كتب- سهيل بن ناصر النهدي

أكد أكاديميون ومختصون أن «ملخص المجتمع» الذي نشره جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لنتائج أعمال الجهاز عن عام 2024م، يدعم منظومة الرقابة ويسهم في تحقيق مبادئ النزاهة و الشفافية و المصلحة الوطنية، والحفاظ على المال العام، وتحسين مستوى العمل الإداري في المؤسسات، موضحًا أن نشر نتائج أعمال الجهاز للمجتمع يعزز جسور الثقة بين الحكومة و المواطنين، ويعكس السعي الجاد إلى ترسيخ الشفافية و الرقابة المالية و الإدارية، وصون المكتسبات الوطنية.

وقال زاهر بن سليمان السالمي رئيس المكتب الفني لنائب الرئيس للرقابة على الهيئات والاستثمارات والشركات بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة: إن إصدار ملخص المجتمع لنتائج أعمال الجهاز عن عام 2024م يأتي ترجمةً عملية للنهج السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم –حفظه الله ورعاه– في ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة في مختلف قطاعات الدولة، وتعزيز مفهوم الشراكة المجتمعية في دعم منظومة الرقابة بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية والتنموية «لرؤية عمان 2040».

وأوضح السالمي أن الملخص يعكس ما أنجزه الجهاز من مهام رقابية خلال عام 2024م وفق خطة الفحص السنوية التي تم إعدادها استنادًا إلى مستهدفات «رؤية عمان 2040»، وإلى المبادئ والمعايير المعتمدة من المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الإنتوساي»، إضافةً إلى تطبيق أدلة العمل الرقابي المستندة إلى مبدأ الأهمية النسبية وتحليل المخاطر لضمان فاعلية وكفاءة الأداء الرقابي.

وأشار السالمي إلى أن الجهاز يولي اهتمامًا خاصًا بالجانب الإعلامي والتوعوي باعتباره ركنًا أساسيًا في توطيد الثقة بين الجهاز والمجتمع، وذلك من خلال تنفيذ برامج ومبادرات متنوعة تهدف إلى تعزيز قيم النزاهة والشفافية وترسيخ ثقافة حماية المال العام وصون مكتسبات الوطن، وتشمل هذه الجهود البرامج التلفزيونية والإذاعية، والندوات والمحاضرات، والمقالات والمنشورات الصحفية، إلى جانب الإصدارات الرقمية والمطبوعة التي تسلط الضوء على دور الجهاز في خدمة التنمية وتعزيز الحوكمة الرشيدة.

وختم زاهر السالمي بالتأكيد على أن إصدار ملخص المجتمع يمثل جسرًا تواصليًا بين الجهاز والمجتمع، يعزز مبدأ الانفتاح والشفافية، ويتيح للمواطنين والمجتمع المدني الاطلاع على نتائج أعمال الجهاز، بما يسهم في ترسيخ ثقافة المشاركة والمسؤولية المشتركة في حماية المال العام وتحقيق التنمية المستدامة لعُمان المستقبل.

رؤية عمانية

من جانبه قال الدكتور يحيى بن عبدالله الناعبي أستاذ مساعد بكلية البيان قسم الدراسات الإعلامية: أن تعلن وبوضوح جهة ما، رسمية متمثلة في إحدى مؤسسات الدولة تقريرًا حول أدائها المالي والإداري، هي خطوة نحو الشفافية، فهي لا تقتصر فقط على إطلاع المواطن على هذه التقارير وخلق مساحة تواصل بينهما عبر البيانات والأرقام، بل تذهب أبعد من ذلك، فالرؤية العمانية نحو الانفتاح إلى العالم الخارجي تتيح بشفافيتها إطلاع الأخر سواء كان مقيما أو مستثمرا أو سائحا إلى هذه التقارير، وبالتالي ترفع مستوى المصداقية، وبالعودة إلى العلاقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية فإن هذه التقارير تنسج رابطا قويا بين الطرفين لا تقتصر على عرض البيانات والأرقام، بل تمتد أبعد من ذلك حول تبيان الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقرارات الحكومية، وتسهم في إشراك الرقابة المجتمعية للمال العام وتشكّل وعيًا مجتمعيًا ذا خاصية معنوية حول مآلات وكيفية استخدام موارد الدولة.

