وكما هى العادة، فى أعقاب كل انتخابات تشريعية، اجتاحت حالة من الغضب الشديد، معظم الأحزاب القائمة. وبدأت تلك الحالة داخل جدران الأحزاب، ثم سرعان ما انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعى، والمواقع الإخبارية، بعدما شملت فى بعضها عدداً من الاستقالات الجماعية. وكان من المؤسف أن انطوت تلك الحملة، على سباب وتشهير بقيادات تلك الأحزاب، وهى تمتطى قناعاً عاماً، يحملها مسئولية تراجع دور الحزب وفقدان هيبته وسط الجماهير، قياساً لنسبة المقاعد القليلة التى حصل عليها، بينما تخفى الحملة فى الواقع أسباباً شخصية لا علاقة لها بأى شأن عام، تتمثل فى عدم إدراج أسماء المشاركين فيها، فى قوائم الفائزين.
تجاهلت تلك الحملات، الواقع السياسى المعقد الذى تجرى فى ظله تلك الانتخابات المقيدة، وغفلت عن طبيعة التطور الديمقراطى فى مصر، وسياقاتها التاريخية، منذ نشأة مجلس شورى النواب عام 1866، وبدء ظهور النظام الحزبى التعددى والحياة النيابية، بشكل تدريجى، مع بدايات القرن العشرين. ومنذ عرفت مصر الحياة النيابية والحزبية، والوجود المستقل للمجالس النيابية، بعيداً عن هيمنة النظام السياسى –سواء كان خديوياً أوملكياً أو جمهورياً – وأجهزته التنفيذية، محدود للغاية. بل إن النظام السياسى القائم، ظل هو نفسه، من قاد عمليات التطوير والتغيير الديمقراطى منذئذ حتى اليوم. وهى حقائق تاريخية لا ينبغى السهو عنها، ونحن نقيم الأوضاع النيابية الحالية، لكى ندرك أوجه الخلل بها، ونتوقف عن البحث عن كباش فداء، نحملها أسباب ضعفها.
حالة الغضب الراهنة، ليست جديدة على الحياة الحزبية. ففى الانتخابات البرلمانية التى جرت عام 2005، وفازت فيها جماعة الإخوان للمرة الأولى فى تاريخها بثمانية وثمانين مقعداً، لتصبح بذلك قوة المعارضة الرئيسية فى مجلس الشعب، حصل حزب الوفد على ستة مقاعد وحزب التجمع على مقعدين من بين 454 مقعداً، فسادت حالة من السخط داخل الحزبين، وجمد بعض أعضائهما نشاطه ونقل البعض الآخر عضويته إلى الحزب الوطنى الحاكم سعيا للحصول على مقعد نيابى، دون أن يسهو وهو يغير قناعاته السياسية، عن توجيه اللوم لقيادات حزبه التى تقبل التعيين فى المجالس النيابية من قبل من بيدهم مفاتيح تشكيلها. وعززت وسائل الإعلام الرسمية تلك الحملات بحملات مشابهه، تتحدث عن إفلاس أحزاب المعارضة المدنية، وتطالبها بإغلاق أبوابها.
وفيما عدا فترات قليلة من التاريخ البرلمانى المصرى، لم تكن الغالبية العظمى من الجماهير الشعبية، هى من يتحكم فى نتائج ديمقراطية الصندوق، بل الإقطاعيون والرأسماليون والعصبيات العائلية والقبلية ممن يملكون القدرة على التأثير على جموع المصوتين، ومن ثم النفوذ السياسى الذى يجليه المال، وتمسك بآلياته الثروة، وتقلد المواقع التنفيذية العليا.
وفى مايو الماضى عدل البرلمان قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر، فأبقى على النظام المختلط واقتسم 568 مقعداً بين الدوائر الفردية البالغة 284 دائرة والدوائر، الأربع للقائمة المغلقة المطلقة، ورفع تأمين المرشح الفردى من 3 آلاف جنيه إلى 30 ألف جنيه.
والمؤكد أن الحال سيبقى على ما هو عليه، حتى تتغير موازين القوى السياسية سلمياً، وترسخ الأحزاب القائمة بتماسكها الداخلى، ونشاطها المتجدد، وجودها القوى على الخريطة السياسية، وهى مهمة لا تقع فقط على عاتق قيادات الحزب، بل أيضاً وبالأساس على كل عضوية الحزب فى كل موقع أو مكان، إذا كانت حسابات الفوز والخسارة منصرفة بصدق لخدمة المصالح العامة داخل الحزب وخارجه. آنذاك يمكن أن يعدل النظام الانتخابى ليغدو أكثر تمثيلا، ويتحول النظام الحزبى إلى قوة جذب للمواطنين، ويعود العمل السياسى إلى الجامعات، وتصبح مصر مجتمعاً سياسياً يعلى من الحلول الجماعية لمشاكله، بدلاً من الطابع الفردى المخيف السائد. والطريق نحو ذلك لا تعبده الشتائم وحملات التشهير، بل هى تهدمه وتقدم تبريراً لطريق الفوضى الخلاقة!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش وسائل التواصل الاجتماعي المواقع الإخبارية
إقرأ أيضاً:
لماذا تضغط أميركا على لبنان بدلاً من التفاوض مع إيران؟
أنهت المبعوثة الأميركيّة مورغان أورتاغوس زيارتها إلى لبنان، بعدما ناقشت موضوع نزع سلاح "حزب الله" مع المسؤولين اللبنانيين، وترأست لجنة "الميكانيزم"، للبحث في اتّفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
ولكن قبل مجيء أورتاغوس إلى لبنان وبعد مُغادرتها بيروت، لا يزال موقف "حزب الله" على حاله: لا تسليم للسلاح من دون ضمانات أميركيّة بإيقاف إسرائيل لاعتداءاتها على القرى والبلدات اللبنانيّة، وتقوية الجيش، وتحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيليّة وترسيم الحدود البريّة والإنسحاب الكامل من الأراضي الجنوبيّة.
