تعزيز المصادر المتجددة بموازاة اعتماد زائد على الفحم... مفارقة الطاقة الصينية
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
بانكوك,"أ.ف .ب": تشهد الصين وضعا يعكس قدرا كبيرا من التناقض، إذ إنها تعزز قدراتها في مجال الطاقة المتجددة بمعدل يفوق بفارق كبير بقية أنحاء العالم، فيما تتضاعف فيها مشاريع محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم.
تتصدر الصين قائمة أكثر الدول تسببا بانبعاثات غازات الدفيئة في العالم، وستُحدّد سياستها البيئية إلى حد كبير ما إذا كان الكوكب سيتجنب - أم لا - أسوأ العواقب المترتبة عن تغير المناخ.
من ناحية، تبدو الصورة مُشجّعة: فالصين تُغطّي نفسها بحقول هائلة من الألواح الشمسية، وقد زادت قدراتها في مجال الطاقة المتجدّدة بمقدار يفوق تلك الموجودة في الولايات المتحدة بأكملها العام الماضي، كما قدّم الرئيس الصيني شي جينبينغ أوّل التزاماته بخفض الانبعاثات في سبتمبر.
لكن من ناحية أخرى، زاد العملاق الآسيوي من قدرته على توليد الطاقة بالفحم في النصف الأول من عام 2025.
وبحسب مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA) ومقره في فنلندا، فقد استحوذت الصين وحدها على 93% من محطات الطاقة الجديدة العاملة بالفحم التي شُيّدت في مختلف أنحاء العالم في عام 2024.
ويعزو المحلل في مركز "إمبر" للأبحاث مويي يانغ هذا التناقض بجزء منه إلى استراتيجية الصين القائمة على "البناء قبل الهدم"، ما يعني الحفاظ على النظام الحالي حتى تصبح مصادر الطاقة المتجددة جاهزة للاستخدام بالكامل.
ويقول مويي يانغ مجازيا "الأمر أشبه بطفل يتعلم المشي. ستكون هناك سقطات، مثل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار. وفي حال عدم التزام الحذر المطلوب، قد يؤدي ذلك إلى فقدان دعم الشعب".
"بيروقراطية"
لا تزال السلطات متأثرة بمشكلات النقص في التغذية الكهربائية في عامي 2021 و2022، المرتبطة بشكل خاص بالأسعار والطلب والظواهر الجوية المتطرفة.
لذلك، تفضل بكين تغطية نفقاتها عبر زيادة الطاقة العاملة بالفحم.
ويقول المؤسس المشارك لمركز CREA لوري ميليفيرتا إن سلوك السلطات الصينية في هذا المجال يعكس "رد الفعل البيروقراطي الأساسي القائم على ضمان إبعاد الملامة منك".
يؤكد المحلل في مجموعة "لانتاو غروب" ديفيد فيشمان أن الأمر يتعلق أيضا بتغطية الاحتياجات الاقتصادية للسلطات.
ينمو الطلب على الكهرباء في الصين عموما بوتيرة أسرع من وتيرة تركيب الطاقة المتجددة.
في النصف الأول من عام 2025، شكلت الطاقة المتجددة الإضافية كامل الزيادة في الطلب. ولكن هذا يُعزى أيضا إلى التراجع في مستوى الطلب. ولا تزال العديد من الشركات تعتبر الاعتماد على الفحم مربحا.
كما تدفع القيود المرتبطة بمجال النقل إلى تعزيز استخدام الوقود الأحفوري.
تقع المنشآت الكبيرة عموما في مناطق قليلة السكان، بعيدا من المدن الكبرى.
ويوضح فيشمان أن نقل هذه الطاقة لآلاف الكيلومترات يزيد التكاليف ويشجع صنّاع القرار على "تطوير القدرات محليا"، والتي غالبا ما تكون محطات طاقة تعمل بالفحم.
ويضيف "تعمل الصين على تحسين بنيتها التحتية المادية والتجارية لتسهيل تبادل الكهرباء لمسافات طويلة، لكنها لا تزال بعيدة من تحقيق الهدف".
- محرك اقتصادي -
ثمة مواضع غموض أخرى لا تزال تلف العملية الانتقالية في مجال الطاقة في الصين.
أولا، انتهاء تعرفات الشراء التي كانت تضمن حدا أدنى من الأجر للكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة.
ستخضع هذه المصادر المتجددة الآن لقوى السوق، لكن "الطلب على الكهرباء المراعية للبيئة غير كاف لضمان معدل مرتفع لتوسيع الطاقة الإنتاجية"، وفق ديفيد فيشمان.
مع ذلك، تملك الحكومة أدوات ضغط بينها إلزام الشركات باستخدام حصة دنيا من مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لديها.
تستهدف بكين ما لا يقل عن 3600 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2035. لكن هذا الطموح لن يكون كافيا لتغطية الطلب الإضافي.
غير أن إضافة محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لا تعني بالضرورة زيادة الانبعاثات: إذ إن الصين تشغّل حاليا نحو 50% فقط من إجمالي قدراتها في مجال الطاقة.
ويُعدّ قطاع "الطاقة النظيفة" (بما يشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والطاقة الكهرومائية والسيارات الكهربائية) الآن محركا اقتصاديا رئيسيا. وبحسب مركز CREA، فقد ساهم هذا القطاع بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي للصين العام الماضي، وهو رقم قياسي.
ويؤكد لوري ميليفيرتا أن "هذا القطاع أصبح ضروريا للغاية لتحقيق الأهداف الاقتصادية"، و"هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلني، رغم هذه التحديات، متفائلا بحذر".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة فی مجال الطاقة لا تزال
إقرأ أيضاً:
السودان يعلن عن خطة لإنتاج النفط والغاز في المناطق المتأثرة بالحرب
موسكو – متابعات تاق برس- كشف مهندس مستشار المعتصم إبراهيم أحمد ، وزير الطاقة السوداني ، عن استراتيجية شاملة تهدف لإعادة إعمار وتحديث قطاع الطاقة الوطني، الذي تضرر بشدة بسبب الحرب التي شنتها ما أسماها مليشيا الدعم السريع المتمردة وحلفائها المحليين والدوليين على الدولة ومنشآتها.
وأوضح وزير الطاقة في كلمته بالجلسة الرئيسية خلال فعاليات “اسبوع الطاقة الروسي الثامن” في موسكو،
أن الخطة تستهدف استعادة إنتاج النفط والغاز في المناطق المتأثرة بالحرب وزيادة موثوقية التشغيل عبر جميع مراحل الصناعة النفطية وزيادة قدرات التوليد الكهربائي والاستعانة بتقنيات حديثة في ادارة شبكات النقل والتوزيع بهدف دعم إعادة الإعمار الوطني.
وأكد المعتصم أن “حجر الزاوية في استراتيجيتنا هو الاعتماد على الكوادر الوطنية التي حافظت على العمليات الأساسية رغم التحديات”، مشيراً إلى استثمارات كبيرة في التدريب التقني المتقدم وبرامج الشهادات المهنية لتأهيل الكوادر لإدارة أنظمة الطاقة من الجيل الجديد.
وحول تحدي هجرة العقول، أعلن وزير الطاقة عن خطة لإنشاء معاهد متخصصة في تكنولوجيا الطاقة والبحوث، بالشراكة مع الجامعات والقطاع الخاص، لتطوير برامج في تخصصات أنظمة الطاقة والطاقات المتجددة.
كما أكد المهندس مستشار معتصم ابراهيم أن “استكشاف وإنتاج النفط والغاز يظلان ركيزتين مهمتين”، وأشار الى ان الدولة تعمل على إعادة تأهيل الحقول النفطية الحالية وجذب الاستثمارات الدولية، مع الانتقال المتوازن نحو الطاقات المتجددة وتقنيات الاحتراق الأنظف.
ووجه وزير الطاقة دعوة للمجتمع الدولي للمشاركة في “رحلة إعادة الإعمار”، من خلال شراكات في نقل المعرفة والبحوث المشتركة وتبادل الخبرات، لبناء قطاع طاقة يدعم التعافي الاقتصادي في السودان.
يذكر أن “اسبوع الطاقة الروسي الثامن” يعد أحد أكبر المنتديات الدولية المتخصصة في قطاع الطاقة، ويجمع مسؤولين وخبراء من حول العالم لمناقشة مستقبل الطاقة العالمي.
الطاقة والنفطالغازموسكو