صندوق النقد في بيروت مستطلعاً تقدّم الإصلاحات
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": زيارة جديدة لبعثة صندوق النقد الدولي لبيروت في سياق زيارات المتابعة لتقدّم العمل بالاتفاق الاولي الموقع مع لبنان تمهيداً للانتقال الى مرحلة توقيع البرنامج الذي سيحكم المشهد الاقتصادي والمالي في البلاد في السنوات الأربع المقبلة، من تاريخ توقيع البرنامج.
تحمل الزيارة عنوانين، أولهما متابعة مدى التزام لبنان بالإجراءات المسبقة، وهي ثمانية، ما تحقق منها وما لم يتحقق، والخطوات التي تعتزم الحكومة القيام بها لتذليل العقبات من أمام وضعها حيّز التنفيذ.
ذلك أن تعثر تنفيذ الإجراءات المطلوبة، وتعطل إقرار القوانين، وجه رسالة الى المجتمع الدولي والى الصندوق، حامل ختم الثقة الى هذا المجتمع، بأن لبنان ليس في وارد سلوك طريق الإصلاحات المطلوبة، ما عزز الاعتقاد بأن الصندوق قد يتراجع عن دعمه أو عن الاتفاق الموقع مع لبنان. ولكن الزيارة تأتي لتؤكد خلاف ذلك، على اعتبار أن المؤسسة الدولية لا يمكن أن تكون أبداً الطرف الذي ينسحب لأن مهمتها، كما ورد في نظامها، تكمن في دعم الدول التي تحتاج الى المساعدة. ومن هذا المنطلق، يمكن فهم تفهّم الصندوق للوضع اللبناني وعدم تراجعه.
بات واضحاً مسبقاً ما تحمله البعثة الى محادثاتها مع المسؤولين اللبنانيين الذين ستلتقيهم. وللمفارقة، واضح أيضاً ما سيتبلغه أعضاؤها من هؤلاء كأجوبة على استفساراتهم.
بداية، سيؤكد المسؤولون اللبنانيون التزامهم البرنامج مع الصندوق كفرصة مهمة للبنان للخروج من أزمته، وسيعملون على الدعم الذي يقدمه، المعنوي منه لإقناع الدول المانحة بمساعدة لبنان، والمادي الذي يبلغ نحو ٣ مليارات دولار، مشروطة بإنجاز إصلاحات محددة.
تتسلح الحكومة في محادثاتها مع الصندوق ببعض الإنجازات غير المكتملة، مثل إقرار موازنة ٢٠٢٣، وبدء درس مشروع موازنة ٢٠٢٤، تعبيد الطريق أمام بدء عمليات التنقيب عن النفط، تشكيل لجنة لدرس التعديلات على قانون النقد والتسليف، التزاماً بتحديث الإطار القانوني للمركزي، الاشتراك على منصة بلومبيرغ لإدراج الليرة وتحديد سعر الصرف وفقها، ولعل هذا أهم ما سيقدمه لبنان الى الصندوق، لأن المنصة شكلت مطلباً من مطالب الصندوق الرامية الى تحقيق الشفافية وتأمين التحرير التدريجي لسعر الصرف، بعد أن يكون التبادل عبرها قد أدّى الى توحيد أسعار الصرف. وهذا حكماً سيترافق مع قرارات حكومية وتعاميم تصدر عن المركزي تلغي بموجبها الأسعار المعتمدة سابقاً.
لن يحمل إذن الصندوق الى لبنان جديداً ولن يحظى بأي أخبار جيدة تنعش الآمال بإمكان سلوك لبنان طريق التعافي قريباً. لكن الرسالة الوحيدة التي سيجدد الصندوق تلاوتها هي كناية عن تذكير بأن لبنان يفقد الفرصة تلو الأخرى، والفرص الباقية باتت ضئيلة جداً بحيث إن خسارتها ستترك البلد وحيداً ومعزولاً ومنهاراً!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إطلاق «صندوق الإمارات للنمو» بقيمة مليار درهم لتحفيز نمو الشركات الصغيرة
مصطفى عبدالعظيم (أبوظبي)
أعلن «مصرف الإمارات للتنمية» إطلاق «صندوق الإمارات للنمو»، الذي يعد منصة نوعية للنمو بقيمة مليار درهم، وتم تصميمه لتسريع نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات وتعزيز مرونتها وتنافسيتها على المستوى العالمي.
