دخل المشرفون على إمدادات الطاقة في الولايات المتحدة فصل الصيف هذا العام، وهم قلقون بشأن صحة الشبكة الكهربائية، محذرين من أن الحرارة الشديدة قد تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وهو ما حدث في الكثير من البلدان حول العالم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، ولكن بدلاً من ذلك، نجت الشبكة الأمريكية خلال شهرين من أكثر الأشهر ارتفاعا بدرجات الحرارة، والتي تعد أعلى درجات تم تسجيلها على الإطلاق.

الاستقرار المفاجئ للشبكة الأمريكية ليس له تفسير بسيط، ولم تكن هناك ضمانات بأن المرافق ستكون قادرة دائمًا على إبقاء الأضواء مضاءة، ومكيفات الهواء، مع استمرار ارتفاع درجة حرارة المناخ، ولكن تجربة هذا الصيف، كشفت عن خطوات ساهمت بقوة لتجنب أمريكيا تلك الأزمة.

وقد لعبت توربينات الرياح الجديدة والألواح الشمسية والبطاريات، دورا رئيسيا في دعم الشبكة في الأيام الأكثر حرارة، لكن محطات الغاز الطبيعي والفحم، ظلت حجر الأساس في مد الشبكة بالكهرباء، وهنا نرصد كيف استطاعت واشنطن صياغة روشتة لتلك الأزمة؛ وذلك استعدادا للصيف المقبل، والمتوقع أن يكون أكثر سوءا. 

 

الصيف القادم أسوأ 

 

وفقا لما نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، هناك توقع لفصول صيف أكثر سخونة في المستقبل، وأن القادم أسوأ، حيث قد تؤدي المضاعفات الإضافية إلى زيادة العبء على إمدادات الكهرباء، مثل الظروف المناخية التي تعيق إنتاج الرياح والطاقة الشمسية وارتفاع الطلب على الطاقة بسبب زيادة استخدام السيارات الكهربائية والأجهزة الكهربائية.

ويقول مشغلو الشبكة والمرافق العامة إنهم أكثر استعدادًا مما كانوا عليه في السنوات الماضية لمواجهة الطقس القاسي، ولكن لعب القليل من الحظ دورًا في الإشارة إلى أن الاستجابات لفصول الصيف الحارة في المستقبل قد لا تكون بالضرورة ناجحة جدًا، وهنا يقول مارك أولسون، مدير تقييمات الموثوقية في شركة North American Electric Reliability Corp، وهي هيئة مراقبة الشبكة الوطنية: "إننا نرى الشبكة تعمل عند الحدود الخارجية لقدراتها، فما بالنا بالمستقبل المتوقع أن يكون أشد تحديا".

ولكشف الروشتة التي تم صياغتها من تجربة شبكة الكهرباء الأمريكية، نرصد تفاصيل ما تم هذا الصيف.

 

مساهمة الطاقة الخضراء 

بالتأكيد كان للطاقة الخضراء دورًا رئيسيًا لمواجهة الأزمة، ففي بداية أغسطس، كان لدى الولايات المتحدة حوالي 237 ألف ميجاوات من وحدات تخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات على نطاق المرافق، بزيادة 12% عن نفس الوقت من العام الماضي، وفقًا لجمعية الطاقة النظيفة الأمريكية، ومن ذلك، تمت إضافة 10 آلاف ميجاوات في النصف الأول من عام 2023، وفي نهاية عام 2022، كانت قدرة الشبكة الأمريكية بأكملها تزيد عن 1.1 مليون ميجاوات.

ومع هذا النوع من الحجم؛ ليس من المستغرب أن تلعب الطاقة المتجددة دورًا أكبر من أي وقت مضى في الحفاظ على الأضواء، ولكن المؤيدين يقولون إن الأمر المهم أيضًا هو كيفية أداء مصادر الطاقة الخضراء، وهنا يقول جريجوري ويتستون، الرئيس التنفيذي للمجلس الأمريكي للطاقة المتجددة: "لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب التقنيات التمكينية مثل تخزين الطاقة، توفر مصدرًا أكثر مرونة للطاقة من خلال الظواهر الجوية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد والتي نشهدها مع تغير المناخ".

 

أرقام قياسية من الطاقة الشمسية جسدت حلا مثاليا للتعامل مع الحرارة

وفقًا لموقع Grid Status، وهو موقع يتتبع شبكات الطاقة، سجلت جميع شبكات الطاقة في البلاد أرقامًا قياسية في توليد الطاقة الشمسية هذا الصيف، وبعد أسبوع واحد في أواخر أغسطس، عندما سجل مشغل شبكة إقليمي يسمى Southwest Power Pool سجلات الحمل الأقصى على الإطلاق لثلاثة أيام متتالية وسط موجة حارة، كانت مصادر الطاقة المتجددة تساهم بما يتراوح بين 10 و20% من التوليد في أوقات الذروة، إلى حد كبير من الرياح.

والعديد من مشغلي الشبكات- بما في ذلك تلك الموجودة في كاليفورنيا وأخرى في الولايات المتحدة الوسطى- سجلوا أيضًا أرقامًا قياسية هذا الربيع بالنسبة لنسبة مصادر الطاقة المتجددة التي تخدم أحمال الكهرباء، وقال ويتستون إن الدور الكبير الذي تلعبه مصادر الطاقة المتجددة هذا الصيف يجب أن يساعد في معالجة "الشكوك والقلق" من أن المزيد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية يعني التضحية بالموثوقية، فالواقع هذا العام أثبت خطأ تلك الرؤية.

 

التخطيط مهم لتجنب طوارئ المناخ وهنا يحالفك الحظ

وتكشف الصحيفة الأمريكية، أن الحظ ساعد الشبكة الكهربائية الأمريكية على تجنب كوارث هذا الصيف، ولكن يجب أن يكون هناك مخطط لتجنب طوارئ المناخ، فقد أظهرت بعض الدراسات أن تغير المناخ يمكن أن يسبب أوقاتًا لا تهب فيها الرياح، وقالت أبحاث أخرى إن تغير المناخ قد يؤدي إلى هبوب المزيد من الرياح الشديدة التي يمكن أن تلحق الضرر بالتوربينات وخطوط النقل وأعمدة الكهرباء، وهنا تقول جولي لوندكويست، أستاذة علوم الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة كولورادو في بولدر، إنه لا يوجد إجماع واضح حول ما سيحدث لموارد الرياح في ظل تغير المناخ، وأن هذا لا يعني أن الرياح ستفقد قيمتها ببساطة.

وتوضح لوندكويست في تقرير لها: "وجهة نظري الشخصية هي أن تكنولوجيا طاقة الرياح ستتغير وتتطور، لذلك حتى لو تباطأت الرياح قليلاً، فإن التكنولوجيا ستتحسن بحيث سنظل قادرين على الاعتماد على الرياح كجزء من محفظة الطاقة لدينا، ولتحقيق هذه الغاية، فيجب أن يكون مشغلي الشبكات أذكياء في التخطيط وتحديث التكنولوجيا، وبذلك سيكونون أكثر استعدادًا للاستفادة من فترات الاستراحة التي تظهر، وإعادة تجديد الشبكة، وصيانتها، وما حدث هو أن مشغلى الشبكة استغلوا كل وقت ممكن لتطوير الشبكة قبل الأزمة، لذلك فإن الصيف كان بمثابة تذكير بأنك تصنع حظك بنفسك وتجني الفوائد.

وتقول مجموعات الطاقة النظيفة إن الحاجة إلى التكيف يجب أن تأتي مع استثمارات جديدة لدعم الشبكة، فمن الممكن أن يساعد تخزين المزيد من الطاقة في تجنب الانخفاضات في إنتاج الطاقة المتجددة، ويمكن للاستثمارات في النقل أن تساعد المناطق على تقاسم الموارد، مما يجعل الأجزاء الفردية من البلاد أقل اعتمادا على الطقس دون الاعتماد على محطات الوقود الأحفوري.

 

ماذا عن الوقود الأحفوري؟

 

وفيما يخص محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري، فليس من غير المألوف أن تتعطل محطات الغاز والفحم التي تعمل بأقصى طاقتها في ظل الحرارة الشديدة، وبعضها ينهار كما هو متوقع مع استمرار الحرارة هذا الصيف، لكن الوقود الأحفوري لا يزال يمثل حصة كبيرة من الطاقة في أمريكا كما في العديد من دول العالم، ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ظل الغاز الطبيعي المصدر الأول لتوليد الطاقة في جميع أنحاء البلاد ويمثل حصة أكبر من الكهرباء مقارنة بالصيف الماضي، ووجد بحث أجرته شركة البيانات ريفينيتيف أن حصة الغاز من الطاقة في الفترة من يناير حتى منتصف أغسطس بلغت 42.4 في المائة

وكان الفحم والطاقة النووية المصدرين التاليين الأكثر إنتاجية، على الرغم من أنهما تبادلا المواقف في بعض الأحيان، ويقول سكوت آرونسون، نائب رئيس الأمن والاستعداد لمعهد إديسون للكهرباء، الذي يمثل المرافق، إن هذا يعني أن الوقود الأحفوري أظهر قيمته في تحقيق التوازن بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الأوقات التي لا تهب فيها النسائم ولا تشرق الشمس، ومع تحولات الشبكة، فإنه من المهم إبقاء محطات توليد الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري سريعة البدء متصلة بالإنترنت لضمان الموثوقية.

 

هذا ما يمكن فعله لمنع انقطاع التيار الكهربائي بالمستقبل

 

ونظرًا لتجربة 2023، مع تحطم الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، فإن المرافق الأمريكية، تخطط لمزيد من فصول الصيف مثل هذا الصيف، فبدلاً من قضاء يوم أو يومين عندما يقوم العملاء بتشغيل مكيف الهواء الخاص بهم ودفع الشبكة إلى أقصى حدودها، يخطط المشغلون لهذه الظروف لفترات طويلة، حيث إنهم يعتمدون أكثر على أدوات مثل برامج الاستجابة للطلب، والتي تشجع العملاء على خفض استخدامهم للطاقة خلال أوقات الذروة، وعلى سبيل المثال، حطمت شركة أريزونا للخدمات العامة، أكبر شركة مرافق في الولاية، الرقم القياسي للطلب سبع مرات خلال فترة هذا الصيف عندما تجاوزت درجات الحرارة 110 درجات، حسبما قال جوستين جوينر، نائب رئيس إدارة الموارد في الشركة.

وقال جوينر: "ما نراه الآن هو اتجاه، وليس حالة شاذة، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، تستعد الشركة لأحمال ذروة أعلى وتجد طرقًا للحصول على طاقة إضافية في حالة انقطاع التيار الكهربائي أو الارتفاع غير المتوقع في الطلب، ويتضمن ذلك زيادة تخزين البطارية بالإضافة إلى الاستجابة للطلب، وتتطلع بعض الشبكات أيضًا إلى محطات طاقة افتراضية، والتي تسمح للعملاء بتجميع بطارياتهم المنزلية الصغيرة ومركباتهم الكهربائية لتزويد الشبكة بالكهرباء.

وذكر تقرير صدر في مايو من المختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادئ أنه مع تسارع تغير المناخ، فإنه من الضروري أن تنظر المرافق في سيناريوهات متعددة... بما في ذلك تلك التي تقع خارج تحليل السيناريوهات التقليدية القائمة على التاريخ لصياغة الخطط ، وقد يحتاج المشغلون أيضًا إلى التفكير بشكل مستقل، نظرًا لأن موجات الحرارة الممتدة على مستوى الولاية يمكن أن تقلل من القدرة على استيراد الطاقة التي كانت تقدم المساعدة تقليديًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصادر الطاقة المتجددة الوقود الأحفوری الطاقة الشمسیة تغیر المناخ طاقة الریاح هذا الصیف الطاقة فی من الطاقة أن یکون

إقرأ أيضاً:

عاجل- الرئيس السيسي يوجه بتكثيف جهود جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الشبكة القومية

اجتمع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025، بمدينة العلمين الجديدة، مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، لمتابعة تطورات تنفيذ خطة وزارة الكهرباء، وبحث الجهود الرامية لتوسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتطوير الشبكة القومية للكهرباء.

الطاقة المتجددة ومزيج الطاقة محور النقاش الرئاسي

وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الاجتماع تناول بشكل أساسي تطورات تنفيذ مزيج الطاقة في مصر، والتركيز على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وبطاريات التخزين، إلى جانب جهود تحسين كفاءة الطاقة وترشيدها، والتشغيل الاقتصادي لمحطات الكهرباء بما يحقق وفرًا في استهلاك الوقود.

عاجل- الرئيس السيسي يتابع خطة الكهرباء والطاقة المتجددة: تعزيز مزيج الطاقة ورفع كفاءة الشبكة القومية وزير الكهرباء يعلن أمام الرئيس السيسي.. إدخال 2000 ميجاوات من الطاقة المتجددة باستثمارات 2.3 مليار دولار

كما شمل النقاش مستجدات مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي، وتوسيع شبكة نقل الكهرباء لاستيعاب قدرات جديدة، فضلًا عن رفع كفاءة شركات التوزيع وتخفيض معدلات فقد الطاقة.

وزير الكهرباء: إدخال 2000 ميجاوات باستثمارات 2.3 مليار دولار

استعرض المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء، أبرز الإنجازات والخطط المستقبلية، موضحًا أنه تم إدخال قدرات جديدة تقدر بـ 2000 ميجاوات من الطاقة المتجددة، باستثمارات تقارب 2.3 مليار دولار، وذلك ضمن خطط الوزارة للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة.

وأضاف أن الوزارة تنسق بشكل دائم مع وزارة البترول والثروة المعدنية لضمان توافر احتياجات الوقود لمحطات الكهرباء، إلى جانب مواصلة تنفيذ برامج الصيانة الدورية وتحسين كفاءة التشغيل.

 

توطين الصناعات الاستراتيجية في قطاع الطاقة

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الاجتماع تطرق كذلك إلى جهود توطين الصناعة المحلية في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، من خلال التعاون مع كبرى الشركات الأجنبية لتصنيع بطاريات التخزين وتوربينات الرياح داخل مصر، بما يسهم في تعزيز نقل التكنولوجيا ودعم التصنيع المحلي.

 

قدرات الطاقة المتجددة الحالية وتقديرات عام 2030

استعرض وزير الكهرباء الوضع الحالي لقدرات الطاقة المتجددة، والتي تشمل الرياح والطاقة الشمسية والمصادر المائية، بإجمالي قدرات تصل إلى 8031 ميجاوات.

كما قدم تقديرات مستقبلية لقدرات الطاقة المتجددة المستهدفة وفقًا لـ "استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة"، متوقعًا دخول قدرات جديدة على الشبكة القومية بحلول يونيو 2028.

متابعة مشروعات استراتيجية كبرى

تناول الاجتماع أيضًا مستجدات مشروع المحطة النووية بالضبعة، بالإضافة إلى آخر تطورات مشروع الربط الكهربائي المصري السعودي، والذي تصل قدرته إلى 3000 ميجاوات باستثمارات تقدر بـ 1.8 مليار دولار، ومشروع الربط الكهربائي المصري اليوناني، الذي يُعد أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية في مجال الطاقة الإقليمية.

 

الرئيس السيسي: ضرورة جذب الاستثمارات وتعزيز كفاءة منظومة الطاقة

في ختام الاجتماع، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكثيف الجهود الحكومية لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لقطاع الطاقة المتجددة، مؤكدًا ضرورة العمل على استدامة الإمدادات الكهربائية للشبكة القومية، وتوفير الدعم اللازم للقطاعات الصناعية والخدمية.

مقالات مشابهة

  • انقطاع الكهرباء عن 75 ألف منزل في فرنسا بفعل العواصف
  • المكلا تغرق في الظلام بعد خروج محطات الكهرباء عن الخدمة
  • وائل الذياب : هكذا تستخدم المكيف بكفاءة وتقلل استهلاك الكهرباء في الصيف .. فيديو
  • عدن تختنق في الظلام.. وفاة امرأة بسبب انقطاع الكهرباء وسط صمت حكومة المرتزقة
  • وفاة امرأة نتيجة انقطاع الكهرباء في عدن
  • وفاة امرأة في عدن جراء انقطاع الكهرباء
  • الرئيس السيسي يجتمع بمدبولي ووزير الكهرباء .. الأرصاد تحذر المواطنين من الطقس .. أخبار التوك شو
  • عاجل- السيسي يوجه بمواصلة تحسين خدمات الكهرباء وتحديث الشبكة القومية في جميع المحافظات
  • عاجل- الرئيس السيسي يوجه بتكثيف جهود جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الشبكة القومية
  • عاجل- الرئيس السيسي يتابع خطة الكهرباء والطاقة المتجددة: تعزيز مزيج الطاقة ورفع كفاءة الشبكة القومية