كيف أضحت اليمن بعد مرور تسعة أعوام من انقلاب الحوثيين على الدولة؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
يمن مونيتور/إفتخار عبده
تسعة أعوام مضت منذ انقلاب جماعة الحوثي على الدولة وإسقاطها للعاصمة صنعاء، كانت هذه الأعوام حافلة بالموت والعذاب والقهر والحرمان وتجريف الهوية.
وخلال تلك السنوات غدا الشعب هالكًا متعبا، أمام جماعة أهلكت الحرث والنسل، لتنعم بعيش رغيد، لتكون نتيجة بعد ذلك أن اليمن تعاني من “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
ومع حلول الذكرى التاسعة التي صادفت أول أمس الخميس لانقلابها على الدولة، استعرضت الجماعة المسلحة قوتها وكأن شيئًا لم يكن، متباهين بما تبقى من أطفال تم تجنيدهم إجباريًا.
وفي الوقت الذي يشهد الواقع اليمني موجة غضب عارمة ضد الحوثي الذي مارس كل أصناف التعذيب والقمع والإذلال لهذا الشعب، تفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع هذه الذكرى بالكثير بالتذمر واعتبروها نكبة أيلول، واستعرضوا مجموعة من الجرائم التي لا حصر لها، مؤكدين أن أبناء اليمن خلال هذه السنوات تحولوا مابين مقتول أو سجين أو نازح يصارع الحياة لأجل البقاء على قيدها.
وعن حصاد تسع سنوات من الانقلاب يقول عبد الواسع الفاتكي (محلل سياسي)” حصاد مرير حصيلة تسع سنوات من انقلاب المليشيات الحوثية على الجمهورية والدولة اليمنية جعل اليمن في أدنى درجات التنمية والأمن والاستقرار وأعلى درجات العنف والفساد والتطرف”.
وأضاف الفاتكي لـ ” يمن مونيتور” على المستوى السياسي منذ نكبة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ م تجمد العمل السياسي وتوقف الانتقال الديمقراطي وأسدل الستار على المرحلة التوافقية الانتقالية لتدخل اليمن مرحلة العنف والحرب الأهلية خدمة لأجندة خارجية إيرانية يسعى الحوثيون لفرضها على الشعب اليمني لصالح مشروع طهران التوسعي المعادي لليمن والأمة العربية”.
وأردف” اقتصاديًا: قدرت بعض التقارير المهتمة بالشأن الاقتصادي خسائر الاقتصاد اليمني جراء انقلاب الحوثيين حوالي مائة مليار دولار إذ تم تدمير الاقتصاد الوطني وتوقفت عجلة التنمية دمرت البنية التحتية استولى الحوثيون على مؤسسات الدولة الاقتصادية وسخروها لصالح مجهودها الحربي”.
وتابع” كما بسطوا أيديهم على القطاع الخاص الذي بقي في مناطق سيطرتهم وأرهقوه بالضرائب والجبايات الفادحة مارسوا سياسات مالية وأساليب سطو متعددة على رأس المال الخاص والأنشطة التجارية المختلفة ما اضطر كثير من رجال الأعمال للهجرة خارج الوطن بأموالهم ما جعل القطاع التجاري والاقتصادي يدخل مرحلة الغيبوبة إن لم يكن الموت السريري”.
وبيّن” ناهيك عن تأسيس الحوثيين لقطاع مالي مصرفي مستقل عن مناطق الشرعية من خلال رفضهم التعامل بالعملة الجديدة الأمر الذي خلق مجالا للمضاربة بالعملة في السوق السوداء الذي أضعف من قيمتها وزاد من تدهورها بشكل سريع كل ذلك وسع رقعة الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق وصورة مخيفة انعدم معها سبل العيش الكريم لملايين اليمنيين”.
وأكد” تدهور الوضع الإنساني فأصبح ملايين اليمنيين معتمدين على ما تقدمه لهم المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية وارتكب الحوثيون جرائم وانتهاكات جسيمة تنوعت بين القتل ومصادرة الأموال والإخفاء القسري والاختطاف والاعتداء بالضرب المبرح والتعذيب في السجون والمعتقلات وغير ذلك من أصناف الانتهاكات المنافية للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان فضلا عن الدستور والقانون اليمني ناهيك عن القيم الدينية السمحة والتقاليد والأعراف اليمنية الأصيلة”.
تمزق النسيج الاجتماعي
ولفت إلى أنه” بفعل الانقلاب تمزق النسيج الاجتماعي وتشتت الأسر وأصيب العلاقات والوشائج بين الأسر والقرى والمناطق اليمنية بالتمزق وكثرة الثارات وتنامى الاحتقان الاجتماعي والكراهية وزادت نسبة الجريمة بل ظهرت جرائم غريبة على اليمنيين كجرائم قتل الأقارب”.
تجريف الهوية
وأشار الفاتكي في حديثه لـ” يمن مونيتور” أن الهوية الوطنية” تعرضت على يد الحوثيين للمسخ والتجريف بهوية سلالية تقدس الفرد والسلالة وتجعلهما بديلا للوطن والهوية اليمنية وشاعت ثقافة الولاية مكان ثقافة الشورى والديمقراطية حتى التاريخ اليمني تعرض للسطو عبر تغيير المناهج وإلغاء الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية كثورة ٢٦ سبتمبر وإحلال محلها الاحتفال بمتناسيات طائفية تخص الحوثيين”.
