الجزيرة:
2025-10-25@22:28:26 GMT

سرطان الثدي.. حرب أخرى تخوضها نساء غزة بصمت

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

سرطان الثدي.. حرب أخرى تخوضها نساء غزة بصمت

بين أنقاض البيوت المدمرة وفي خيام النزوح التي تلفحها رياح الخريف، تخوض نساء غزة معركة أخرى لا تقل قسوة عن الحرب، معركة مع سرطان الثدي الذي فاقمته سنوات الحصار والدمار، وتضاعفت مآسيه في ظل غياب العلاج وانهيار المنظومة الصحية.

وسلط تقرير لقناة الجزيرة الضوء على تلك المعاناة في ظل غياب الأجهزة الطبية والأدوية اللازمة لعلاجهن، وذلك بالتزامن مع شهر أكتوبر/تشرين الأول الذي اعتمد عالميا ليكون شهر التوعية بمرض سرطان الثدي.

في واحدة من تلك الخيام، تحاول سيدة خمسينية ترتيب أغطية أطفالها فيما تروي حكاية ألمها، تقول إنها أُصيبت بالمرض قبل أكثر من عقد، بعدما نجت من قصف الفسفور الأبيض عام 2008.

خضعت لعمليتين لاستئصال الثدي والغدد، لكن الورم عاد بعد 5 سنوات، ومع اندلاع الحرب الأخيرة توقفت عن تلقي العلاج بعدما دُمر المستشفى التركي الذي كانت تتابع فيه حالتها.

ويؤكد المدير الطبي لمركز غزة للسرطان الدكتور محمد أبو ندى أن حرب الإبادة على القطاع كانت كارثية على المصابات بالسرطان، إذ أدت لتدهور حاد في الخدمات الصحية وتأخر التشخيص، مما سمح للمرض بالانتشار في أجساد كثير من النساء.

مأساة مركبة

ويرى أن ما تواجهه المريضات اليوم ليس مجرد أزمة طبية، بل مأساة إنسانية مركّبة.

ويضيف الطبيب أن انقطاع المواصلات وانعدام الوقود والظروف النفسية القاسية حالت دون وصول العديد من النساء إلى المستشفيات. فبينما تنشغل الأمهات بتأمين المأوى والغذاء لأطفالهن، ينهش المرض أجسادهن في صمت داخل الخيام أو بين أنقاض البيوت.

في المركز، ترقد سيدة في العقد الرابع من عمرها تتحدث عن إصابتها، حيث اكتشفت الورم أثناء الحرب، وبعد الفحوصات تبين أنه خبيث، وكانت قد نجت قبل ذلك من 4 غارات استهدفت منزلها، وأُنقذت من تحت الركام مع أطفالها.

تقول السيدة إن استنشاق الغبار والدخان الأسود ترك آثارا على صدرها، فظنتها في البداية أزمة تنفسية، قبل أن تكتشف الحقيقة المرة.

إعلان

ويشير أحد الأطباء في القسم إلى أن سرطان الثدي هو الأكثر شيوعا بين نساء القطاع، وأن غياب الأدوية الكيميائية والمضادات الحيوية فاقم حالات كثيرة.

ويضيف أن مركز غزة للسرطان الذي كان يقدم العلاج الكيميائي والتلطيفي والبيولوجي والإشعاعي دُمّر بالكامل خلال الحرب، فتحول المرضى إلى قوائم انتظار بلا نهاية.

جرعات بديلة

في الغرف المتهالكة بالمركز، تتلقى هذه المريضة جرعات بديلة عن الأدوية الأصلية التي انقطعت منذ شهور، حيث قالت إن ما يُقدَّم لهن ليس العلاج الفعلي، بل بدائل تُبقي الأمل ضعيفا في الشفاء.

أما في المخيم، فتكافح مريضة السرطان لتوفير ما تحتاجه جرعاتها من تغذية صحية، لكن أسعار اللحوم والفواكه تجاوزت قدرتها، تقول وهي تطهو على نار الخشب: "الدكتور بيحكي بدك فواكه ولحوم بيضاء، بس أسعارهم زي الذهب". تلجأ أحيانا إلى المعلبات، رغم علمها بأنها تضرها، لكنها لا تجد بديلا آخر.

