سفينة «شباب عُمان» .. تربط الحاضر بالماضي
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
كشفت عودة سفينة البحرية السلطانية العمانية «شباب عُمان» أمس عن مشهد رمزي ربط الحاضر بالماضي ومهد لمسارات المستقبل. ففي اللحظة التي لامست فيها السفينة رصيف قاعدة سعيد بن سلطان البحرية حضر تاريخ عُمان البحري عبر القرون الطويلة في رمزية السفينة، وحضر السيد سعيد بن سلطان نفسه في رمزية سلاطين عُمان وقادتها الذين بنوا أمجاد عُمان البحرية.
ولا يخفى التأثير الكبير الذي تحدثه مثل هذه الرحلات التي تطوف دول العالم وتفتح المجال للتفاعل مع البيئات المحلية في الموانئ التي ترسو فيها خاصة عندما تكون المهمة مصممة لإحداث التأثير عبر الأدوات والآليات المناسبة التي تستطيع جذب الأنظار وإحداث التأثير المقصود.
وإذا كان العالم يبذل جهودا كبيرة من أجل ترسيخ أدوات القوة الناعمة فإن مهمة السفينة شباب عُمان حققت الكثير من مظاهر تلك القوة عبر تقديم عُمان والتعريف بها وفتح أبواب السؤال حول ثقافتها وموروثها الثقافي ومكانتها الحضارية، وعبر تعزيز السمعة وبناء صورة ذهنية عن عُمان الحديثة وكذلك عن تاريخها العريق وأمجادها الشامخة. كما أن السفينة عبر رحلتها ورحلاتها السابقة قامت بممارسة «الدبلوماسية الثقافية» على خير وجه خاصة في سياق الموسيقى العسكرية التي رافقت الكثير من محطات السفينة والفنون العمانية الأخرى، وعبر الجوائز التي حصلت عليها السفينة خلال مشاركاتها في مهرجانات واستعراضات عالمية في الموانئ التي رست فيها طوال الفترة الماضية.
وكشفت مهمة «البعثة» التي قادتها السفينة عن تكامل كبير وواضح بين خطابات ورسائل عُمان سواء تلك التي تخرج عبر الخطاب السياسي والتطبيق العملي له محليا ودوليا أو عبر الممارسة الدبلوماسية في قنواتها الرسمية أو عبر الخطاب الإعلامي العماني المتزن.. كل هذه القنوات والأذرع تتكلم بخطاب واحد يتبنى السلام أسلوبا للعيش والأخلاق الإنسانية أداة للتقارب بين مختلف الشعوب والأمم.. وهذه الخطابات يستطيع الإنسان أن يقرأها في حديث جميع العمانيين أينما ذهبوا ونزلوا في أرض الله الواسعة. وفي هذا تأكيد جديد على نجاح السياسة العمانية في ترسيخ القيم العمانية المتوارثة وفي الحفاظ عليها من المتغيرات التي تحيط بالعالم. فرحلة السفينة لم تقتصر على أداء دور وظيفي في السياق العسكري أو البحري ولكن أدّت رسالة عُمان الحضارية بوصفها أداة من أدوات نشر الرسالة. فتكامل المشهد وتناغم ورسم لوحة على بانوراميتها إلا أنها متناسقة ومتكاملة.
ولا بدّ من الإشارة إلى دور الإعلام العماني في هذا التناغم، وفي ترسيخ القيم العليا للسياسة العمانية وبشكل خاص قيم السلام والوئام والاتزان الذي ميز الشخصية العمانية بتبنيها الخطاب سلوكا وثقافة. وما زال الخطاب الإعلامي العماني يقوم بدوره مع الأجيال الناشئة رغم أن المهمة باتت أصعب بكثير مما كانت عليه في ظل الثورة المعلوماتية. وهو ينجح إلى حد بعيد بمساعدة كل مؤسسات المجتمع وتفعيل الوعي التراكمي المنجز وشعور الجميع بخطر التحولات الجديدة.
