لجريدة عمان:
2025-11-28@07:37:05 GMT

لماذا تريد أمريكا تغيير النظام في فنزويلا؟

تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT

في يوم الاثنين، أعلنت الولايات المتحدة رسميًا تصنيف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وحلفائه في الحكومة كأعضاء في منظمة إرهابية أجنبية تُسمّى (كارتيل ذي لوس سوليس)، وتعني (عصابة الشمس)، وهي جماعة لا وجود لها أصلًا.

يقول فيل غونسون، وهو محلل بارز في مجموعة الأزمات الدولية، المؤسسة البحثية المستقلة المتخصصة في تحليل النزاعات، في مكالمة هاتفية من العاصمة كاراكاس: «لا وجود لكارتيل كهذا».

ويضيف أن المصطلح ظهر قبل أكثر من 30 عامًا، وهو مجرد اختصار صحفي، «وبقي نوعًا من المزاح اللغوي». ويشبّه الأمر بما لو صنّف دونالد ترامب «الدولة العميقة» بأنها عصابة إجرامية.

لكن هذا التصنيف الوهمي قد تكون له تبعات خطيرة. يقول غونسون: «أعتقد أن الرسالة الموجّهة إلى مادورو هي أنه يُعامل الآن بصفته إرهابّيا، وبالتالي قد يلقى المصير نفسه الذي لقيه أسامة بن لادن». إنها إشارة تهديد وتبرير في الوقت نفسه لإمكانية عملية لتغيير النظام، وهي مغامرة عسكرية تبدو عبثية تمامًا، لكنها في الوقت ذاته تبدو أكثر ترجيحًا يومًا بعد يوم.

لا أحد يعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة على وشك أن تبدأ قصف فنزويلا، لكن خطاب الإدارة الأمريكية حول «كارتيل ذي لوس سوليس» ليس سوى علامة من علامات كثيرة مقلقة. فمنذ أشهر، تنفّذ الولايات المتحدة عمليات قتل خارج نطاق القانون ضد مشتبه بتورطهم في تهريب المخدرات، وكثير منهم من الفنزويليين، في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي. ووفقًا لتقارير صحيفة نيويورك تايمز، تبرر الإدارة هذه العمليات بزعم أن الولايات المتحدة في حالة «نزاع مسلح» مع كارتيلات المخدرات.

ويبدو الآن أن الإدارة تستعد لتوسيع هذا «النزاع» ليشمل فنزويلا. فقد وصلت مؤخرًا أكبر حاملة طائرات في البحرية الأمريكية (يو. إس. نيفي) إلى المنطقة، ضمن أكبر حشد عسكري في الكاريبي منذ أزمة الصواريخ الكوبية (أزمة عام 1962 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي). كما كشفت الصحيفة نفسها أن ترامب وافق على خطط لعمليات سرية تنفّذها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في فنزويلا. في الوقت نفسه، تلغي شركات الطيران رحلاتها بعد تحذير صادر عن هيئة الطيران الفيدرالية، الجهة المنظمة لشؤون الطيران المدني في الولايات المتحدة، بشأن «تدهور الوضع الأمني».

ورغم ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة تعيش أجواء ما قبل حرب. ففنزويلا بالكاد تحضر في النقاش العام. ووفق استطلاع لـشبكة (سي. بي. إس)، ومؤسسة (يو. جوف)، وهي جهة استطلاعات رأي بريطانية، فإن واحدًا فقط من كل خمسة أمريكيين سمع أو قرأ شيئًا يذكر عن هذا الحشد العسكري. حتى التبريرات التي تقدمها الإدارة لعمل عسكري محتمل تجعل مسوغات حرب العراق تبدو متماسكة مقارنة بها. وكأن البيت الأبيض لم يعد يبالي برأي الجمهور لدرجة أنه لم يُكلف نفسه حتى بجهد حملة دعائية مقنعة.

تقول الإدارة إن عداءها لفنزويلا سببه تورطها في تهريب المخدرات. لكن مخدر الفنتانيل، وهو مادة أفيونية اصطناعية مسؤولة عن أزمة الإدمان في الولايات المتحدة، لا يُنتج في فنزويلا ولا يمر عبرها. هي مجرد ممر لتهريب الكوكايين، لكن في المقام الأول إلى أوروبا. لذا يبدو أن خطاب «الحرب على المخدرات» ليس إلا ذريعة. ولكن ذريعة لأي شيء؟

يقول غونسون: «هناك تحالف غير مستقر داخل الإدارة» فماركو روبيو، الذي يشغل منصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي بالإنابة، هو من يوجّه سياسة البيت الأبيض تجاه فنزويلا. وروبيو معادٍ شرس للشيوعية، ويبدو مقتنعًا بأن إسقاط مادورو قد يساعد على إسقاط النظام في كوبا، حيث وُلد والداه. ويتمنى آخرون، كما يقول غونسون، لو يستطيعون قصف تجار المخدرات في المكسيك، حيث ينشأ معظم الفنتانيل، ويرون أن مهاجمة فنزويلا قد توصل رسالة على الأقل.

