لبنان ٢٤:
2025-12-01@12:45:23 GMT
في اليوم الأول من زيارته للبنان… البابا يضع السلام طريقًا للخلاص
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
أتت زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان في توقيت دقيق وحساس، حيث يعاني البلد من أزمات أمنية وسياسية مركبة، مع استمرار الانقسامات التي تهدد استقرار الدولة ومؤسساتها. على الرغم من الطابع الديني للزيارة، فإن خطاب البابا لم يكن مجرد رسالة روحية، بل تضمن أبعادًا سياسية واضحة تهدف إلى إعادة تأكيد دور لبنان في المنطقة.
شكل السلام المحور الأساسي والمتكرر في كلمة البابا التي ألقاها في قصر بعبدا بعد الاستقبالين الرسمي والشعبي اللذين رافقا زيارته منذ لحظة وصوله إلى مطار بيروت، حيث اعتبره هدفًا حياتيًا وأساسًا لكل أبعاد الحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان. كرر البابا أن فاعلي السلام ليسوا مجرد مشاهدين أو متفرجين، بل صناع حقيقيون قادرون على تحويل التحديات اليومية إلى فرص للتلاقي والتفاهم. وشدّد على أن السلام ليس مجرد توازن هش بين الأطراف المتصارعة، بل هو عمل مستمر يبدأ من الفرد ويشمل العائلة والمجتمع والدولة، ويتطلب الصمود والمثابرة والعمل الجاد على معالجة الجراح الشخصية والجماعية، حتى تلك التي امتدت عبر أجيال. وأوضح أن بناء السلام يتطلب لقاءات حقيقية وحوارًا صادقًا ومصالحة شاملة، بحيث تُعالَج الذكريات المؤلمة والجراح القديمة، ويصبح المجتمع قادرًا على التقدم معًا رغم الانقسامات والخلافات السابقة. وكرر البابا أن البقاء في الوطن والمساهمة في الحياة العامة هو أحد أهم أشكال صُنع السلام، وأن الشجاعة في مواجهة الصعاب وعدم الانصراف عن الواجب الوطني تمثل علامات حقيقية لفاعلي السلام.
تكرار البابا لمفهوم المصالحة الشاقة وضرورة إشراك السلطات والمؤسسات الرسمية يعكس فهمًا عميقًا للطابع السياسي اللبناني. المصالحة هنا ليست مجرد عملية اجتماعية أو روحية، بل دعوة ضمنية للنخبة السياسية للانفتاح على الحوار بين المكونات المختلفة وتجاوز الانقسامات التي أعاقت أي مشروع وطني حقيقي، وهذا يفتح نقاشًا سياسيًا حول كيفية معالجة الانقسامات الداخلية التي طال أمدها في لبنان. فتأكيده أن السلام لا يتحقق إلا باللقاء والمعرفة المشتركة يسلط الضوء على أهمية الحوار السياسي والتفاهم بين الطوائف المختلفة، ويشكل انتقادًا خفيًا للسياسات التي تعمّق الانقسامات أو تمنع التعاون الوطني. بهذا المعنى، فان السلام لم يعد مجرد شعار، بل بات معيارًا عمليًا وقياسًا حقيقيًا لقدرة المؤسسات والشعب على العمل معًا لتحقيق مستقبل مستقر.
من ناحية أخرى، شدّد البابا على شجاعة البقاء في الوطن، لا سيما بالنسبة للشباب، في وقت يعاني لبنان من هجرة مستمرة للأدمغة والطاقات. هذه الدعوة تحمل بعدًا سياسيًا عمليًا، إذ تضع مسؤولية كبيرة على السلطات لتوفير بيئة مستقرة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، تتيح للشباب والأسر مستقبلًا واقعيًا في بلدهم، بدلًا من البحث عن فرص في الخارج. فالتأكيد على دور النساء والشباب في بناء السلام يعكس فهمًا استراتيجيًا لطبيعة التغيير في لبنان، إذ أن إشراك هذه الفئات في الحياة السياسية والاجتماعية يمثل عنصر تجديد مهم ويحدّ من هيمنة الفئات التقليدية على السلطة، ويجعل من السلام عملية جماعية حيّة تتنفس في كل مفاصل المجتمع.
على المستوى الإقليمي، تعكس زيارة البابا أبعادًا سياسية واضحة، إذ يمثل لبنان في خطاب البابا نموذجًا للتعايش والتلاقي بين الثقافات والأديان، وهو ما يرسل رسائل قوية تجاه القوى الإقليمية التي قد تسعى لاستغلال الانقسامات اللبنانية لمصالحها الخاصة. فالتأكيد على ضرورة الانفتاح على البعد العالمي مع الحفاظ على الهوية المحلية يعكس دعوة لتوازن العلاقات اللبنانية الدولية، بحيث يظل لبنان لاعبًا مستقلًا قادرًا على الحوار البناء مع القوى الدولية والإقليمية دون الانجرار إلى صراعات خارجية أو تبعية لأجندات أجنبية. هنا أيضًا، يصبح السلام معيارًا للسيادة والاستقلالية، ليس فقط بين اللبنانيين، بل كعامل يحدد دور لبنان في محيطه الإقليمي.
كما أن التركيز على أهمية المصالحة والبقاء في الوطن يشكل أيضًا رسالة للمجتمع الدولي، مفادها أن دعم لبنان يجب أن يهدف إلى تعزيز قدرته على الصمود واستعادة دوره كمساحة سلام في المشرق، وليس مجرد مساعدة مؤقتة قد تغذي الاستقطاب والانقسامات الداخلية. بهذا المعنى، تعيد زيارة البابا التشديد على ضرورة أن يكون لبنان لاعبًا مسؤولًا في المنطقة، قادرًا على الحفاظ على استقلاليته وتعزيز دوره كمساحة للحوار والسلام، بعيدًا عن الضغوط الخارجية التي قد تُسهم في تفاقم الانقسامات الداخلية. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة التصعيد الاسرائيلي يرسم مخاوف أولية على زيارة البابا للبنان Lebanon 24 التصعيد الاسرائيلي يرسم مخاوف أولية على زيارة البابا للبنان
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: زیارة البابا للبنان رسالة سلام لبنان فی فی لبنان Lebanon 24 ت
إقرأ أيضاً: