفي السياق، قدمت نعيمة بنت رشيد البلوشية، مديرة قسم الحلول والعمليات الواردة بمركز اتصالات ميثاق الاسلامي، تهنئتها لجميع النساء العمانيات بهذه المناسبة المتميزة التي تعكس الدعم الذي تحظى به المرأة، مضيفة: "هذا اليوم الذي يخلّد ما حققته من إنجازات رائدة في شتى المجالات، بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة والدعم المستمر لتمكين المرأة، وأنا أفتخر بأنني أنتمي الي هذه المسيرة خصوصاً بعد التحاقي بالعمل في بنك مسقط والتي مع مرور السنوات أكسبتني خبرة في العمل المصرفي وخدمة الزبائن." وأشارت إلى أن تجربتها في بنك مسقط كانت غنية بالإنجازات والتحديات التي صقلت مهاراتها المهنية والشخصية.

أما صبيحة بنت جندوب الحارثية، رئيس وحدة نظم وتطوير الأعمال بدائرة خدمة الزبائن والاتصالات التجارية ببنك مسقط، فقالت: "يوم المرأة العمانية يعد محطة فخر واعتزاز لكل عمانية، فهو مناسبة وطنية غالية تحمل في طياتها معاني التقدير والاعتزاز بدور المرأة في بناء الوطن".

وتابعت قائلة إنها شغوفة بقيادة مشاريع التحول الرقمي وتحسين تجربة الزبائن من خلال تبني أحدث الأنظمة والتقنيات، إلى جانب التركيز على تطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع التوجه العالمي نحو التقدم التكنولوجي، ولذلك فإن تجربتها في بنك مسقط حافلة بالمحطات المهمة.

وقدّمت هدى بنت حبيب البلوشية، مدير أول - قطاع الشركات المتوسطة بدائرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ببنك مسقط، أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة يوم المرأة العمانية للمقام السامي لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- ولكل امرأة عمانية طموحة.

وقالت: " كامرأة تعمل في بنك مسقط يمكنني القول بأن التجربة ملهمة، حيث منحني البنك الثقة الكاملة في أداء مهامي، وشجعني على اتخاذ القرارات، والمشاركة في تطوير العمل، مما كان له الأثر البالغ في تحفيزي للاستمرار في تطوير نفسي ورفع سقف طموحاتي المهنية وبقدرتي على المنافسة في القطاع المصرفي ولعب دور فاعل ومهم في عملي."

ويتبنى بنك مسقط حلولاً مصرفية مختلفة لدعم المرأة، بدءاً من منتجات تمويل المشاريع الصغيرة إلى برامج الشمول المالي ومبادرات التوعية المالية، حيث يسعى البنك لتذليل العقبات أمام النساء الراغبات في تأسيس أو توسيع أعمالهن، كذلك يشارك البنك في فعاليات مجتمعية وورش عمل بمناسبة يوم المرأة العُمانية، مما يعزز ربط القطاع الخاص بالأهداف الوطنية لتمكين المرأة. وتقديراً لالتزامه المستمر وجهوده الملموسة في تنمية وتطوير الموارد البشرية وفي مجال تمكين المرأة، تُوّج بنك مسقط، المؤسسة المالية الرائدة في سلطنة عُمان، بجائزة مؤسسة العام للتميز في تمكين المرأة وذلك ضمن جوائز "The Origin" لعام 2025م، الذي نظمته مجموعة مسقط للإعلام، وجائزة التميز في الثقافة المالية والشمول المالي ضمن مؤتمر وجوائز المرأة 2025، وجائزة  المؤسسة الأكثر ابتكاراً في مجال الخدمات المصرفية في عُمان ضمن جوائز Women’s Tabloid.