ويرى آخرون أن ترامب مفتون بفكرة القرن التاسع عشر القائمة على تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ للقوى الكبرى، معتقدًا أن إسقاط مادورو سيكون وسيلة لاستعراض الهيمنة الأمريكية في نصف الكرة الغربي. ولا ننسى أن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في العالم. وقد قال وزير الخزانة سكوت بيسنت في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الإخباريّة: «إذا حدث شيء ما في فنزويلا، فقد نشهد انخفاضًا في أسعار النفط».

إن كوننا لا نملك إلا التخمين بشأن أسباب تهديد الولايات المتحدة لفنزويلا يوضح غرابة هذه السياسة. فالأمريكيون لا يبدون متحمسين لهذه الحرب؛ إذ أظهر الاستطلاع نفسه أن 70% من المستطلعة آراؤهم يعارضون أي عمل عسكري. وترامب خاض حملة 2024 ضد الحروب العبثية، وحذّر السيناتور راند بول، الجمهوري من ولاية كنتاكي الأمريكية، من أن ضرب فنزويلا قد يشق صف حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا». ربما لهذا السبب لا نرى نقاشًا عامًا؛ فقصف فنزويلا يبدو خيارًا غير منطقي لدرجة أن معظم الناس لا يصدقون أنه فعلي.

ويرى غونسون أن فريق ترامب كان يأمل بأن يؤدي الضغط إلى هروب مادورو أو إسقاطه، وهو ما كان غير واقعي منذ البداية. ويضيف أنه «من دون توسع عسكري حقيقي، لا أرى نقطة قد يقول فيها مادورو: «إنهم لا يمزحون». وإذا صحّ تقديره، فقد يعقد ترامب صفقة مع مادورو، أو يُعلن «النصر» وينسحب.

لكن غونسون يخشى أن ذلك ليس السيناريو الأكثر احتمالًا. فهو يقول: «أشعر أنهم اختلقوا حربًا وهمية، ومضوا فيها بعيدًا لدرجة أنهم صاروا مضطرين إلى خوض حرب حقيقية فعلًا».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی فنزویلا

إقرأ أيضاً:

رئيس كولومبيا: ترامب لا يتفاوض مع مادورو بشأن مخدرات فنزويلا بل يريد نفطها

مع تصاعد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، إن حملة الضغط التي تقودها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد فنزويلا ترتبط أكثر بالرغبة في الوصول إلى نفطها، وليس بمكافحة تهريب المخدرات.


وفي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" قال بيترو: "النفط هو جوهر القضية"، موضحًا أن فنزويلا تمتلك ما يُعتقد أنه أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وأضاف: "هذه مفاوضات حول النفط، وأعتقد أن هذه هي منطقية ترامب، فهو لا يفكر في ديمقراطية فنزويلا، ولا في مسألة مكافحة المخدرات."، كما أشار بيترو إلى أن فنزويلا ليست دولة منتجة للمخدرات، وأن جزءًا صغيرًا فقط من تجارة المخدرات العالمية يمر عبر أراضيها.

رئيس كولومبيا يكشف لـCNN: ترامب لا يتفاوض مع مادورو بشأن "مخدرات فنزويلا" بل يريد نفطها pic.twitter.com/YkYA5DSkb6 — CNN بالعربية (@cnnarabic) November 26, 2025
وردًا على سؤال عن رسالته للشعب الأمريكي، قال بيترو إنه يذكّر دائمًا بما يردده جنود القوات الخاصة الأمريكية في قسمهم العسكري "محاربة القمع"، وأضاف أن ذلك كلّفه الكثير، ملمحًا إلى قرار الخارجية الأمريكية إلغاء تأشيرته عقب مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدما دعا الجنود الأمريكيين علنًا إلى عدم تنفيذ أوامر ترامب إذا كانت "تستهدف الإنسانية".

وكانت إدارة ترامب قد اتخذت سلسلة إجراءات ضده، بينها فرض عقوبات على بيترو في تشرين الأول/أكتوبر واتهامه بدور في تجارة المخدرات العالمية، وهو ما نفاه بشدة، وجاءت العقوبات بعد تهديد ترامب بوقف الدعم المالي لكولومبيا بدعوى أن بيترو "لا يفعل شيئًا لوقف إنتاج المخدرات".