وأمام الضغوطات الأميركيّة على المسؤولين اللبنانين، ومع تمسّك "حزب الله" بسلاحه خوفاً من الأطماع الإسرائيليّة في المنطقة، لا تزال إيران تترقّب أنّ تُبدي الولايات المتّحدة والدول الأوروبيّة ليونة معها، لحلّ مسألة الملف النوويّ، وتلافي إندلاع أيّ حربٍ جديدة بين طهران وتل أبيب.
وسيكون الملف اللبنانيّ حاضراً بقوّة في أيّ إتّفاق إيرانيّ – أميركيّ قد يحصل، ومن دون شكّ، تُمسك طهران بموضوع سلاح "حزب الله" للحصول على تنازلات من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب. فأثبتت التجارب في العام 2006، وبعد 7 تشرين الأوّل من العام 2023، أنّ الحرب ليست الحلّ في نزع أسلحة "الحزب" وحركة "حماس"، وها هي تل أبيب تُشير في عدّة تقارير، إلى أنّ "المقاومة" في لبنان لا تزال قادرة على إدخال الصواريخ وتخزينها ونقلها إلى الجبهات، بينما أعلنت أيضاً على الرغم من وقف إطلاق النار في فلسطين، أنّها استهدفت مخزناً يحتوي على عتاد عسكريّ في غزة.
وبينما يبقى ملف "حزب الله" شائكاً ويصعب حلّه، فإنّ الضغوطات التي تُمارس على لبنان لن تدفع "الحزب" إلى الرضوخ للإملاءات الأميركيّة، ولا للضغوطات والغارات الإسرائيليّة، وتُشير مصادر لـ"لبنان 24" في هذا السياق، إلى أنّ الدبلوماسيّة الأميركيّة – الإيرانيّة هي أفضل طريقة لإعادة الإستقرار إلى الشرق الأوسط، ومنع إنجرار المنطقة إلى جولة حربٍ جديدة".
وتُضيف المصادر أنّ "ما تُريده إيران من ترامب معروف، وهو الإعتراف بحقّها في امتلاك طاقة نوويّة لاستخدامها لأغراض سلميّة، بينما لا تثق الإدارتان الأميركيّة والإسرائيليّة بنيّة طهران، لذلك، لا تزال الأخيرة تتمسّك بسلاح "حزب الله" للدفاع عن مصالحها، لكنّها لا تُعارض بتاتاً التفاوض والتنازل عن حليفها الشيعيّ في لبنان، إنّ حصلت على مكاسب من أيّ إتّفاق نوويّ في المستقبل".
وتُشدّد المصادر على أنّ "قرار تسليم السلاح في لبنان لا يتّخذه "حزب الله"، لأنّه خارجيّ وليس داخليّاً، لذا، تُضيع الولايات المتّحدة وقتها عبر إرسال مبعوثيها إلى بيروت، بينما يكمن الحلّ في إجراء مُباحثات مع إيران، التي لديها سلطة على "الحزب" في حثّه على التجاوب مع الحكومة اللبنانيّة أو لا، بشأن ترسانته العسكريّة".
