"أحد المواطنين" بات هذا هو العنوان العريض للأيام القليلة الماضية، النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي قرر شن حربا ضروسا ضد المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي، في محاولة لإرهابه وإيقاف ما يقوم به من مضايقة علنية للسيسي ونظامه.
السيسي يحارب الطنطاوي بكل ما أوتي من قوة، يذهب الرجل الى السيدة زينب فيرسلوا له أحد مخبريهم ليفتعل معه مشكلة، يحاول حضور مباراة مصر وإثيوبيا فيمنع من دخول الاستاد، يتضامن معه ضابط شرطة فيعتقلوه، يسانده محام فيحبسوه، يدعمه ناشط فيطاردوه، يؤيده سياسي على مواقع التواصل فيسبوه.
بدأ النظام بشن حملة أمنية لاعتقال مؤيدي الطنطاوي، حدث هذا مع ضابط الشرطة الذي كتب له تعليقا على صفحته الرسمية يعلن فيه تأييده كمرشح رئاسي ويطلب منه التعاون معه لو أصبح رئيسا للبلاد.
تواجد الطنطاوي القوي والمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع شعبيته بين أوساط النخب والشباب أثار حفيظة النظام بقيادة السيسي فوجه لجانه الالكترونية للهجوم عليه وإهانته، بل والتحريض ضده وضد أنصاره من خلال حملة الكترونية تستهدف اغتيال الرجل معنويا وبث الرعب وسط أنصاره عبر السباب والتهديد والاتهامات بالعمالة والانتماء للإخوان المسلمين
انتفضت قوات الأمن سريعا وتم اعتقال الضابط على الفور والتحقيق معه وحبسه خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات؛ بتهم تتعلق بانضمامه لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
تكرر الأمر مع اثنين من المحامين الداعمين لأحمد الطنطاوي، تم اعتقالهما على الفور أيضا وتوجيه اتهامات مشابهة، ما دفع الطنطاوي لإصدار بيان رسمي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي اشتكى فيها من القبضة الأمنية التي تستهدف أنصاره ومؤيديه، داعيا أجهزة الدولة إلى التوقف عن محاولات تخويفه وإرهاب مؤيديه بهذه الأساليب الأمنية.
وزارة الداخلية المصرية ردت سريعا على بيان الطنطاوي واصفة إياه بأحد المواطنين الذي لديه حملة انتخابية ووصفت ادعاءاته بالكاذبة.
النظام لم يكتف بالحملة الأمنية وحسب، بل امتد الأمر إلى مدينة الإنتاج الإعلامي والتي شارك فيها عدد كبير من المذيعين والإعلاميين المقربين من السيسي للهجوم على طنطاوي ومنع ظهوره الإعلامي، وتوجيه الاتهامات المستمرة له بعلاقاته مع الإخوان المسلمين تارة وبعمالته للخارج تارة أخرى.
تواجد الطنطاوي القوي والمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع شعبيته بين أوساط النخب والشباب أثار حفيظة النظام بقيادة السيسي فوجه لجانه الالكترونية للهجوم عليه وإهانته، بل والتحريض ضده وضد أنصاره من خلال حملة الكترونية تستهدف اغتيال الرجل معنويا وبث الرعب وسط أنصاره عبر السباب والتهديد والاتهامات بالعمالة والانتماء للإخوان المسلمين.
الغريب في الأمر أن النظام الذي يمتلك القوة وأجهزة الدولة والإعلام أيضا حاول اختراق هاتف أحمد الطنطاوي والتجسس عليه من خلال تقنية المفترس، وهي تقنية إسرائيلية تمتلكها الحكومة المصرية منذ سنوات.
موقع مدى مصر نشر معلومات هامة نقلا عن تحقيق أجراه معمل سيتيزن لاب في جامعة تورنتو، وهو معمل مختص بتحليل ورصد محاولات القرصنة واختراق الهواتف الشخصية.
أشار تحقيق سيتيزن لاب إلى أن هاتف الطنطاوي قد تم اختراقه بالفعل وكانت المرة الأولى في سبتمبر 2021، ولكن المعمل لم يتهم أي جهة حتى الآن بتنفيذ محاولات الاختراق تلك.
