هل أنت شخصية مدمنة على التوتر؟.. إليك الحل
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
عمان- مع ضغوط العمل، ومتابعة مدارس أطفالنا، ورعاية الآخرين، والمسؤوليات التي تتراكم، قد تصبح الحياة مليئة بالتوتر، ويمكن أن يصبح ذلك الشعور حالة طبيعية للكثيرين. ولكن هل يمكن فعلا أن تصبح مدمنا على التوتر؟
ويعرف "إدمان التوتر" بأنه نمط متكرر للتصرف بطرق تزيد من التوتر، رغم أنك تدرك العواقب المحتملة لذلك، وتريد التوقف عن "التصرف بتوتر".
و"إدمان التوتر ليس تشخيصا سريريا؛ ولكن قد تصبح مدمنا على التوتر أو المواقف العصبية"، وفق ما نقل موقع "سايك سنترال" عن الدكتور مايكل ج. ماكغراث؛ وهو طبيب نفسي حاصل على شهادة البورد في الإدمان، والمدير الطبي لمركز علاج الإدمان في أوهانا بجزيرة هاواي.
سمات الشخصية القلقةوأوضح المستشار النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي للجزيرة نت، أنه عند الحديث عن التوتر لا يمكن إغفال "الشخصية القلقة"، وهي إحدى اضطرابات الشخصية وفق تصنيف الدليل التشخيصي الإحصائي، ولهذه الشخصية عدد من السمات تساعد على التشخيص بالإصابة، وهي:
تتسم بالقلق والتوتر وتكبير الأمور التافهة. التدقيق على التفاصيل. القلق من لا شيء. السعي نحو الكمال والمثالية. الميل للتنظيم والترتيب. الاحتفاظ بالكراكيب عديمة القيمة والفائدة. الحرص عند استعمال الأموال. التفكير الزائد.و"الشخصية القلقة" مكتسبة وليست وراثية، أي من البيئة المحيطة، وغالبا من الأم وأفراد العائلة الأكبر سنّا، وهذه الشخصية مدمنة على التوتر، وتسعى دوما له، حتى وإن لم يكن هناك ما يبعث على التوتر لديها.
ويشرح المستشار سريوي عن الشخصية مدمنة التوتر بأنها "تفكر بشكل زائد بكل شيء، وهذا يجعلها أيضا في حالة من عدم الراحة، وحينما تعمل فإنها لا تلتفت للراحة أبدا، وقد تتحول هذه الشخصية لاضطراب في أية لحظة، وهي الحالة التي تصبح بها سمات هذه الشخصية تعيق الفرد عن حياته المهنية أو الاجتماعية أو الزوجية أو الدراسية".
ولعلاج هذه الشخصية، ينصح سريوي، "أول ما يجب على الفرد فعله هو الاستبصار بهذه الشخصية وسماتها وتأثيرها على حياته، فإن لم يلاحظ ذلك فتلك وظيفة من حوله من العائلة والأصدقاء أن يوضحوا له أنه يعاني من قلق وتوتر زائدين وأن لديه سمات شخصية قلقة، ثم السعي لطلب الاستشارة النفسية من المختص النفسي للعلاج".
ويذهب إلى أن العلاج يكون عبر جلسات علاج نفسي غير دوائي من خلال جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ولكن في بعض الحالات المتقدمة قد يضطر الطبيب لوصف علاج يخفف من الأعراض حتى تكون استجابة المريض للجلسات أفضل وتقدمه العلاجي أسرع.
التنشئة في بيئة متوترة
ويقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور موسى مطارنة، إن التوتر مشكلة ناتجة عن نقص في مهارات التكيف والمرونة، وتتفاقم الحالة النفسية جراء ضغوطات حياتية أو احباطات مستمرة، وعليه تتشكل حالة من القلق والتوتر متطورة، نتيجة لعدم علاجها.
ويصف مطارنة الحالة النفسية للفرد الذي لديه توتر مفرط بالقول "تزداد لديه الطاقة السلبية شيئا فشيئا، نتيجة وجوده في بيئة مضطربة أو أجواء غير صحية أو تعرضه لموقف ما، ولضعف قدرته وهشاشته النفسية تصبح لديه ردود فعل عصبية وتوتر، وحالة من عدم القدرة على ضبط الذات".
وبالعودة إلى تنشئة الشاب أو الفتاة ممن يعانون من حالة توتر مستمر، يوضح مطارنة، أن الأمر قد يعود إلى الترعرع في بيئة متوترة شكلها الأب أو الأم أو كلاهما، يسود بها أجواء مشحونة بالعصبية وردود الفعل القوية، فيصبح لديه أو لديها ضعف في مهارات القدرة على التعامل مع المواقف، فيلجأ للقلق والتوتر بدل التفكير في حل المشكلة".
ويتطرق مطارنة إلى أهمية معالجة الأشخاص المصابين بشدة التوتر، موضحا "في مجتمعاتنا العربية هناك حالة من القلق والتوتر الدائمين، جراء المعتقدات والأفكار السائدة، وهذا جزء مهم من تركيبة الفرد المرتبطة بالتنشئة".