أمّا الرمزية فستبقى حاضرة أينما يممت وجهك في عُمان، وستربط حاضرك بماضيك وتنير لك مسارات المستقبل. وهذا دليل ثراء حضاري وقدرة على الاستمرار في الفعل نفسه على مر الأجيال.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المحللون الحزبيون على الشاشات… من يمثل من؟ واقع إعلامي بلا اسمنت مهني
12 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تشهد الساحة الإعلامية العراقية تصاعداً لافتاً في الخطاب السوقي والسطحي على عدد من الفضائيات المحلية خلال الأشهر الأخيرة، حيث غلبت لغة الإثارة والمباشرة على التحليل المعمق، ما جعل كثيراً من التغطيات تبدو أقرب إلى عروض درامية منها إلى نقاشات سياسية موضوعية.
وبرزت برامج حوارية تكرّس الانفعالات وتضخّم الخلافات الحزبية والطائفية، مع تقديم ضيوف محللين يتشدقون بمواقف حزبية غامضة قبل أن يكونوا محللين مهنيين، ما أثار موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي من جمهور يرى أن هذه الفضائيات ارتدت إلى منابر لترويج سرديات متباينة بدلاً من تسهيل فهم الجمهور للأحداث.
وقال القيادي في تيار الحكمة فهد الجبوري إن فوضى الإعلام لدى بعض الجهات في بلد مثل العراق بتاريخه العريق وحضارته العميقة، أصبحت أمراً يستدعي الوقوف عنده بجدية..
وتابع: من المؤسف أن نرى تصرفات تُقدَّم بأسلوب يدعو للسخرية والضحك بينما هي في الواقع تعكس صورة عن واقعنا العراقي وتُعرَض أمام ملايين المتابعين على وسائل التواصل..
واستطرد: نحن بحاجة إلى إدارة إعلامية واعية تضع مصلحة العراق وأمنه القومي فوق كل اعتبار.
وأظهرت حوارات عديدة انحداراً في مستوى الخطاب السياسي على الشاشات، إذ افتقرت إلى التحليل المعمق وأصبحت تكتفي بتكرار قوالب جاهزة من الاستقطاب، بينما يغيب النقد الذاتي لمقدّمي البرامج أو لأحزاب تدعو لهم تلك المنابر، ما يعكس حالة من الانجراف الإعلامي نحو الخطاب الانفعالي على حساب المعالجة المتوازنة.
ومثل هذا النمط يسهم في تضخيم الخلافات بين القوى السياسية عوضاً عن تفسير جذورها وسياقاتها، وهو ما تعكسه ردود فعل واسعة على تويتر وفيسبوك حيث يعبر مستخدمون عن استيائهم من ما يسمونه “صحافة الصراخ” التي تحوّل السياسة إلى مادة ترفيهية بدلاً من مادة فهم.
ومن جانب آخر، يغيب عن المشهد الضوابط المهنية الصارمة التي من شأنها كبح جماح السطحية، إذ لا توجد آليات فعّالة تراقب الخطاب الإعلامي وتعيّن حدوده المهنية في تغطية القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة.
وما يزيد الإشكالية تعبير بعض الضيوف عن مواقف حزبية واضحة بشكل تحريضي، دون مساءلة من قبل الهيئات المنظمة أو من قبل الجهات السياسية نفسها، ما يعزز الانطباع لدى المشاهد بأن هذه الخطابات لا تُنتج إلا لتعزيز الاستقطاب وتصعيد الخلافات داخل المجتمع.
ويدعو محللون عراقيون إلى أن تتولى هيئة الإعلام والاتصالات مهامها بضبط الخطاب الإعلامي، ليس من أجل تقييد الحريات الصحفية، بل لترسيخ قواعد الممارسة المهنية التي يجب أن تميّز بين النقد والتحليل والتحريض الطائفي أو الحزبي، وإرساء بيئة إعلامية تحترم تعددية الآراء دون أن تغذي التوترات الاجتماعية.
ويشدد هؤلاء على أن غياب مثل هذه الضوابط من شأنه أن يقوّض الثقة العامة في الإعلام ويزيد من توترات سياسية واجتماعية موجودة أصلاً في البلاد.
الساحة الإعلامية العراقية تواجه تحديات كبيرة في استعادة دور الإعلام كقاطرة للنقاش العقلاني بدلاً من أن يكون منصة لتكرار روايات الاستقطاب، وهو ما يتطلب جهوداً تشاركية من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لحماية الصحافة المهنية وتعزيز الوعي الإعلامي لدى الجمهور.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts