تحليل: الحوثيون لم يعودوا ورقة نفوذ جذابة لطهران
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
أصبحت المؤشرات على تراجع جماعة الحوثيين اليمنية عن ولائها التقليدي لطهران واضحة، وهو ما يثير تساؤلات حادة حول مصير محور المقاومة الإيراني في المنطقة، الذي يعتمد على شبكات وكلاء متحالفة تعمل تحت إرشاد طهران.
تحليل نشرته جريدة العرب اللندنية وأعده الصحفي والباحث صالح أبو عوذل يشير إلى أن الحوثيين لم يعودوا ورقة نفوذ إقليمية جذّابة، وأنهم يدخلون مرحلة تراجع بنيوي، ما يجعل السؤال اليوم ليس ما إذا كانت الجماعة ستنهار، بل من سيملأ الفراغ الذي ستتركه.
تواجه إيران لحظة اعتراف نادرة، فالجماعة التي دعمتها وعززت نفوذها منذ تسعينات القرن الماضي لم تعد تتحرك وفق خطط طهران. إذ تشير مؤشرات من دوائر صنع القرار الإيراني إلى إدراك متزايد بأن الحوثيين خرجوا عن السيطرة، وأن الرهان على تحويلهم إلى "حزب الله يمني" في خاصرة السعودية ودول الخليج فشل عند أول اختبار حقيقي.
هذا التصدع يعكس حالة من الإحباط داخل النظام الإيراني، الذي يرى الآن أن أدواته الإقليمية لم تعد قادرة على تنفيذ التوجهات الاستراتيجية التي رسمتها طهران على مدى عقود. ويأتي هذا في سياق تراجع مماثل في ولاء وكلاء طهران في لبنان والعراق، ما يعكس ضغوطًا سياسية واقتصادية داخل الجمهورية الإسلامية تتجاوز قدرة القيادة على التعامل معها، وتضعف مشروعها الإقليمي بشكل ملموس.
أزمات الحوثيين الداخلية وفقدان الدعم الإقليمي
داخل اليمن، يزداد وضوحًا أن الحوثيين لم يعودوا ورقة جذابة لأي طرف دولي أو إقليمي يمكنه تبنيهم كوسيلة نفوذ أو مساومة. فالأزمات المتراكمة داخل مناطق سيطرتهم – من تدهور الخدمات الأساسية إلى تفشي الفقر والبطالة – تقلل من قيمة الجماعة لدى القوى الإقليمية، وتجعلها أقل قدرة على إقناع المجتمع الدولي بجدوى مشروعها.
وتشير المعطيات إلى أن البديل الأكثر قدرة على إدارة المرحلة المقبلة يتمثل في قوات المقاومة الوطنية، التي تتمتع بقبول شعبي واسع في شمال اليمن ولها علاقات قوية مع الجنوب. ويُنظر إلى المجلس السياسي الذي يقوده الفريق أول طارق صالح كخيار واقعي لإعادة بناء النظام السياسي بعد الحوثيين، واستعادة الدولة من أيدي جماعات مسلحة.
ووصفت صحيفة تلغراف البريطانية ما يحدث بأنه "أكبر انتكاسة استراتيجية للنظام الإيراني منذ سنوات"، إذ أقر مسؤولون كبار بفقدان السيطرة على الحوثيين، آخر أعمدة شبكة وكلاء طهران الإقليمية. وأكد هؤلاء أن الجماعة لم تعد تأخذ أوامرها كما في السابق، ما يكشف شرخًا عميقًا في محور المقاومة.
لمواجهة هذا التراجع، أرسلت إيران قائدًا من قوات القدس، عبد الرضا شهلاي، إلى اليمن لمحاولة استعادة النفوذ، إلا أن جهوده لم تؤتِ أكلها، إذ أن الحوثيين أصبحوا أكثر استقلالية، ويسيطرون على صنعاء بالكامل، يطبعون عملتهم، يجمعون الضرائب، ويديرون المساعدات الدولية وفق مصالحهم، ويستغلون الجغرافيا الوعرة لإخفاء صواريخهم وطائراتهم المسيرة، ما يقلل من الحاجة للرقابة الإيرانية المباشرة.
