تايمز: السجون الإسرائيلية صقلت قادة حماس الأكثر تأثيرا وصلابة
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
قال تقرير لصحيفة تايمز البريطانية إن السجون الإسرائيلية لعبت دورا محوريا في صقل وتكوين جيل من قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أبرزهم يحيى السنوار، مهندس هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأفادت الصحيفة في تقرير لمراسلها في واشنطن جورج غريلز أن السنوار الذي قضى أكثر من 20 عاما في الأسر قبل الإفراج عنه عام 2011 ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، خرج من سجن "هداريم" مسلحا بمعرفة عميقة بخصمه.
لكن السنوار رأى أن الصفقة ناقصة لأنها لم تشمل حسن سلامة ومحمود عيسى. وبينما بقي سلامة في السجن، أُفرج عن عيسى مؤخرا بعد عقود من الاعتقال.
وفي السجن، تعلّم السنوار اللغة العبرية، ودرس التاريخ اليهودي، وترجم إلى العربية كتبا لضباط استخبارات إسرائيليين، وكتب رواية عن الجهاد من أنفاق غزة، بحسب الصحيفة.
جامعة السجن
ونقل غريلز عن مسؤولي أمن إسرائيليين القول إنه خطط لطوفان الأقصى من داخل السجن نفسه الذي كان يُعرف بين المعتقلين باسم "جامعة هداريم".
وأشار المراسل إلى أن إسرائيل لطالما انتهجت، منذ تأسيسها عام 1948، نهج الصفقات غير المتكافئة لتبادل الأسرى، مستندة إلى مبدأ توراتي يقدّس الحفاظ على الحياة، ما جعل اختطاف الإسرائيليين ورقة ضغط فعّالة بيد الفصائل الفلسطينية.
غير أن صفقة شاليط التي أُفرج بموجبها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني أصبحت -بحسب مسؤولين إسرائيليين- "كارثة أمنية" أسهمت في إعادة بناء القيادة العسكرية لحماس.
وأورد تقرير الصحيفة تجارب مشابهة طالت قيادات أخرى، مثل الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل هنية، اللذين صعدا بعد الإفراج عنهما إلى قمة هرم الحركة.
تايمز: جيل خرج من خلف القضبان يتقن لغة عدوه ويفهمه، ثم يواجهه بما تعلمه هناك. تخشى تكرار الخطأواليوم، تخشى إسرائيل -كما يقول غريلز- تكرار الخطأ نفسه؛ فاحتفظت بأسماء بارزة مثل مروان البرغوثي وعباس السيد خلف القضبان، بينما شددت إسرائيل ظروف الاعتقال وألغت امتيازات التعليم والثقافة داخل السجون.
إعلانوترى أن هذه السياسات الصارمة جاءت بثمن إنساني باهظ؛ إذ رصدت تقارير أممية ومنظمات حقوقية، منها "بتسيلم"، حالات تعذيب واعتداءات جسدية داخل السجون منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في حين تنفي إسرائيل الانتهاكات وتؤكد أنها تلتزم "بحدود القانون الدولي لا أكثر".
ونقلت تايمز عن الرئيس السابق لجهاز استخبارات مصلحة السجون الإسرائيلية يوآف بيتون، أنه يرى أن إطلاق سراح مئات السجناء في الاتفاق الحالي "ثمن مرتفع لا مفر منه"، لكنه يحذّر من خطأ ترحيل بعضهم إلى الخارج، لأن مراقبتهم تصبح مستحيلة.
وذكرت الصحيفة أن تل أبيب أفرجت في الصفقة الأخيرة عن 1700 أسير فلسطيني و250 أسيرا محكومين بالمؤبد، بينهم 157 من حركة فتح و65 من حركة حماس، بينما رُحِّل 154 منهم إلى الخارج.
قادة أكثر تأثيرا وصلابةوقالت الصحيفة إن مسؤولين سابقين حذروا من أن المفرج عنهم قد يعيدون تنظيم صفوفهم بعيدا عن الرقابة الإسرائيلية، كما حدث مع صالح العاروري، الذي أُفرج عنه عام 2007 ليصبح لاحقا قائد حماس في الضفة الغربية وأحد مهندسي هجوم أكتوبر/تشرين الأول قبل اغتياله العام الماضي في لبنان.
وتوصلت الصحيفة إلى مفارقة لافتة، مفادها أن السجون التي أرادت إسرائيل أن تكون وسيلة للردع تحولت، عبر التعليم والاحتكاك والتجربة، إلى حواضن لتكوين قادة حماس الأكثر تأثيرا وصلابة: جيلٌ خرج من خلف القضبان يتقن لغة عدوه، ويفهمه، ثم يواجهه بما تعلمه هناك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
مبعوث ترامب للرهائن يكشف كواليس اتصالاته مع حماس وضغوطه على قادة العالم
كشف أور شاكيد، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" في الولايات المتحدة، عن تفاصيل موسعة حول الدور الذي يؤديه آدم بوهلر، أحد المقربين من دوائر صنع القرار في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي عين مبعوثا رئاسيا لشؤون الأسرى.
ويشير شاكيد في تقريره إلى أن بوهلر، الذي كان جزءا من الفريق الذي روج لاتفاقيات إبراهیم، بات الآن في موقع "يرتبط حرفيا بالحياة والموت"، حيث يمكن لأي كلمة أو قرار أن تغير مصير محتجز في "سجن أو قبو مظلم" حول العالم.
من اجتماع مع الرئيس الصيني إلى منصب هام
وبحسب شاكيد، فإن دخول بوهلر هذا المجال لم يكن مخططا له. فقد بدأت القصة قبل سنوات خلال اجتماع بين إدارة ترامب الأولى والرئيس الصيني شي جين بينغ، حين شاهد بوهلر مستشار الأمن القومي لاحقا روبرت أوبراين يطالب بكين بإطلاق سراح مواطنين أمريكيين. يوضح بوهلر أنه تأثر حينها بالدور الإنساني الذي يلعبه مبعوث شؤون الرهائن، واعتبره "أمرا قادرا على تغيير حياة الناس".
ويشير بوهلر، وفق شاكيد، إلى أن فوز ترامب الجديد بالانتخابات كان "لحظة ارتياح كبيرة"، خاصة بعد ما وصفه بـ"تدهور حاد" في السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة بايدن. ويذكر أنه تلقى أول عرضٍ لشغل المنصب من مورغان أورتاغوس، قبل أن يلتقي لاحقا بروبرت أوبراين الذي وجد أنه "مناسب تماما" لهذه المهمة.
ترامب كلفه بمهمة تتجاوز الأمريكيين
وفي لقائه الأول مع ترامب، يؤكد بوهلر –كما ينقل شاكيد– أنه اختار التركيز على ملف الرهائن بدلا من ملفات الشرق الأوسط التقليدية، قائلا: "هناك العديد من الأمريكيين، والكثير من الحلفاء، ومنهم الإسرائيليون، في الأسر." ويشير إلى أن ترامب أعجب بإجابته وأخبره: "إذا كان هذا ما تريده فلا مشكلة".
ويؤكد شاكيد أن ترامب أوضح لبوهلر لاحقا أن تفويضه يشمل "جميع الرهائن الإسرائيليين"، وليس الأمريكيين فقط.
ووفق التقرير، يصف بوهلر ليلة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر بأنها كانت "صدمة كبرى" له كيهودي أمريكي، قائلا إنه تابع التطورات منذ اللحظة الأولى، وشعر بإحباط لأن "ما حدث لم يكن ليقع في عهد الرئيس ترامب".
لقاء مباشر مع حماس.. وانتقادات إسرائيلية
وينقل شاكيد أن واحدة من أكثر الخطوات إثارة للجدل في عمل بوهلر كانت إجراء لقاء مباشر مع ممثلي حركة حماس، وهو ما أثار غضبا كبيرا داخل الاحتلال الإسرائيلي خشية عقد صفقات بمعزل عنها.
لكن بوهلر شدد –بحسب شاكيد– على أن "كل شيء منسق بالكامل مع البيت الأبيض"، مؤكدا: "لا يمكن أن نتجاوز إسرائيل… ولن أبرم صفقة مقابل ثمن. القرار النهائي لإسرائيل."
وأوضح أن الهدف من اللقاء كان تسريع عملية إنقاذ الرهائن بعد أن تبين أن العمل عبر وسطاء "يستغرق وقتا أطول".
كما يشير شاكيد إلى أن كبار مسؤولي إدارة ترامب، وبينهم جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، أجروا هم أيضا اتصالات مباشرة مع ممثلي حماس خلال الجولات الأخيرة من المفاوضات.
بين الغضب الشخصي والواجب الرسمي
وينقل شاكيد عن بوهلر قوله إن لقاء أعضاء حماس، بصفته يهوديا، كان أمرا صعبا عاطفيا، لكنه كان يفصل بين مشاعره ودوره: "أنا أمثل بلدي. الهدف هو إطلاق سراح الرهائن، وليس التعبير عن الغضب."
ويشير التقرير إلى أن الاجتماعات مع حماس كشفت أن هناك إمكانية لاتفاق شامل يعتمد على مبدأ "الكل مقابل الكل"، رغم أن الكثيرين اعتبروه مستحيلا.
ويبرز شاكيد أن بوهلر كان يحمل صورة الرهينة عيدان ألكسندر معه دائما، وقد حضر بنفسه عملية إطلاق سراحه، ورافقه في المروحية التي أعادته إلى الاحتلال الإسرائيلي، واصفا اللحظة بأنها "من المشاهد التي يشعر فيها الإنسان بعظمة الله".
ضغط علني على رئيس الوزراء العراقي
كما يعرض شاكيد قصة الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، التي اختطفتها كتائب حزب الله في العراق. ويشير إلى أن بوهلر تبنى نهجا غير مسبوق حين شن هجوما علنيا على رئيس الوزراء العراقي، متهما إياه بـ"الوعود الكاذبة" ومهددا بإقالته.
وينقل شاكيد عن بوهلر قوله: "لم أقبل منه أي أعذار. كانت تلك إهانة للرئيس. وعندما أدركوا جديتي… بدأوا بالتصرف."
ونتج عن الضغوط، وفق التقرير، إطلاق سراح تسوركوف، وتسليم جثة أمريكي آخر كان محتجزا لسنوات.
"العشرات" ما زالوا محتجزين حول العالم
ويؤكد بوهلر –كما ينقل شاكيد– أن عشرات الأمريكيين ما زالوا محتجزين في دول مثل أفغانستان وروسيا وإيران، مشددا على أن فريق ترامب ملتزم بإعادتهم جميعا: "سنواصل الضغط حتى يعودوا جميعا."
ويوضح شاكيد أن العدد المتبقي من رهائن 7 تشرين الأول/أكتوبر انخفض إلى رهينة واحد، هو ران غويلي، ولم تستعد رفاته بعد. ويؤكد بوهلر أنهم ملتزمون بإعادته أيضا.
أما عن "اليوم التالي" في غزة، فينقل شاكيد عن بوهلر تفاؤله بأن يقود كوشنر وويتكوف المرحلة المقبلة، معتبرا أن لديهم القدرة على "إعادة تشكيل المنطقة"، كما فعلوا في اتفاقيات إبراهيم.