حثّ الشرع الشريف على التداوي وطلب العلاج من الأمراض، وأكد على اتباع الأسباب المشروعة في سبيل الشفاء، إذ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً» [رواه البخاري]. كما ورد عنه أيضًا: «تداووا عباد الله، فإن الله عز وجل لم ينزل داءً إلا أنزل معه شفاءً» [رواه البخاري وأحمد]، ويستند هذا التوجيه النبوي إلى قاعدة شرعية راسخة: أخذ الأسباب في طلب العلاج من الأمور المستحبة، طالما أنها تحقق مصلحة المريض ولا تترتب عليها مضرة غير مقبولة.

 

إجراء العمليات الجراحية برضا المريض

العمليات الجراحية من الوسائل المشروعة للتداوي، ويحتاج بعضها إلى تدخل عاجل لحفظ حياة المريض أو دفع ضرر عن جسده. ويشترط في الأصل أن يتم إجراؤها بموافقة المريض إذا كان بالغًا عاقلًا قادرًا على التعبير عن إرادته، فلا يجوز إجباره أو التصرف في بدنه بدون إذنه، لأن ذلك يُعد اعتداءً محرمًا، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].

وقد أكدت كتب الفقه أن أي تدخل طبي في بدن الإنسان يتطلب إذنه أو إذن وليه إذا كان غير قادر على الإذن، فالاعتداء على جسده من غير إذن يُعد تعديًا، ويترتب عليه الضمان والكفارة عند التلف.

 

التدخل الطبي للمريض فاقد الوعي أو القاصر

إذا كان المريض غير قادر على التعبير عن إرادته أو فاقدًا للوعي، تنتقل صلاحية الإذن الطبي إلى وليه كالأب أو من له ولاية معتبرة، مراعاة لمصلحته وحفظًا لنفسه. ويستثنى من ذلك الحالات الطارئة التي تُهدد حياة المريض أو سلامة جسده، فيجوز للطبيب التدخل دون إذن صريح، مراعيًا القوانين والضوابط الطبية التي تحدد نطاق هذه الحالات.

ويستند هذا الاستثناء إلى القاعدة الشرعية: «الضرورات تبيح المحظورات»، بحيث يكون التدخل ضمن حدود الحفاظ على الحياة أو دفع الضرر، ولا يجوز استخدامه في الإضرار بالمريض أو الإقدام على تدخل لا يحقق مصلحة معتبرة.

 

الولاية على التدخل الطبي وضوابطها

الولاية مقيدة بالمصلحة: فهي للتصرف بما يحفظ حياة المريض وأعضاؤه، لا للإضرار به.

لا يُعتد بإذن غير الولي: إذ التصرف في جسم الإنسان من دون ولاية شرعية يُعد تعديًا.

الحالات الطارئة: إذا وُجدت ضرورة لإنقاذ حياة المريض، يجوز للطبيب التدخل وفق القوانين واللوائح المنظمة.

الموافقة المستنيرة: يجب الحصول عليها كتابيًا من المريض أو وليه، بعد توضيح كافة الآثار والمخاطر المحتملة.

وقد أكد قانون المسؤولية الطبية المصري رقم (13) لسنة 2025 على هذه الضوابط، حيث نص على أنه لا يجوز إجراء أي تدخل جراحي إلا بعد موافقة مستنيرة من المريض أو من وليه في حالة العجز عن الإذن، مع ضرورة وجود تقرير طبي يوضح الحاجة للتدخل في حالة الطوارئ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التداوي حفظ النفس العمليات الجراحية رضا المريض العمليات الجراحية حیاة المریض المریض أو

إقرأ أيضاً:

المطر والصلاة.. هل يجوز أداء الجماعة في البيت؟

مع حلول فصل الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة، يواجه بعض المسلمين صعوبة في الوصول إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة، السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل يجوز الصلاة في البيت عند شدة المطر؟ دار الإفتاء المصرية توضح الرأي الشرعي في هذا الشأن.

 

أهمية صلاة الجماعة في المسجد

حثّت الشريعة الإسلامية على صلاة الجماعة في المسجد لما لها من فضل عظيم ومضاعفة للأجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» (رواه البخاري ومسلم).

صلاة الجماعة لها حكم كبيرة، أبرزها:

إظهار روح الترابط والوحدة بين المسلمين.

عمارة المساجد وتعظيم شأنها.

الانقياد لله والسعي لحضور الخير.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً» (رواه البخاري ومسلم).

 

الصلاة في البيوت عند المطر الشديد

أجاز الشرع للمسلم الصلاة في البيت عند وجود عذر يمنعه من حضور الجماعة في المسجد، مثل سقوط الأمطار الغزيرة أو وجود صعوبة في الطريق.

ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المؤذن في ليلة باردة ممطرة قائلاً: «ألا صلوا في الرحال» أي البيوت والمنازل (متفق عليه).

وينطبق ذلك على جميع الصلوات، بما فيها الجمعة والعيدين، إذا كان المطر شديدًا أو الأرض موحلة تمنع الوصول للمسجد.

 

الأجر للممنوع عن الصلاة في المسجد بعذر

أوضح الفقهاء أن من لم يتمكن من حضور صلاة الجماعة بعذر شرعي، يناله كامل الأجر كما لو صلى في المسجد، ما دام معتادًا على الصلاة ولم يمنعه إلا هذا العذر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر، كتب مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» (رواه البخاري).

كما نصت كتب الفقه الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي على أن المطر الشديد أو الوحل يعتبر عذرًا مشروعًا لترك الجماعة دون نقصان في الأجر.


في الختام، نستنتج أن من يجد صعوبة في الذهاب إلى المسجد بسبب الأمطار الغزيرة يجوز له الصلاة في البيت منفردًا أو جماعةً مع أفراد المنزل، ولا ينقص أجره بل يُكتب له ثواب صلاة الجماعة. وعند انقطاع المطر وارتفاع الحرج، يجب عليه العودة إلى الصلاة في المسجد حفاظًا على مضاعفة الأجر وثواب الجماعة. وبذلك، تكفل الشريعة الإسلامية رفع الحرج عن المؤمنين مع الحفاظ على فضل الجماعة ومكافأتها.

مقالات مشابهة

  • أخبار أسوان: تدخل سريع لتلبية استغاثة سيدة.. وجلسات للعمل الأهلي.. ومُتابعة لمشروعات حياة كريمة
  • ترامب يحذر إسرائيل من “التدخل” في سوريا
  • دعاء للمريض.. الرسول أوصى بـ8 كلمات للشفاء من أي داء فهل تعرفها؟
  • مشيدًا بالرئيس الشرع.. ترامب يحذر إسرائيل من التدخل في سوريا
  • دار الإفتاء: يجوز إخراج الزكاة مساعدةً لمن أراد الزواج
  • هل يجوز الدعاء على النفس بالموت؟.. أمين الفتوى يوضح
  • المطر والصلاة.. هل يجوز أداء الجماعة في البيت؟
  • ما الذي كان يقلق الشرع وإدارة العمليات العسكرية قبل بدء عملية ردع العدوان؟
  • هل يجوز أداء صلاة النافلة في جماعة؟.. الإفتاء توضح