من خلال تقنية "Predator" تستطيع الأجهزة الأمنية في مصر مراقبة تحركات الطنطاوي بشكل كامل والتعرف على كلمات المرور السرية الخاصة بجميع التطبيقات الموجودة على هاتفه، كما يمنها أيضا قراءة الرسائل المشفرة في تطبيقات التواصل السرية وتسجيل المكالمات الواردة والصادرة عبر هاتفه المحمول.
أعلن السيسي الحرب على الطنطاوي وكل من اقترب منه ولو بكلمة، يظن الجنرال أنه يخيف الناس ويخيف الطنطاوي ويخيف الجميع.. يريد السيسي مشهدا عبثيا لا منافسة فيه ولا معارضة ولا انتقاد، فهو الرئيس وهو المرشح وهو المخلّص وهو الأمل والمستقبل
هكذا إذا، أعلن السيسي الحرب على الطنطاوي وكل من اقترب منه ولو بكلمة، يظن الجنرال أنه يخيف الناس ويخيف الطنطاوي ويخيف الجميع.. يريد السيسي مشهدا عبثيا لا منافسة فيه ولا معارضة ولا انتقاد، فهو الرئيس وهو المرشح وهو المخلّص وهو الأمل والمستقبل.
أحد المواطنين، هذا هو الاسم الجديد والوصف العبقري الذي أطلقه السيسي وأجهزته على أحمد الطنطاوي، ذكروها مرتين، مرة في بيان شركة تذكرتي المخابراتية تعليقا على منعه من دخول الاستاد، ومرة ثانية في بيان وزارة الداخلية المصرية تعليقا على اتهامات الطنطاوي للأجهزة الأمنية باستهدافه وأنصاره.
ظنوا بذلك أنهم أهانوه وحطوا من قدره ولكنهم خدموه من حيث لم يعلموا، فشرف المصري هو الانتماء لوطنه، وبرنامج المرشح الرئاسي هو الإحساس بأبناء وطنه، أحمد الطنطاوي هو "أحد المواطنين" الذي تحدى السيسي وقرر منافسته في انتخابات رئاسية، وكرر انتقاده في مناسبات مختلفة وطالبه بالرحيل على الهواء مباشرة.
السيسي لا يحارب أحمد الطنطاوي فقط ولا يحارب أحد المواطنين فقط، الجنرال على مدار عشر سنوات يحارب كل المواطنين في مصر.
twitter.com/osgaweesh
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري السيسي أحمد الطنطاوي مصر السيسي مرشحين تضييق أحمد الطنطاوي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مواقع التواصل الاجتماعی على مواقع التواصل أحمد الطنطاوی أحد المواطنین من خلال
إقرأ أيضاً:
هكذا ينكر الإعلام المأساة السورية
إنكار الجريمة: إعادة قتل الضحية
لنتخيل معًا أمًّا قضت ثلاث عشرة سنة تنتظر خبرًا عن ابنها المختفي قسرًا، تعيش على أمل واهن بأن يكون على قيد الحياة، وحين تفتح المعتقلات بعد سقوط النظام ولا تجده تبحث عن رفاته في مقبرة جماعية اكتشفت قرب أحد السجون، وعندما تحاول استيعاب الصدمة، يظهر شخص ما على شاشة التلفاز ليقول لها إن هذه الجرائم لم تحدث، وإن النظام كان يحافظ على الاستقرار، وإن كل ما يُقال مجرد مبالغات سياسية. ما الذي ستشعر به هذه الأمّ؟
في تلك اللحظة، يُسحب منها آخر ما تبقى لها من حقوق، وهو اعتراف العالم بمظلمتها. وستشعر أن معاناتها محل تشكيك، وأن ما يُطلب منها هو أن تصمت لأنها مجرد جزء من رواية مبالغ فيها. هنا، يتحول الإنكار إلى امتداد للجريمة نفسها. فإذا كان النظام قد قتل ابنها وأخفاه، فإن المنكرين يقتلون ذكراه ويحاولون دفن الحقيقة معه.