ويضيف، "الفرد يحمل مفاهيم وأفكار ومعتقدات عديدة، وتتراكم لدى البعض ضغوط على النفس لا يمكن استيعابها أو التحرر منها، وأيضا لا يستطيع فتح روابط جديدة بحياته، وعليه يصبح لديه حالة من القلق والتوتر الدائمين".
ويشير إلى أن هناك مشكلة في مجتمعنا تتمثل بعدم الإفصاح عن القلق أو التوتر، إذ يعتبره العديد ضعفا أو "فضيحة" ضمن المعتقدات الاجتماعية، وهذا يفاقم لديه حالة التوتر جراء ما يشاهده، أو ما يحدث أمامه بالمجتمع.
وينصح مطارنة الشخص الذي لديه توتر عالي بضرورة التوجه لمختص سلوكي أو استشاري سلوكي، حتى يساعده في التخلص من هذه الحالة، وتحفيزه للنظر إلى الجوانب الإيجابية بحياته، والنوافذ التي يمكن أن يحقق بها النجاح.
ويضيف، "يجب أن يتدرب المصاب على تغيير نقطة التركيز لديه، حتى يشتت نقطة التوتر من خلال التفاعل الاجتماعي وتكوين الصداقات مع الأشخاص الإيجابيين".
5 سلوكيات علاجية مهمةوحول كيفية إدارة التوتر، أو التغلب على إدمان التوتر، نشر موقع "سايك سنترال"، العديد من النصائح التي يجب اتباعها، ومنها:
اللجوء للعلاج السلوكي أو العلاج السلوكي المعرفي. ممارسة تمارين التنفس العميق. ممارسة التأمل أو اليقظة. وضع روتين منتظم للقيام بالرعاية الذاتية. وضع حدود تعزز سلوكيات يومية لعيش حياة متوازنة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القلق والتوتر هذه الشخصیة على التوتر حالة من
إقرأ أيضاً:
القضية الليبية.. واقع مرير والبحث عن الحل
كتب الكثير وقيل الكثير، وعُقدت مؤتمرات ولقاءات وطنية وخارجية، وصدرَت قرارات لم تُنفَّذ، ووُعِد الشعب الليبي بوعود لم تُحقَّق. جرت انتخابات المؤتمر الوطني العام عام 2012، ثم انتخابات البرلمان في 2014، وانتُخِبت هيئة إعداد الدستور منذ 2017، وبقي مشروعها في الأدراج حتى اليوم. ثم جاء موعد 24 ديسمبر 2021 ليُقفَز عليه دون أن ترى الانتخابات النور.
توالى على ليبيا عشرة مبعوثين أمميين عمل أغلبهم على تدوير الأزمة بدل حلّها، وقد يزداد العدد ليصل عشرين أو أكثر، فيما البلاد تزداد غرقًا في أزمات متلاحقة: سياسية، اقتصادية، وأمنية، بلا مبرر واضح ولا أفق. كل ذلك يحدث أمام أعين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي… وأمام الشارع الليبي الذي بدأ أخيرًا يتحرك، ولعلّه – رغم كل شيء – قد يكون بداية الحل الأمثل.
انقسام قديم أم جديد؟
حين اندلعت أحداث فبراير 2011، بدا للبعض أن الليبيين انقسموا فجأة بين مؤيدين للنظام السابق ومطالبين بإسقاطه. لكن الحقيقة أن هذا الانقسام لم يولد حينها، بل كان موجودًا قبل ذلك، وظلّ مستترًا بفعل القبضة الأمنية والخوف من البطش.
منذ السبعينيات، انقسم الليبيون في تقديرهم للمسار الوطني: فئة رأت أن ليبيا فقدت طريقها بعد تعطّل الدستور والمؤسسات، وفئة أخرى تمسكت بالنظام خوفًا من اهتزاز بلد هشّ البنية القبلية والمناطقية.
بين الإصلاح والثورة
كانت هناك أصوات تطالب بالإصلاح التدريجي بدلًا من الثورة الشاملة، خوفًا من انهيار الدولة لا مجرد سقوط السلطة. في المقابل، رأى آخرون أن البلاد بحاجة إلى بداية جديدة تُعيد روح الاستقلال ودستور 1951.
أزمة تركيبة المجتمع والدولة الغائبة
المفارقة أن الدولة أسهمت هي نفسها في ترسيخ البنى التقليدية من قبيلة وجهة ومنطقة بدلًا من مشروع وطني حديث. فظلت الدولة هشة، وزادت هشاشتها بعد عام 2011.
التدخل الأجنبي.. بين الترحيب والخيبة
حين تدخّل الخارج لإسقاط النظام، رحّب البعض بدافع المصلحة أو حسن النية، آملين أن يُصلح الأجنبي ما فسد. لكن قلة قليلة توقعت منذ البداية خطورة هذا التدخل وتداعياته الطويلة.
غياب المشروع الوطني
بعد سقوط النظام، اجتمع الليبيون حول هدف واحد هو التغيير . لكن سرعان ما انكشف غياب رؤية واضحة لما بعد ذلك الهدف، فبرز التنازع والخلافات الشخصية والتخوين، واستُدعيت خلافات الماضي بدلًا من الوحدة لبناء المستقبل.
