السياسة النقدية… عش الدبابير السوداء
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
صراحة نيوز- بقلم: المحامي حسام العجوري
من يجرؤ على الدخول إلى عالم السياسة النقدية في الأردن ، فكأنه قرر أن يمد يده إلى عش الدبابير السوداء ، فهذه المنطقة شديدة الحساسية، ومن يقترب منها يُهاجَم من كل الاتجاهات ، وخاصة من القطاع المصرفي الذي يرى في أي نقاش أو اقتراح يمسّ امتيازاته تهديداً لمصالحه الراسخة منذ عقود .
خلال جائحة كورونا ، كانت معظم القطاعات الاقتصادية تتهاوى: السياحة ، النقل ، الصناعة ، التجارة ، حتى القطاع الصحي تكبّد خسائر هائلة… باستثناء البنوك ، التي ظلت تُحقق الأرباح وتُوزّع المكافآت وكأنها تعيش في عالم آخر غير الذي يعانيه المواطنون.
تلك المفارقة تثير تساؤلاً مشروعاً: هل السياسة النقدية وُجدت لحماية الاقتصاد أم لحماية البنوك؟
إذا مارس البنك المركزي الإقراض مباشرة بدلاً من تركه حكراً على البنوك التجارية ، سوف يستفيد مرتين :
أولاً : ستعود الفوائد والأرباح إلى الخزينة العامة بدلاً من جيوب البنوك، وثانياً : سيتم توجيه القروض إلى المشاريع الإنتاجية الحقيقية التي تخلق فرص عمل وتنعش السوق ، بدلاً من تمويل الاستهلاك والمضاربات .
الأخطر من ذلك أن نحو 52% من عوائد البنوك تذهب إلى الخارج ، بحكم ملكية المستثمرين الأجانب لحصص كبيرة في القطاع المصرفي الأردني، إلى جانب وجود بنوك أجنبية عاملة داخل المملكة تُحوّل أرباحها السنوية إلى دولها الأم. وهذا يعني أن نصف الأرباح الناتجة من جيوب الأردنيين تغادر الاقتصاد الوطني، في حين تُترك السوق المحلية تعاني من شح السيولة وارتفاع كلف الإقراض ، إنها معادلة غير عادلة تُشكل نزيفاً صامتاً يدمر الاقتصاد الوطني ويحد من قدرته على النمو الذاتي .
فالمال أصلاً ليس سوى رقم إلكتروني في نظام مصرفي ، والدينار ذاته ورقة يمكن طباعتها بقرار سيادي ، كما تفعل الولايات المتحدة حين تطبع مليارات الدولارات و تضخها في الأسواق عبر ما يُعرف بسياسة التيسير الكمي (Quantitative Easing) ، وهي السياسة التي أنقذت الاقتصاد الأمريكي والأوروبي من الانهيار أكثر من مرة .
فلماذا لا يُقدم البنك المركزي الأردني على خطوة مشابهة ، فيطبع مثلاً خمسة مليارات دينار تُخصص بالكامل لمشاريع إنتاجية وطنية، تحت رقابة محكمة تضمن أن كل دينار يُضخ يذهب إلى مشروع حقيقي يخلق عملاً وقيمة مضافة؟ وللحماية من التضخم يمكن ربط الأموال المطبوعة بقيمة سلع حقيقية، كما كان يُربط الدينار بالذهب أو بثمن القمح، بحيث تبقى الكتلة النقدية مغطاة بأصول واقعية لا افتراضية .
التيسير الكمي ليس خرافة ، بل أداة استخدمتها أمريكا وبريطانيا واليابان لإنعاش اقتصاداتها، فحققت نمواً وتراجعاً في نسب البطالة ، بينما نحن ما زلنا نخشى حتى التفكير في أدوات مشابهة ، خشية أن نغضب “الدبابير السوداء” التي تحرس عش السياسة النقدية .
إن إصلاح السياسة النقدية ليس تعدياً على البنوك ، بل إنقاذ للوطن من الركود والبطالة وتضخم الديون. لكن من يقترب من هذا الملف عليه أن يتوقع اللدغات ، لأن المصالح الكبرى لا تتنازل بسهولة ، والدبابير لا ترحم من يقترب من عسلها .
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام السیاسة النقدیة
إقرأ أيضاً:
تعديل أسعار المشتقات النفطية في الأردن
صراحة نيوز- قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية تعديل سعر بيع البنزين أوكتان 90 ليصبح
(845) فلسًا/لتر بدلاً من (855) فلسًا/لتر، وسعر بيع البنزين أوكتان 95 ليصبح (1075)
فلسًا/لتر بدلاً من (1080) فلسًا/لتر، وتثبيت سعر بيع الديزل عند (685) فلسًا/لتر، مع الاستمرار في تثبيت سعر بيع الكاز عند (620)
فلسًا/لتر، والإبقاء على سعر بيع أسطوانة الغاز المنزلي (12.5 كغم) عند (7) دنانير/
أسطوانة