مائدة مستديرة بالدوحة تناقش التقدم في تنفيذ التزامات كوبنهاغن الإنمائية
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
الدوحة– في اليوم الثاني من أعمال "القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية" المنعقدة بالدوحة، عُقدت جلسة بمائدة مستديرة رفيعة المستوى وناقشت "تقييم التقدم ومعالجة الثغرات في تنفيذ التزامات إعلان كوبنهاغن وبرنامج عمله، وإعطاء زخم جديد لخطة التنمية المستدامة 2030″.
وشكّلت الجلسة منصة لتشخيص التحديات المتراكمة واستشراف سبل تسريع الاستجابة العالمية لقضايا التنمية الاجتماعية.
وأجمع المشاركون على أن العقود الثلاثة التي تلت قمة كوبنهاغن (عام 1995) شهدت تقدما اقتصاديا واجتماعيا ملموسا، ترجم في انخفاض معدلات الفقر المدقع وتوسع نطاق الحصول على التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.
لكنهم أكدوا في المقابل أن هذه المكاسب لم تمنع استمرار التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، بل إنها تفاقمت في كثير من الدول، مما يعكس الحاجة إلى نهج أكثر شمولية وعدالة.
وأشار المتحدثون إلى أن التحولات العميقة في عالم العمل، والتقدم التكنولوجي المتسارع، والعولمة، جعلت شرائح واسعة من السكان خارج دائرة الاستفادة.
كما أدت تداعيات جائحة كوفيد-19، وتغير المناخ، وتصاعد الصراعات إلى تعزيز شعور عام بانعدام الأمن، وتراجع الثقة في المؤسسات، وازدياد الاستقطاب الاجتماعي في العديد من المجتمعات، كما رأى الخبراء المشاركون.
ولفت المتحدثون إلى أن الأزمات العالمية الأخيرة أسهمت في زيادة ثراء الفئات الأكثر ثراء، مقابل تهميش دول كاملة، فضلا عن استمرار أنماط الإقصاء والتمييز على أساس العمر أو الجنس أو الإعاقة أو الأصل العرقي أو الديني أو الوضع الاقتصادي أو الهجرة، وهو ما يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وركّزت المائدة المستديرة على عدد من الأهداف:
إعلان التأكيد على أهمية خطة التنمية الاجتماعية كأساس لخطة عام 2030. وضع خارطة طريق تدعم النمو الاقتصادي المستدام. تقييم الثغرات والتحديات التي لا تزال تقوّض تنفيذ التزامات كوبنهاغن. صياغة مسارات عملية لترجمة التزامات كوبنهاغن وإعلان الدوحة لنتائج ملموسة.وخلال الجلسة، أكدت روكسانا مينزاتو، نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية للحقوق الاجتماعية والمهارات، أن إعلان عمل كوبنهاغن قدم رؤية شاملة للتنمية الاجتماعية، تقوم على أهداف واضحة وخارطة طريق لبناء مجتمعات أكثر أمانا وشمولا وعدالة.
وشددت على أن هذه الرؤية تتطلب استثمارا أكبر في الإنسان، من خلال توسيع الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، وضمان فرص العمل اللائق، إضافة إلى الدمج بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية بما يعزز دور المؤسسات التشاركية والشاملة.
من جانبها، طرحت أرميدا أليسجابانا، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي، مجموعة من الأسئلة المحورية، أبرزها:
ما أبرز الثغرات التي تعيق تنفيذ التزامات كوبنهاغن وأهداف التنمية المستدامة؟ كيف يؤثر انعدام المساواة وانعدام الأمن وتراجع الثقة في المؤسسات على التقدم؟ وما أثر أوضاع المالية العامة والديون السيادية في تنفيذ التزامات التنمية الاجتماعية؟وأوضحت أن منطقة آسيا والمحيط الهادي، التي تضم 60% من سكان العالم، تواجه تحديات كبيرة، منها أن 60% من العمال لا يحصلون على وظائف لائقة، إلى جانب آثار التغير المناخي والتحولات الديمغرافية.