لماذا تراجعنا وكيف نبني الدولة؟
هذا المقال تذكير بأننا بحاجة لمراجعة جذور أزمتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية. لماذا كنا في السبعينيات من الدول المتقدمة نسبيًا ثم توقفنا وتراجعنا، رغم أننا الأسبق في الاستقلال ولدينا ثروات وإمكانات هائلة؟
لماذا لا نستفيد من تجارب دول الجوار التي نجحت في ترسيخ ثقافة الدولة والقانون؟ ولماذا نقدّم القبيلة أو المنطقة على الوطن كلما سُئلنا عن هويتنا؟
كيف نبني دولة بينما مناطق واسعة كانت رهينة الفوضى والإرهاب قبل أن تتحرر بتضحيات الجيش وتصبح منارة للإعمار؟ ولماذا لا نعترف بأن العاصمة لازالت تعاني فوضى أمنية وعجزًا تنمويًا يزيد من تفاقم الأزمات الاقتصادية؟
واقع الليبيين اليوم.. وأولوية الأمن والاستقرار
نسى الليبيون إلى حد كبير الأحداث الدامية الماضية، وأصبحوا جميعًا يتوقون إلى حل حقيقي ينهي أزمتهم الطويلة. لكن هذه المرة، يبدو أن هناك وعيًا أكبر بمواطن الخلل التي عانت منها البلاد، ورفضًا لأي حلول تُفرض عليهم من الخارج أو تُقدّم بشكل غير واقعي، وهو انعكاس لثقافة الدولة الريعية التي اعتاد عليها البعض.
الجميع اليوم يتفقون على نقطة أساسية: الأمن والاستقرار هما الأساس الذي لا يمكن تجاوزه. فعملية بناء دولة ديمقراطية سياسية لن تكون ممكنة في ظل وجود السلاح خارج إطار سلطة الدولة الشرعية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالاعتراف بسلطة واحدة قادرة على قيادة مشروع وطني جامع.
لقد فشل خيار التعددية الفوضوية القائمة على الجموع والانتخابات المتعددة التي تتصدر الأولويات، لكن الحقيقة أن الانتخابات يجب أن تكون أولوية ثانية، بعد ضمان الأمن والاستقرار الذي هو القاعدة الصلبة لأي عملية سياسية ناجحة.
هل يكفي الحل الليبي – الليبي… أم نحتاج دورًا إقليميًا؟
رفعنا طويلًا شعار «الحل الليبي – الليبي»، لكن مع فشل المحاولات الوطنية المتكررة، تبرز الحاجة لدور خارجي إقليمي داعم لا مفروض.
تبدو جمهورية مصر العربية الأقرب للعب هذا الدور البناء: بروابطها التاريخية والاجتماعية مع ليبيا، ومصلحتها المباشرة في استقرار بلدنا، فضلًا عن علاقاتها المتوازنة مع الأطراف الليبية المختلفة.
وتزداد أهمية هذا الدور إذا ما تزامن مع تعاون مصري–تركي، مستند إلى علاقات مصر الدولية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، وحتى تركيا نفسها.
التعاون بين مصر وتركيا يمكن أن يخلق مساحة توافق إقليمي حقيقية تُمكّن الليبيين من إيجاد حل مستدام، بدلًا من الرهان وحده على الدول الكبرى.
ورغم محاولات البعض تشويه هذا الدور لأسباب سياسية أو جهل بطبيعة العلاقات الدولية، إلا أن الواقع يقول إن الدورين المصري والتركي، معًا، أقرب لتحقيق اختراق حقيقي من أي وساطات دولية بعيدة عن الأرض الليبية.
خاتمة: ما بعد الواقع المرير
بعد أربعة عشر عامًا من الانقسام والفوضى والوعود المؤجلة، آن الأوان أن نواجه الحقيقة:
الحل لا يأتي بشعارات جوفاء ولا بإقصاء نصف الشعب، بل ببناء دولة مؤسسات وقانون، والاعتراف بما تحقق من أمن واستقرار وتوسيعه ليشمل كل ليبيا.
نحتاج إلى مشروع وطني جامع، لا يُقصي أحدًا ولا يُستورد جاهزًا من الخارج، بل ينطلق من داخلنا وبدعم شركائنا الإقليميين الأقرب إلينا فهمًا ومصلحة.
دولة تجمع الليبيين لا تفرقهم، تعيد الاعتبار للإنسان الليبي، وتبني المستقبل بثرواته وعقول أبنائه… فهل نجرؤ على ذلك قبل أن يضيع وطن بأكمله؟
ولا نملّ التكرار في تناول قضيتنا الليبية، في محاولة للبحث عن الحلول، بخطاب يخاطب العقول النيّرة ويأخذ بيدها نحو التفكير والابتعاد عن السلبية… خطاب صادق تلتقطه القلوب الصافية بكل خشية من الله، أملاً في أن يكون بذرة خير تُثمر مستقبلًا مختلفًا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.