جريدة الوطن:
2025-05-20@15:52:27 GMT

فن الدبلوماسية .. مفاهيم وتاريخ فن الإتيكيت «1»

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

فن الدبلوماسية .. مفاهيم وتاريخ فن الإتيكيت «1»

يتوقَّع الكثيرون بأنَّ فنَّ الإتيكيت هو عبارة عن طريقة مَسْك السّكِّين والشوكة أثناء الأكل، كما يتساءل البعض من مختلف المستويات والمناصب: هل فنُّ الإتيكيت يُعدُّ من كاريزما الموظف والذي سوف يتبوَّأ منصبًا أعلى أم وظيفة مهمَّة؟ وهل فنُّ الإتيكيت أهمِّيته أهمِّية الطِّب والهندسة والعلوم الأخرى؟ وأنا شخصيًّا أُجزِّئ فنَّ الإتيكيت إلى جزءين رئيسَيْنِ هما: (أوَّلهما: فنُّ الإتيكيت الحكومي، وثانيهما: الإتيكيت الاجتماعي).


وقَبل التطرُّق إلى هذه المفاهيم والإجابة عليها؛ علَيْنا التعرُّف أوَّلًا إلى أصْل كلمة إتيكيت وهي: فرنسيَّة اللُّغة، ويخبرنا التاريخ الحديث بأنَّ لويس الرابع عشر ملك فرنسا اعتاد دعوة مختلف شرائح المُجتمع إلى قصر فرساي للحفلات، وقَدْ واجَه فلاح وبستاني القصر مُشْكلة كبيرة بسبب أنَّ جميع الحضور الذين يتوافدون إلى القصر؛ يمشون على العشب والزهور بطريقة عشوائيَّة، وهو لا يتمكن من منع النبلاء من المشيِ غير المنظَّم، فأخبر الملك بذلك والذي بِدَوْره أصدرَ مرسومًا بوضع لافتة اسمها (إتيكيت) لِتحذِّرَهم من المشي العشوائي، وأوضح فيها مسارات وأماكن الدخول والخروج، ثمَّ تطوَّرت لِتشملَ كُلَّ الأشياء التي نفعلها وتساعدنا على التوافق بشكلٍ أفضل مع مَن نلتقيهم في حياتنا الاجتماعيَّة أو الرسميَّة وهي متطابقة ومتوازية مع فنِّ البروتوكول، والاثنان هما عملة واحدة ذات وجهَيْنِ. وكلمة (Etiquette) مستنسخة أصلًا من (The Ticket) وهي تذكرة التي تُلصق على الطَّرد البريدي وتشرح محتواها وكيفيَّة التعامل مع هذا الطَّرد، لِتتطوَّرَ بعد ذلك لِتصبحَ على بطاقات الدَّعوة في القصور الفرنسيَّة، وتشرح كيفيَّة الدخول والخروج وبقيَّة التفاصيل في حضور ضيوف الملك من وزراء وأُمراء وبقيَّة المناصب الاجتماعيَّة والرسميَّة. وتطوَّرت الكلمة كثيرًا، خصوصًا بعد عصر النهضة (عصر التنوير) في بدايات القرن السادس عشر لِتضعَ التعريف المناسب لها بصورة مختصرة، وهو فنُّ التعامل والسُّلوك الرَّاقي الأخلاقي المُهذَّب والذَّوق الرفيع، واحترام النَّفْس والتعامل مع الآخرين بمختلف مسمَّياتهم بأرقى خصائل الأصالة والكرم والإنسانيَّة والمشاعر الرقيقة والتواضع وجميع الصِّفات الحسَنة، لِيجتمعَ علماء النَّفْس الاجتماعي مع كبار الدبلوماسيِّين ليتَّفقوا على عنوان لكلمة الإتيكيت ألَا وهو (كافَّة الخصال الأخلاقيَّة الطيِّبة الحميدة) والذي يجمع بَيْنَ فنِّ الذَّوق واللَّباقة والمُجاملة، وإتيكيت التعامل مع الآخرين بحِرفيَّة عالية. وقَبل قصر فرساي يخبرنا التاريخ القديم بأنَّ حضارتَيْ وادي الرافدين والفراعنة هما مَن استخدم فنَّ الإتيكيت وإن (لَمْ يعرفوا هذه الكلمة) من خلال الألواح الطينيَّة المنقوشة علَيْها الرسوم التي تُدلِّل على استخدامهم فنَّ الإتيكيت والبروتوكول. ولقَدْ عَرف العرب بعصر الجاهليَّة بعضًا من هذه الفنون، فكان ـ على سبيل المثال ـ أحيحة جد سعيد بن العاص إذا لبس عمامة، لَمْ يلبس أيُّ قريشي عمامة بلوْنِ عمامته إعظامًا واحترامًا له، لذلك كان يُلقَّب بذي العمامة.
والدبلوماسيَّة الإسلاميَّة، المعتمدة على القرآن الكريم والسِّيرة النبويَّة الشريفة، تطرَّقت إلى كافَّة مجالات الإتيكيت الحكومي والاجتماعي، ولا يزال كثير من المدارس الدبلوماسيَّة تنسخ من القرآن الكريم كثيرًا من الآيات الكريمة لِتبنيَ علَيْها نظريَّاتها بفنِّ الإتيكيت، مثال ذلك: المدرسة البريطانيَّة التي وضعت ستَّة مستويات لنبرة الصوت مستندة إلى الآيات الكريمة، حيث قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ…)(الحجرات ـ 2)، وهو مثال ودرس ربَّاني راقٍ وكامل علَيْنا الاقتداء والعمل به جميعًا، حيث نبرة ومستوى الصوت له دلالات جوهريَّة في حياتنا، وكذلك قال تعالى:(… وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ…) (لقمان ـ 19). يُعدُّ فنُّ إتيكيت نبرة الصوت ـ على سبيل المثال ـ من أهمِّ العلامات المَدَنيَّة الحديثة بفنِّ دبلوماسيَّة الحديث وعِلم النَّفْس الاجتماعي. ويُقصد بإتيكيت الصوت هو (مستوى ارتفاع وانخفاض الصوت لدى الشخص)، وكان من أهمِّ الدروس التي تُدرَّس في المدرسة الفرنسيَّة الدبلوماسيَّة في نهاية القرن الثامن عشر، لكنَّه يعكس شخصيَّة الإنسان في المُجتمع. وكُلَّما كانت نبرة الصوت هادئة ومنخفضة، دلَّل على رُقي الشخص في أخلاقه وتربيته ومستوى تعليمه. ويُعدُّ إتيكيت الصوت في السِّلك الدبلوماسي من إحدى أهمِّ الدلائل الإيجابيَّة للدبلوماسي ورُقي معلوماته وحنكته وشخصيَّته، وخصوصًا في المحافل الدوليَّة وحضور المناسبات الوطنيَّة في ساحة عملهم، وأنَّ هدوء نبرة الشخص ومستوى صوته يُسمَّى في العُرف الدبلوماسي (الصوت الملَكي أو السُّلطاني)؛ لكونه منخفض المستوى وهادئ النبرة ومُعبِّرًا بنَفْسِ الوقت، وهذا ما هو مطلوب في كل شرائح المُجتمع بدءًا من العائلة والتي هي أصغر مُكوِّن أو نواة بالحياة إلى أكبر المُجمَّعات البَشَريَّة، وهي الأسواق والمُجمَّعات ومحطَّات القطارات وصالات المطارات.. وفي الختام نتكلم بالمقال القادم عن أقسام وأجزاء فنِّ الإتيكيت.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

اختتام فعاليات الدورة الدبلوماسية لتنس الطاولة في دمشق

دمشق-سانا

اختتمت اليوم فعاليات الدورة الدبلوماسية لتنس الطاولة في صالة الجلاء بدمشق، والتي أقامتها وزارة الخارجية والمغتربين وبالتعاون مع وزارة الرياضة والشباب، بمشاركة 40 لاعباً من 16 دولة مثلوا السفارات والبعثات الدبلوماسية في دمشق.

وحل في المركز الأول ارتين ممثلاً عن الأمم المتحدة، ونال المركز الثاني غريغور ممثلاً عن روسيا الاتحادية، في حين ذهب المركز الثالث لمحمد القطان ممثلاً عن جمهورية البارغواي.

معاون وزير الرياضة والشباب جمال الشريف أكد في تصريح لـ سانا، أن هذه الفعالية تندرج ضمن  خطة الوزارة في تفعيل هذا النوع من الرياضات، بهدف إفساح المجال للجميع لممارسة الرياضة، وتشجيع جميع الفئات العمرية على المشاركة وتطوير رياضة بلدنا والنهوض بها،  مشيراً إلى أن الرياضة ليست حكراً على المحترفين في العمل الرياضي، بل هي لكل الناس بجميع مجالاتها، إضافة إلى أن هذا النوع من الفعاليات يجعل الوزارة في أجواء التعاون مع الوزارات الأخرى.

بدوره، بيّن سفير البحرين في سوريا، وحيد مبارك سيار، أن الدورة الدبلوماسية تهدف إلى توطيد وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين أعضاء السلك الدبلوماسي بدمشق، كون الرياضة تشكّل قاسماً مشتركاً بين الجميع، وتخلق بيئة من التنافس الشريف لتوطيد أواصر الأخوّة والمحبّة والتسامح التي تربط بين شعوب دول العالم، متمنياً أن يعمّ الأمن والسلام والتقدّم والازدهار في ربوع سوريا، وأن يستمر تنظيم مثل هذه الدورات وتطويرها في المستقبل لتنمية القدرات الرياضية وتعزيز علاقات الأخوّة والترابط بين أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي في دمشق.

وقدّم السفير سيار التهاني لسوريا، حكومةً وشعباً، بمناسبة إعلان رفع العقوبات الاقتصادية، وما تحمله من أهمية في تعزيز جهود الحكومة السورية نحو تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، واستعادة دور سوريا الفاعل في محيطها العربي وعلى الساحة الدولية، وتلبية تطلعات الشعب السوري الشقيق في التنمية والازدهار.

