أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في خطر
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
قال بريت دي شايفر، باحث أول في الشؤون التنظيمية الدولية في مركز مارغريت تاتشر للحرية، إن ثمة قلقاً واسع النطاق على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
مؤشرات أهداف التنمية المستدامة في أحسن الأحوال مقاييس للتقدم نحو التنمية
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش دق ناقوس الخطر في يوليو (تموز) الماضي قائلاً: "انقضت نصف المدة التي تفصلنا عن الموعد النهائي لعام 2030، والعالم مع الأسف حاد عن مساره.
وبحسب التوقعات، قررت الأمم المتحدة عقد قمة رفيعة المستوى عن أهداف التنمية المستدامة خلال مناقشتها العامة السنوية، التي سيشارك فيها السواد الأعظم من زعماء العالم.
ضجة كبيرة حول أفكار جديدةوأضاف شايفر في مقاله بموقع "1945" أنه رغم الضجة الكبيرة حول الأفكار الجديدة لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة، ينصب تركيز هذه الأفكار غالباً على طلب المزيد من الأموال، لا سيما من الولايات المتحدة.. ويزعم الأمين العام للأمم المتحدة أن "فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة السنوية ارتفعت من 2.5 تريليون دولار قبل جائحة كورونا إلى نحو 4.2 تريليون دولار".
https://t.co/TZkmFxenWX
— R Keith Long (@r_keith_long) September 16, 2023ولفت الكاتب إلى أن هذا المبلغ المذهل من المال يُضخ في مسعى فاشل.. لن يضع المزيد من الأموال أهداف التنمية المستدامة على مسارها الصحيح، وذلك لأنها كانت معيبة منذ البداية.
اعتمدت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة عام 2015 خلفاً للأهداف الإنمائية للألفية التي انتهت صلاحيتها.. وللأهداف الإنمائية للألفية ثمانية أهداف و21 غاية و60 مؤشراً تتماشى أساساً مع الأهداف الإنمامية الموجودة من قبل، كتحسين معدلات إتمام الدراسة الابتدائية، وتأمين مياه الشرب المأمونة، وإقامة المرافق الصحية.
ورغم أن تباهي الأمم المتحدة بالنجاح في إطار الأهداف الإنمائية للألفية كان مبالغاً فيه، فقد أحرزت تقدماً بالفعل في الحد من الفقر المدقع، وذلك إلى حد كبير بفضل النمو الذي شهدته الصين والهند.. وكان التقدم متفاوتاً في مجالات أخرى، كسوء التغذية والمساواة بين الرجل والمرأة.
ورغم ذلك، ابتُليت الأهداف الإنمائية للألفية بسوء نوعية البيانات، والثغرات في البيانات، والتساؤلات عما إذا كانت التدابير تدفع عجلة التقدم أم ترصده وحسب.
أهداف غير عمليةوحسب الكاتب، تنطبق كل هذه المشكلات على أهداف التنمية المستدامة، وتهدف أهداف التنمية المستدامة التي أفرزتها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 إلى إحداث "تحول في عالمنا".. وهي تستند إلى نوايا غير واقعية وتشمل أهدافاً غير عملية.
ورأى الكاتب أن الأهداف الثمانية والـ 21 غاية والـ 60 مؤشراً للأهداف الإنمائية للألفية أكثر تواضعاً وتركيزاً بكثير من الأهداف الـ 17 والـ 169 غاية والـ 231 مؤشراً لأهداف التنمية المستدامة، وفضلاً عن العدد الأكبر بكثير، توسعت طبيعة الأهداف نفسها بمراحل.. ولم يَعُد من المقبول التركيز على الأهداف الإنمائية التقليدية كالارتقاء بعدد العاملين ونصيب الفرد من الدخل ومحو الأمية وتحسين متوسط عمر الفرد والحصول على المياه المأمونة والمرافق الصحية، إلخ.
The UN Sustainable Development Goals are Beyond Saving - https://t.co/F9bGu3ugZI
— Tom Burke (@GypsyJoker44) September 16, 2023وللتصدي "للطبيعة المعقدة" للفقر، أكد الكاتب ضرورة أن تشمل أهداف التنمية المستدامة التوسع الحضري، والتصدي لتعاطي المخدرات وتغير المناخ والصحة العقلية وتعاطي التبغ والسياحة المُستدامة، وغير ذلك الكثير.