وأكدت أن تمكين المرأة اقتصاديا بات من أهم العوامل القادرة على دفع التنمية المستدامة وإضافة تريليونات الدولارات لاقتصادات المنطقة.
وردا على سؤال حول الإجراءات المتاحة لتجاوز العوائق المالية والمؤسسية، قالت بثينة بنت علي النعيمي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة في قطر، إن الضغوط المالية المتزايدة عالميا تؤثر بشكل واضح على الفئات الأكثر هشاشة، لكن قطر نجحت خلال الأزمات، ومنها جائحة كورونا، في الحفاظ على مقاربة مالية متوازنة مكّنتها من حماية الفئات الضعيفة.
وأضافت أن "رؤية قطر الوطنية 2030" تضع الإنسان في قلب عملية التنمية، عبر الاستثمار في رأس المال البشري بوصفه ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكدة أن هذه السياسات أسهمت في تعزيز النمو والرفاه الاجتماعي.
وتطرقت الوزيرة إلى جهود قطر التنموية خارج الحدود، عبر مساهمات "صندوق قطر للتنمية" في دعم الدول النامية، خصوصا في مجالات التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي لخفض معدلات الفقر وتحقيق التنمية الشاملة.
وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة تشارك في المائدة المستديرة لتحويل القطاع الاجتماعي نحو أسر أكثر استقراراً وتماسكاً#قنا #قطر https://t.co/WGBnN9oAzf pic.twitter.com/Sa2ACO5FjR
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) November 5, 2025
تسريع الالتزامات الدوليةوفي مداخلته حول آليات تسريع الالتزامات خلال العقد المقبل، شدد ماتياس ثورنز، نائب رئيس مجموعة أصحاب العمل في منظمة العمل الدولية، على أهمية استخلاص الدروس من تنفيذ التزامات كوبنهاغن، بما يعزز القدرة على قياس التقدم الاجتماعي.
إعلانوقال إن غياب الأطر الواضحة للقياس في إعلان كوبنهاغن حد من القدرة على تقييم التطور في السنوات الماضية، مؤكدا أن "ما لا يمكن قياسه لا يمكن تحسينه".
ودعا إلى وضع آليات دقيقة للرصد والقياس، والاستماع إلى المجتمع المدني بوصفه شريكا أساسيا في العملية التنموية.
وأشاد ثورنز، بما تضمنه إعلان الدوحة السياسي من تركيز واضح على دور القطاع الخاص، خلافا لإعلان كوبنهاغن، مشددا على ضرورة تعزيز الشراكات بين الشركات ومنظمات المجتمع المدني واعتماد مبادئ الحوكمة الرشيدة، بما يضمن تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة ودعم النمو الاقتصادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات التنمیة الاجتماعیة التنمیة المستدامة
إقرأ أيضاً:
هل ينجح إعلان الدوحة في إعادة تعريف التنمية الاجتماعية؟
الدوحة ـ في أجواء دولية مشحونة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية، افتتحت اليوم في الدوحة أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية بعد 3 عقود على مؤتمر كوبنهاغن التاريخي عام 1995.
وأجمع القادة والمسؤولون المشاركون على أن العالم يقف اليوم عند مفترق طرق يتطلب تجديد الالتزام الدولي بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر وتعزيز الشمولية، وسط دعوات واضحة لترجمة التعهدات إلى خطوات ملموسة وعدم ترك ملايين البشر خلف الركب.
وشدد المتحدثون على أن "إعلان الدوحة السياسي"، المعتمد رسميا، يشكل منصة جديدة لدفع مسار التنمية الاجتماعية عالميا، وإطارا مشتركا يربط بين الأمن والكرامة الإنسانية والسلام المستدام.
وأكد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أن استضافة الدوحة هذه القمة تأتي تعزيزا لروح التعاون الدولي ومواجهة التحديات التي تعيق النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية البشرية، مشيرا إلى أن هذه التحديات تهدد السلم الاجتماعي في العالم.
وقال إن قطر تنطلق في تنظيم هذا الحدث من إيمان راسخ بأهمية العمل الجماعي في قضايا يفترض ألا تكون محل خلاف، موضحا أن الدولة تواصل التزامها بدعم الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر وتوسيع فرص العمل وضمان كرامة الإنسان وتحقيق الإدماج الاجتماعي.
