الإمارات وكوريا تدشنان حقبة التعاون النووي والذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
أبوظبي (وام)
دشنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» مرحلة جديدة ومتطورة من شراكتهما الاستراتيجية تهدف إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل تقنيات الطاقة النووية المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وذلك تفعيلاً لمذكرتي التفاهم الاستراتيجيتين اللتين تم توقيعهما أول أمس.
وتؤسس هذه الخطوة لانطلاقة مشتركة لدعم محطات الطاقة النووية في كلا البلدين، واستكشاف فرص تطوير مشاريع طاقة نظيفة في دول أخرى بالاستفادة من «نموذج براكة» العالمي، الذي تم إنجازه وتشغيله بنجاح وفق الجدول الزمني والتكلفة المحددة.
وتتضمن الشراكة الموسعة، التي تأتي تتويجاً للتعاون الراسخ مع «كيبكو» بصفتها المقاول الرئيسي ضمن التحالف الكوري، مسارين رئيسيين حددتهما المذكرتان، إذ ركزت المذكرة الأولى التي وقعها محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية ومجموعة شركاتها، وكيم دونغ تشيول، رئيس «كيبكو»، على تعزيز التعاون في مجالات التقنيات المتقدمة، ويشمل ذلك التقييم المشترك للمفاعلات المعيارية المصغرة (SMRs)، وأنظمة المفاعلات المتقدمة، والابتكار في دورة الوقود، وإدارة النفايات المشعة، وأبحاث السلامة النووية، بالإضافة إلى تغطية جوانب الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي عبر تطبيقات الصيانة التنبؤية، وأدوات تحسين عمل المحطات، والتوأمة الرقمية، والتعلم الآلي لتعزيز مستويات السلامة والكفاءة، بدعم مباشر من مختبر ابتكار الذكاء الاصطناعي المشترك بين الجانبين.
وعلى صعيد موازٍ يختص بالتطبيق العملي للتقنيات الرقمية، وقع محمد البريكي، المدير العام لشركة الإمارات للطاقة النووية - الاستشارات، المدير التنفيذي للعمليات، وسانغ هيونغ بارك، رئيس شركة «كيبكو» لشبكة البيانات المعرفية المحدودة، مذكرة تفاهم ثانية تركز بشكل دقيق على تسريع التحول الرقمي في جميع العمليات النووية داخل دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط ككل، وذلك من خلال البحث المشترك ونشر حلول الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتوأمة الرقمية وأنظمة المراقبة الذكية. كما اتفق الجانبان على العمل لتوطين وتطبيق حلول الشركة الكورية في مجالات الأمن السيبراني وتحليل البيانات داخل قطاع الطاقة الإماراتي، واستكشاف مشاريع إقليمية مشتركة لخدمات التحول الرقمي في مؤسسات الطاقة بدول مجلس التعاون الخليجي.
وفي تعليقه على هذه النقلة النوعية في مسار الشراكة، أكد محمد الحمادي أن هذا التعاون يشكل خطوة إيجابية ومحورية في إطار الجهود الرامية لتعزيز الابتكار النووي السلمي والتحول الرقمي، والتوسع المدروس في الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي، بما يعزز التقنيات التي تحسن الأداء وتدعم العمليات التشغيلية النووية لتكون أكثر أماناً وموثوقية واستدامة.
تبادل الخبرات
وجدد التزام المؤسسة الراسخ مع الشركاء الكوريين بتعزيز تبادل المعارف والخبرات العميقة، والعمل على تطوير الجيل القادم من قادة قطاع الطاقة النووية، والمساهمة الفاعلة في الجهود العالمية لتسريع مسيرة الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. وتقرر تشكيل فريق عمل مشترك فوري لمذكرتي التفاهم يتولى مهمة تقييم الفرص المتاحة ودفع عجلة التنفيذ وتقديم التوصيات اللازمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات كوريا جمهورية كوريا التعاون النووي الذكاء الاصطناعي التحول الرقمي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الوزراء يستعرض في تقرير جديد استخدامات الطاقة النووية السلمية وأبرز التحديات
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريراً جديداً حول "الطاقة النووية السلمية"؛ تناول من خلاله استخداماتها باعتبارها ركيزة للتحول الطاقي العالمي، والأطر القانونية المنظمة لها، والقوى الفاعلة في هذا المجال، والطموحات الإقليمية خاصة في إفريقيا، إضافة إلى عرض التوقعات المستقبلية للطاقة النووية وما يواجهها من تحديات، والاتجاهات الدولية نحو التوسع والاستدامة بها.
أشار التقرير إلى أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تُعد من أبرز مظاهر توظيف التقدم العلمي لخدمة التنمية البشرية، حيث تتجه الدول إلى استغلال الطاقة النووية ليس فقط لتوليد الكهرباء، بل أيضًا في مجالات الطب والصناعة والزراعة والبحث العلمي.
