المغربية ليلى العلمي.. أميركية أخرى تمزج الإنجليزية بالعربية
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
واشنطن- لا شيء في نشأة الكاتبة المغربية ليلي العلمي كان يوحي بأنها تتجه لاقتحام عالم الأدب من بوابة الإنجليزية، خاصة وأن مخيالها تشكل تدريجيا بالاحتكاك بنصوص مكتوبة بالفرنسية لغة المستعمر التي ما تزال تفرض نفسها في المغرب وكثير من المستعمرات الفرنسية الأخرى.
وفي بيئة عائلية ومدرسية تمتزج فيها العربية والفرنسية، تربت ليلي (مواليد عام 1968) وهي تكتشف العالم من خلال القصص المصورة وقصص الأطفال خاصة المكتوبة بالفرنسية قبل أن تكتشف كتابا مغاربة اختاروا لغة موليير وفرضوا أنفسهم محليا ودوليا من قبيل إدريس الشرايبي وعبد الكبير الخطيبي والطاهر بن جلون ومحمد خير الدين.
وعلى هذا المنوال سار عدد كبير من الكتاب المغاربة من جيل ليلى ممن نشؤوا في بيئات شبيهة واختاروا الكتابة باللغة الأم، إلى جانب قلة ممن انجذبوا لهذا السبب أو ذلك للتعبير عن ذواتهم بالفرنسية.
ولكن ليلى لم تكن من هذا المعسكر ولا من ذاك، بل سارت على درب آخر، فلم يكن اختيارا مفكرا فيه ومخططا له من البداية، بقدر ما لعبت فيه الصدفة وإكراهات التحصل الأكاديمي دورا حاسما قبل أن يتحول الأمر إلى مشروع أدبي تبلور وتطور على مدى أكثر من عقدين.
وحاولت ليلى مبكرا أن تكتب بالفرنسية لكن تلك التجربة لم تتمخض عن منجز قابل للعيش أدبيا، قبل أن يتلاشى ذلك المسعى بفعل مسار أكاديمي لدراسة الإنجليزية أخذ الكاتبة بعيدا عن لغة المستعمر وعن لسان الأم قبل أن يأخذها إلى ما وراء المحيط الأطلسي بعيدا حتى عن الوطن الأم.
ومطلع تسعينيات القرن الماضي، حطت ليلى الرحال في الولايات المتحدة لمتابعة دراستها للحصول على درجة الدكتوراه في اللسانيات بجامعة جنوب كاليفورنيا، وكلها أمل في العودة إلى المغرب للعمل أستاذة جامعية.
ولكن القدر شاء أن تصبح ليلى، بعد استكمال دراساتها العليا، مهاجرة دون رغبة منها في ذلك وأن تستقر في بلاد العم سام وتبدأ حياة أكاديمية وأسرية وإبداعية قبل أن تصبح عام 2000 "أميركية" أو واحدة من بين عشرات الملايين ممن سمتهم "مواطنين مشروطين" في كتاب عن معنى الانتماء لأميركا صدر عام 2020 أثناء الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
في أتون هذا المسار التعليمي والحياتي، لم يعد أمام ليلى سوى أن تلوذ بلغة شكسبير، كوسيط لساني كوني ومحايد إلى حد ما، مقارنة بما تحيل إليه الفرنسية من رمزية استلابية وحمولة استعمارية.
إعلانوعن ذلك الخيار، تقول ليلى إنها لم تفكر قط في أن تصبح في وضعية مهاجرة أو أن تكتب روايات بالإنجليزية، وتقر بأن ذلك التحول كان له أثرٌ عميق على تفكيريها الإبداعي والنقدي وانعكس في أعمالها بسطوة تيمات الوطن والهوية واللغة، وبطبيعة شخصيات رواياتها والتي غالبا ما تكون غريبة أو غير متأقلمة مع أي مكان وأحيانا أخرى "خارج المكان".
وعاشت ليلى تلك التجربة من خلال انزياح لغوي وثقافي تحللت فيه من وسيط لساني يجسد ثقلا استعماريا لا يزال ممتدا إلى الآن بأشكال كثيرة، ومن جهة أخرى بقيت مستسلمة لسحر اللغة الأم والثقافة الأصلية.
وتتحدث الكاتبة في تصريحات كثيرة عن تمازج خفي في أعمالها الأدبية بين الإنجليزية كأداة، مشبعة طبعا بحمولة ثقافية خاصة، وبين العربية لغة الحلم والتفكير والتخييل والوعاء الحامل لمخيال جمعي متعدد المشارب والروافد.
وخلال مسار إبداعي ممتدة على مدى عقدين من الزمن فرضت ليلى نفسها في مشهد أدبي وإعلامي مترامي الأطراف ومتنوع التيارات والخلفيات، وأصدرت 6 روايات عن دور نشر وازنة حظيت بإقبال نقدي وإعلامي واسع وحصلت على عدد من الجوائز الأدبية.