رئيس كولومبيا يكشف لـCNN: ترامب لا يتفاوض مع مادورو بشأن "مخدرات فنزويلا" بل يريد نفطها pic.twitter.com/YkYA5DSkb6 — CNN بالعربية (@cnnarabic) November 26, 2025
ودافع بيترو عن سجله، قائلًا إن حكومته صادرت كميات من الكوكايين تفوق أي إدارة سابقة، وأضاف: "نجحنا في الحد من زيادة زراعة الكوكا مقارنة بالسنوات السابقة، وزادت المصادرات بنسبة أكبر."، وردًا على سؤال لماذا لا يعترف ترامب بذلك قال: "بسبب الغرور… فهو يعتبرني مجرد متمرد أو مجرم فقط لأنني كنت عضوًا في حركة M-19"، وقال بيترو إن واشنطن تقارنه بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وهو ما اعتبره غير منطقي.


وفي وقت سابق، نشر رئيس كولومبيا غوستافو بيترو، حساباته المصرفية علناً في محاولة لإثبات عدم صلته بتهريب المخدرات، وبدأت وحدة المعلومات والتحليل المالي في كولومبيا، هذا الأسبوع، بنشر كشوف حسابات الرئيس المصرفية للصحافة من عام 2022 وحتى حزيران/ يونيو من هذا العام، بعد أن أمر الرئيس بالإفصاح عنها، وقال الرئيس غوستافو بيترو، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس": "ألا تجدون أنه من اللافت للنظر أن حساباتي ومعاملاتي المصرفية تتعارض مع تقييم الرئيس ترامب لرئيس منتخب ديمقراطياً من جانب الكولومبيين؟".

Algo que rechazar señores de RCN? ¿Encontraron que mis gastos son superiores a mis ingresos salariales y de regalías de mi libro? https://t.co/4QoeLZ8ALi — Gustavo Petro (@petrogustavo) November 18, 2025
ووفق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن فنزويلا ليست دولة منتجة للكوكايين، بينما يأتي أكثر من ثلثي الإنتاج العالمي من كولومبيا، وعلى الرغم من التصعيد في الخطاب السياسي، قالت الخارجية الأمريكية إنها تتابع التقارير التي تحدثت عن علاقات محتملة بين مسؤولين كولومبيين ومجموعات متمردة سابقة، ودعت إلى التحقيق فيها.

#Actualidad ???? Tras la publicación del informe, el jefe de Estado insistió en que su historial bancario es verificable y no contiene irregularidades.????

Los detalles????https://t.co/JU8ZlsjkNo pic.twitter.com/BXie1R4px5 — Radio Nacional CO (@RadNalCo) November 19, 2025
وتبقى كولومبيا الحليف الأقرب لواشنطن في أمريكا الجنوبية، وقد قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن خلاف الإدارة يتركز على بيترو نفسه وليس على مؤسسات الدولة الكولومبية، مؤكدًا أن العلاقات بين الشعبين ستظل "قوية ومتينة"، ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ازدادت حدة الخلافات بينه وبين الرئيس الكولومبي، فخلال العام الماضي، انتقد بيترو سياسات واشنطن المتعلقة بالهجرة، ودعمها لإسرائيل، ونشاطها العسكري في أمريكا اللاتينية، كما اتهم بيترو الولايات المتحدة بأنها تسعى إلى فرض إرادتها على جيرانها، قائلًا: "لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة إمبراطورية، بل دولة بين دول أخرى.".

مقالات مشابهة

  • ترامب يصعد بشكل غير مسبوق ضد فنزويلا.. هل هناك عملية برية؟
  • الآلاف يتظاهرون في فنزويلا احتجاجا على تهديدات أمريكا لبلادهم
  • رئيس كولومبيا: ترامب لا يتفاوض مع مادورو بشأن مخدرات فنزويلا بل يريد نفطها
  • الآلاف يتظاهرون في فنزويلا احتجاجا على تهديدات واشنطن
  • NYT: ترامب وإدارته خلقوا حربا زائفة ضد فنزويلا ولا يمكنهم التراجع
  • تهديد مُفرط وعدواني.. كوبا تتهم الولايات المتحدة بأنها تريد الإطاحة بحكومة فنزويلا بالعنف
  • كاتبة أميركية: واشنطن على شفا الحرب لتغيير النظام الحاكم في فنزويلا
  • الولايات المتحدة.. خطة جديدة تهدد بمراجعة وضع مئات آلاف اللاجئين
  • رقص رئيس فنزويلا يشعل السوشيال ميديا وسط تصاعد التوتر بالكاريبى