 






 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: یوم المرأة العمانیة المرأة الع مانیة القطاع المصرفی یوم المرأة الع تمکین المرأة فی بنک مسقط هذا الیوم فی تطویر فی مختلف من خلال فی بناء امرأة ع ع مانیة

إقرأ أيضاً:

يوم المرأة العمانية بين الرمزية والأثر الاجتماعي

لا شك أن يوم المرأة العمانية بدأ يأخذ زخمًا اجتماعيًا وثقافيًا في مجتمعاتنا المعاصرة، لكن السؤال هو إلى أي مدى وبأي شكل؟ وهل بدأ ذلك يؤثر إيجابًا على التصورات والاعتقادات والأطر الاجتماعية التي تحيط المرأة، أم ما يزال عند الحدود الشكلانية بحيث يتحول إلى مجرد قشرة ظاهرية استهلاكية؟ فهل بدأنا نشهد إيمانًا اجتماعيًا أكبر بأهمية المرأة وحقوقها، أم ما يزال هذا الإيمان إيمانًا سطحيًا؟

إن قضية المرأة وحقوقها لم تصبح سمة حضارية من فراغ. وإذا كانت الدولة تسعى منذ عقود لتأكيد حضور المرأة، والتأثير بالتالي على الصورة العامة للمرأة العمانية داخليًا وخارجيًا؛ فإن المهمة الحقيقية هو ترسيخ الإيمان الاجتماعي بحق الحضور هذا لدى النساء أنفسهن أولًا، ثم لدى الرجال ثانيًا.

تاريخيًا مع مجيء الحداثة وما بعدها بدأت المرأة تنخرط أكثر فأكثر في سوق العمل وبالتالي في المجال العام، وهذا ما أتاح الاستقلالية الاقتصادية لها والاعتماد الذاتي. ومع استمرار كون الأعباء الأسرية والتربية والاهتمام بالبيت من مسؤوليات المرأة، وقلة الأجور مقارنة بالرجل؛ فإن ذلك ما بدأ يلفت نظر المرأة أولًا إلى وضعها العام وإلى تاريخ حقوقها، واحتجنا إلى وصول القرن العشرين لندرك إلحاح قضية المرأة كما كانت تقول سيمون دو بوفوار.

هكذا بدأت في الغرب أولًا الدعوات والحركات الساعية لحل قضايا المرأة وطرحها بشكل جاد على طاولة النقاش، وهي القضايا الملحة في حياة أي امرأة معاصرة ابتداءً من نظرتها لنفسها، وليس انتهاءً بنظرة المجتمعات إليها وإلى دورها. ولعل السؤال الأكثر إلحاحًا كان هل وقعت المرأة ضحية الاستغلال وانتهاك الحقوق أم لا؟ وجاءت تلك الحركات النسوية في سياق بقية الحركات التحررية التي ولدت كأنما في مراجعة تاريخية شاملة لأوضاع الإنسان من الاستعمار إلى الحريات الشخصية.

قضية تحرير المرأة لا يمكن بأي شكل القفز فوقها، وهي قضية تحرير لا كما صورها مناوئوها وما يزالون كدعوة إباحية وسفور؛ لأنها أساسًا مسألة حقوق مهدرة، ومسألة قهر وظلم وحرمان وتعطيل الوجود الطبيعي للكائن، وهي القضية التي تنبهنا إليها اليوم في مجتمعنا كل الظواهر النسائية مما ندعوه «تيار النسوية» إلى كل حادثة تمرد، إلى كل حادثة أو محاولة انتحار، بل الأخيرتان منهما تدقان ناقوس الخطر بأن علينا الإسراع وعدم الإبطاء في طرح قضايا المرأة علنًا على الطاولة والحوار المفتوح الحر والشفاف حولها. فالمسألة ليست مسألة تنازلات أو هبات بقدر ما هي مسألة حقوق أصيلة جرى إهدارها لصالح هيمنة ذكورية متسلطة مارست بكل وضوح بخس الحقوق وإهدارها على الإناث. وإذا كان سوق العمل منح المرأة استقلاليتها المادية فإن تلك المنحة السوقية لم تكن عن تفهم حقيقي لقضايا المرأة بقدر ما كان خاصة في بدايته حاجة إلى العمالة الرخيصة والمتخصصة والتي شملت حتى الأطفال آنذاك، بل ما زالت بيئات العمل إلى اليوم رغم إدراكها للطبيعة الخاصة للمرأة واحتياجاتها فإنها تتمنع بقوة أمام تكييف ظروف العمل المعاصرة لصالح تلبية أكبر لتلك الاحتياجات، كما في إجازات الولادة والرضاعة، وحتى الأجور كمثال بسيط.

الواقع أنه ما دام الخطاب الاجتماعي السائد يمارس لعبة الازدواجية تجاه المرأة بين التظاهر بالاحترام وممارسة القهر، أو تمرير خطاب الاستخفاف والهزء؛ فإن الإدراك الكامل لمحور القضية يبدو مغيبًا. ومع أن ظواهر كثيرة تقول: إن قطاعات كثيرة خاصة في جيل الشباب، قد بدأت نوعًا ما تتحرر من تلك الأطر العتيقة؛ فإن العودة إلى الخط الاجتماعي العام، والخطاب التقليدي الذكوري المسيطر يهدد على الدوام بإعادة المرأة إلى الإطار-السجن الاجتماعي القديم- ومن الواضح ألا سبيل لتحرر المرأة منه إلا عبر طرح القضايا الملحة التي تخص تحرر المرأة، فليست المسألة مسألة استقلال مادي فحسب، خاصة إذا كان هذا الاستقلال المادي يجري إهداره في الخفاء لصالح الذكور. وإذا كانت ممارسات من مثل الاستدانة على راتب الزوجة والأخت، والاستحواذ على بطاقتها البنكية ممارسات شائعة بنسب تقل وتزيد، أو اقتطاع نصيبها في الميراث بوصفه مبررًا، فضلًا عن بقية القضايا الاجتماعية من الزواج المبكر، إلى «الزوجة الثانية» إلى حضانة الأطفال بعد الطلاق أو النفقة، أي كل ما يحتكر الرجل قراره لنفسه متجاهلًا وجود المرأة بوصفها الشريك، حتى أصبحت القضايا تحتاج العودة للمحاكم والاتكال على مرجعية القانون، وهي المرجعية المتهمة بدورها أن المشرّع فيها ينطلق من تأثيرات الهيمنة الذكورية.

واقع الحال الآن بالنسبة لهذه القضية هو كما يبدو أن الخطاب الاجتماعي التقليدي ما زال ينظر لقضية المرأة العربية والمسلمة بوصفها قضايا غير موجودة، وأن قضية المرأة قضية حداثية غربية صرفة لا تخص المجتمعات الشرقية. وهذا النفي القاطع يترجمه الرأي العام عبر الترويج والاتهام والتصوير بأن دعوات تحرير المرأة هي دعوات هدامة للانحلال والفحش والسفور دون التدبر في أن ذلك الموقف يعبر عن نظرة قاصرة للمرأة، واتهام لتقديرها الذاتي وفطنتها التي يضرب بها المثل في مواقع أخرى، لكن ليس هنا. والواقع أن هذا الخطاب السائد يغفل عن أن المرأة الشرقية المعاصرة تقوم اليوم عمليًا وفعليًا بإعادة التفكير جديًا في كل منظومة الخطابات التقليدية والاجتماعية والسلطوية المفروضة عليها وعلى وجودها، وأن ذلك من حقها الطبيعي. ولا يمكن إهدار هذا الحق بحجج الماضي القديم، أو التعمية عليها بخطابات الإشادة والتكريم والتمنن دون تحمل المجتمعات لدورها ومسؤوليتها في إعادة النظر فعلًا في تبعات ذلك الماضي وانعكاساته الحاضرة ما دامت مبادئ أولية مثل تعليم البنات وقيادة السيارات والزواج المبكر والاستقلال المادي ما زالت محل نقاش وأخذ ورد ليومنا هذا.

إن من يتصفح ويقرأ الأدب الشرقي، والعماني الأنثوي المعاصر يمكنه أن يبصر بوضوح حجم هذه الأسئلة المشروعة، بل لعل القارئ المتعمق قليلًا يعرف أن قضايا المرأة أصبحت أولوية رئيسية في مشاريع كاتباتنا، وكثير من كتابنا كذلك، وذلك لا يعكس عمق الجرح الفكري فحسب، بل كذلك الحضور الراهن للمرأة التي تحاول بكل قوتها التحرر من الانغلاق الفكري الذي يحيط بوجودها والذي يحصرها في إطار مغلق، والمرأة الشرقية المثقفة اليوم تجاهد لاستعادة حقوق جنسها، وتحرير الفكر النسائي نفسه من السجن الطوعي الذي ارتضته الأنثى مضحية بوجودها الذاتي من أجل الأسرة والأطفال والمجتمع، وكيف أن هذه الشهيدة الاجتماعية عبر التاريخ حرمت حتى من الاعتراف بحجم تضحياتها الذاتية، بل اعتبر ذلك واجبًا مفروضًا عليها أداؤه ومحاسبتها على التقصير فيه.