أمّا مصادر سياسيّة مُطّلعة على ملف سلاح "حزب الله"، فتعتبر أنّ "إضعاف إيران عبر توجيه ضربات كبيرة إليها، كما جرى في حرب الـ12 يوماً في حزيران الماضي، يُضعف كافة الفصائل المُواليّة لطهران في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، ويدفعها إلى الرضوخ للشروط الأميركيّة والإسرائيليّة الداعية إلى تسليم سلاحها، واللحاق بقطار التطبيع". المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة سكاف: الولايات المتحدة وإسرائيل تضغطان للتفاوض المباشر مع لبنان Lebanon 24 سكاف: الولايات المتحدة وإسرائيل تضغطان للتفاوض المباشر مع لبنان 01/11/2025 11:01:31 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 لماذا تضغط واشنطن بكل قوتها لإنجاح صفقة غزة؟ Lebanon 24 لماذا تضغط واشنطن بكل قوتها لإنجاح صفقة غزة؟ 01/11/2025 11:01:31 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 خامنئي: التفاوض مع أميركا حاليا لن يفيد Lebanon 24 خامنئي: التفاوض مع أميركا حاليا لن يفيد 01/11/2025 11:01:31 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 نائب الرئيس الإيراني: التفاوض بشروط أميركا مرفوض من القيادة والإيرانيين Lebanon 24 نائب الرئيس الإيراني: التفاوض بشروط أميركا مرفوض من القيادة والإيرانيين 01/11/2025 11:01:31 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 دونالد ترامب الشرق الأوسط الإسرائيلي المستقبل لبنان 24 حزب الله الإيراني الأوروبي تابع قد يعجبك أيضاً جعجع يرد على قاسم: إبحث لنا عن وسيط نزيه Lebanon 24 جعجع يرد على قاسم: إبحث لنا عن وسيط نزيه 10:48 | 2025-11-01 01/11/2025 10:48:14 Lebanon 24 Lebanon 24 جعجع يواصل استقبال المجالس البلدية في معراب Lebanon 24 جعجع يواصل استقبال المجالس البلدية في معراب 10:24 | 2025-11-01 01/11/2025 10:24:15 Lebanon 24 Lebanon 24 نائب عكّاري: لن يتمكّنوا من عزلي Lebanon 24 نائب عكّاري: لن يتمكّنوا من عزلي 10:15 | 2025-11-01 01/11/2025 10:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بازار الحرب والتصعيد.. صغط سياسي ام إحتمال جدّي؟ Lebanon 24 بازار الحرب والتصعيد.. صغط سياسي ام إحتمال جدّي؟ 10:00 | 2025-11-01 01/11/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد الحديث عن الشهادات المزورة.. الجامعة اللبنانية: نظامنا الأكاديمي والإلكتروني سليم Lebanon 24 بعد الحديث عن الشهادات المزورة.. الجامعة اللبنانية: نظامنا الأكاديمي والإلكتروني سليم 09:49 | 2025-11-01 01/11/2025 09:49:12 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة تعرّض لحادث سير صباحًا ودخل المستشفى… فنان لبناني شهير يعلن إلغاء حفلته المقررة اليوم Lebanon 24 تعرّض لحادث سير صباحًا ودخل المستشفى… فنان لبناني شهير يعلن إلغاء حفلته المقررة اليوم 20:39 | 2025-10-31 31/10/2025 08:39:40 Lebanon 24 Lebanon 24 كيف ستردّ إسرائيل على خطوة رئيس الجمهورية الجريئة؟ Lebanon 24 كيف ستردّ إسرائيل على خطوة رئيس الجمهورية الجريئة؟ 16:00 | 2025-10-31 31/10/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيد اسرائيلي مضبوط.. ازمة قد تطول Lebanon 24 تصعيد اسرائيلي مضبوط.. ازمة قد تطول 17:01 | 2025-10-31 31/10/2025 05:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 قوى الأمن أوقفت السوريّ "خالد شاتيلا".. ما وضعه داخل شقته في عرمون خطير Lebanon 24 قوى الأمن أوقفت السوريّ "خالد شاتيلا".. ما وضعه داخل شقته في عرمون خطير 16:15 | 2025-10-31 31/10/2025 04:15:43 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير لـ"The Telegraph": بهذه الطريقة سيهزم ترامب بوتين مرة واحدة وإلى الأبد Lebanon 24 تقرير لـ"The Telegraph": بهذه الطريقة سيهزم ترامب بوتين مرة واحدة وإلى الأبد 17:30 | 2025-10-31 31/10/2025 05:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب كارل قربان Karl Korban أيضاً في لبنان 10:48 | 2025-11-01 جعجع يرد على قاسم: إبحث لنا عن وسيط نزيه 10:24 | 2025-11-01 جعجع يواصل استقبال المجالس البلدية في معراب 10:15 | 2025-11-01 نائب عكّاري: لن يتمكّنوا من عزلي 10:00 | 2025-11-01 بازار الحرب والتصعيد.. صغط سياسي ام إحتمال جدّي؟ 09:49 | 2025-11-01 بعد الحديث عن الشهادات المزورة.. الجامعة اللبنانية: نظامنا الأكاديمي والإلكتروني سليم 09:45 | 2025-11-01 العلاقة بينهما تزداد سوءاً فيديو بسعر جيد.. هاتف جديد سيُنافس هواتف أندرويد Lebanon 24 بسعر جيد.. هاتف جديد سيُنافس هواتف أندرويد 09:00 | 2025-11-01 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 سقط أرضا مع عروسه خلال رقصهما.. مخرج شهير يحتفل بزفافه من هذه الفنانة (فيديو) Lebanon 24 سقط أرضا مع عروسه خلال رقصهما.. مخرج شهير يحتفل بزفافه من هذه الفنانة (فيديو) 06:57 | 2025-10-31 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 هتف "عاش لبنان" تحت المطر.. لحظات تاريخية لـ"البابا" بولس السادس في لبنان Lebanon 24 هتف "عاش لبنان" تحت المطر.. لحظات تاريخية لـ"البابا" بولس السادس في لبنان 18:00 | 2025-10-28 01/11/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24