قال الكاتب اليساري جدعون ليفي إن الجيش الإسرائيلي تحول من "جيش الشعب" إلى "جيش الرب" مُسلطاً الضوء على المخاطر الكامنة في حملة "من أجل يهودا" الجديدة التي تديرها كتيبة يهودا.

وأضاف أن هذا التحول يحدث في الوقت الذي تنشغل فيه الأوساط الليبرالية بقضية تجنيد اليهود الأرثوذكس المتطرفين (الحريديم) بينما يرسّخ الجيش توجهاً أكثر خطورة يتمثل في إحاطة نشاطه العسكري بغلاف عقائدي توراتي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لاجئو سوريا بالأردن بين العودة إلى وطن مدمر أو البقاء في فقر مدقعlist 2 of 2تقرير يكشف تحايل نشطاء مؤيدين لإسرائيل لكسب الإعلام الأميركيend of list

وفي مقاله بصحيفة هآرتس يحمل عنوان "عندما يصبح الجيش واعظاً: مخاطر حملة "من أجل يهودا" الإسرائيلية، كتب يقول إنه في الوقت الذي يقاتل فيه المعسكر الليبرالي "حتى آخر قطرة دم" في معركة تجنيد اليهود الحريديم، يغلق الجيش إذاعته وينشئ وكالة سفر دينية باسم "جولات الجيش الإسرائيلي” تقدّم مجموعة من الزيارات إلى "الرب وأرض الميعاد".

غياب أي ذكر للفلسطينيين في الحملات الدعائية للجيش يعكس رؤية خطيرة تتعامل معهم على أنهم "غير موجودين" الأمر الذي يسهّل استمرار القمع والعنف بحقهم.

 

ويوضح المقال أن الوكالة تجمع الجنود والمدنيين في رحلات ميدانية داخل الضفة الغربية المحتلّة، وتقدَّم خلالها روايات أسطورية لتفسير سبب وجود الجيش هناك، متجاهلة تماما الفلسطينيين وسكان الأرض الأصليين.

ويرى الكاتب أن هذه الجولات تغسل أدمغة الجنود وتُقوّي قناعات مسيانية يهودية، تجعلهم أكثر استعدادا لممارسة العنف ضد الفلسطينيين، سواء على الحواجز أو خلال عمليات الاعتقال والمداهمة.

ويشير ليفي إلى أن جنرالات بالجيش -مثل العقيد شاحر بركاي قائد لواء يهودا، والعقيد أريئيل غونين قائد لواء السامرة- يُلقون خطبا دينية حول "لماذا نحن هنا؟" وكأنهم رجال دين وليس كونهم قادة عسكريين، بينما يتحدث الضباط الصغار عن "تعزيز القدرات على تنفيذ المهام" بعد تلقي هذه الجرعات الأيديولوجية.

إعلان

ومن وجهة نظره فإن الرسالة الأساسية للحملة أن وجود شخصيات توراتية في مناطق معينة قبل آلاف السنين يبرر وجود الجيش الحالي، وأن هذه السرديات تُستخدم لتبرير القتل والعنف والاحتلال.

ويحذر المقال من أن غياب أي ذكر للفلسطينيين بهذه الحملة يعكس رؤية خطيرة تتعامل معهم على أنهم "غير موجودين" الأمر الذي يسهّل استمرار القمع والعنف بحقهم.

جيش للشعب تحوّل إلى جيش الرب لا يهتم بالأغلبية أو الأقلية، ولا بالحقيقة أو الخيال

ومع أن الجمهور الأوسع ربما لا يقبل هذا الطرح، إلا أن "جيشاً للشعب تحوّل إلى جيش الرب لا يهتم بالأغلبية أو الأقلية، ولا بالحقيقة أو الخيال" على حد تعبير الكاتب.

ويخلص ليفي إلى أن الحقيقة وراء الوجود العسكري ليست دينية ولا تاريخية، بل هي الاحتلال بالقوة والطمع بالأرض والرغبة في الانتقام، وكل ما عدا ذلك محض دعاية تغسل أدمغة الأجيال الشابة داخل الجيش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات جیش الرب

إقرأ أيضاً:

حسين سري باشا .. رجل الدولة الذي صمت فأنقذ مصر من العواصف

أحيانا يقف التاريخ أمام بعض الشخصيات ليمنحها مساحة لا يحصل عليها إلا القليلون؛ مساحة تستحقها تلك الوجوه التي حملت على كتفيها هم الوطن، وعاشت لحظات كانت فيها مصر في أمس الحاجة إلى رجال يعرفون قيمة الكلمة ووزن القرار. 

ومن بين هؤلاء يجيء اسم حسين سري باشا، ذلك الرجل الذي قد لا يتردد اسمه كثيرا على ألسنة الناس اليوم، لكنه ترك أثرا لا يمكن تجاهله في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ مصر الحديث. 

وكلما نظرت إلى تجربته شعرت أن هذا الوطن لم يقم فقط على أمجاد الزعماء الكبار الذين تصدروا المشهد، بل قام أيضا على رجال وقفوا خلف الكواليس، يتحركون بحكمة، ويعملون بصمت، ويقودون البلاد في ظروف كانت كفيلة بإغراق أي دولة أخرى في الفوضى.

كان حسين سري باشا واحدا من أبناء مصر الذين شكلوا جزءا من عمودها السياسي في زمن الوفد، زمن الصراعات والمفاوضات، وزمن الأحلام الكبيرة التي كانت تفتش عن واقع يليق بها. 