وفي حالات كثيرة، كانت غايات أهداف التنمية المستدامة طموحة على نحو ميؤوس منه، وتهدف التنمية المستدامة إلى "إنهاء الفقر في كل مكان" و"القضاء على الجوع"، و"القضاء على عمالة الأطفال بكل أشكالها" و"القضاء على الفوارق بين الجنسين"، و"استئصال جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات في الأماكن العامة والخاصة" و"القضاء على الأحياء الفقيرة".. وهذه ليست بالأهداف الواقعية، وفق الكاتب.
ضعف البياناتوتابع الكاتب: "الأدهى من ذلك أن أهداف التنمية المستدامة، شأنها شأن الأهداف الإنمائية للألفية، يشوبها سوء جودة البيانات وفجوات هائلة"، وبحسب ما أشار البنك الدولي "عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إطار المؤشرات العالمية لأهداف التنمية المستدامة في سنة 2017، لم يكن لدى 84 مؤشراً (36%) من أصل 231 مؤشراً أي منهجية أو معايير دولية راسخة".
وعلى الرغم من محاولات سد هذه الثغرات، فإن كثيراً من البلدان، وخاصة النامية منها، لم تبلغ ببساطة عن البيانات بطريقة دقيقة يمكن التحقق منها، هذا إن أبلغت عنها أصلاً.
إن مؤشرات أهداف التنمية المُستدامة في أحسن الأحوال مقاييس للتقدم نحو التنمية، وادعاء الأمم المتحدة بأن أهداف التنمية المستدامة تقود عجلة التنمية أو تُحدث تحولاً في العالم أشبه بمن يزعم بأن عداد السرعة يجعل السيارة تتحرك، إن أهداف التنمية المستدامة تقيس أشياء كثيرة بشكل قاصر للغاية حتى أنها تستعصي على التطبيق بوصفها إستراتيجية إنمائية.
وفيما يتعلق بالكلفة، يطالب الأمين العام للأمم المتحدة العالم بأن يسد فجوة التمويل التي تُقدر بـ 4 تريليونات دولار سنوياً، وهنا دعا الكاتب الولايات المتحدة إلى "عدم تأييد هذا المطلب المشين، وإنما عليها أن تنتقد أهداف التنمية المستدامة لعدم فعاليتها، وأن تدعو إلى إعادة تقييم هذا المسعى الفاشل".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أهداف التنمية المستدامة أهداف التنمیة المستدامة الأمم المتحدة للأمم المتحدة القضاء على
إقرأ أيضاً:
«نحن المحيط»
تستضيف فرنسا الأسبوع القادم لمدة خمسة أيام مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالمحيط (UNOC3). وسيكون هذا المؤتمر لحظة حاسمة تجمع في مدينة نيس بجنوب فرنسا نحو مائة من رؤساء الدول والحكومات، وعشرات الآﻻف من المشاركين، من باحثين وعلماء وجهات فاعلة في الاقتصاد وناشطين في الجمعيات ومواطنين من جميع أنحاء العالم. وفي هذه المناسبة سيكون لفرنسا هدف واضح هو حماية المحيط باتخاذ إجراءات ملموسة.
المحيطات هي ملكنا المشترك؛ فهي التي تغذّي الشعوب وتحميها، وتجعلنا نحلم ونسافــر، وهي التي توفر لنا الطاقة المستدامة، ووسائل التجارة، والموارد، والمعرفة العلمية التي لا حدّ لها.
يعتمد فرد من بين كل ثلاثة أفراد على المحيط في كسب رزقه، ومع ذلك فإن المحيطات معرضة للخطر؛ فهي منطقة لا تزال غير معروفة إلى حد كبير، ولا تخضع لإدارة شاملة، ولا تحصل على التمويل اللازم للحفاظ عليها. وتثير الأرقام بشأنها القلق؛ فوفقا لدراسة نشرت في مجلة «ساينس»، يجري إلقاء أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات كل عام. ويضاف إلى ذلك الصيد المفرط الذي يؤثر على أكثر من ثلث الأرصدة السمكية، وتحمض المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتدمير النظم البيئية البحرية. وهذه الظواهر تتفاقم كنتيجة مباشرة لتغير المناخ.
