تأتي رياح الكوارث الطبيعية غالبا بما لا تشتهيه سفن السياسيين والاقتصاديين.. عامل خارجي يدخل على معادلات الخبراء والمحللين ليقلب توقعاتهم رأسا على عقب، ويحيل الآمنين إلى نازحين ويحول مشاهد البلاد والعباد كما لو كانت قد خرجت لتوها من حرب ضروس، تنقلب بعدها نشرات الأخبار وتتحول دفة جداول زيارات السياسيين والدبلوماسيين إلى وجهة أخرى.
وصفة الكارثة الطبيعية في الأغلب الأعم أنها مباغتة غير متوقعة ومدمرة، فلو كانت متكررة لكان الاحتياط لها أدعى. هذا بالتحديد ما حدث في كل من المغرب وليبيا خلال الأيام الماضية؛ ظواهر طبيعية غير متوقعة أتت على الأخضر واليابس في بلدين عربيين كبيرين.
من السهل توجيه أصابع الاتهام إلى المسئولين وتحميلهم تبعة الكارثة التي حلت، ومن الصعب تحديد المسئولية بدقة لأنه ليس هناك تحذير مسبق أو تنبؤ واضح يستدعي استنفارا عاما أو توجيه ميزانيات كبيرة في دول معظمها تكابد لتدبير احتياجاتها الأساسية اليومية، ناهيك عن أن عن فكر في سيناريوهات مستقبلة بعيدة المدى.
أما وأن الكوارث الطبيعة بدأت تدق أبواب بلادنا بدءا من تركيا وصولا للمغرب وليبيا، فلا مناص من مراجعة الموقف السابق من الاستعداد للكوارث والتهيؤ لها
ولكن لا ينبغي تجاهل عامل مهم وقاسم مشترك بين معظم الدول العربية، وهو أنها جميعا بلا استثناء لا تمر عليها عدة أعوام قليلة إلا وتتعرض لكارثة سواء في شكل حرب أو زلزال أو وباء أو فيضان أو إعصار أو جفاف، الأمر الذي يستدعي درجة من درجات وضع خطط طوارئ لمواجهة الأزمات في شكل سياسة استشرافية للكوارث التي يمكن أن تحدث وآلية الاستجابة السريعة لها للتخفيف من آثارها الكارثية.
من كوارث السياسات العربية أنها لا تعير مثل هذه السياسيات الاستشرافية أية أهمية، ولا يمكن أن نشدد في اللوم عليها إذا كانت دولة بحجم وإمكانيات الولايات المتحدة هي الأخرى قلصت من ميزانية الصحة العامة التي كانت معدة لمواجهة كوارث مثل الأوبئة قبل أن يأتي كوفيد 19 ليكشف هذا القصور الكبير، أما وأن الكوارث الطبيعة بدأت تدق أبواب بلادنا بدءا من تركيا وصولا للمغرب وليبيا، فلا مناص من مراجعة الموقف السابق من الاستعداد للكوارث والتهيؤ لها.
كثير من السياسات الاستشرافية للكوارث الطبيعية لا تتطلب قدرا كبيرا من الاستعداد سوى وضع خطط الطوارئ التي يمكن تفعيلها سريعا وقت حدوث الأزمة، بمعنى أن الأمر في حقيقته لا يتطلب ميزانيات ضخمة كبيرة بقدر ما يتطلب قدرا من الوعي وترتيب الأولويات، خاصة إذا عرفنا أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لديها سياسات تساعد الدول في هذا الشأن فيما يعرف بسياسات الحد من مخاطر الكوارث.
عصر الكوارث الناجمة عن التغير المناخي قد بدأ بالفعل، وأن على الدول أن تحدد موقفها إما التأقلم وتأهيل البنية التحتية في الدول لمواجهة ما هو قادم أو الاستعداد لسقوط عدد كبير من الضحايا
الأمر الآخر أن القاسم المشترك بين الدول الثلاث في منطقتنا جراء الكوارث الطبيعية هو أن كل كارثة تفوق قدرة الدولة، ولذلك احتاجت إلى الاستعانة بمساعدات من الدول الأخرى والمنظمات الإغاثية الدولية، ولهذا من المهم والمفيد أن تستعين الدول بشكل مسبق بالمنظمات الإغاثية الدولية في التخطيط لطرق الاستجابة السريعة للكوارث التي تفوق طاقتها. وقد أتيحت لي فرصة الاقتراب من أكثر من منظمة إغاثية دولية خاصة وقت الأزمات والكوارث ووجدتها تجيد التعامل مع هذا الأمر؛ لسبب بسيط كونها تتعامل معه بشكل شبه يومي، بعكس السلطات المحلية في أي دولة والتي لا تملك الخبرة والدراية الكافية للتعامل مع الكارثة خاصة إذا كانت مباغتة.