وأضاف الناعبي بأن لأجهزة الرقابة المالية والإدارية للدولة دور رئيسي في تعزيز ثقافة المسؤولية وخلق عنصري الرقابة والنزاهة لدى العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، فالتقارير الصادرة عن هذه الأجهزة وما يتبعها من ملاحظات مهنية وإجراءات تصحيحية يمثل إسهاما ضروريا في رفع الكفاءة في العمل من حيث الانضباط الإداري وكذلك الجانب المعرفي المتعلق في الوعي القانوني لموظفي مؤسسات القطاعين، مع وجود الرقابة المستقلة الفاعلة التي تحفز الموظفين على الالتزام باللوائح القانونية وتمنع التجاوزات وهدر المال العام، لذلك يأتي نشر ملخص المجتمع؛ ليعزز مبدأ الشفافية والمساءلة بين المجتمع والحكومة، بالرغم من صعوبة إيجاد بيئة نظيفة تماما، لكن يبقى تفعيل الدور الرقابي بشكل مستمر خطوة مرجوة نحو مسار متقدم في النزاهة والحوكمة.

وأكد الدكتور يحيى الناعبي بأن مسار الثقة بين المواطن والمؤسسات يتجلى عبر المساءلة، مما يترك أثرا اقتصاديا واجتماعيا، وهذا الملخص هو وسيلة تقرّب وجهات النظر بين المجتمع والمؤسسة ويعزز الجانب الاستثماري. إن اتساع رقعة زعزعة أمن المواطن المالي وتخوفه من قضايا التحايل والانتحال مع غياب الرقابة القانونية قلّص الحركة الاقتصادية وأدخل الدولة في أزمات متعلقة بالتنمية وهو ملاحظ جدا بين أوساط المشاريع الصغيرة والمتوسطة. يجب أن يشعر المواطن بأنه شريك أساسي في هذه التنمية من خلال تفاعله مع القرارات الحكومية وليس فقط متلقيًا لها، فحماية الموارد العامة هي أولا مسؤولية المواطن ولا يتحقق ذلك إلا إذا أتيحت له الشراكة في تقرير المصير جنبا إلى جنب مع المؤسسات بشقيها الحكومي والخاص.

النزاهة و الشفافية

من جانبها أكدت الدكتورة إبتسام بنت سالم الوهيبية أستاذ مساعد في وحدة الاتصال التجارية بجامعة السلطان قابوس على أن نشر التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يعد خطوة محورية في دعم مسار التنمية الاقتصادية وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة التي تؤكد عليها «رؤية عُمان 2040».

موضحة أنه تم من خلال عرض نتائج الفحص السنوي وفق المعايير الدولية المعتمدة «الإنتوساي»، ويسهم التقرير في رفع كفاءة الإنفاق العام وضمان توجيه الموارد نحو المشاريع ذات الأثر الاقتصادي المستدام، مما يعزز الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة، كما يساهم في تحسين بيئة الاستثمار عبر ترسيخ الثقة في الأنظمة الرقابية والمؤسسية، الأمر الذي يجعل الاقتصاد العُماني أكثر جاذبية وتنافسية.

وأشارت الوهيبية إلى أنه في الجانب الإداري، يعزز نشر نتائج الفحص والتقارير الدورية المساءلة والشفافية داخل المؤسسات الحكومية، ويقوي ثقة المواطن في نزاهة الجهاز الإداري للدولة.