ومن وحي تجربتها في الغربة، دشنت ليلى مشوارها الأدبي بمجموعة قصصية بعنوان "الأمل ومساعٍ خطيرة أخرى" (عام 2005) تناولت فيها مأساة 4 مهاجرين مغاربة انقلب بهم قارب مطاطي أثناء محاولة العبور إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق.
وفي عملها الثاني وهو رواية بعنوان "الابن السري" (عام 2009)، عادت ليلى بقرائها إلى مدينة الدار البيضاء لتروي قصة شاب من أحد الأحياء الفقيرة بالمدينة يكتشف هوية والده الحقيقي، فيدخل في متاهة من المعاناة الشخصية والسياسية.
وفي العمل الموالي، امتطت ليلى صهوة التاريخ وعادت قرونا إلى الوراء لتستعيد "ما رواه المغربي" (عام 2014) وهو رواية مستوحاة من قصة حقيقية لأول مستكشف أسود لأميركا، وهو مغربي مُستعبد شارك في حملة نارفايز إلى فلوريدا عام 1528.
وحازت تلك الرواية على جائزة الكتاب الأميركي، وجائزة الكتاب العربي الأميركي، وجائزة هيرستون-رايت للإرث، كما وصلت إلى نصف نهائي جائزة بوكر، ووصلت إلى نهائيات جائزة بوليتزر للرواية.
ومن صفحات التاريخ البعيد، عادت ليلى في رواية "الأميركيون الآخرون" (عام 2019) إلى أحوال المهاجرين في أميركا لتروي قصة مهاجر مغربي توفي في كاليفورنيا، ورصدت ما تكشفه تلك الواقعة عن أوضاع المهاجرين وما تطرحه من إشكاليات اجتماعية ونفسية وحقوقية.
وفي العام الموالي، ابتعدت الكاتبة عن السرد وتطرقت بشكل نقدي لمعنى الانتماء إلى أميركا واختارت لكتابها عنوان "مواطنون مشروطون" (2020) وهو توصيف ينطبق على عشرات ملايين المجنسين في الولايات المتحدة.
وتناقش الكاتبة، أحيانا من وحي تجربتها الشخصية، معنى المواطنة الأميركية والتي غالبا ما تكون تجربة مشروطة تتحكم فيها عوامل من قبيل الأصل القومي والعرق والجنس.
إعلانومن خلال رحلتها الشخصية من مهاجرة إلى مواطنة أميركية، تخلص ليلى إلى أن حقوق المواطنة وحمايتها لا تطبق بشكل عادل وكيف أن المجنّسين يعتبرون في بعض السياقات مواطنين "مختلفين" أو "أميركيين آخرين".
ورغم ذلك المسار الطويل في الكتابة والحياة بأميركا، تعترف ليلى بأنها "ضيفة" على الإنجليزية ولا تزال تشعر بغربة عن تلك اللغة دون أن يكون ذلك عائقا إبداعيا. وتقول إنها حولت ذلك الشعور إلى محفز للإبداع وإنها تتخيل أحيانًا أن شخصياتها تتحاور بالعربية وهي تترجم حديثها إلى الإنجليزية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات قبل أن
إقرأ أيضاً:
خبرة الأحمر تكسب.. كيف تناولت الصحف المغربية تعادل الأهلي مع الجيش الملكي
تعادل الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، مع نظيره الجيش الملكي، بهدف لكل منهما، في المباراة التي أقيمت بينهما، على استاد “الأمير مولاي عبدالله” في الرباط، في إطار منافسات الجولة الثانية من دور المجموعات ببطولة دوري أبطال إفريقيا.
وسجل هدف الأهلي الوحيد محمود حسن تريزيجيه من جملة رائعة، فيما أحرز هدف الجيش الملكي اللاعب بوريكة بعد متابعة من ركلة جزاء شهدت جدلًا تحكيميًا واسعًا.
وشهدت المباراة أحداث مثيرة، بعدما أُحتسب على المالي أليو ديانج، لاعب الأهلي، ركلة جزاء تحدث الجميع عن عدم صحتها بالإضافة إلى إلقاء الجماهير المغربية للزجاجات وسكينة معجون على اللاعب تريزيجيه.
كيف تناولت الصحف المغربية تعادل الأهلي مع الجيش الملكيصحيفة المنتخب المغربية عنونت “خبرة الأهلي تفرض على الجيش الملكي تعادلاً مخيبًا”.
فيما عنونت صحيفة “العلم”: “الجيش الملكي يتعثر أمام الأهلي داخل الديار”.
فيما كتب موقع “البطولة”: “الجيش الملكي يكتفي بالتعادل في ميدانه أمام الأهلي”.