لقد حان وقت العمل. وعلينا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نكفل ارتقاء العمل المتعدد الأطراف إلى مستوى التحديات التي تواجه حماية المحيطات.
بعد عشر سنوات على الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ واتفاق باريس الذي أتاح صياغة إطار عالمي ملزم للحد من الاحتباس الحراري العالمي؛ تمثل الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ فرصة تاريخية. وسوف تشكل «اتفاقيات نيس» ميثاقا دوليا حقيقيا للحفاظ على المحيطات، واستخدامها على نحو مستدام. وهذا يعني أن الميثاق سوف يكون متسقا بشكل مباشر مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 2015.
وتحقيقا لهذه الغاية ينبغي أن تكون المناقشات في نيس عملية وملموسة. وسيشمل ذلك العمل من أجل حوكمة أفضل، وتوفير المزيد من التمويل، وصقل المعارف بشأن البحار.
أما فيما يتعلق بالحوكمة فتشكل معاهدة حماية التنوع البيولوجي في أعالي البحار (BBNJ)أداة رئيسية. إن أعالي البحار ـ التي تشكل أكثر من 60% من المحيطات ـ هي المنطقة الوحيدة التي لا تخضع للقانون الدولي. فغياب الرقابة والقواعد المشتركة يؤدي إلى كارثة اجتماعية بيئية حقيقية؛ نتيجة التلوث الهائل بالمحروقات والبلاستيك، وأساليب الصيد غير القانونية وغير المنظمة، وصيد الثدييات المحمية. ولسد هذا الفراغ القانوني يتعين علينا أن نضمن تصديق 60 دولة حتى تدخل حيز النفاذ معاهدة حماية التنوع البيولوجي في أعالي البحار(BBNJ) المبرمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري، واستخدامه على نحو مستدام في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية.
وتتطلب حماية المحيطات أيضا حشد التمويل العام والخاص، ودعم الاقتصاد الأزرق المستدام. ولكي نتمكن من الاستمرار في الاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي يتيحها المحيط؛ فلابد أن نعمل على ضمان إمكانية تجدد الموارد البحرية. وسيعلن في نيس عن عدة التزامات في مجال التجارة الدولية، والنقل البحري، والسياحة، والاستثمار.
وأخيرا يحق لنا أن نتساءل: كيف يمكننا حماية ما لا نعرفه، أو ما لا نعرفه بالقدر الكافي؟ يجب أن نصقل المعرفة بالمحيطات، وننشرها على نحو أفضل؛ فقد أصبحنا في يومنا هذا قادرين على رسم خرائط لسطح القمر أو المريخ، ولكننا لا زلنا لا نعرف ما يوجد في قاع المحيطات، مع أنها تغطي 70 في المائة من مساحة كوكب الأرض. فلنعمل معا على حشد العلم، والابتكار، والتعليم؛ من أجل فهم أفضل للمحيطات، وزيادة الوعي العام بشأنها.
وفي مواجهة تغير المناخ المتسارع والاستغلال المفرط للموارد البحرية، فإن المحيطات ليست مجرد تحدٍ من بين تحديات أخرى بل إنها مشكلة تعني الجميع. ويجب ألا تؤدي التشكيك في تعددية الأطراف إلى إغفال مسؤوليتنا المشتركة. إن المحيطات هي همزة وصل عالمية، وهي في صميم مستقبلنا. ويمكننا معا أن نجعل من مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالمحيط (UNOC3) نقطة تحول رئيسية لشعوبنا، وللأجيال المقبلة، ولكوكبنا.
ونحن فخورون بأننا نستطيع أن نعول على التزام سلطنة عُمان بحماية البيئة، بما في ذلك المحيطات. وسنواصل معا في نيس هذه التعبئة.
نبيل حجلاوي سفير فرنسا المعتمد لدى سلطنة عمان