9 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: تهوي الأسئلة الأولى كسهام دامية فوق المشهد العراقي وهي تلاحق مصير مذكرتي القبض ضد نور زهير وهيثم الجبوري، فيما يعود شبح سرقة القرن ليطل برأسه من جديد في ذكراها السنوية’ وسط ذهول الشارع الذي لم يعد يصدّق أي رواية رسمية بعد سلسلة الخيبات المتلاحقة.

و تكشف التفاصيل المتراكمة كيف تحوّلت الوعود الحكومية إلى مجرد مشاهد باهتة، منذ اللحظة التي وقف فيها رئيس الحكومة بين أكوام الأموال المصادرة معلناً بلغة المنتصر أن الدولة استعادت الحقوق، قبل أن يكتشف العراقيون أن تلك الصورة كانت مجرد لقطة عابرة لم تغيّر شيئاً في مصير المتهمين ولا في مسار تلك الفضيحة.

وتتقدّم الوقائع نحو مشهد أكثر التباساً حين ظهر النائب مصطفى سند بثقة الملاحقين للعدالة، مرتدياً معطفه الفاخر في موسكو ومتوعداً بإحضار نور زهير إلى بغداد في نوفمبر 2024، قبل أن تتبخر الوعود وتضيع التفاصيل بين صمت مؤسسات الدولة وتضارب التصريحات التي أعادت إلى الأذهان تراجيديات سياسية مماثلة لم تكتمل فصولها.

وبينما يزداد الغضب الشعبي، يتردد السؤال الأكثر مرارة: لماذا أُفرج عن نور زهير في عهد الحكومة الحالية بعد أن كان معتقلاً؟ وكيف اختفت إجراءات الحجز على أمواله وعقاراته وعقارات زوجته كأن شيئاً لم يكن؟ وما الذي جعل القيود القانونية تتهاوى فجأة أمام شخصية متهمة بسرقة تعدّ الأكبر في تاريخ البلاد؟

وتتدافع المشاهد لتظهر سرقة القرن كرمز للفوضى السياسية، مسرح عبث تتداخل فيه المصالح، فيما يقف المواطن العراقي مذهولاً أمام قضية كان يفترض أن تكون درساً في المحاسبة، فإذا بها تتحول إلى استعراض نفوذ يكشف هشاشة الدولة أمام منظومة الفساد.

وتعصف الأسئلة بقوة أكبر حين خرج نور زهير في مقابلة تلفزيونية يتحدث بثقة المظلوم، قبل أن يختفي عن جلسة محاكمته ويظهر لاحقاً خارج الحدود، في خطوة هزّت ما تبقى من ثقة الجمهور بالمؤسسات. وكيف استطاع الإفلات؟ ومن فتح له الأبواب؟ وأي يد غامضة رفعت القيود التي قيل يوماً إنها لن تُرفع؟

ويتصاعد الاستياء الشعبي ليعلن بوضوح أن الزمن لم يعد زمن الصمت، وأن المهزلة تجاوزت حدود الاحتمال، بينما تقف الحكومة والقوى المتنفذة أمام سؤال واحد يحاصرها: هل تظن فعلاً أن العراقيين سينسون؟.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: نور زهیر

إقرأ أيضاً:

الرجوب يرد في حوار مع عربي21 على خطة واشنطن لغزة.. حل الدولتين أو لا سلام

أكد جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أن أي صيغة دولية لتشكيل قوة خاصة بإحكام قطاع غزة قبل نهاية العام، كما أعلنت الولايات المتحدة، ستكون مضيعة للوقت إذا لم ترتكز على وحدة الأراضي الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، ووقف فوري لكل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية على كل الأراضي الفلسطينية من رفح إلى جنين، وتوفير أفق سياسي واضح لإنهاء الصراع من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي حوار حصري مع "عربي21"، شدد الرجوب على أن استبعاد السلطة الفلسطينية من أي مبادرة دولية بشأن غزة وعدم التشاور معها حول مستقبل القطاع لا يقلل من مكانة السلطة أو مرجعيتها الوطنية، قائلاً: "السلطة هي عنوان ومرجعية الحالة الوطنية الفلسطينية، رغم الحاجة إلى إصلاحات تتم وفق مصلحة وطنية ومبادرة فلسطينية". وأضاف أن إنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بين الضفة وغزة هو الخطوة الأساسية لتثبيت شرعية النظام الفلسطيني وإحباط محاولات البعض لتكريس الانقسام بهدف إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية.

وتطرق الرجوب إلى ما اعتبره أجندات الإدارة الأمريكية الأخيرة، مشيراً إلى أنها تتعارض مع القيم الأمريكية والمصالح الفلسطينية، وقال: "ما تقدمه أمريكا لا يعبر عن قيمها ولا يحمي مصالحها، بل يخدم مصالح اليمين الإسرائيلي المتطرف، وعلى رأسه نتنياهو، الذي يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي والسلم العالمي". وأوضح أن المجتمع الدولي يقع على عاتقه مسؤولية تحديد مصالحه الحقيقية والعمل على حماية حقوق الشعوب، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتحقيق سلام دائم قائم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وحل قضية اللاجئين.

ورداً على ضعف السلطة الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة، أكد الرجوب أن السلطة والقوى الفلسطينية مطالبة بمراجعة أدائها واستخلاص الدروس لبناء أفق مستقبلي، مشدداً على أن ما لدى الفلسطينيين هو وحدتهم وصمودهم ومؤسساتهم الوطنية، وأن ذلك يمثل الطريق الوحيد نحو تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

وأشار الرجوب إلى أن السلطة الفلسطينية تسعى لتعزيز الديمقراطية الداخلية، من خلال بناء نظام موحد يعتمد على سلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح واحد، وشرطة واحدة، مؤكداً أن الحلول يجب أن تأتي عبر صناديق الاقتراع وليس عن طريق صناديق الرصاص، لافتاً إلى أن الوحدة الوطنية ومفهوم الشراكة هما الأساس لمواجهة الاحتلال وفرض مصالح الشعب الفلسطيني.

وتأتي تصريحات الرجوب في وقت تتصاعد فيه التوترات حول غزة، وسط محاولات دولية لتشكيل قوة متعددة الأطراف للإشراف على القطاع، في حين يصر الفلسطينيون على أن أي حلول مستدامة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مراعاة سيادة الدولة الفلسطينية ووحدة نظامها السياسي وإنهاء الانقسام الداخلي، وهو ما يشدد عليه الرجوب كخطوة استراتيجية لا غنى عنها لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.


مقالات مشابهة

  • ترامب يتهم “نيويورك تايمز” بالخيانة.. والصحيفة ترد: الشعب يستحق الاطلاع على صحة القائد الذي انتخبه
  • مستشار حكومي:الحكومة لا تمتلك صلاحية الاقتراض في ظل غياب السلطة التشريعية
  • في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة
  • المحكمة العليا الأمريكية على أعتاب قرار تاريخي يمنح الرئيس سيطرة أوسع على مؤسسات الدولة المستقلة
  • قموه يذكّر الحكومة بهبة نيسان
  • قموه يحذر الحكومة من تكرار هبة نيسان ويعترض على الموازنة
  • روبيو يشيد بالخطوات التي اتخذتها حكومة الشرع في سوريا
  • هشاشة التوافق الشيعي: الصراع على رئاسة الحكومة يفتح أبواب الشلل السياسي  
  • الرجوب يرد في حوار مع عربي21 على خطة واشنطن لغزة.. حل الدولتين أو لا سلام