وبينت أن نشر نتائج أعمال الجهاز خطوة أساسية في ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، ويعود بالنفع المباشر على المواطن العُماني، إذ يتيح للمجتمع الاطلاع على كيفية إدارة المال العام ومدى التزام الجهات الحكومية بالأنظمة والقوانين، مما يعزز الثقة في مؤسسات الدولة ويؤكد حرصها على النزاهة وحسن الأداء. كما يسهم هذا التقرير في ضمان الاستخدام الأمثل للموارد الوطنية وتوجيهها نحو تحسين الخدمات العامة التي يستفيد منها المواطن في حياته اليومية، مثل التعليم والصحة والبنية الأساسية، وإضافة إلى ذلك يشجع التقرير المواطنين على المشاركة في حماية المال العام من خلال الإبلاغ عن أي مخالفات أو تجاوزات، مما يعزز روح الشراكة والمسؤولية المجتمعية، وبذلك يشكل نشر التقرير السنوي أداة فعالة لترسيخ ثقافة النزاهة وتعزيز الثقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع، في انسجام تام مع تطلعات «رؤية عُمان 2040» نحو إدارة حكومية فعالة واقتصاد قائم على الشفافية والاستدامة.

تعزيز الثقة

من جانبه قال محمد بن أحمد الشيزاوي صحفي متخصص في الشؤون الاقتصادية: تكمن أهمية ما نشر في ملخص المجتمع في عدد من الجوانب الأساسية، بينها تعزيز ثقة المجتمع في مؤسسات الدولة وأن هناك رقابة على مختلف الأعمال والمشاريع والمناقصات بما يؤدي إلى حُسن الأداء وتنفيذ المشروعات في الأوقات المحددة لها ومراجعة الكثير من الخطوات التي تتخذها بعض الجهات الحكومية والتي تكون دون مستوى طموحات المجتمع.

كما أن ما نشر في الملخص يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمارات الأجنبية؛ لأن المستثمر دائما ما يبحث عن الأسواق والاقتصادات التي تتميز بالشفافية وتتوفر بها أدوات المساءلة والرقابة بما يؤدي إلى تحقيق النزاهة في مختلف الأعمال وهو ما يعني في النهاية تحقيق العدالة لجميع المستثمرين، كما يسهم في تعزيز ترتيب سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية المتعلقة بالشفافية والنزاهة وهو ما يدعم أيضا الجهود المبذولة لاستقطاب الاستثمارات.

وأكد الشيزاوي أن التقرير يقدم رسالة مهمة إلى مختلف العاملين في الجهات التي تشملها رقابة الجهاز بضرورة الأمانة في مختلف الأعمال التي يقومون بها، وأن التهاون في ذلك سوف يعرضهم للمساءلة القانونية، وأن التصرفات الفردية التي قد يقوم بها البعض سوف يتم اكتشافها من خلال التدقيق الدوري الذي يقوم به جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.

بناء الثقة

من جانبها قالت حليمة بنت عوض المعنية عضو بجمعية الاجتماعيين العُمانية وباحثة اجتماعية: إن ما كشفه جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عن استرداد مبالغ مالية تجاوزت خمسين مليون ريال عُماني، مع توضيح تفاصيل القيمة المضافة من الأعمال الرقابية والمبالغ المستحقة والمستردة من الوحدات الحكومية والهيئات والاستثمارات والشركات للعامين 2023-2024م لصالح الخزانة العامة للدولة، يُعد خطوة مهمة في تعزيز الشفافية وترسيخ الثقة بين الحكومة والمجتمع، إيمانًا بالنهج السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في إعلاء مبادئ النزاهة والمساءلة والمحاسبة في كافة القطاعات وبما يتماشى مع «رؤية عُمان 2040».

وأكدت أن الرقابة تمثل عنصرًا أساسيًا في استقرار المجتمع وتوازنه، إذ تُسهم في تصحيح الاختلالات وحماية القيم العامة؛ فالإفصاح عن نتائج الرقابة يعكس حيوية المؤسسات الحكومية وقدرتها على معالجة الأخطاء من داخلها، مما يُعيد بناء الثقة في الأداء العام، كما أن نشر «ملخص المجتمع» يحمل أثرًا اجتماعيًا وتربويًا عميقًا يرسّخ لدى المواطن شعورًا بأن المال العام أمانة، وأن تجاوز القوانين واللوائح والقرارات والأنظمة لا يمر دون محاسبة، ومن هنا تأتي الرسالة الاجتماعية الواضحة التي يقرأها المجتمع من هذه التقارير بأن الدولة تراقب الأداء المالي، وتتعامل بجدية مع المخالفات، وتطبق القانون على كل من تسول له نفسه من المخالفين، حيث إن هذه الرسالة تخلق نوعًا من الردع النفسي للأفراد الذين قد يفكرون في استغلال المناصب أو المال العام، كما أنها تقوّي ثقافة المحاسبة الجماعية.

