الجزيرة:
2025-05-27@21:30:07 GMT

التنصت على اللاعبين.. معضلة كرة القدم وسرها الدنيء!

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

"نحن نتحدث عن مساحة رمادية هنا، لو التزم ناديك بالقانون والأبيض والأسود فهناك احتمال كبير بألا تتمكن من التوقيع مع أي لاعب!"

كان هذا أول ما صرح به ريتشارد بيري، محامي التوظيف الرياضي بمؤسسة لويس سِلْكِن، في مقابلة مع سكاي سبورتس بتاريخ 21 يونيو/ حزيران 2017، عقب الضجة التي أُثيرت حول تعامل ليفربول "غير المحترم" -طبقا لمسؤولي ساوثهامبتون- مع قضية انتقال مدافعهم فيرخِل فان دايك إلى صفوف الأول (1).

هناك مشكلتان رئيستان في هذا التصريح: الأولى أنه صادر من محامي توظيف رياضي في مقابلة مع سكاي سبورتس عقب الضجة التي أُثيرت حول تعامل ليفربول "غير المحترم" -طبقا لمسؤولي ساوثهامبتون- مع قضية انتقال مدافعهم فيرخِل فان دايك إلى صفوف الأول، لماذا؟ بسبب المشكلة الثانية طبعا، وهي أن القانون ذاته لا يعرف الأبيض والأسود، ولم يعرفه قط. في الواقع، قانون الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم -في تلك الجزئية تحديدا- ليس إلا مساحة رمادية ضخمة.

من فضلك.. حاول التنصت

هل اقتحمنا الموضوع من منتصفه؟ حسنا، دعنا نعد للخلف بضع خطوات، "التنصت" المقصود ليس إلا الترجمة الحرفية لمصطلح "Tapping Up" الإنجليزي المتداول، ولكنه لا يشرحه فعليا. في الواقع، الأمر لا يشتمل على أي تنصت بالمعنى الدارج، بل المقصود بالـ"Tapping Up" هو "التواصل مع لاعب متعاقد مع نادٍ دون الحصول على موافقة هذا النادي الخطية" (2).

بمعنى آخر، لنفترض أن أرسنال يرغب في ضم دكلان رايس من وست هام مثلا، الإجراء "القانوني" هنا سيكون التواصل مع وست هام أولا لإعلامهم برغبة أرسنال في التحدث مع اللاعب والحصول على موافقتهم، ثم بدء التواصل مع رايس، وفي حال إظهار اللاعب رغبة في الانضمام لأرسنال، يعود الأخير إلى وست هام ليتفق معهم على السعر المحتمل للصفقة، وبمجرد الاتفاق، يبدأ محادثاته مع رايس بشأن عقده وراتبه وشروطه الشخصية (3).

View this post on Instagram

A post shared by Arsenal (@arsenal)

هذا لم يحدث طبعا، أرسنال، مثله مثل 100% من أندية كرة القدم في العالم، لم يرسل عرضه الأول إلى فاكس وست هام إلا بعد بضعة أشهر من التواصل مع اللاعب ومحيطه، ومن ثم فإن أرسنال، مثله مثل 100% من أندية كرة القدم في العالم، لم يبرم الصفقة إلا بمخالفة القانون. من هنا أتت المقولة الأميركية المتداولة في صفقات كرة السلة: "إن لم تكن ’تتنصت’، فأنت لا تحاول بما يكفي" (4).

الفقرة السابقة قد توحي لك، مثلما أوحى القانون لريتشارد بيري، بأن هناك خطوطا بيضاء وسوداء، ولكن هذا ليس حقيقيا طبعا، لو كان حقيقيا لما كانت هناك مشكلة، ولكن القانون غير المنطوق يقول إن الإنجليز لا يفعلون الأشياء مثل باقي العالم، ومن هنا أتت المشكلة في القانون المنطوق.

