الصين تجدد الإنذار الأصفر لمواجهة العواصف المطيرة
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
بكين-سانا
جدد المركز الوطني للأرصاد الجوية في الصين اليوم إنذاراً باللون الأصفر، لمواجهة العواصف المطيرة في أجزاء مختلفة من جنوب البلاد.
ونقلت وكالة شينخوا عن المركز الصيني للأرصاد قوله: إنه “من المتوقع سقوط أمطار غزيرة أو هبوب عواصف مطيرة على أجزاء من فوجيان وقوانغدونغ وجيانغشي وهونان وهاينان وجزيرة تايوان اعتباراً من اليوم، وأن يتجاوز الحد الأقصى لهطول الأمطار في بعض المناطق الـ 60 ملليمتراً في الساعة”.
ودعا المركز الحكومات المحلية في الصين إلى الاستعداد للعواصف المطيرة، وإدارات المرور إلى التجهيز للسيطرة المناسبة على حركة المرور على أجزاء الطريق التي تتعرض للأمطار الغزيرة.
ويوجد في الصين نظام إنذار من الطقس السيىء، مؤلف من أربعة مستويات مرمزة بالألوان، حيث يمثل اللون الأحمر أشدها يليه البرتقالي ثم الأصفر فالأزرق.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب: ارتقاء وسط العواصف
تقف مصر اليوم على حافة واقع جديد، يلتقي فيه الميراث الحضاري الممتد لسبعة آلاف عام مع تحديات عالم يغلي فوق صفيح ساخن. في مثل ذلك المشهد المضطرب، لا يعود السؤال عمّن يملك القوة، بل عمن باستطاعته النجاة والارتقاء رغم التحديات، أو أن ينتزع لنفسه موقعاً في ميزان إقليمي شديد التوتر. هنا تحديداً يتقدم العقل الاستراتيجي المصري ليعيد قراءة اللحظة من منظور مختلف، لا يرى في العواصف نهايات، بل يرى فيها بداية لتحديات يمكن مواجهتها.
وسط العواصف العالمية والتحديات الإقليمية، تظهر وثائق فكرية عميقة مثل رسالة اللواء إيهاب لطفي، التي كشفت ما يجري خلف الكواليس من صراع إرادات وتنافس مشاريع كبرى ترسم في الخفاء وتنعكس تجلياتها في العلن. ليست بحثاً أكاديمياً عابراً، بل نافذة تطل على مستقبل تعاد صياغته الآن، حيث تتقاطع القوى الكبرى، وتتمدد المشاريع الإقليمية، وتتآكل الهياكل العربية التقليدية، بينما تتقدم مصر خطوة بخطوة نحو استعادة دورها الطبيعي كقلب نابض للنظام الإقليمي الجديد.
قارب نجاة وسط عواصف التحولات
لا يكاد أحد يختلف الآن أننا نشهد عصراً من التحولات الجيوسياسية التي تعيد رسم خرائط
النفوذ.. لم يعد العالم كما كان قبل عِقد مضى؛ إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الشرق الأوسط هو الإقليم الأكثر تعرضًا للاضطرابات والقلاقل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وأن معدل التحولات السياسية خلال العشرية الأخيرة تَجاوز ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.
في خضم هذا المشهد المتوتر، يتقدّم الوعي المصري كحارسٍ يقظ يتمترس بالمعرفة والعلم والرؤية الاستشرافية؛ فمن بين الأوراق التي وضعت على طاولة المفكرين الاستراتيجيين في القاهرة تقف رسالة الباحث (إيهاب لطفي): "الرؤية المستقبلية للدور المصري نحو صياغة نظام إقليمي جديد"، باعتبارها وثيقة تحمل همَّ التحدي الراهن وتواجهه بقوة ووعي.
لا يمكن اعتبارها مجرد أطروحة جامعية، بل خريطة طريق تمتد من زلازل 2011 حتى أفق 2030، من أجل تحويل ما يبدو قدرًا قاسيًا إلى فرصة لتجديد القيادة وإعادة مصر إلى موقعها الطبيعي قبلاً نابضاً ينبض لأجل حياة المنطقة ونجاتها من العواصف المهلكة.
جغرافيا النار
الشرق الأوسط اليوم ليس سوى رقعة شطرنج تتنقل فوقها قطع ثقيلة الوزن والوطأة: إيران، تركيا، إسرائيل؛ ثلاث قوى غير عربية أعادت تقارير مركز “ستراتفور” تسميتها بـ"محور الظلال"! أولاً: إيران التي تملك نحو 200 ألف مقاتل من الميليشيات الحليفة المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفق تقديرات معهد الدراسات الاستراتيجية. ثانياً: تركيا التي تحاول ملء فراغ النفوذ عبر قواعد عسكرية في قطر والصومال وشمال سوريا والعراق. ثالثاً: إسرائيل التي توسّع وجودها العسكري والتقني حتى باتت الدولة الأكثر إنفاقاً على أمنها بالنسبة لعدد سكانها المحدود، وفق معهد ستوكهولم. وفي الخلفية يتصارع الكبار: واشنطن يتراجع حضورها لكنها تقاوم بالهروب للأمام. وموسكو التي ترى المنطقة بابًا موارباً يسمح بمحاولة استعادة مجدها، وبكين التي جعلت الشرق الأوسط محورًا رئيسيًا في مبادرة "الحزام والطريق" التي يمر 60% من تجارتها عبر ممراته البحرية.