من جانبه أشار مدير الإدارة القنصلية في وزارة الخارجية والمغتربين، محمد براء شكري، إلى أن هذه الفعالية تسهم في بناء النسيج العربي بعيداً عن الطابع الرسمي، وجاءت بمبادرة من السفير البحريني بهدف الخروج من الإطار الرسمي والتركيز على المبادرات الرياضية في أجواء خالية من الضغوط، مشيراً إلى أن الفعاليات الرياضية لطالما ساهمت في توحيد الشعوب، وأن هذه الفعالية تحديدًا تعزز أواصر الترابط والتعاضد بين الدول العربية من خلال ممثلي البعثات الدبلوماسية.

زهير العم رئيس الاتحاد العربي السوري لكرة الطاولة، لفت إلى المستوى المتميز لكرة الطاولة السورية من حيث الأداء والنتائج، حيث تمكنت لاعباتنا الشابات مؤخراً من التأهل إلى بطولة غرب آسيا والتي ستقام لاحقًا، والتأهل أيضاً في فريق السيدات لبطولة العالم بعد تصدر بطولة غرب آسيا في السعودية.

نذير عربينية أمين سر الاتحاد قال: إن من نتائج الثورة السورية عودة العلاقات مع الدول الصديقة والمجاورة والعالمية، وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً في استضافة سوريا بطولات عالمية أو قارية.

اللاعبة هند ظاظا لاعبة منتخب سوريا، عبرت عن سعادتها برفع العقوبات عن سوريا، وخاصةً أن سوريا حجزت مكاناً لها في بطولتي آسيا للشابات وبطولة العالم للسيدات، مبينة سعيها إلى جانب اللاعبات المشاركات في البطولتين إلى تمثيل سوريا وتحقيق أفضل النتائج.

شارك في الدورة ممثلو دول البحرين والسعودية وأذربيجان وتونس والإمارات وقطر وباكستان وأبخازيا والفلبين ومصر وإندونيسيا وروسيا والسودان والباراغواي، إضافة إلى ممثلي الأمم المتحدة وسوريا.

الدورة الدبلوماسية تنس الطاولة في دمشق 2025-05-17SAMERسابق وزير الخارجية يتفق مع نظيره المغربي على إقامة علاقات دبلوماسية وفتح السفارتينآخر الأخبار 2025-05-17وزير الخارجية يتفق مع نظيره المغربي على إقامة علاقات دبلوماسية وفتح السفارتين 2025-05-17رئاسة الجمهورية: مرسوم رقم (18) حول الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي 2025-05-17شركات النقل البحري تفعل رحلاتها بين مرسين وطرطوس بعد انقطاع أكثر من عشر سنوات 2025-05-17عودة التيار الكهربائي إلى محافظتي درعا والسويداء بعد إصلاح الأعطال على خط الكسوة – الشيخ مسكين 2025-05-17إصابة 11 شخصاً جراء انفجار خزانات مياه ساخنة في فرن بمدينة جرابلس 2025-05-17أنشطة ترفيهية وثقافية للأطفال في المتحف الوطني بدمشق 2025-05-17وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية ضمن وزارة الدفاع 2025-05-17عيادة متنقلة للهلال الأحمر لدعم العائدين إلى منازلهم في ريف حماة الشرقي 2025-05-17مركز الأقصاب الطبي الخيري يقدم أكثر من 50 جلسة مجانية لغسيل الكلية أسبوعياً 2025-05-17مياه دمشق وريفها: الفيديو المتداول حول فيضان نبع الفيجة غير صحيح ويعود لأعوام سابقة

صور من سورية منوعات دراسة علمية تكتشف علاجاً واعداً لاستعادة البصر 2025-05-14 اكتشاف آلية غير متوقعة وراء تلف القلب بعد النوبات 2025-05-09فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • بمواصفات مذهلة وبطارية جبارة .. إليك أفضل سماعات أذن لاسلكية في الأسواق
  • سوني تطلق WH-1000XM6: سماعة مطوّرة بصوت نقي وتصميم قابل للطي!
  • اجتماع دولي في الرباط لدعم حل الدولتين.. هل تنجح الدبلوماسية في تحريك السلام؟
  • إبداعات طلابية ترسخ مفاهيم الهوية والانتماء في صحار وإبراء
  • إيران: المحادثات النووية ستفشل إذا ضغطت أمريكا واستدعاء ممثل بريطاني الدبلوماسي
  • «تريندز»: جولة ترامب الخليجية.. عصر جديد من الدبلوماسية الاقتصادية
  • الإمارات: تغليب الدبلوماسية والعمل المشترك ضمانة معالجة الأزمات
  • المعهد الدبلوماسي يحتفل بتخريج 12 دبلوماسيا ضمن برنامج الماجستير التنفيذي بمعهد الدوحة للدراسات العليا
  • مصطفى الروبي يكتب: الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد.. مفاهيم قانونية
  • اختتام فعاليات الدورة الدبلوماسية لتنس الطاولة في دمشق