واستعرض التقرير أبرز مجالات الاستخدام المختلفة للطاقة النووية السلمية على النحو التالي:
-توليد الكهرباء تأمين للاحتياجات وتخفيض لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري: حيث ارتفع توليد الكهرباء النووية عالميًّا في عام 2024، إلى نحو 2667 تيراوات/ساعة، مقارنة بــ 2601 تيراوات/ساعة في عام 2023، بمعدل نمو بلغ 2.54% ، وهذا هو أعلى إنتاج على الإطلاق من الطاقة النووية في عام واحد، متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 2660 تيراوات/ساعة في عام 2006، وهو ما يُمثِّل نحو 10% من إجمالي الكهرباء المنتجة عالميًّا، وبذلك احتلت الطاقة النووية المرتبة الثانية بعد الطاقة الكهرومائية بين مصادر الطاقة النظيفة، كما أسهمت الطاقة النووية في تفادي إطلاق نحو 70 جيجا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال الخمسين عامًا الماضية، وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تغير المناخ والطاقة النووية 2022". -بالإضافة إلى استخدامها في التطبيقات الطبية بالتشخيص والعلاج الدقيق، وفي الزراعة عن طريق تحسين الإنتاج وضمان الأمن الغذائي، وفي الحفاظ على البيئة عن طريق رصد التلوث وتتبع مصادره، وفي الصناعة عن طريق مراقبة الجودة وتحسين الكفاءة.
أوضح التقرير وفقًا لتقديرات شركة "Cognitive Market Research"، أن حجم سوق الطاقة النووية العالمية بلغ نحو 33.58 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.5% خلال الفترة من 2024 إلى 2031، بما يعكس أهمية سوق الطاقة النووية والنظرة الإيجابية بشأنه.
وعلى صعيد عدد المفاعلات النووية عالميًا، اتخذ المنحنى اتجاهًا تصاعديًا منذ عام 2014، حين بلغ العدد 414 مفاعلًا، ليستمر في الزيادة وصولًا إلى الذروة عام 2018، عند 432 مفاعلًا. غير أنه بدأ بعد ذلك في التراجع التدريجي، وصولًا إلى 416 مفاعلًا في عام 2022، ثم عاود الارتفاع، ليصل إلى نحو 421 مفاعلًا بحلول عام 2024، ويعود ذلك التذبذب في عدد المفاعلات نتيجة خروج عدد من المفاعلات عن الخدمة، وذلك وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تستحوذ على العدد الأكبر من المفاعلات النووية العاملة على مستوى العالم، بإجمالي 94 مفاعلًا من تلك المفاعلات، تليها في الترتيب الصين بعدد مفاعلات بلغ 57 مفاعلًا، تليها فرنسا بإجمالي 56 مفاعلًا، تليها روسيا بعدد 36 مفاعلًا، أي أن الدول الأربع تستحوذ على نحو 59.6% من عدد المفاعلات على مستوى العالم.
ومع نهاية عام 2024، كان هناك 63 مفاعلًا نوويًّا تحت الإنشاء في عدد 13 دولة، ويقع 75% منها في الاقتصادات الناشئة، خاصة الصين التي تستحوذ على نصف هذا العدد، التي أصبحت تمتلك أكبر أسطول نووي عاملًا عالميًّا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يأتي في إطار الطموحات العالمية لمضاعفة السعة النووية ثلاث مرات بحلول 2050. وقد ارتفع الاستثمار النووي إلى نحو 65 مليار دولار في عام 2023، أي ما يقارب ضعف مستواه قبل عقد واحد.
وعلى مستوى إيرادات مبيعات سوق الطاقة النووية المحققة، فقد بلغت إجمالي قيمة إيرادات مبيعات سوق الطاقة النووية العالمية 37.2 مليار دولار، حتى نهاية يونيو من عام 2025، مرتفعًا بنحو3.7 مليارات دولار، وبما نسبته 11% مقارنة ب 33.5 مليار دولار عام 2021، وتستحوذ أمريكا الشمالية على الحصة الأكبر من السوق بنحو 40% من الإيرادات العالمية، وبقيمة سوقية بلغت 13.43 مليار دولار في عام 2024. وتأتي أوروبا في المرتبة الثانية بحصة تبلغ 30% من السوق، وبقيمة تبلغ نحو 10.07 مليارات دولار. أما منطقة آسيا والمحيط الهادي، فتستحوذ على ما يقارب على 23% من الإيرادات العالمية بقيمة سوقية تصل إلى 7.72 مليارات دولار في عام 2024. في المقابل، تسهم أمريكا اللاتينية بنحو 5% من حجم السوق العالمية، أي ما يعادل 1.68 مليار دولار في عام 2024، مع معدل نمو متوقع يبلغ 1.9% حتى 2031. بينما تشكل منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا نحو 2% من الإيرادات العالمية فقط، بحجم سوق يُقدر بـنحو 0.67 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تسجّل معدل نمو سنوي مركبًا قدره 2.2% خلال فترة التوقع.
ووفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى يونيو 2025، تستحوذ خمس دول فقط وهي الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، الصين، روسيا، وكوريا الجنوبية على أكثر من ثلثي القدرة العالمية لتوليد الكهرباء النووية. وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكبر منتجي الكهرباء النووية عالميًّا، حيث ولّدت نحو 779 ألف جيجاوات/ساعة في عام 2024، أي ما يقارب ضعف إنتاج الصين التي حلت في الترتيب الثاني بنحو 406 آلاف جيجاوات/ساعة.
أما الصين، فهي الدولة الأسرع نموًّا في بناء المفاعلات الجديدة، ما يجعلها المنافس الرئيس على المدى البعيد، خاصة مع استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على الفحم وزيادة الاعتماد على طاقة أقل تلوث. بينما تأتي فرنسا في المركز الثالث، بإنتاج كهرباء بلغ نحو 324 ألف جيجاوات/ساعة، وجدير بالإشارة أن فرنسا تأتي في المرتبة الأولى عالميًّا من حيث نسبة اعتمادها على الطاقة النووية في توليد الكهرباء، بنسبة 65% من إجمالي إنتاج الكهرباء لديها.
أما روسيا وكوريا الجنوبية، فتأتيان في الترتيب الرابع والخامس، بإنتاج يناهز 204 آلاف، و172 ألف جيجاوات/ساعة على التوالي لعام 2024، إذ تمثل الطاقة النووية عنصرًا استراتيجيًّا في سياسات الطاقة لديهما، سواء لتلبية الطلب المحلي، أو لتعزيز النفوذ الجيوسياسي من خلال تصدير التكنولوجيا النووية.
وقد احتفظت عدد من الدول الأوروبية من بينها إسبانيا، والسويد، وفنلندا، وبلجيكا، والجمهورية التشيكية بمكانة بارزة ضمن قائمة أكبر المنتجين من حيث كمية الكهرباء المولدة، وتختلف درجة اعتماد هذه الدول على الطاقة النووية؛ فمثلًا، تشكّل الطاقة النووية 42% من كهرباء فنلندا، و41% من كهرباء بلجيكا، مقابل نحو 20% فقط في إسبانيا، أما سلوفاكيا والمجر وسلوفينيا، ورغم أنها دول صغيرة من حيث حجم الإنتاج المطلق، فإنها تسجل نسبًا مرتفعة جدًّا من الاعتماد على الطاقة النووية بما يتراوح بين 35% وصولًا إلى أكثر من 60%.
أما على مستوى الدول العربية، فقد دخلت الإمارات العربية المتحدة لأول مرة ضمن قائمة كبار المنتجين عالميًّا، بإنتاج بلغ نحو 31 ألف جيجاوات/ساعة في عام 2024، وهو ما يمثل قرابة 20% من إجمالي الكهرباء المولدة في الدولة.
وأشار مركز المعلومات إلى سعى قرابة ثلاثين دولة حاليًّا إلى تطوير برامج للطاقة النووية أو قيامها بالتخطيط لإطلاقها، في حين أبدت نحو عشرين دولة أخرى اهتمامًا أوليًّا بالمجال في وقت سابق، وعند تصنيف الدول وفقًا لمدى التقدم الذي أحرزته في برامجها النووية، نجد أن بعض الدول قد وصلت بالفعل إلى مرحلة التنفيذ، حيث توجد ثلاث دول لديها مفاعلات نووية قيد الإنشاء، وهي مصر وبنجلاديش وتركيا، وبدأت بالفعل عملية صبّ الخرسانة الأولى للمفاعلات.
ولفت المركز الانتباه إلى ما تشهده القارة الإفريقية من تحول متسارع نحو تبنّي الطاقة النووية بوصفها خيارًا إستراتيجيًا يضمن أمن الطاقة، ويدعم التنمية المستدامة، وذلك في إطار جهود دول القارة لتنويع مصادر الطاقة بها ومواجهة تحديات التغير المناخي، فقد ضمت إفريقيا، حتى عام 2024، مفاعلين نوويين عاملين في محطة كويبيرج بجنوب إفريقيا، إلى جانب أربع مفاعلات قيد الإنشاء في محطة الضبعة بمصر، والتي تهدف إلى إنتاج الكهرباء وتوفير طاقة كبيرة لتحلية المياه.