وسط هذا الصراع المشتعل، تبدو المنطقة العربية، وفق تقارير الجامعة العربية، الأكثر فقدانًا للوزن السياسي منذ عقود: دول تهتز، أنظمة تتداعى، وقوة عربية مركزية تبحث عن إعادة تشكيلها وتموضعها.
يحلل اللواء إيهاب فى رسالته هذا الفراغ السياسي متوغلاً فى تفاصيل المشهد بعمق وتمعن، ومؤكداً أن انهيار أو اهتزاز دول كالعراق وسوريا وليبيا واليمن جعل النظام العربي يبدو مثل جدار بلا أعمدة؛ إذ تشير تقارير صندوق النقد إلى أن 7 دول عربية فقدت أكثر من 40% من قوتها الاقتصادية خلال عشر سنوات، فيما ارتفعت النزاعات المسلحة بنسبة 300% بين 2011 و2023 وفق "مؤشر النزاعات العالمي".
إن هذا الانهيار العربي خلق فراغًا قياديًا واسعًا، فضلاً عن ضعف المؤسسات المشتركة، وغياب الإرادة الجماعية لمعالجة قضايا مصيرية مثل الأمن المائي والغذائي، وهي ملفات تمس مصر مباشرة في الصميم.
تحديات ماثلة فى المشهد الإقليمي
لا يختلف اثنان على أن أكبر تهديد وجودي لمصر هو سد النهضة. فوفق تقارير الأمم المتحدة للمياه، تعتمد مصر بنسبة 97% على نهر النيل كمصدر للمياه، بينما انخفض نصيب الفرد من المياه إلى 550 مترًا مكعبًا سنويًا، وهو أقل من خط الفقر المائي العالمي (1000 متر).
وتؤكد الدراسات أن أي ملء أحادي إضافي دون اتفاق قد يفقِد مصر ما بين 5 إلى 15 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعني تراجع الرقعة الزراعية بنسبة تصل إلى 20%؛ لذلك يرى الباحث إيهاب لطفي أن مصر في هذا الملف تراهن على مزيج دقيق من الدبلوماسية المرنة، والمناورة القانونية، والاستعداد الردعي دون إعلان؛ فالماء ليس ملفًا سياسيًا، بل قضية حياة أو موت.
وبنظرة خاطفة نحو الشرق؛ نحو سيناء: تلك البقعة التي استوطنها الإرهاب لسنوات، قبل أن تُسجَّل أكبر عملية تطهير في تاريخها المعاصر. أظهرت تقارير الإرهاب الدولي لعام 2023 أن النشاط الإرهابي في سيناء انخفض بأكثر من 90% منذ 2016، نتيجة استراتيجية عسكرية وأمنية مركبة، رافقها تمدد تنموي تجاوزت تكلفته 600 مليار جنيه خلال عقد.
فإذا نظرنا غرباً نحو ليبيا؛ نكتشف مصدراً مستمراً للقلق، حيث يتواجد نحو20 ألف مقاتل مرتزق وميليشيات متعددة الجنسيات بحسب الأمم المتحدة. هذه الحدود الممتدة لأكثر من 1,200 كلم تجعل من الاستقرار الليبي مسألة أمن قومي لا تحتمل التراخي.. والجنوب ليس أفضل حالاً؛ فالسودان الآن دولة تتفكك أمام أعين العالم؛ إذ تشير تقديرات المنظمات الأممية إلى نزوح أكثر من 9 ملايين منذ اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة، إنها أكبر أزمة نزوح على الكوكب. ومصر تدرك أن انهيار السودان يعني وصول عدوى الفوضى إلى بواباتها الجنوبية.
مصر بين التهديد والنهضة
هكذا نري كيف أن مصر محاطة بمشاريع هيمنة متمثلة فى: مشروع إيراني يتمدد عبر أربعة عواصم عربية. ومشروع تركي يسعى لوراثة الإرث العثماني. ومشروع إسرائيلي يعيد رسم الخريطة على الأرض بقضم يومي للضفة الغربية.. فيما تشير تقارير الدول الكبرى إلى أن الشرق الأوسط بات ساحة تنافس بين خمس قوى إقليمية رئيسية، وأن أي دولة عربية لن تستطيع مواجهة هذا التزاحم دون تحالفات ذكية ووزن عسكري معتبر.