وسيوفر «صندوق الإمارات للنمو»، الذي تم إطلاقه خلال الدورة الرابعة من «اصنع في الإمارات»، مجموعة من المزايا التي تشمل تقديم حلول تمويل طويلة الأمد، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية للشركات التي تمتلك إمكانات عالية للنمو عبر القطاعات ذات الأولوية والتي تشمل: التصنيع، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا المتقدمة.
ويقوم الصندوق بدور محوري في تحقيق نقلة نوعية لتطوير القطاع الصناعي في دولة الإمارات، وتنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لدولة الإمارات، الرامية إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.
ويستهدف «صندوق الإمارات للنمو» الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها والتي تتمتع بإمكانات نمو واعدة، وتُحقق عادةً إيرادات سنوية لا تقل عن 10 ملايين درهم، وتتراوح استثمارات الصندوق في كل شركة بين 10 و50 مليون درهم.
وسيتولى معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الرياضة، مهمة رئيس الصندوق، فيما ستتولى نجلاء أحمد المدفع، مهمة نائب الرئيس والعضو المنتدب لإدارة الصندوق. ويضم مجلس إدارة الصندوق كلاً من مريم سعيد غباش، وامحمد حريمل الشامسي، وخلفان جمعة بالهول، وحسن الصايغ، وستيفن ويلتون.
التنافسية الصناعية
قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ورئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات للتنمية: تماشياً مع رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة بدعم تحقيق نقلة نوعية في قطاع الصناعة الوطني، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية الصناعية والتكنولوجية لدولة الإمارات، يسعى «مصرف الإمارات للتنمية» إلى المساهمة في بناء مستقبل قائم على المرونة، والاكتفاء الذاتي.
وأضاف: يمثل إطلاق «صندوق الإمارات للنمو» خطوة طموحة تستشرف المستقبل، وتوفر للشركات الناشئة في الدولة رأس المال والخبرة والدعم الاستراتيجي اللازم للنمو والتطور لتصبح من الشركات الرائدة في قطاع الصناعة، بما يدعم نمو القطاعات ذات الأولوية، وتعزيز تنافسية القطاع الصناعي ومرونة سلاسل الإمداد والاكتفاء الذاتي، وكلنا ثقة بأن هذا الصندوق سيكون مُمكّناً وداعماً لهذه الشركات وسيشكل استثماراً مهماً يساهم في النمو والازدهار طويل الأمد لدولة الإمارات ويرسخ ريادتها العالمية».
بناء شراكات
من جهته، قال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي: صممنا «صندوق الإمارات للنمو» لسد الفجوة التمويلية التي تواجهها بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تُعرف «بفجوة الوسط»، وهي المرحلة التي تجد فيها هذه الفئة من الشركات نفسها متقدمة جداً للحصول على رأس المال الاستثماري، وفي الوقت نفسه تكون ذات طابع ريادي للغاية لا يجعلها تتناسب مع التمويل التقليدي لرأس المال الخاص، لكنها تظل مهمة وحيويّة لمشهد الأعمال، لذلك، وعن طريق تقديم الدعم الفاعل ورأس المال الصبور، نهدف من خلال الصندوق لتحديد وبناء شراكات مع مثل هذه المؤسسات التي تمتلك مقوّمات متينة للتوسّع، وتعزيز القدرات الصناعية المحليّة، وخلق فرص العمل، وتدعيم ركائز اقتصادنا الوطني القوي في المرحلة القادمة.