إنكار الجرائم جريمة في حد ذاتهفي كل ظهور إعلامي، تواصل بعض الشخصيات العامة أسلوبها المستفز، مستهترة بمشاعر الضحايا وأهاليهم. هؤلاء الأشخاص لا يترددون في إنكار الجرائم الموثقة، ولا يرون في صور التعذيب والتصفية في سجون النظام السابق سوى مبالغات، رغم أن العالم كله شاهدها.
فكيف يمكن لمن يتجاهل الحقائق أن يكون شاهدًا على الحق؟ هذا الإنكار العلني ليس فقط طعنة في جراح الضحايا، بل هو محاولة لتحويل المجرم إلى ضحية، وإعادة إنتاج الدعاية التي لطالما استخدمها النظام.
إعلانإن إنكار المجازر في صيدنايا، والتغطية على عمليات الاغتصاب في السجون، والتشكيك في وجود آلاف المعتقلين الذين لا تزال أمهاتهم يقفن أمام السجون بانتظار بصيص أمل، لا يمكن أن يكون مجرد وجهة نظر، بل هو امتداد للجريمة نفسها، وهو ما يستوجب إيقافها وإخضاعها للمحاسبة والمساءلة.
الممثلة السورية سلاف فواخرجي، على سبيل المثال، التي تظهر في الإعلام وتدافع عن روايات النظام السابق، هي واحدة من الشخصيات التي تحاول تلميع صورة هذا النظام، رغم ما تحمله الحقائق من إثباتات دامغة على الجرائم المرتكبة.
تظهر فواخرجي على شاشة التلفاز بملامحها المتناسقة وابتسامتها المصطنعة، ويراها البعض رمزًا للجمال والأناقة، لكن خلف هذا الوجه الذي يبدو وديعًا، تختبئ أيديولوجيا ملوثة تبرر واحدة من أبشع الجرائم التي عرفها العصر الحديث.
هذا التناقض الصارخ بين شكلها الخارجي وبين خطابها المستفزّ ليس مجرد مفارقة شخصية، بل هو انعكاس لكيفية توظيف بعض الشخصيات العامة للإنكار والتضليل، وكأن الكاميرات والمكياج يمكن أن يحجبا حقيقة المجازر والمقابر الجماعية.
وكم من شخصيات في التاريخ تمتعت بمظهر جذاب لكنها كانت تحمل في داخلها فكرًا دمويًا، تستخدم مظهرها لتضفي على خطابها طابعًا مقبولًا، لكن مهما كانت الملامح جذابة، فإنها لا تستطيع تغطية بشاعة الفكر الذي تدافع عنه. لم يكن الجمال يومًا معيارًا للأخلاق، ولم يكن الوجه الحسن حجة تبرر تبرئة نظام قتل مليون إنسان.
فالحقيقة لا تتغير مهما حاول أصحاب المظاهر المصطنعة تجميلها بالكلمات المزيفة، ومهما استخدموا الكاميرات والشاشات لفرض واقع مشوه لا وجود له إلا في مخيلتهم.
وقد تحاول شخصيات مثل سلاف فواخرجي أن تخدع بعض السطحيين بمظهرها، لكنها لن تخدع الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، ولن تخدع الناجين من سجون الموت، ولن تخدع كل من شاهد المقابر الجماعية تكتشف يومًا بعد يوم. فالتاريخ لا يرحم، والحقيقة لا تُطمس بمكياج الكاميرات، ولا بمقابلات الاستفزاز والإنكار.
إعلان التواطؤ الإعلامي بقصد أو بغير قصدهذا الظهور الإعلامي لا يمكن أن يكون مجرد لقاء عابر مع ممثلة سورية، بل هو مشهد جديد في مسلسل طويل من تبرير الجرائم وإنكار الحقيقة.
هي ليست وحدها في هذا الدور، فوسائل الإعلام التي تستضيف مثل هذه الشخصيات المنكرة لجراح السوريين وتمنحها مساحة للحديث عن مظلومية النظام السابق، بينما المقابر الجماعية لا تزال تُكتشف، تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية. إذ لا تكتفي هذه المنصات بإيذاء الضحايا نفسيًا، بل تساهم في تطبيع الإنكار، وكأن دماء الشهداء ليست إلا رواية قابلة للنقاش.