تولى مناصب عدة، بعضها كان إداريا، وبعضها تنفيذيا، لكنه في كل مرة كان يثبت أنه رجل يعرف معنى المسؤولية، وأن المنصب عنده لم يكن ترفا سياسيا، بل تكليفا وواجبا وامتحانا لضمير الإنسان قبل عقله. 

وفي كل موقع جلس فيه كان يحاول – بقدر ما يمتلك من حكمة وحنكة – أن يمسك العصا من المنتصف في زمن لم يكن يمسك فيه أحد شيئا من أي طرف.

ما يدهشني دائما في تجربة هذا الرجل ليس المناصب التي تولاها، بل الطريقة التي تعامل بها مع هذه المناصب، لم يكن يسعى إلى صخب أو شهرة، بل كان يؤمن أن خدمة مصر هي في الأساس فعل يومي، قرارا بعد قرار، خطوة وراء خطوة، حتى لو لم يصفق له أحد. 

وربما لهذا تحديدا لم يرتبط اسمه في الوعي العام بصور الاحتفالات والخطب، بل ارتبط عند الباحثين وأهل السياسة بفكرة رجل الدولة، الرجل الذي يعمل ليلا ونهارا لكي تبقى المؤسسات قائمة، ولكي تستمر عجلة الدولة في الدوران رغم العواصف التي كانت تحيط بها من كل اتجاه.

وفي وقت كان فيه الصراع بين القوى السياسية على أشده، وبين الاحتلال والشعب يشتعل كالنار في الهشيم، لم يكن سري باشا مجرد متفرج. 

كان طرفا من أطراف بناء الدولة، واحدا ممن حاولوا – في حدود الممكن – أن يدفعوا سفينة مصر إلى الأمام، وأن يجنبوا البلاد ما استطاعوا من مخاطر. 

ولعل هذه القدرة على القيادة في لحظات الخطر هي التي جعلته يحظى بالاحترام، حتى من الذين اختلفوا معه سياسيا، فمصر في تلك الحقبة لم تكن تحتاج فقط إلى مواقف صدامية، بل كانت تحتاج إلى عقول باردة تعرف قيمة التوازن، ورجال يمتلكون هدوءا يسمح لهم باتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.

أتأمل سيرته فأرى فيها شيئا من تلك الروح المصرية التي تؤمن بأن الوطن أكبر من الأشخاص، وأن بقاء الدولة هو الأساس مهما اختلفت الاتجاهات. 

كان يؤمن بأن مصر تستحق أن تدار بحكمة، وأن مستقبلها لا يجب أن يترك للصدامات أو المغامرات غير المحسوبة، وربما لهذا السبب كان وجوده داخل الحياة التنفيذية والإدارية مهما وضروريا؛ فقد كان يمثل صوتا عاقلا وسط ضجيج المواقف، ورجلا يعرف أن صلابة الدولة ليست في الشعارات بل في القدرة على إدارة شؤونها اليومية بحزم واعتدال.

ولأنني أرى أن الذاكرة الوطنية لا يجب أن تكتفي بذكر أصحاب الأضواء وحدهم، فإن استعادة سيرة حسين سري باشا اليوم ليست مجرد استرجاع لاسم من الماضي، بل هي استعادة لدرس من دروس الوطنية المصرية التي تعلمنا أن الوطن يبنى بأدوار مختلفة، بعضها يكون فوق المسرح وبعضها خلف الكواليس، لكن قيمتهما واحدة لأن الهدف واحد، أن تبقى مصر صامدة، واقفة، مرفوعة الرأس في وجه الزمن. 

ومن هنا أشعر بأن الحديث عنه ليس ترفا تاريخيا، بل واجبا تجاه جيل يحتاج أن يعرف أن الوطنية ليست صراخا ولا شعارات، بل هي عمل متواصل وصبر طويل وضمير يضع مصر في المقدمة.

إن تجربة هذا الرجل، بكل ما فيها من هدوء وأثر، تظل شاهدا على أن مصر كانت دائما وأبدا تنجب رجالا يفهمون معنى السلطة كمسؤولية لا كامتياز، ومعنى الوطن كحقيقة يجب أن نحميها لا مجرد كلمة نرددها. 

ولهذا أكتب اليوم عن حسين سري باشا بقدر كبير من الاحترام والاعتزاز، لأن مصر لم تتقدم فقط بهؤلاء الذين دوى صوتهم في الميادين، بل تقدمت أيضا بمن اختاروا أن يحملوا عبء الدولة على أكتافهم ويكملوا الطريق في صمت، من أجل هذا البلد الذي نحبه وننتمي إليه ونفتخر بتاريخ رجاله مهما اختلفت مواقعهم.

مقالات مشابهة

  • شرطة الاحتلال تعتقل أحد مواطنيها بتهمة التخابر مع إيران
  • ما الذي يحدث للجسم بعد 24 ساعة بلا نوم؟.. خبراء يجيبون
  • البابا ليو الرابع عشر للبنانيين: لقد منحكم الرب جمالا نادرا فلا تيأسوا!
  • حسين سري باشا .. رجل الدولة الذي صمت فأنقذ مصر من العواصف
  • الرجل الذي حطم بي بي سي
  • عاجل| الجيش الإسرائيلي: أنباء عن عملية دهس وقواتنا تهرع إلى منطقة مفرق يهودا قرب الخليل
  • الجنّي الذي تخلّى عن قصائده
  • إسرائيل تتوغل في الجنوب السوري.. قائد القيادة الشمالية في الجيش: نعمل استباقياً ضد التهديدات
  • العسكر في غينيا بيساو يمنعون المظاهرات قبيل زيارة إيكواس