التوسع والنمو
من جانبها، قالت نجلاء أحمد المدفع: تم إطلاق «صندوق الإمارات للنمو» بهدف توفير رأسمال طويل الأجل يدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة التوسع، ونسعى من خلال الصندوق إلى تحقيق نتائج ملموسة وسريعة لمؤسسي الشركات الطموحين الذين يبنون نماذج أعمال مرنة تواكب متطلبات المستقبل. رؤيتنا هي تمكين الجيل القادم من رواد الاقتصاد الوطني، ودعمهم ليكونوا جزءاً أساسياً من مسيرة التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات.
وأوضحت المدفع أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 94% من إجمالي الشركات في الدولة، وتوظف 86% من القوى العاملة في القطاع الخاص، وتسهم بأكثر من 60% من الناتج المحلي غير النفطي، ومع ذلك، لا تتجاوز حصتها من القروض التجارية أكثر من 10%، بينما تبقى فرصها في جذب رأس المال الاستثماري محدودة.
تحديات النمو
حول ما يميز الصندوق عن غيره من أدوات التمويل، قالت المدفع في تصريحات لـ«الاتحاد»: «رغم ضخ أكثر من 7 مليارات درهم كقروض للقطاع الصناعي في عام 2024 فقط، إلا أن التحدي الحقيقي لا يزال قائماً للشركات الصغيرة والمتوسطة، فالتمويل قد لا يشكل عائقاً أمام الشركات الكبيرة، لأنها تمتلك الضمانات والعلاقات المصرفية، والسجلات التي تسهل الحصول على التمويلات، لكن الشركات الصغيرة والمتوسطة، حتى وإن كانت قوية من ناحية التشغيل، فهي تواجه صعوبة في الوصول إلى رأس المال المناسب الذي يواكب طموحها للنمو، مما يجعلها من أكبر التحديات أمام نمو القطاع الخاص الوطني».
وأضافت: «صندوق الإمارات للنمو» يوفر رأسمال مرن وطويل الأجل مقابل حصة أقلية تتراوح بين 20 إلى 40%، وندخل كشريك استراتيجي في الحوكمة وتطوير العمليات، واستكشاف فرص النمو المحلي والإقليمي.
وأكدت المدفع أن «صندوق الإمارات للنمو، يركز على الشركات التي لديها إيرادات لا تقل عن 10 ملايين درهم.
وشددت المدفع على أن دور الصندوق يتجاوز التمويل المباشر، مشيرة إن الصندوق لا يركز فقط على التمويل، بل يهدف أيضاً إلى المساهمة في بناء شركات حقيقية، من خلال مساعدة المؤسس في تقوية الحوكمة، والعمليات، والتوسع في أسواق جديدة، والربط بشركاء استراتيجيين محليين ودوليين.
وأضافت: نجاحنا لا يقاس فقط بالعوائد المالية، بل بعمق الأثر واستدامة النمو والإسهام في خلق فرص عمل نوعية، وتعزيز القدرات الصناعية والتقنية للدولة، ودعم الشركات التي تمثل مستقبل الاقتصاد الإماراتي.
استراتيجية التخارج
فيما يتعلق بالعوائد المستهدفة، أوضحت المدفع: «نحن لا نقيم النجاح فقط من خلال العائد، بل نركز على العائد المزدوج في صندوق الإمارات للنمو، ونتبنى المبدأ المالي والأثر الوطني معاً، ومن ناحية استثمارية، فإننا نستهدف تحقيق ما بين 12% إلى 15% عوائد داخلية ومضاعفة رأس المال ما بين مرتين إلى ثلاث مرات».
ويركز الصندوق على القطاعات ذات الأولوية المتماشية مع الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات، بما في ذلك تعزيز القاعدة الصناعية، ودعم سلاسل التوريد المحلية، وتوليد فرص عمل نوعية لأصحاب الكفاءات، ويأتي ذلك في إطار المساهمة في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني واستدامته على المدى الطويل.
وأعلن «صندوق الإمارات للنمو» أول استثمار له في قطاع الرعاية الصحية مع «مستشفى ترميم لجراحة العظام والعمود الفقري»، ما يُمثّل انطلاقة لمحفظة استثمارية تستهدف تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وإحداث أثر ملموس وقابل للقياس في القطاعات الحيوية.