من هنا فإن استضافة شخصيات تدافع عن الجريمة دون مساءلتها، هو شكل من أشكال التواطؤ. فالإعلام الذي يحترم الحقيقة لا يمكنه أن يسمح بتمرير الأكاذيب على أنها روايات متساوية مع الحقائق الموثقة. لذلك، لا بد من أن يتحمل الإعلام مسؤوليته في مواجهة الإنكار، لا في الترويج له.
ولكن رغم الدور السلبي الذي تلعبه وسائل إعلامية في مثل هذه الحالات، فإن استخدام شخصيات عامة في لقاء متلفز للدفاع عن الجريمة وتبريرها، يكشف في كثير من الأحيان قبح تلك الشخصيات الداخلي للجمهور.
فكلما تحدثت، زاد وضوح تناقضها بين المظهر المصطنع والكلمات المليئة بالكراهية والتبرير. وهذا النوع من الظهور الإعلامي، وإن كان مؤلمًا، يفضح هؤلاء أمام الرأي العام، ويجعلهم مجرد أدوات مكشوفة لخدمة الاستبداد.
كيف يمكن إنكار ما هو موثّق؟!الجرائم التي ارتكبها النظام السابق لم تكن خيالات أو مجرد ادعاءات سياسية، بل وقائع مثبتة بشهادات الناجين، بالصور المسربة، وبالتقارير الحقوقية، وحتى بالوثائق التي كشفتها المؤسسات الدولية. آلة فرم المعتقلين في صيدنايا، والاغتصابات التي وُلد بسببها أطفال لا يعرفون آباءهم، فضلًا عن، الجثث المكدسة في المقابر الجماعية، كلها أدلة دامغة على أن هذا النظام لم يكن مجرد سلطة قمعيّة، بل كان ماكينة قتل جماعي، تعمل بلا رحمة وبلا محاسبة.
إعلانكيف يمكن لإنسان يملك قلبًا وعقلًا أن يتجاهل كل هذه الأدلة القاطعة؟ كيف يُمكن لمن رأى جثثًا مكدّسة في مقابر جماعية أن يدّعي أن كل هذا لم يحدث؟ إنه عمى اختياري، بل ولاء متجذر للاستبداد يمنع صاحبه من رؤية الحقيقة، حتى بعد سقوط النظام.
ومن هنا، نجد أن بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق تمثل جزءًا من شبكة واسعة ممن يدينون له بالولاء المطلق، ويسعون إلى التشكيك في المأساة السورية وتطبيع الإنكار. هؤلاء الأفراد يستخدمون وسائل الإعلام كمنصات لتبرير الجرائم أو التقليل من حجم المعاناة، وكأنهم يراهنون على أن التاريخ لن يحاسبهم.
من هنا تأتي ضرورة محاسبة كل من يحاول تبرير الفظائع التي ارتكبها النظام باسم التعبير عن الرأي بحرية. لا سيما أن الإعلان الدستوري يضع حدًا لمثل هذه الممارسات ويجرم إنكار جرائم النظام، تمامًا كما هو الحال مع إنكار جرائم النازية أو المجازر الجماعية في العالم. وهذا التشريع ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو اعتراف بأن إنكار الجرائم هو في حد ذاته جريمة جديدة، لأنه يعيد إنتاج الظلم ويهيئ الأرضية لعودة العنف تحت أي ذريعة مستقبلية.
أخيرًا، لا بدّ من الإشارة إلى أن الضحايا لا يطلبون الشفقة، بل يطالبون بالحقيقة والعدالة. يريدون أن ترفع الأقنعة عن الوجوه الملوثة بالدماء.
لن تكون العدالة أبدًا إلا عندما يُجبر الجميع على مواجهة حقيقة ما حدث، ولا مكان للإنكار في عالم يتطلع للعدالة. والعدالة لا تتحقق حين يسمح للمجرمين السابقين وأنصارهم بطمس ما حدث، بل تتحقق حين يجبر المجتمع على مواجهة ماضيه بشجاعة، دون مجاملات أو مواربة.
من حق كل أمّ أن تعرف مصير ابنها، ومن حق كل ناجٍ من التعذيب أن يسمع صوته، ومن حق كل طفل وُلد في السجن بسبب اغتصاب والدته أن يعرف الحقيقة كاملة، لا أن يُقال له إن ما حدث لم يكن سوى حرب على الإرهاب.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline