هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على عمل الصحفيين؟.. خبراء بريطانيون يجيبون
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
لندن – رسائل طمأنة كثيرة حملتها ندوة تقديم نتائج الاستطلاع العالمي حول "الذكاء الاصطناعي وغرف الأخبار"، الذي أعلنت عنه "مبادرة غوغل للأخبار" وقسم الصحافة في جامعة لندن للاقتصاد، والذي يعد حاليا أكبر دراسة في العالم تقدم صورة واضحة عن اعتماد وسائل الإعلام العالمية على الذكاء الاصطناعي في عملها اليومي.
سؤال "هل سيعوض الذكاء الاصطناعي عمل الصحفيين؟" كان الشغل الشاغل لأغلبية الحاضرين للندوة التي احتضنها مقر صحيفة "فايننشال تايمز" في لندن، وأغلبهم من الصحفيين والباحثين في الإعلام.
الجواب تكفل به عدد من خبراء الإعلام البريطانيين، بعد تقديم نتائج الاستطلاع، الذي أنجزه البروفيسور شارلي بيكيت، مسؤول برنامج الصحافة في كلية لندن للاقتصاد، والإعلامية ميرة ياسين التي تكفلت بإدارة هذا الاستطلاع.
وشملت الدراسة 105 مؤسسات إعلامية في أكثر من 46 دولة حول العالم، وموضوعها الأساسي هو حول استعمال هذه المؤسسات للذكاء الاصطناعي، وتصور الصحفيين عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، والموقف منه.
تظهر نتائج الدراسة أن الفوارق في الإمكانيات بين وسائل الإعلام في الدول الغنية (دول الشمال) ونظيراتها في دول الجنوب، ستبقى حاضرة حتى من حيث استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي والوصول إليها، وتقول الدراسة إن أكثر من سيستفيد من الذكاء الاصطناعي من الناحية الاقتصادية والتقنية هي وسائل الإعلام في الدول الغنية؛ بسبب توفر البنية التحتية الضرورية، بينما ما تزال دول الجنوب "تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وثقافية لحد الآن".
وأكّد 75% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم استعملوا الذكاء الاصطناعي لمرة واحدة على الأقل في عملهم الصحفي، والمثير أن ثلث غرف التحرير التي شملها الاستطلاع أكدت أنها وضعت بالفعل إستراتيجية لاستعمال الذكاء الاصطناعي، وأكد الثلث أيضا أنهم مستعدون لمواجهة التحديات التي سيفرضها الذكاء الاصطناعي على غرف التحرير.
وبيّن 40% من المستجوبين أن نظرتهم حول الذكاء الاصطناعي لم تتغير خلال السنوات الماضية، إما بسبب إنهم ما زالوا مبتدئين في هذا التخصص أو أن مؤسساتهم الإعلامية لا تشتغل بأي تقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
بينما عبّر 60% من الصحفيين عن مخاوفهم من عدم احترام برامج الذكاء الاصطناعي لأخلاقيات الممارسة الصحفية، وكيف يمكن لهذه البرامج أن تحترم الدقة في المعلومات والتوازن والحياد وكذلك الشفافية، وألا تتحول لوسيلة لنشر الأخبار الزائفة والتحريض على العنف.
ويُجمع أغلبية الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع (بنسبة 80%) على أن الذكاء الاصطناعي سيصبح عنصرا أساسيا في العمل الصحفي، وسيدخل جميع غرف التحرير في المستقبل، وهي مرحلة يجب أن يستعد لها الصحفيون.
"التغيير قادم"
يؤكد البروفيسور شارلي بيكيت في تصريح للجزيرة نت أن "الذكاء الاصطناعي لن يقضي على الصحفيين، ولكن يجب الاستفادة من الفرص التي سيقدمها في العمل الصحفي، لأنني مقتنع أن التغيير قادم لا محالة"، مضيفا أنه لمس خلال إجراء هذا الاستطلاع "وجود تيارين في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، تيار متخوف جدا من الأمر ويخشى أنه قد يفقد وظيفته، وتيار يعتقد أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه عمل كل شيء نيابة عن الصحفي وهذا تصور خاطئ".
وتوقّع البروفيسور البريطاني أن الذكاء الاصطناعي "سيساعد الصحفيين في دول الجنوب، كما هو الحال في المنطقة العربية، وخصوصا الذين يشتغلون على صحافة التحقيق"، مضيفا أنه على الصحفيين في هذه المناطق أن يتعاونوا فيما بينهم "من أجل تقاسم الخبرات وحتى الإمكانيات، وأعتقد أن برامج الذكاء الاصطناعي ستسهل أيضا إمكانية جمع المعلومات وتدقيقها".
أما بالنسبة للصحفيين الذين يشتغلون في بيئات صعبة، حيث المراقبة الحكومية والتضييق على الحريات "فإن الذكاء الاصطناعي لن يغير من الواقع في شيء، ذلك أن الصحفيين الذين يشتغلون على التحقيقات في هذه المناطق سيكون عليهم مواجهة المخاطر كما العادة"، مضيفا أن "تلك الحكومات هي أيضا تستثمر في هذه البرامج من أجل نشر أخبار تناسب روايتها للأحداث".
مساعد وليس منافساتعترف جاين باريت المديرة العامة للوسائط الرقمية في وكالة "رويترز" في تصريحها للجزيرة نت، أنه من الصعب الحسم في إمكانية "حصول الصحفيين على الحماية وسلامتهم الشخصية، من خلال استعمال برامج الذكاء الاصطناعي"، مضيفة أنه "من الصعب الحكم على الأمر حاليا".
وأكدت باريت أن هناك إقبالا على برامج الذكاء الاصطناعي والحلول التي تقدمها "من طرف وسائل الإعلام -حتى في دول الجنوب- لكن في المقابل هناك نقص كبير في الموارد التقنية والبنية التحتية".
وعبرت باريت عن قناعتها بأن "الذكاء الاصطناعي لن يستعيض عن الصحفيين أبدا، وتقول "حاليا أستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملي اليومي بشكل كبير وهي مساعدة لي، لكن لن تأخذ مكان الصحفي، والذي ممكن أن يعوض مكان الصحفي هو صحفي آخر يتقن استعمال الذكاء الاصطناعي".
وأشارت باريت إلى أنه على الصحفيين التعامل مع الذكاء الاصطناعي "كوسيلة جديدة تُضاف للوسائل التي بين أيديهم، لتسهيل عملهم وليس للقيام بعملهم"، كما دعت الصحفيين إلى "عدم النظر إلى الذكاء الاصطناعي كخطر ومحاولة تجاهله، بل على العكس يجب الاستفادة منه وتعلم تقنياته".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تقنیات الذکاء الاصطناعی برامج الذکاء الاصطناعی وسائل الإعلام دول الجنوب
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يكشف التوحد في ثوانٍ
في ثوانٍ قليلة، ومن خلال حركة بسيطة بأصابع اليد استطاع الذكاء الاصطناعي أن يرصد إشارات عصبية تشير لاحتمال الإصابة بالتوحّد.
هذا ما كشفته دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة يورك الكندية بالتعاون مع مؤسسات بحثية أخرى، حيث توصّلوا إلى طريقة جديدة قد تُحدث تحولًا جذريًا في كيفية تشخيص اضطراب طيف التوحّد.
تشخيص التوحّد
وبحسب موقع "bgr"اعتمدت الدراسة على اختبار بسيط: طلب من 59 شابًا وفتاة في العشرينات من عمرهم التقاط أجسام مستطيلة باستخدام إصبعين فقط ، الإبهام والسبابة. الأجسام المستخدمة كانت مشابهة لتلك التي نتعامل معها يوميًا.
بالرغم من بساطة هذه الحركة الظاهرة، إلا أنها تخفي خلفها عالمًا غنيًا من البيانات الحركية الدقيقة، فقد راقب الباحثون سرعة حركة الأصابع، وزاوية القبضة، ومسار اليد، إضافةً إلى التوقيت الذي تصل فيه الأصابع إلى أقصى درجة من الضغط.
كل هذه المعلومات تم جمعها بواسطة مستشعرين صغيرين فقط، ثم خضعت لتحليل معمّق باستخدام خمسة نماذج من خوارزميات التعلم الآلي، مما أتاح للذكاء الاصطناعي قراءة أنماط دقيقة قد ترتبط باضطراب طيف التوحّد.
أذهلت النتائج فريق الباحثين، إذ أظهر الذكاء الاصطناعي قدرة ملحوظة على التمييز بين الأفراد المصابين بالتوحّد وغير المصابين، بدقة وصلت إلى 89%. وقد حققت جميع نماذج التعلم الآلي المستخدمة في الدراسة أداءً ثابتًا تجاوزت فيه الدقة نسبة 84%، ما يجعل من هذه الطريقة واحدة من أكثر الأساليب فعالية في مجال التشخيص المبكر للتوحّد.
أسرار الدماغ
تُعتبر حركات "الوصول والقبض" من أبسط السلوكيات التي نؤديها يوميًا، لكنها تعتمد في الواقع على تنسيق دقيق ومعقّد بين الدماغ والجهاز الحركي. وتشير دراسات سابقة إلى أن الأشخاص المصابين بالتوحّد يُظهرون اختلافات طفيفة في هذا التناسق، قد لا تُلاحظ بالعين المجردة.
وهنا تبرز أهمية هذه الحركات؛ فهي تشكّل ما يشبه "بصمة عصبية" فريدة، يستطيع الذكاء الاصطناعي التقاطها وتحليلها بدقة، ما يفتح بابًا جديدًا لفهم التوحّد وتشخيصه من خلال أبسط تفاصيل الحركة.
تشخيص مبكر دون تعقيد
لا تحتاج الوسيلة المقترحة إلى تصوير دماغي معقّد أو جلسات تقييم طويلة ومرهقة؛ إذ يكفي استخدام مستشعرين صغيرين مع خوارزمية ذكية لتحليل البيانات، ما يجعلها حلاً واعدًا يمكن تطبيقه بسهولة في المدارس، وعيادات الأطفال، وحتى في البيئات التي تفتقر إلى التجهيزات الطبية المتقدمة.
ومع ذلك، شدّد الفريق البحثي على أهمية إجراء دراسات إضافية على فئة الأطفال، كونها الفئة الأكثر أهمية لتحقيق الفائدة القصوى من التشخيص المبكر.
هل نقترب من خريطة رقمية للتوحّد؟
يأمل الباحثون أن تسهم هذه التقنية في إحداث نقلة نوعية في فهم اضطراب طيف التوحّد، من خلال قدرتها المستقبلية على التعرّف على أنواعه الفرعية، وتطبيقها في بيئات تعليمية وطبية واقعية، بل وربما دمجها لاحقًا مع أدوات تحليل إضافية كالصوت وتعابير الوجه، مما يعزز من دقة التشخيص وسرعته.
وفي عالم تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، تلوح في الأفق إمكانية أن تكون أبسط الحركات اليومية، كطريقة الإمساك بالأشياء، هي المفتاح لفهم أعقد الاضطرابات العصبية. ما كان يستغرق شهورًا من الفحوصات الدقيقة والتقييمات السريرية، قد يتحوّل قريبًا إلى تشخيص سريع، يُحسم في ثوانٍ... بين إصبعين فقط.
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: الاتحاد - أبوظبي