وأضاف أمير دولة قطر أن التنمية الاجتماعية ليست خيارا بل ضرورة وجودية، لافتا إلى أن الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة تمثل فرصة لتجديد الالتزام بالعمل متعدد الأطراف وترسيخ قيمة التنمية الاجتماعية كشرط لتحقيق الأمن والازدهار للجميع.
وأشار إلى التقدم الذي أحرزته قطر وطنيا في مجالات التعليم والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، مستشهدا بإستراتيجية وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة (2025-2030) تحت شعار "من الرعاية إلى التمكين"، والتي ترتكز على العدالة وتكافؤ الفرص وبناء مجتمع متماسك.
وعلى الصعيد الدولي، أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن التحديات العابرة للحدود تتطلب تعاونا وتضامنا فعالين، مشددا على اعتزاز قطر بشراكتها الإستراتيجية مع الأمم المتحدة ودورها في دعم برامج التنمية عبر مؤسسات مثل صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية.
إعلانوفي سياق متصل، دعا سموه إلى الالتزام بالتعهدات الدولية المتعلقة بالفقر والمناخ واللجوء وحقوق الإنسان، لافتا إلى ضرورة معالجة ثغرات تنفيذ إعلان كوبنهاغن والتركيز على الحلول المبتكرة والشراكات الفعالة لتحقيق أهداف خطة 2030.
وأكد أمير قطر أن إعلان الدوحة السياسي، المعتمد بعد مفاوضات مكثفة، يمثل وثيقة طموحة ستعزز رؤية أخلاقية وإنسانية واقتصادية للتنمية الاجتماعية، مشيدا بجهود مندوبي المغرب وبلجيكا في قيادة المفاوضات.
كما ربط سموه بين التنمية الاجتماعية والسلام، مؤكدا أنه لا يمكن إحراز تقدم اجتماعي في غياب الاستقرار، مشيرا إلى أن السلام العادل لا التسويات المؤقتة هو الأساس لأي نهضة بشرية.
وتوقف أمير دولة قطر عند المعاناة الكارثية التي يواجهها الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي، داعيا المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لتقديم الدعم وإعادة الإعمار وضمان الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
كما أدان الفظائع المروعة التي ارتكبت في مدينة الفاشر بالسودان، مجددا الدعوة لوقف الحرب والتوصل إلى حل سياسي يحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه.
قالت رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك، إن اعتماد "إعلان الدوحة السياسي" يمثل خطوة حاسمة نحو تنمية اجتماعية شاملة لا يتخلف فيها أحد، مؤكدة أن الدوحة يجب أن تكون المرحلة الأخيرة لمسار بدأ قبل 30 عاما في كوبنهاغن.
وأشارت بيربوك في كلمتها في الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى أن العقود الماضية شهدت تقدما كبيرا تمثل في انخفاض معدلات البطالة والفقر المدقع، لكنها شددت على أن النمو الاقتصادي "لم يكن كافيا لانتشال الجميع"، موضحة أن "800 مليون إنسان لا يزالون يعانون الفقر المدقع، ونصف الفتيات في بعض البلدان يحرمن من التعليم".
وأكدت أن الفجوات الاجتماعية بين الدول لا تزال صارخة، مشيرة إلى أن المرأة تكسب في المتوسط 78 سنتا مقابل كل دولار للرجل، وأن الشباب أكثر عرضة للبطالة ثلاث مرات.
ووصفت الأزمة المناخية بأنها الخطر الأكبر على التنمية الاجتماعية، مشيرة إلى أن الكوارث المناخية تؤدي إلى انهيار الخدمات الحيوية، وضربت مثالا بعاصفة "ميليسا" التي خلفت خسائر بملياري دولار في الكاريبي.
ودعت بيربوك إلى حلول مترابطة وشاملة، مؤكدة أن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر متداخلة، والتقدم في أحدها يعزز الآخر، مشيرة إلى ضرورة إدراج قضايا المساواة والعمل اللائق والتعليم ضمن إطار واحد.