الهشاشة العسكرية والسياسية للحوثيين
كما أدت سلسلة الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على قيادات الجماعة إلى أزمة قيادة حادة داخل صنعاء، وعززت حالة الشك بين قادة الحوثيين بشأن ولاء بعض الشخصيات، ففرضت رقابة صارمة وحراسات مشددة على المنازل، وقلصت حركة المسؤولين خوفًا من عمليات اغتيال أو تسريب معلومات.
وتظهر هذه الأزمة ارتباكًا داخليًا في إيران نفسها، إذ لم تنجح الوفود الإيرانية في معالجة الخلل، كما أن تدخلات شهلاي فشلت في إعادة الجماعة إلى طاعة كاملة. ويشكل هذا التراجع مؤشرًا واضحًا على ضعف استراتيجيات طهران في التحكم بوكالاتها المسلحة، وهو ما يضع الحوثيين في موقع يمكنهم من فرض إرادتهم، واستقلالية تصعيدية أكبر.
كما يشير تحليلي صحيفة العرب إلى أن الحوثيين يحاولون تعزيز موقعهم عبر دعم جماعات مسلحة في جنوب اليمن، في محافظات مثل المهرة وحضرموت، ما يهدد استقرار المنطقة ويضعف أي تفاهمات إقليمية، بما فيها الاتفاقيات بين طهران والسعودية. وإذا استمر الحوثيون في هذا المسار، فإن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد العنف وربما هزيمتهم في نهاية المطاف، ما يفتح المجال أمام المقاومة الوطنية لتولي إدارة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها.
الواقع يؤكد أن الحوثيين، رغم قدراتهم العسكرية، يواجهون أزمة شرعية واستراتيجية، بينما إيران تعاني من فقدان أدواتها الإقليمية الأكثر فعالية. ويشير التحليل إلى أن الخيار اليمني الواضح يتمثل في إخراج الحوثيين نهائيًا من المشهد السياسي والعسكري، مع إعادة بناء الدولة وفق نموذج جمهوري ديمقراطي، وهو ما قد يشكل نهاية حقيقية لمحور المقاومة الإيراني كما عرفته العقود الماضية في المنطقة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: أن الحوثیین إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تضع الموعد النهائي لتوجيه ضرباتها القادمة إلى إيران
ذكرت فضائية العربية، في تقرير بثته اليوم، أن مصادر امنية إسرائيلية أفادت بأن إسرائيل حددت الموعد النهائي لتوجيه ضرباتها القادمة إلى إيران ليكون في نهاية ديسمبر.
توتر العلاقات بين إسرائيل وإيران
وقال مسؤول أمني إسرائيلي إن طهران "تعمل على استعادة مكانتها التي تضررت عقب الحرب مع إسرائيل".
وحذّر المصدر في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية من أن "الإيرانيين يعيدون التسلح خشية عملية إسرائيلية جديدة داخل أراضيهم، ويعملون على تزويد الحوثيين وحزب الله بالسلاح".
ارتفاع وتيرة تهريب الأسلحة
كما زعم أن "إيران رفعت من وتيرة تهريب الأسلحة إلى مناطق الضفة الغربية.
وأضاف المسؤول الأمني أن "إيران تبذل جهوداً لإعادة بناء قدرات الحوثيين في اليمن، وتقوم بتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية بهدف تنفيذ عمليات داخل إسرائيل.
تسليح سوريا
وحذّر من أن "طهران تعيد تزويد بعض التنظيمات العاملة في سوريا بالسلاح استعداداً لاحتمال مواجهة مع إسرائيل".
وحول الوضع في لبنان، قال المصدر الأمني إن إيران تدرك أن إسرائيل ستضطر للتحرك بعد 31 ديسمبر، وهو الموعد المحدد لتجريد حزب الله من سلاحه، وختم قائلاً إن إيران في سباق تسلّح يثير قلق الأجهزة الأمنية.