مصر تمتلك عدة مقومات استعادة دور إقليمي يواجه مشاريع الهيمنة المتربصة: أولاً: موقع استراتيجي تمر عبره 12% من التجارة العالمية. ثانياً: قناة السويس التي ارتفع دخلها إلى 9.4 مليار دولار عام 2023 قبل الأزمة الأخيرة في البحر الأحمر. ثالثاً: جيش مصنف بين أقوى 15 جيشًا في العالم. رابعاً: كتلة سكانية تتجاوز 105 ملايين تمتلك سوقًا ضخمة وطاقة بشرية هائلة. خامساً: تاريخ حضاري يعد من أثقل روافد القوة الناعمة عالميًا.
ويمكن القول إن القاهرة، خلال العقد الأخير، أصبحت مركزًا إلزاميًا للوساطات: ففي غزة: هي الوسيط الرئيسي في كل جولات التهدئة منذ 2014. وفي ليبيا: راعية مؤتمر القاهرة ومسار توحيد الجيش. وفي السودان: مصر كانت فى قلب جهود منع الانهيار التام. وفي اليمن: مصر فاعل سياسي رغم بعد الجغرافيا.. هذا وقد أدرج البنك الدولي مصر ضمن الدول الأكثر تأثيرًا في مسارات الوساطة الإقليمية خلال تقريره لعام 2023.
مسارات القوة والاحتواء
مسار مواجهة التحديات والقلاقل فى مصر يرتكز على قدرتها على الاحتواء ومنع الأزمات من الوصول إلى الداخل المصري. ويتجلى ذلك في التحرك الهادئ في القرن الأفريقي، وبناء شراكات مع دول منابع النيل مثل أوغندا وكينيا وتنزانيا، وتكثيف التواجد التنموي والدبلوماسي في إثيوبيا رغم الخلافات.
بهذه الطريقة تتحول مصر لصانعة للأحداث: إذ أن مشاركتها الفعالة في الكوميسا، واستضافتها لمؤتمرات المناخ، وقيادتها لملفات الطاقة في شرق المتوسط، كلها أمثلة على تحول الدور من الدفاع إلى المبادرة.
ثم هناك مسار التوازن، وهو الأكثر دقة وحساسية: فتوازن العلاقات بين واشنطن وموسكو وبكين، بين الخليج وإيران وتركيا، بين أوروبا وإفريقيا، كلها حقول ألغام سياسية؛ إنها دبلوماسية الخيط الرفيع حيث يصبح للقاهرة قدرة على الحركة في كل الاتجاهات دون أن تُحسَب على محور واح؛ دبلوماسية تشبه سيفًا ينحني لكنه لا ينكسر، تدار بخبرة تجعل مصر تعود بقوة إلى بعثات حفظ السلام، وتفتح خطوطًا دائمة مع الاتحاد الأفريقي. وتقيم مساراً للتحالفات مع تشاد وإريتريا وجيبوتي وجنوب أفريقيا والسنغال، مبنية على المصالح لا الأيديولوجيا.
فوق هذا هناك قوانا الناعمة: الإعلام، الثقافة، السينما، الأزهر، الكنيسة، التاريخ.. حيث تقول تقارير "سوفت باور 30" إن مصر واحدة من ثلاث دول عربية فقط تمتلك تأثيرًا ناعمًا يفوق قوتها الاقتصادية.
وفى جانب التوسع الاقتصادي؛ تهدف مصر لرفع التجارة مع إفريقيا إلى 30 مليار دولار بحلول 2030 لا كهدف اقتصادي فحسب، بل خطوة لبناء عمق استراتيجي مستدام.
معركة الهوية والقيادة الإقليمية
تعترف الرؤية، بصدق نادر، بأن الداخل المصري يحتاج إلى مزيد من الإصلاح، وأن الاقتصاد يجب أن يتحول من اقتصاد استهلاك إلى اقتصاد إنتاج وتصدير. ووفق خطة التنمية 2030، تهدف مصر إلى رفع معدل النمو إلى6-7% وخفض البطالة إلى 7%، وتعزيز الإنتاج الصناعي بنسبة 20%.. الرهان يتمثل في قدرة مصر على الجمع بين: رؤية تستشرف الغد، وحكمة لإدارة اللحظة. وقوة تردع الأعداء. ودبلوماسية تبني الجسور رغم العواصف.
إن مصر التي علمت الدنيا الحرف والمعمار والجيش والدولة، تقف اليوم مجددًا على عتبة امتحان تاريخي؛ يعيد إلى الذاكرة كل لحظة عبرت فيها بين الصعود والسقوط ثم عادت أكثر قوة.. إنها رحلة نحو القمة، شاقة ووعرة، لكنها الرحلة وحيدة الممكنة.. فالشمس، كما يقول التاريخ، لا تشرق إلا على أولئك الذين يصنعون مصائرهم بأيديهم.