وأشارت إلى أن أهمية هذه البيانات الرقابية تكمن في دورها بتكوين منظومة حكومية قادرة على مكافحة الفساد، وتعزيز مبادئ النزاهة والمحاسبة وذلك بإيلاء الجهاز اهتمامًا واسعًا بالجوانب التوعوية تتمثل بتنفيذه العديد من البرامج والتقارير والمقابلات الإذاعية والمرئية، فضلا عن إصداره مجموعة من المنشورات الرقمية والمطبوعة، إلى جانب تنفيذ العديد من المحاضرات والندوات لترسيخ ثقافة حماية المال العام وصون مكتسبات ومقدرات الوطن، كما أنها تفتح آفاقًا حقيقية ومضمونة للشراكة بين الحكومة والمجتمع، قوامها الثقة والتعاون والمسؤولية المشتركة، إذ يشعر المواطن بمشاركته الفاعلة في حماية المال العام من خلال الإبلاغ عن أي شبهات أو جنايات متعلقة بالإهمال ومخالفة القوانين واللوائح والقرارات، مما يعزز قيم الانتماء والولاء الحقيقي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرقابة المالیة والإداریة للدولة الرقابة المالیة حمایة المال العام مبادئ النزاهة ملخص المجتمع هذه التقاریر ترسیخ ثقافة الثقة بین فی تعزیز مما یعزز من خلال یسهم فی رؤیة ع کما أن أن نشر

إقرأ أيضاً:

غرس 10 آلاف شُجيرة عبر مختلف وحدات نفطال

أشرف الرئيس المدير العام لنفطال، جمال شردود، رفقة الأمين العام للنقابة الوطنية للشركة، عبد الحق عمراني، اليوم السبت، على إعطاء إشارة الانطلاق الرسمية لعملية غرس عشرة آلاف شجيرة عبر مختلف وحدات نفطال على المستوى الوطني.

ويأتي هذا، في إطار الحملة الوطنية لغرس مليون شجرة المنظمة من طرف وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري.

وحسب بيان للمؤسسة، إنطلقت هذه الحملة، من محطة الخدمات مرفران بزرالدة (الجزائر العاصمة).

وجرت عملية الغرس في أجواء مفعمة بالحيوية وروح التضامن بمختلف وحدات وفروع نفطال عبر القطر الوطني. بمشاركة واسعة لعمال نفطال، إلى جانب متطوعين من المجتمع المدني. في مشهد يجسد قيم التعاون والوعي البيئي. ما جعل هذا اليوم مناسبة وطنية لتعزيز الانخراط الجماعي في حماية البيئة ونشر ثقافة التشجير.

وتندرج هذه المبادرة في إطار التزام نفطال في إنجاح الحملة الوطنية لغرس مليون شجرة. وتكريس رؤيتها كمؤسسة مواطِنة تعمل من أجل دعم الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز الغطاء النباتي. ما يعكس التزامها المتواصل بالمشاركة الفعّالة في حماية البيئة وترسيخ الثقافة البيئية داخل المجتمع.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • الدولة ومكافحة الفساد
  • غرس 10 آلاف شُجيرة عبر مختلف وحدات نفطال
  • كيف يتحول المال العام الى دعاية انتخابية؟
  • حتى لا نهدر دعاية ترامب المجانية
  • مرشح القائمة الوطنية بمحافظة دمياط: ثقة المواطن هدفنا والميدان هو المعيار الحقيقي
  • الأندية التي زادت قيمتها السوقية خلال العام 2025 (إنفوغراف)
  • قطر تشارك في الاجتماع الـ 11 للجنة الوزارية المعنية بمكافحة الفساد بدول مجلس التعاون في الكويت
  • محافظ الإسكندرية: النيابة الإدارية تقوم بدور وطنى لتحقيق العدالة وتعزيز النزاهة والشفافية
  • أوروبا العجوز تفقد الثقة في النفس.. وتجنح لليمين