في مقال لها بمجلة فورين أفيرز الأمريكية قبل أيام، تقول الخبيرة في مجال المناخ أليس هيل، إن عصر الكوارث الناجمة عن التغير المناخي قد بدأ بالفعل، وأن على الدول أن تحدد موقفها إما التأقلم وتأهيل البنية التحتية في الدول لمواجهة ما هو قادم أو الاستعداد لسقوط عدد كبير من الضحايا.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كوارث التغير المناخي ليبيا المغرب كوارث التغير المناخي مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حزب الوعي: زيارة الرئيس السيسي للإمارات رسالة بثبات السياسة الخارجية لمصر
قال المستشار علي فايز، سكرتير عام مساعد قطاع الصعيد بحزب “الوعي”، وعضو الهيئة العليا، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ولقاءه المرتقب مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تأتي في توقيت مهم، لا سيما في ظل حالة الاضطراب والصراعات التي تشهدها المنطقة خلال الفترة الأخيرة، وتكشف بدورها عن قوة ومتانة العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين.
وأضاف “فايز”، في بيان، أنه لا يخفى على أحد أن المنطقة العربية تشهد تطورات إقليمية متسارعة وأحداثا جساما؛ تتطلب وبشكل عاجل المزيد من التنسيق والتشاور بين العواصم المحورية، وعلى رأسها القاهرة وأبو ظبي، بهدف دعم جهود الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات المشتركة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، موضحًا أن زيارة الرئيس السيسي تستهدف بما لا يدع مجالًا للشك استمرار التنسيق بين البلدين الشقيقين، وتوحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية في ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها العالم، ولها تأثيراتها الكبيرة على المنطقة العربية.
وأوضح سكرتير عام مساعد قطاع الصعيد بحزب “الوعي”، وعضو الهيئة العليا، أن أبرز ما يُميز لقاءات الرئيس السيسي مع الشيخ محمد بن زايد أنها تُسهم في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية التي تُحقق مصالح الشعبين، فضلًا عن تكثيف الجهود المشتركة لتعزيز العمل العربي المشترك للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة العربية من المحيط للخليج، مؤكدًا أن هناك توافقًا كبيرًا بين الزعيمين تجاه جميع القضايا لتسوية الأزمات القائمة في المنطقة بما يراعي مصالح الشعوب العربية، ويُعزز التضامن العربي ويُحقق الاستقرار والرخاء في المنطقة.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس السيسي للإمارات تحظى بأهمية كبيرة؛ لأنها تؤكد على محورية التنسيق المصري الإماراتي في التعاطي مع الملفات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والأوضاع في السودان، وليبيا، واليمن، وسوريا، علاوة على مواجهة التهديدات التي تستهدف الأمن القومي العربي، موضحًا أن للزيارة أبعاد اقتصادية مهمة، حيث إنه من المتوقع أن تشهد مباحثات الرئيسين تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستثمار والتنمية، لا سيما في ظل ما تشهده مصر من مشروعات قومية كبرى، وما تمتلكه الإمارات من خبرات وإمكانات مالية واستثمارية ضخمة.
وأكد أن اللقاء المُرتقب بين الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يبعث برسالة سياسية واضحة من القيادة المصرية بشأن ثبات السياسة الخارجية لمصر، القائمة على تعزيز الشراكات العربية، ودعم أمن واستقرار دول الخليج، ومساندة الجهود الرامية إلى التهدئة وتجاوز الصراعات في المنطقة من خلال الحوار والتنسيق البناء، موضحًا أن التنسيق المصري الإماراتي ركيزة أساسية لحماية الأمن القومي العربي، ويعمل البلدين معًا من أجل تحقيق مستقبل أكثر استقرارًا ورخاءً لشعوب المنطقة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية والصراعات العبثية التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.