تغزو الخيمة رائحة الدخان والغبار، فتزيد أوجاعها، تشتكي من حرارة الصيف التي تجعلها "تأكل نفسها" كما تصف، ومن برد الشتاء الذي "يوجع العظم كله"، بين هذا وذاك، تبدو الحياة اليومية في المخيم معركة للبقاء أكثر من كونها علاجا لمرض.

أما المريضة الأخرى فتختصر مأساة النساء المصابات بكلمات بسيطة تفيض بالألم: "كل أحلامنا تحطمت.. ما بنفكر في بكرة، بس في اليوم نفسه".

ورغم توقف الحرب مؤقتا، لم تتوقف معركة هؤلاء النساء، فهن يواجهن الموت مرتين: مرة تحت القصف، وأخرى تحت وطأة مرضٍ ينهش أجسادهن في غياب العلاج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات سرطان الثدی

إقرأ أيضاً:

سوء التغذية يهدد نساء غزة وأطفالها وتداعياته قد تمتد لأجيال

أظهرت أحدث تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان أن نحو ربع مليون امرأة وفتاة في قطاع غزة يعانين من سوء التغذية والجوع، بينهن 55 ألف امرأة حامل ومرضع يعانين من سوء تغذية حاد.

ووفق الصندوق الأممي، فإن واحدا من كل 4 فلسطينيين في غزة يعاني من الجوع.

وفي تعليقها على هذه الأرقام، قالت المتحدثة باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر مي الصايغ إن هذه التقديرات "تعكس الواقع على الأرض، وتشمل عددا كبيرا من النساء والفتيات والأطفال".

وأشارت الصايغ -في حديثها للجزيرة- إلى أن هذه الأرقام جاءت نتيجة نزاع دامَ عامين، وقصف متواصل، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية، خاصة إلى شمال غزة.

وبشأن تأثير استمرار سوء التغذية، قالت الصايغ إن الوضع الصحي والإنساني بغزة متدهور وقاس للغاية، حيث يعيش الناس في فقر مدقع، في حين لا تلبي المساعدات الإنسانية الحد الأدنى من الاحتياجات.

ونبهت أيضا إلى انتشار الأمراض بسبب نقص المياه، وعدم توفر الأدوية، مما يؤدي إلى مزيد من الخسائر في الأرواح، خاصة بين الحوامل والأطفال.

ووصفت الصايغ معاناة النساء بأنها خارج حدود الوصف، إذ كانت تتشارك حمامات عامة والانتظار ساعات طويلة من أجل قضاء الحاجة والوصول إلى المياه والنظافة الشخصية.

كما لفتت إلى معاناة نساء حوامل تم إجلاؤهن من غزة، التقت بعضهن في مستشفى الهلال الأحمر الأردني بعمّان، وعرفت أن منهن من لجأن إلى طحن المعكرونة مع القمح والعدس لإنتاج رغيف خبز في ظل عدم وجود خضار وفواكه ولحوم وألبان.

وأكدت أن التأثيرات ستستمر لأجيال "إذا لم يتم إدخال المساعدات بشكل سريع وكافٍ"، مشيرة إلى خصوصية احتياجات النساء والفتيات من حيث النظافة والحقوق الأساسية، ودعت إلى تدخل عاجل لتجنب تفاقم الأزمة.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، دخلت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف النار في غزة حيز التنفيذ، وفقا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعمت بلاده الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

إعلان

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل 68 ألفا و234 شهيدا فلسطينيا، و170 ألفا و373 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا واسعا طال 90% من البنى التحتية المدنية في القطاع.​​

مقالات مشابهة

  • معاناة نساء غزة المصابات بسرطان الثدي بسبب انهيار النظام الصحي
  • حايكٌ أبيض وصوتٌ عال.. مغربيات من فكيك يروين قصة عطش وكرامة
  • جراح لا تندمل.. نساء غزة يخضن معركة البقاء بعد عامين من الحرب
  • علاج مناعي موحد قد يغيّر مستقبل مرضى سرطان الثدي
  • سوء التغذية يهدد نساء غزة وأطفالها وتداعياته قد تمتد لأجيال
  • ميدكير تُضفي بُعداً جديداً على التوعية بسرطان الثدي من خلال توسيع شراكاتها
  • بارثا باسو: مصر أنشأت نموذجًا ناجحًا في الكشف المبكر عن سرطان الثدي
  • نساء في القيادة.. المساواة المؤجلة بأوروبا
  • نساء السودان... ضحايا وحشية الحرب