من المؤسف اليوم أن المرأة الشرقية لا تستشعر وجودها وحضورها الحر والمسؤول الكامل إلا في مناخ الاغتراب، وتبقى محرومة من ذلك في وطنها، وأن انطلاقتها الاجتماعية مكبّلة ومقيّدة إلا في المجال المديني الضيّق بدوره، والذي ما زال يحاصرها ويحاسبها على سلوكها حتى في الحدود الدنيا المميزة للشخصيات، وكأن كل امرأة أو أنثى عليها أن تتبع نمطًا عامًا وقالبًا عليها ألا تخرج منه، أو أن عليها أن تثبت دائمًا وبشكل «إعلاني» لكل فرد من أفراد المجتمع استقامتها وأخلاقها، وكأنها محكومة دائمًا وأبدًا بالبقاء في دائرة الشك والريبة ونقص القدرات العقلية وفساد الأحكام.

إن مجرد نظرة فاحصة لخطاب تبادل الاتهامات «الساخر والكاريكاتوري» بين الجنسين -خاصة بين الأزواج والزوجات، والمنتشر على منصات التواصل الإلكترونية- يكفي لوحده لندرك أن الأمور لا تمضي على ما يرام بين الجنسين، وأن فجوة ما قائمة. وهذه الفجوة لا شك تعيق كل تكامل اجتماعي، أو تقدم من أي نوع كان؛ لأنها تهدر الحقوق الطبيعية. وكل ذلك يؤثر على تفكك المجتمعات ونسب الطلاق المرتفعة؛ فالأمر كله يبدأ بتأثير ثقافي، وهذا ما نلمسه اليوم في ظواهر تمرد الأجيال على العائلات وبالتالي على المنظومة الاجتماعية. وكل ذلك يعود للفاعل الثقافي، وهو الفاعل الملح والمهم والواضح في واقعنا المعاصر، ولا يمكن إلغاء تأثير المفاعلات الثقافية المعاصرة في عالمنا المفتوح هذا عبر تجاهلها، أو إلغائها أو تسفيهها أو تحقيرها، بل هناك دومًا طريقة واحدة واضحة لفعل الصواب، وهي النقاش الحر المفتوح على نتائج الحوار المتحرر من أحكامه القبلية ومن انغلاقاته، وهذا ما تحتاجه المرأة الشرقية والعمانية اليوم سواء من المرأة نفسها أو من الرجل بطبيعة الحال، وذلك هو الاحتفال الحقيقي والصادق بحضور المرأة ووجودها، وهو الاحتفال الذي يبدأ بالفهم والاحترام، وعلينا استغلال مناسبة مثل يوم المرأة العمانية ليس لمراضاتها بباقات الورد وعقود الذهب والألماس والحفلات الشكلانية الاستهلاكية، بل عبر احترام وجودها الذاتي وخصوصيتها وعطائها التأسيسي لحاضر ومستقبل الإنسان؛ فبذلك نحتفل حقًا بالمرأة العمانية، وتتمكن هي من استعادة كل طاقاتها الحيوية والروحية والجمالية التي وهبتها إياها الطبيعة منذ الأزل.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • بنك مسقط.. مسيرة رائدة في تمكين المرأة العُمانية وتعزيز دورها في القطاع المصرفي
  • يوم المرأة العمانية بين الرمزية والأثر الاجتماعي
  • دار الأوبرا السلطانية مسقط تحتفي بالمرأة العُمانية بروح الموسيقى
  • افتتاحية المرأة العُمانية... شريكة التاريخ والمستقبل
  • يوم المرأة العُمانية
  • المرأة العُمانية .. شريكة في صناعة مستقبل الاستثمار ورائدة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام
  • يوم المرأة العمانية 2025
  • ما هي تهاني يوم المرأة العمانية؟
  • القومي للمرأة يهنئ محمد الأتربي وهدى منصور على انضمامهما إلى جهاز دعم القطاع المصرفي