نظريا، القاعدة T.1.2 في كتاب قواعد البريميرليغ تقول إنه "لا يحق للاعب المتعاقد، سواء بنفسه أو بالوكالة، القيام بـ’اقتراب’ مشابه للمذكور في القاعدة T.5 دون موافقة ناديه الخطية". طبعا القواعد T.5 وT.6 تشرح المقصود بـ"الاقتراب" أو "Approach"، ومن ضمن طرق هذا الـ"اقتراب" -صدق أو لا تصدق- "الإعلان أو الترويج لاحتمالية انضمام اللاعب لهذا النادي أو ذاك، سواء بنفسه أو بالوكالة" (4).

كل هذا جميل ورائع وواضح ولا شيء رمادي بشأنه. الآن، ماذا يحدث لو لم يلتزم اللاعب/وكيله/النادي بهذه القاعدة؟ اقرأ ما يلي فضلا من كتاب القواعد نفسه:

"لا يحق لأي نادٍ، سواء عن طريق مسؤوليه، أو لاعبيه، أو أي شخص بالوكالة عنه، أو أي وسيط، أن "يقترب" من لاعب ساري العقد، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

حتى هنا يبدو كل شيء على ما يرام. الآن تابع القراءة:

"في حال حدوث ’اقتراب’ مشابه، يحذر كتاب القواعد من وقوع هذا النادي في مخالفة للقوانين، وقد يقع تحت أحكام القسم W من قانون الانضباط" (5).

سواء لاحظت المشكلة في نص القانون أو لم تلاحظها، فلا مشكلة، لأنه لا فارق بين الحالتين.

"قد" الردع بيب غوارديولا، مدير مانشستر سيتي، يتحدث مع لاعبيه في مباراة كأس السوبر الأوروبي 2023 (غيتي)

صدق أو لا تصدق، هناك مجموعة من المحامين والأخصائيين القانونيين وضعوا تفصيلا مملا لتعريف "اقتراب" النادي/اللاعب من اللاعب/النادي، لدرجة أنهم وصفوا "الإعلان أو الترويج لاحتمالية انضمام اللاعب" من المادة T.6 بأنه يعد "اقترابا غير مباشر"، ثم بعد كل ذلك رهنوا العقوبة بـ"قد" (4).

الآن تخيل هذه الـ"قد" في أي سياق آخر، مهما كان سخيفا، وستدرك أنها لن تزيده إلا سخافة، مثلا غوارديولا يجتمع بلاعبيه في المحاضرة الأخيرة قبل نهائي دوري الأبطال، وبعد أن يفرغ من شرح تعليماته، يلتفت لإيدرسون قائلا: "إيدي، أحذرك! لو أحرزت 9 أهداف في مرماك بالخطأ فقد نخسر المباراة!".

القاعدة التاريخية المطلقة منذ وُجد البشر على سطح الأرض تقول إن تلك الـ"قد" ليست إلا "قد الحثّ"، عندما يترك واضع القانون، ذو السلطة المطلقة، الباب مواربا، فهذا إعلان ضمني بأنه لا يمانع من مخالفة القانون ذاته، بل يشجع عليها بطريقة غير مباشرة، دون توريط نفسه مباشرة.

تخيل لو كان القانون ينص مثلا على أن السرقة بالإكراه قد تضع مرتكبها تحت طائلة قانون الجنايات، ما الاحتمالات الأخرى هنا التي قد تستدعي استخدام "قد"؟ هل ستضعه السرقة بالإكراه تحت طائلة قانون الضرائب مثلا؟

يورغن كلوب وفان دايك (غيتي)

النتيجة؟ تشيلسي، بقيادة مورينيو وبيتر كينيون، قاد محادثات موسعة مع آشلي كول، ظهير أرسنال المتعاقد في 2005، ووكيله جوناثان بارنِت، كانت من العلنية بمكان لدرجة أن الرباعي شوهدوا مجتمعين في أحد أرقى وأشهر مطاعم لندن. ليفربول خاطب فان دايك سرا للتمرد على ساوثهامبتون، ونظم حملات صحفية تتصدرها تقارير مُجهّلة تتحدث عن المهاتفات المتكررة بين كلوب والمدافع الهولندي، وتباحثهما في دوره التكتيكي في خطة المدرب الألماني، وكأن الصفقة تمت بالفعل. أرسنال تواصل مع ميخايلو مودريك طوال شهور قبل انتقاله لتشيلسي، واللاعب نفسه أعلن أكثر من مرة عن رغبته في الانضمام للمدفعجية. لاعبو برشلونة اعترفوا علنا أنهم حاولوا التأثير على فابريغاس أثناء معسكر المنتخب في مونديال 2010 للانضمام لبرشلونة. العقوبة؟ خصم 3 نقاط مع إيقاف التنفيذ لتشيلسي، وغرامة قدرها 300 ألف جنيه إسترليني للنادي، و200 ألف لكل من مورينيو وكول (راتب أسبوعين تقريبا) خُفضت إلى 75 ألفا في الاستئناف، واعتذار علني من ليفربول أحال الأمر برمته إلى "سوء فهم"، ولا شيء على الإطلاق لأرسنال وبرشلونة (1)(6)(7)(8)(9)(10).

نتيجة العقوبة؟ قبل مرور عام واحد على واقعة فان دايك، وفي بداية موسم 2017-2018، كان ليفربول يستخدم الأسلوب ذاته مع تشامبرلين لإقناعه بالانضمام إليه من أرسنال. أرسن فينغر أطلق عدة تصريحات آنذاك، مُجدِدا مطالبته بإغلاق نافذة الانتقالات قبل بداية الموسم، لأنه يعتقد أن مباراة الفريقين معا في أغسطس/ آب، التي انتهت برباعية نظيفة لفريق يورغن كلوب، لم تخلُ من "التنصت"، وأن اللاعب كان يفكر في الأمر قبل وبعد وأثناء المباراة، وبالفعل انتقل تشامبرلين لليفربول عقب المباراة بأيام (11).

أليكس أوكسليد-تشامبرلين يلعب بفريق ليفربول 2018 (غيتي)

في سلسلة "اللاعب السري" أو "The Secret Footballer" الشهيرة، والتي أنتجتها دار نشر "ذا غارديان (The Guardian)" الإنجليزية في 5 أجزاء بين 2012 و2017، وتحكي العديد من أسرار البريميرليغ وخباياه على لسان أحد لاعبيه السابقين الذي لم يفصح عن هويته لأسباب قانونية؛ يخبرنا اللاعب ذاته بإحصائية مفاجئة جدا، ومتوقعة للغاية: "95% من تعاقدات كرة القدم تتم بالطريقة التي ’قد’ تضع أطرافها تحت أحكام القسم W من قانون الانضباط" (12).

لعل وأخواتها

كل ما سبق قد يوحي لك بأن المشكلة في تواصل النادي/اللاعب مع اللاعب/النادي دون الحصول على موافقة نادي اللاعب الأصلي. صدق أو لا تصدق، هذه ليست المشكلة، ببساطة لأنه من المستحيل عمليا أن يتوجه الشاري المحتمل رأسا إلى البائع المحتمل دون أن يتأكد من رغبة اللاعب في الانضمام. الحالة الوحيدة التي قد يتم فيها الأمر بهذه الطريقة هي لو لم نكن نتحدث عن إنسان عاقل بالغ تكفي رغبته لإفساد الأمر أو إنجاحه.

في الواقع، من المنطقي أن يُسمح لأي شارٍ محتمل أن يتواصل مع اللاعب أولا، ولكن وُضع القانون بهذه الصيغة لكي يمنح الأندية الحق في رفض التواصل والتفاوض من حيث المبدأ، باعتبار اللاعب المعني متعاقدا معهم بالفعل، ومن ثم يحق لهم رفض بيع عقده، حتى لو رغب في الرحيل، وحتى لو رغب نادٍ آخر في ضمه. وُضع القانون بهذه الصيغة ليوجد خطوة تمهيدية يمكن للنادي إيقاف كل المحاولات عندها، مهما كانت منطقية.

فكّر قليلا في الأمر وستكتشف أنه نوع آخر من العبودية، لا يختلف كثيرا عن الحال قبل قانون بوسمان الشهير في 1995، عندما كان يحق للأندية الاحتفاظ ببطاقة اللاعب حتى بعد انتهاء عقده، ولا يتمكن من الانتقال لنادٍ آخر إلا مقابل مبلغ متفق عليه. هذا ليس نظام احتراف، بل موقف رهائن تقليدي من الذي تراه باستمرار في الأفلام الأميركية (13).

هذا يقودك إلى السؤال الأكثر منطقية وبداهة في كل ما سبق: أصلا كيف سيتمكن البريميرليغ أو النادي أو أي طرف في هذه العملية من إثبات التواصل إن حدث؟ ربما كان مورينيو بحاجة للقاء كول وجها لوجه في 2005، ولكن أغلب الصفقات الآن تتم عبر تطبيقات الدردشة ومنصات التواصل والمحادثات المرئية، كيف يمكن لأي سلطة أو جهة أن تراقب عملية كتلك، حتى لو كان القانون قاطعا؟ (14)

هذا سؤال استنكاري طبعا، التكنولوجيا حوّلت القانون إلى أضحوكة. القانون كان أضحوكة منذ اللحظة الأولى طبعا، ولكن ما الفائدة من قانون يستحيل تطبيقه؟ في تورينو بإيطاليا مثلا، ينص القانون على أن الحد الأقصى لمرات تمشية الكلب هو 3 يوميا، ورغم ذلك لم يشهد التاريخ بلاغا بأن أحدهم جاوز العدد المسموح من تمشيات كلبه.

النتيجة أن الأمر برمته أُحيل للياقة الاجتماعية. في الواقع، لم يكن التواصل مع فان دايك هو ما أغضب ساوثهامبتون، بل التقارير الصحفية الممنهجة التي أعلنت للجميع أن فان دايك لن يلعب إلا لليفربول، قبل حتى أن يقدم ليفربول أي عرض أو يتواصل بأي شكل مع ناديه، ومن ثم حرمت ساوثامبتون من أي خيارات وأجبرته على البيع لليفربول في النهاية. كذلك لم يزعج فينغر أن تشيلسي تفاوض مع كول أو أن ليفربول تواصل مع تشامبرلين، بل حقيقة أن الأمر كان به قدر من الوقاحة والاستهتار من وجهة نظره (11).

وضع بيبي رينا (يسار) وكارليس بويول (يمين) من المنتخب الإسباني لكرة القدم قميص نادي برشلونة على سيسك فابريغاس 2010 (غيتي)

المنطق ذاته ينطبق على مسلسل انتقال فابريغاس لبرشلونة، عندما يقوم قائد الفريق كارلِس بويول بوضع قميص فريقه على لاعب متعاقد مع أرسنال، ثم يصرح بأن "فابريغاس هو مستقبل برشلونة وليس هناك شيء يمكن لأرسنال فعله لإيقاف ذلك"، فالكلمة المفتاحية هنا هي الوقاحة. المشكلة لم تعد في التواصل مع اللاعب، بل في إظهار الحد الأدنى من الاحترام لناديه الحالي (10).

المشكلة أيضا في قانون عاجز عن تفسير ذاته أو الإقناع بجدواه. عمليا، السوق مفتوح على مصراعيه أمام الجميع، ويمكن لأي نادٍ/لاعب أن يتواصل مع أي لاعب/نادٍ بلا قيود أو عقوبات. نظريا، هناك حديث أجوف مستمر عن "الاحترام" و"اللياقة" و"الكياسة" و"الشرف". الخطوة التالية الممكنة قد تكون في إقرار الوضع الحالي بعد الاعتراف بالعجز عن تغييره. المشكلة الوحيدة في تلك الخطوة أنها تتطلب الاعتراف كذلك بأن نظام الاحتراف الحالي لا يعتمد الشرف في معاملاته، وأن كرة القدم كانت، ولا تزال، وغالبا ستظل، تفضل التظاهر على مواجهة الحقيقة.

_______________________________________

المصادر

1- لأي درجة ينتشر "التنصت" في انتقالات لاعبي كرة القدم اليوم؟ – Sky Sports 2- ما هو "التنصت" في انتقالات كرة القدم وما هي أشهر الأمثلة؟ – Goal 3- كيف تتم انتقالات كرة القدم ومن الذي يلعب الدور الأكبر في الصفقة؟ – Talksport 4- "التنصت" في انتقالات كرة القدم؛ ما هو؟ وهل لايزال موجودا؟ – The Athletic 5- "التنصت" هو سر كرة القدم القذر! – The Telegraph 6- ساوثامبتون يبلغ عن ليفربول للبريميرليغ بشأن تقربهم لفيرخِل فان دايك – The Telegraph 7- ما هو "التنصت"؟ الجانب المظلم من انتقالات كرة القدم ينكشف بعد إحراج ليفربول في مسألة فان دايك – The Daily Mirror 8- معركة "التنصت"؛ تشيلسي وكول مذنبين! – The Guardian 9- ميخايلو مودريك؛ نادي شاختار يزعم أن أرسنال "تنصت" على اللاعب – Football Transfers 10- مسلسل انتقال سِسك فابريغاس؛ هل لايزال من حق برشلونة الزعم بأنه "أكثر من مجرد نادٍ"؟ – BR 11- أرسن فنغر يقول أن "تنصت" ليفربول على تشامبرلين كان حتميا – BR 12- اللاعب السري:"95% من كل الانتقالات تتم عبر ’التنصت’!" – Planet Football 13- بعد 20 عاما؛ كيف غير قانون بوسمان كرة القدم – Sky 14- شروط شخصية وعروض عبر واتساب واختبارات طبية وتفاصيل أخرى في الانتقالات لم تكن تعلمها – The Athletic

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التواصل مع فی الواقع مع اللاعب فان دایک وست هام

إقرأ أيضاً:

قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (٢)

ايجابيات ومزايا
قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (٢)
بقلم الصادق علي حسن


اللبس في مصطلح الجديد :
على الرغم من أن المُشرع الدستوري المصري لم يستخدم مصطلح الجديد أو للدقة انا لم أقرأه في المسودة التي قرأتها في مشروع قانون اللجوء المصري، وكذلك القانون بعد إجازته من قبل مجلس الشعب المصري والمصادقة عليه ، ولكن في كل التعليقات المبذولة والصادرة من المنظمات الوطنية أو الدولية كمنظمة أمنستي أومن الأشخاص، ففي تعليقات وبيانات المنظمات والقانونيين على القانون المذكور تجدهم قد الحقوا بالقانون المذكور وصف الجديد ، والكلمات في القوانين لها مدلولاتها الاصطلاحية، أي المعنى المتفق عليه في السياق القانوني، فهنالك مثلا اصطلاح الملغي واصطلاح المعدل واصطلاح الساري المفعول، وحينما يتم استخدام مصطلحي الملغي أوالمعدل فهذا يعني وجود لقانون سابق للقانون الملغي أو المعدل، والذي كان ساري المفعول قبل الغائه أو تعديله ،أما القانون الذي يصدر ابتداءًا فقد لا يلحق به وصف الجديد لما قد يضفي الوصف بالجديد على القانون الصادر بوجود قانون يمثل مرجعية سابقة لذلك القانون كما يُفهم ذلك ويُشاع عند غير القانونيين. إن قانون اللجوء المصري صدر لأول مرة وبصدوره يمثل تطورا في التشريع المصري خاصة في ظل الممارسات الشائهة بواسطة موظفي المفوضية السامية للاجئين في غالبية البلدان بلا استثناء لمكتب المفوضية السامية اللاجئين في مصر والضعف في الأداء الذي يمكن أن يوصف لدرجة العجز في تقديم الحماية لطالبيها من اللاجئين، ومن أوضح الدلائل على عدم قدرة مكتب المفوضية السامية للاجئين بمصر عدم منح طالب اللجوء فترة قريبة ومناسبة لإجراء المقابلة مع موظفي المفوضية للتقرير بشأن طلبه ومنحه فترة قد تتجاوز الستة أشهر كاملة أوقد تزيد على ذلك، وذلك لمقابلة موظفي المفوضية السامية للنظر في طلبه المقدم كما وعلى الرغم من جأر اللاجئين بالشكاوى والإحتجاجات جراء الممارسات والانتهاكات التي ظلوا يتعرضون لها أثناء الوقوف بالصفوف الطويلة أمام مكاتب المفوضية أو النوم بالشوارع بالقرب من مكاتبها وذلك لمقابلة موظفي المفوضية في اليوم التالي أثناء ساعات العمل الرسمية والنساء يحملن معهن أطفالهن والعجزة والمسنين والمرضى ، كما وهنالك حالات للوفاة قد حدثت في الصفوف المتراصة ، ولكن مكتب المفوضية السامية على مستوى دولة المقر أو رئاستها في جنيف لم تتحرك ولم تتخذ أي إجراء لتصحيح الأوضاع المهدرة للحقوق ، وأوضاع مكاتب المفوضية بمصر وفي غالبية الدول الآخرى المعنية على هكذا منوال وقد صارت من السياسة العامة للمفوضية السامية للاجئين، ونهجا متبعا لمكاتبها ،بل هنالك آلاف الأشخاص الذين نالوا الكروت الصفراء وقد تعرضوا للتوقيف لعدة اسباب ولم تقدم لهم مكتب المفوضية السامية شيئا، وكل ما تفعلها المفوضية الحصول على المعلومات لتدبيج التقارير لرئاستها، وقد ظلت أخطاء ممارسات المفوضية تتراكم وتقف شاهدة بنفسها على ما يجده اللاجئ أثناء التقديم للحصول على طلب المقابلة امام ابواب المفوضية ،كما وما يقع عليه من انتهاكات جسيمة حاطة بالكرامة الإنسانية تندرج ضمن الانتهاكات التي تأسست المفوضية السامية من أجل مكافحتها وحماية حقوق الإنسان .
الانكباب في البحث عن القصور :
الباحث في عمل المنظمات والوكالات الدولية التي تعمل في قضايا حقوق الإنسان واللاجئين على نحو أخص يجدها تهتم بالقضايا التي تمكنها من طلب المزيد من الدعم المالي من المانحين ،كما وان غالبية هذه الدعومات المالية الضخمة تذهب لبنود الصرف الإداري ومرتبات الموظفين ونثرياتهم ، كما وهنالك فوارق واضحة في الأهداف من القوانين التي تكفل وتحمي حقوق الإنسان وبين الممارسة الفعلية على أرض الواقع وقد صارت الممارسات كأنها تقنن لأصحاب الياقات البيضاء من العاملين الكبار بالمنظمات الدولية وأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها والمفوضية السامية للاجئين في الحصول على المرتبات والنثريات العالية ليجد اللاجئ الذي من أجله وضعت هذه القوانين وتم انشاء المؤسسات وتخصيص الموارد الضخمة الفتات ، وهذا الفتات قد لا يجده إلا اللاجي المحظوظ من بين الآلاف من اللاجئين أمثاله في نطاق الحيز المكاني والزماني الواحد وبعد معاناة بالغة، ذلك الفتات الذي لا يساوي شيئا. وهنا يمكن النظر وأخذ أمثله من خلال بعض الحملات والأنشطة التي باشرتها المنظمات الدولية بشأن قانون اللجوء المصري وانتهت كل هذه الحملات والأنشطة إلى تقارير وبيانات في الوسائط بالعديد من اللغات العالمية وحصد اللاجئ من نتائجها السراب ، لم تطرح المنظمات، كما ولم يطرح النقاد أي بدائل ولا اي مقترحات بالحلول، ولم تقدم المفوضية السامية ولا وكالاتها أي خدمات جديرة بالإعتبار نظير الموارد المالية الضخمة التي تأتيها .