كما دعت إلى سد الفجوة التمويلية البالغة 4 تريليونات دولار لتحقيق أهداف التنمية، مؤكدة أن المشكلة ليست في نقص المال، بل في كيفية استثماره، مع ضرورة تخفيف الديون وتعزيز الابتكار.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن إعلان الدوحة السياسي يمثل دفعة قوية للتنمية وخطة شاملة من أجل الإنسان، مشيرا إلى أربعة مجالات رئيسية يجب العمل عليها:
إعلان مكافحة الفقر. تعزيز العمل اللائق. توفير التمويل. ضمان حقوق الإنسان.وقال غوتيريش في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، إن انعقاد القمة يأتي في لحظة عالمية مضطربة تتسم بانقسامات وانعدام يقين ومعاناة إنسانية واسعة، لافتا إلى أن الملايين لا يزالون يعانون الجوع والبطالة، وأن الدول النامية لا تتلقى الدعم الكافي.
وأوضح أن خطة الدوحة من أجل الإنسان تركز على الاستثمار في النظم الصحية والغذائية والتعليمية والطاقة النظيفة والسكن وشبكات الحماية الاجتماعية، مشددا على ضرورة وجود بيانات موثوقة لقياس التقدم.
ودعا الأمين العام إلى تقديم خطط واضحة خلال مؤتمر المناخ (COP30) في البرازيل لخفض الانبعاثات، وتعبئة 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول 2035 لتمويل العمل المناخي في الدول النامية، مع مضاعفة التمويل المخصص للتكيف.
كما شدد على أهمية تعزيز العمل اللائق، وتمكين انتقال العمال إلى الاقتصادات الخضراء والرقمية واقتصادات الرعاية، مع الاستثمار في المهارات والتدريب وسد الفجوة الرقمية.
وعن التمويل، دعا إلى زيادة قدرة مؤسسات التمويل متعددة الأطراف على الإقراض، وتخفيف أعباء الديون، وإصلاح الهيكل المالي العالمي ليعكس احتياجات الدول النامية.
وأكد غوتيريش، أن خطة التنمية يجب أن تعزز حقوق الإنسان والشمولية، محذرا من ترك النساء والأقليات واللاجئين وكبار السن وذوي الإعاقة خارج ركاب التنمية.
واختتم، إن القمة فرصة لإحياء الأمل بتحويل إعلان الدوحة إلى واقع بخطة جريئة من أجل الإنسان.
قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لوك بهادور ثابا، إن إعلان الدوحة يعكس تطلعات العالم نحو مستقبل يقوم على المساواة والكرامة، مؤكدا أن الإعلان جاء ثمرة مفاوضات دولية واسعة.
وأشار في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى أن العالم شهد تقدما خلال العقود الثلاثة الماضية في الصحة والتعليم والاتصال، لكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يزال بعيدا، إذ تحقق 5 أهداف فقط بنسبة 35%.
وقال إن أكثر من 800 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، ومليارات على حافة الفقر، موضحا أن 80% من العاملين في أفريقيا و70% في آسيا يعانون من هشاشة العمل.
ولفت إلى أن الثروة العالمية تتركز في يد قلة، في حين يفتقر مليارا إنسان لشبكات الأمان الاجتماعي، وهو ما يقوض الثقة في المؤسسات ويجعل المجتمعات أكثر هشاشة.
وأكد ثابا أن المجلس سيواصل العمل مع منظومة الأمم المتحدة والدول الأعضاء لتحويل إعلان الدوحة إلى تقدم ملموس، مع التركيز على الدمج الرقمي، والصمود المناخي، وتعليم الشباب، والعمل اللائق.
وأشاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي باستضافة قطر للقمة، مؤكدا أنها تبرز دورها الريادي شريكا أساسيا في دعم التنمية البشرية والعمل الإنساني.
وقال البديوي في كلمته في القمة، إن أهداف المؤتمر تتقاطع مع رؤية مجلس التعاون الرامية إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات المختلفة وتطوير الحماية الاجتماعية، مؤكدا دعم المجلس للجهود الدولية في هذا المجال وتوسيع الشراكات لتعزيز التنمية الشاملة.