وفي هذا السياق؛ أوضح التقرير أنه في عام 2015، وقعت مصر اتفاق مبدئي مع روسيا لبناء أول محطة نووية في منطقة الضبعة، تضم أربع وحدات بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، لتبدأ مصر مرحلة جديدة في طريقها نحو الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وتُعَد محطة الضبعة النووية هي المحطة النووية الأولى من نوعها في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على شواطئ البحر المتوسط. وتضم المحطة 4 وحدات طاقة من أنواع VVER‑1200 بقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 4.8 جيجاوات. ويستهدف المشروع توليد الكهرباء بطريقة آمنة وسلمية، وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وأعلى معايير السلامة النووية. وقد انطلق التنفيذ الرسمي للمشروع بصب الخرسانة في "الوحدة 1" في يوليو 2022، ثم تلتها "الوحدة 2" في نوفمبر 2022، و"الوحدة 3" في مايو 2023، و"الوحدة 4" في يناير 2024.
وفي نوفمبر 2020، حصلت محطة الضبعة النووية على المركز الثاني ضمن أفضل المشروعات النووية على مستوى العالم؛ نظرًا لما يتميز به مفاعلها من الجيل الثالث من تصميم بسيط وموثوق، وتمتعه بقدرة عالية على مقاومة الأخطاء البشرية. وتتميز هذه المفاعلات بوجود أنظمة أمان متطورة تشمل الحواجز المتعددة لمنع التسرب الإشعاعي، وأنظمة سلامة سلبية وإيجابية، إلى جانب تحسين كفاءة استخدام الوقود، وتقليل كمية النفايات الناتجة، كما أنها مزودة بنظام تحكم آلي حديث. ومن خلال تلك الجهود الملموسة، ترسخ مصر مكانتها كدولة رائدة في تبنّي الطاقة النووية السلمية في شمال إفريقيا، وتؤسس لقطاع طاقة متقدم علميًّا وتقنيًّا، يدعم التنمية المستدامة، ويعزز الأمن الطاقي الوطني.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من التوجه الكبير للدول المتقدمة والناشئة على حد سواء نحو إنشاء المفاعلات النووية وتعزيز الاستفادة من الطاقة النووية، وكذا التوقعات الدولية بشأنها، فإن التوسع في مشروعات الطاقة النووية يواجه العديد من التحديات التي قد تعوق تحقيق طموحات العديد من الدول، خاصة الناشئة منها. وتتمثَّل أبرز هذه التحديات في: ارتفاع التكلفة الاستثمارية، الحاجة إلى البنية التحتية والتقنية، إدارة النفايات المشعة، تأخر تنفيذ المشروعات، تجاوز التكاليف المقررة، نقص الكفاءات البشرية في قطاع الطاقة النووية.
وأشار التقرير إلى سعى الدول بشكل متواصل إلى إيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالتوسع في مشروعات الطاقة النووية، لا سيما في ظل ما يشهده هذا المجال من تطورات تكنولوجية متسارعة، ورغم أن بعض هذه الابتكارات ما زال في مراحل البحث أو التجريب، فإنها تُعَدّ مؤشرات واعدة لإمكانية تحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة النووية. يُمكن استعراض أبرز التوجهات الدولية الهادفة إلى مواجهة التحديات التي تعترض مسار نمو القطاع النووي: "المفاعلات المعيارية الصغيرة" كمحاولة لجعل الطاقة النووية أكثر مرونة وأمانًا، و"الابتكارات الجديدة" مفاعلات الجيل الرابع تقنيات التبريد، والتعاون الدولي والتكامل الإقليمي بمجال الطاقة النووية.
أشار التقرير في ختامه إلى أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية باتت تشكل أحد أعمدة النقاش العالمي حول مستقبل الطاقة. فبينما تتيح هذه التكنولوجيا فرصًا واسعة لتوليد الكهرباء بشكل مستقر ومنخفض الكربون، وتفتح آفاقًا متقدمة في مجالات الطب والصناعة والزراعة، فإنها في الوقت ذاته تفرض تحديات جدّية تتعلق بسلامة المفاعلات، وإدارة النفايات المشعة. ولقد برهنت التجارب الدولية، سواء في الدول الكبرى أو الناشئة، أن الاستثمار في الطاقة النووية يتجاوز كونه خيارًا تقنيًا بحتًا، ليغدو قرارًا استراتيجيًا يلامس الأبعاد الاقتصادية والبيئية والأمنية معًا.
وعليه، فإن مستقبل الطاقة النووية كخيار سلمي ومستدام مرهون بقدرة المجتمع الدولي على تعزيز آليات الرقابة والتعاون، وتوظيف البحث والابتكار في تطوير تقنيات أكثر أمانًا وكفاءة. عندها يمكن للطاقة النووية أن تتحول إلى ركيزة أساسية في التحول الطاقي العالمي، بحيث تدعم النمو الاقتصادي، وتسهم في مواجهة التغير المناخي، دون أن تُفقد العالم إحساسه بالأمان.