قالت الكاتبة الإسرائيلية كارولينا لاندسمان إن من يظن أن الوجود الأميركي الجديد في المنطقة يقتصر على إدارة قطاع غزة، عليه أن يعيد النظر، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تمارس اليوم سيادة فعلية داخل إسرائيل نفسها، في وقت تكتفي فيه حكومة بنيامين نتنياهو بسيادة رمزية وخطابية على الأراضي الفلسطينية.

طفل يلعب بالتشريعات!

واعتبرت لاندسمان في مقال نشرته صحيفة هآرتس، لم يخل من السخرية، أن المفارقة الكبرى تكمن في أن الكنيست يصوّت بفخر على قوانين "تطبيق السيادة على الضفة الغربية، في حين تتنازل الحكومة طوعا عن سيادتها داخل الخط الأخضر لصالح الولايات المتحدة، التي أقامت مقرا عسكريا في كريات غات، في مشهد يختزل -بحسب الكاتبة- تحوّل إسرائيل من دولة مستقلة إلى سلطة إسرائيلية خاضعة لوصاية أميركية".

وأضافت أن الكنيست يواصل "لعبة التظاهر بالسيادة"، من خلال سن قوانين لا قيمة عملية لها، باستثناء تلك المتعلقة بالشؤون المحلية أو الصحية، متسائلة بسخرية "متى كانت آخر مرة شرّع فيها الكنيست قانونا يخدم المصلحة العامة؟".

وتطرّقت لاندسمان إلى تصريحات نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الذي علّق على تصويت الكنيست الأخير بشأن الضفة الغربية قائلا "إذا أراد الناس إجراء تصويت رمزي، فبإمكانهم ذلك"، في إشارة واضحة -كما تقول- إلى أن إسرائيل لم تعد صاحبة قرار في قضايا السيادة أو الأمن.

وأضافت الكاتبة أن هذه العبارة تختصر الموقف الأميركي من إسرائيل اليوم، حيث ينظر البيت الأبيض إلى الحكومة الإسرائيلية كما يُنظر إلى "طفل صغير يلعب بالتشريعات مع أصدقائه الخياليين من أقصى اليمين"، وأردفت أن فانس عبّر عن سياسة "الأبوة" الأميركية تجاه إسرائيل، في إشارة إلى حضور المستشارين والضباط الأميركيين في اجتماعات الحكومة ومتابعتهم اليومية لتفاصيل القرارات الميدانية والسياسية.

إعلان

وقالت لاندسمان إن هذا المشهد هو "النسخة المحدثة من اتفاقيات أوسلو"، لكن هذه المرة داخل إسرائيل نفسها. فبعد أن قُسّمت الضفة الغربية وفقا لهذا الاتفاق إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج) تُدار وفق ترتيبات أمنية ومدنية، رأت الكاتبة أننا قد نكون أمام "المنطقة (د)" وهي مناطق داخل الخط الأخضر خاضعة لسيطرة أميركية مدنية وأمنية تحت مسمى "السلطة الإسرائيلية".

وأضافت بسخرية "تسألون من هي السلطة الإسرائيلية؟ إنها ببساطة ما كان يُعرف سابقا بدولة إسرائيل".

تدويل المنطقة

ورأت الكاتبة أن إسرائيل لم تترك لواشنطن خيارا آخر، مشيرة إلى تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لو لم أوقف نتنياهو، لاستمر في الحرب لسنوات"، موضحة أن هذا التصريح يعبّر عن إدراك أميركي متأخر لحقيقة ما وصفته بـ "الاحتيال التاريخي" لنتنياهو، الذي جعل الولايات المتحدة تدرك أن المشكلة ليست فقط في "الجانب الآخر"، بل في القيادة الإسرائيلية نفسها.

وهاجمت الكاتبة اليمين الإسرائيلي الذي رفع شعار "الشعب هو السيد" ضمن مشروعه لما سُمّي بـ"الإصلاح القضائي"، معتبرة أن هذا الشعار لم يكن تعبيرا عن قوة، بل عن عجز سياسي وهيكلي. وأضافت "حين أراد وزير العدل ياريف ليفين إعادة السلطة إلى الشعب، يبدو أنه كان يقصد الشعب الأميركي، إذ تحوّلت السيادة فعليا إلى أيدي واشنطن".

وفي ختام مقالها، حذّرت الكاتبة من أن ما يجري قد لا يكون مجرد مرحلة انتقالية لإصلاح العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة أو لترتيب الوضع في غزة، بل ربما بداية عملية أعمق من "الضم الطوعي" للولايات المتحدة لإسرائيل، أو حتى تدويل شامل للمنطقة بين النهر والبحر.

وختمت لاندسمان مقالها بلهجة تهكمية حزينة "من يعتقد أن الأميركيين هنا فقط لإدارة غزة، عليه أن يعيد النظر في رأيه. إنهم هنا أيضا لإدارة إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

الرئيس الأميركي: إسرائيل ستفقد كل الدعم إذا ضمت الضفة الغربية

الرئيس الأميركي: إسرائيل ستفقد كل الدعم إذا ضمت الضفة الغربية

مقالات مشابهة

  • كاتبة إسرائيلية: أميركا باتت تدير إسرائيل كما تدير غزة
  • “الديمقراطية”: المواقف “الأميركية الإسرائيلية” ضد الأونروا تمديد لإبادة غزة بأشكال أخرى
  • وزير الخارجية الأميركية يقلل من أهمية تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تدعم الشابات الليبيات في برنامج «رائدات»
  • هآرتس: الولايات المتحدة سلبت صلاحيات أمنية من إسرائيل
  • مصر وعدد من الدول يرفضون مصادقة الكنيست على السيادة الإسرائيلية للضفة الغربية
  • الرئيس الأميركي: إسرائيل ستفقد كل الدعم إذا ضمت الضفة الغربية
  • نائب الرئيس الأميركي: لن يتم ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل
  • WSJ: معارضة عربية لفكرة إنشاء منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية بغزة