مناحة المنظمات الدولية :
اتخذت منظمات حقوق الإنسان من مشروع قانون اللجوء المصري خاصة المنظمات الدولية مناحة، وزرفت الدموع الساخنة على أوضاع اللاجئين وقضاياهم، والمعلوم بالضرورة أن اللاجئ في مصر لا يحصل على وثيقة سفر مؤقتة من المفوضية السامية للاجئين بعد حصوله على صفة اللاجئ والحماية المقررة له، وحينما يحصل اللاجئ على فرصة عمل خارج مصر عليه ان يتقدم بطلب للمفوضية لإنهاء حالة اللجوء والحماية وإغلاق ملفه ليظل في حالة انتظار لفترة ثلاثة أشهر على الأقل او يزيد (فقط لإغلاق ملفه) وإنهاء الصفة ، وقد تضيع عليه خلال فترة الإنتظار فرصة العمل التي وجدها ،والسؤال الأهم ما الحكمة من هذا الإنتظار لهذه الفترة الطويلة وقد يفقد خلالها اللاجئ العرض بالعمل الذي حصل عليه أو قد ينتفي الغرض الذي من أجله إنتوى السفر .
إن قانون اللجوء المصري قد مكن اللاجئ من الحصول على وثيقة سفر وفرصة العمل والتملك وإنشاء الشراكات التجارية والجمعيات الخيرية والثقافية ، وبذلك عالج القانون المذكور اهم المشاكل التي تواجه اللاجي بمصر وهما قيود مشكلتي التنقل بحرية ،والعمل وتملك وسائله وأدواته والاستثمار الخاص .
مبررات وأهية :
نقاد قانون اللجوء المصري بشقيهم من أشخاص طبيعيين واعتباريين تجاهلوا احتياجات اللاجئين الملحة بمصر ،خاصة احتياجات اللاجئ للتنقل بلا اي قيود داخل الدولة المصرية أو السفر إلى خارجها بحرية تامة ، والحق في العمل الخاص والتملك وانغمست هذه المنظمات كما انغمس نقاد القانون في تناول ما اسموها بالتحوطات الأمنية التي ظهرت في ملامح القانون والقول بانها لا تتفق مع الالتزامات الدولية، ولم يتم توضيح ما المقصود بذلك، وماهية هذه التحوطات وكيفية معالجتها ، ذلك ان المنظمات ونقاد القانون في غالبيتهم يركزون على الأنشطة السياسية وكأن اللاجئ الذي غادر بلاده مغادرة قسرية وهو في حوجة ماسة إلى المأكل والمشرب والخدمات الصحية والعلاجية والتعليم لأبنائه وفرص العمل الشريف هدفه الرئيس ممارسة النشاط السياسي بالدولة التي لجأ إليها .
ايجابيات ومزايا :
(85 %) من قانون اللجوء المصري به ايجابيات ومزايا وحقوق معتبرة للاجئ و (15% ) من النصوص الواردة فيه ما قد تحتاج إلى تعزيز من خلال اللائحة التنفيذية، فخلال ستة أشهر من صدور قانون اللجوء المصري من مجلس الشعب والمصادقة عليه ، تصدر اللائحة التنفيذية من السلطة المخولة بإصدارها ، وهذه اللائحة هي التي تنظم تطبيق أحكام القانون بواسطة الأجهزة التنفيذية ، لقد سبق ان تمت دعوتي للمشاركة في ندوة حول قانون اللجوء المصري بالمنتدى الثقافي المصري وقد شارك في المنتدى المذكور ممثل من لجنة التشريع بمجلس الشعب وممثلين من أجهزة تطبيق القانون وذكر ممثل اللجنة المختصة بعرض مشروع القانون عن استعدادهم التام لتلقي الملاحظات والمقترحات والتي ستوضع في الاعتبار ، وقد ظل المُشرع المصري حتى مرحلة إجراءات إصدار اللائحة التنفيذية يفتح الأبواب مشرعة لتلقي المقترحات ،وفي المنتدى المذكور وكنت متحدثا فيه حول التطبيق، ذكرت بالضرورة أن يُراعى في وضع اللائحة التنفيذية عدم تقييد ما تم إقراره من حقوق بموجب أحكام القانون، فتصادر اللائحة التنفيذية الحقوق المكفولة بالقانون .


 

مقالات مشابهة

  • سواريز يعلن انضمام ميسي إليه لتأسيس ناد متخصص في تكوين اللاعبين
  • حادثة دهس احتفالات ليفربول تثير تساؤلات مغردين
  • إصابات إثر حادث دهس في ليفربول
  • عالم كرة القدم يتضامن مع ليفربول بعد أحداث الاحتفالية
  • زين بيازيد… نجم سوري قادم من الملاعب الألمانية
  • جبالي يفتتح الجلسة العامة لمجلس النواب
  • شكوك حول انتقال فيرتز إلى ليفربول بعد انسحاب مانشستر سيتي.. والكشف "السبب الحقيقي"
  • نائب:البرلمان منقسم تجاه تعديل قانون الانتخابات
  • قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (٢)
  • البرلمان يوافق مبدئيا على مشروع قانون مجلس النواب