إفراغ قطاع التعليم من مضمونه
وأكد “عمل الحوثيون على إفراغ قطاع التعليم من مضمونه ولذلك تم استهدافه بعدد من الممارسات التي أخرجته من الفاعلية فتسرب ملايين الأطفال من المدارس جزء منهم استقطبوا لجبهات القتال وجزء آخر ذهب للبحث عن العمل ليعيل نفسه أو يساعد أسرته”.
واختتم” منذ أن انقلب الحوثيون نحن أمام دمار شامل وكارثة عظمى حلت باليمن نحتاج للتعافي منها وقتا طويلا وجهدا كبيرا”.
في السياق ذاته يقول الناشط الإعلامي حمزة الجبيحي” إن نكبة الواحد والعشرين من سبتمبر جات للشعب بالمصائب والويلات والمصائب، إنها انقلاب متكامل الأركان على كيان الدولة وعلى شرعية البلاد بأكمله”.
وأضاف الجبيحي” هذه النكبة ليست على أشخاص أو على رؤساء ووزراء كأشخاص بعينهم، إنما هي انقلاب على كيان دولة بأكملها على مؤسساتها، على شخصيتها الاعتبارية كدولة”.
وأشار إلى أن الحوثيين” يريدودن العودة إلى ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، يريدون العودة إلى نظام الإمامة وهو المستحيل بذاته، لكنهم يعملون ذلك كتجربة إن نجحت كان وبها، وإن لم تنجح فيكونوا قد نهبوا ما نهبوا من واستفادوا ما استفادوا من خيرات الشعب وتدمير البلاد ودماء المواطنين وذهبوا، ليسوا بخسرانين شيئًا يذكر”.
وبيَّن” هذه النكبة أتت للشعب بالأزمات الاقتصادية والحصار للموطنين.. تسببوا بحرب لا نهاية لها لهذا الشعب الذي كان على وشك النهوض والتقدم؛ إلا أنهم أصابوا ما كان يطمح إليه الشعب، أصابوا ذلك الحلم بمقتل وهو ما يزال في مهده”.
وأكد” هذه الجماعة الإرهابية المسماة بالحوثيين، تسببت بشرخ للنسيج الاجتماعي، تسببت بإدخال ثقافة دخليه على المجتمع اليمني ثقافيًا وفكريًا ودينيًا، فقد جاؤوا بثقافة مستوردة من بلاد فارس، من النظام الإيراني الذي لا يمت للشعب اليمني بأي صلة”.
وتابع” هذه التسع السنوات التي مضت، منذ نكبة سبتمبر 2014م جلبت للشعب الويلات والمصائب وباعتقادي أن الشعب لن يشفى من هذه المصائب والويلات إلا بكسر عسكري لهذه المليشيات في ميدان القتال، وهم بعد ذلك سيرضخون للسلام وفق المرجعيات الثلاث، أما غير ذلك فالحديث عن السلام معهم دون هذه المرجعيات الثلاث فهو حديث مضيعة للوقت والجهد والمال، لأنه إذا لم يتم كسر الحوثي عسكريًا في الميدان ستظل نكبة سبتمبر تلاحقنا إلى ما لا نهاية”.
بدوره يقول شعيب الأحمدي” أعادت نكبة أيلول اليمن وشعبها إلى عهد الظلام، عهد المرض والجهل والتخلف وتجريف الهوية”.
وأضاف الأحمدي لـ” يمن مونيتور” منذ تسعة أعوام يعيش الشعب في شتات وتمزيق وقتل ونهب وسلب وجبايات ما أنزل الله بها من سلطان، ناهيك عن الاختطاف الإخفاء القسري والتعذيب الذي يناله المخفيون دونما ذنب ارتكبوه إلا أنهم يعيشون في عهد إمامة جديدة”.
وأردف”21 سبتمبر هو يوم مشؤم على حياة اليمنيين، هذا اليوم الذي قلب أعقاب وموازين حياة اليمنيين ونقلهم من الحرية إلى العبوديّة، من التعليم إلى التجهيل، من الارتقاء إلى الهدم ومن النور إلى الظلمات”.
وتابع” إنها ذكرى اغتيال أحلام أكثر من ثلاثين مليون مواطن يمني، ولذا بإمكان اليمنيين تلخيص يوم 21 سبتمبر بثلاثية الإمامة البغيضة قتلًا، وفقرًا، ومرضًا ورباعية “التجهيل” التي ألحقت بعد الاستعلاء والاستبداد على ممتلكات الشعب”.
وواصل” على اليمنيين أن يظهروا حقيقة هذا اليوم المشؤم بحقيقته المأساوية والدموية التي حولت الحياة إلى جحيم لا يطاق وعذاب لا يحتمل، وقسمت الناس إلى قسمين قسم ينهب ويسلب المواطن قوت يومه وقسم يتلوى جوعا ومرضًا وفاقة”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الانقلاب الحوثيين اليمن یمن مونیتور
إقرأ أيضاً:
مليونيات الأنصار: رسائل العنفوان اليمني والتسليم للقائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ’’لا أمن للكيان’’
يمانيون / تقرير خاص
منذ السابع من أكتوبر 2023، تاريخ انطلاق عملية طوفان الأقصى، لم تهدأ الساحات اليمنية من المليونيات الحاشدة التي تشهدها العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، في مشهد وطني وشعبي غير مسبوق، يجدد فيه الشعب اليمني موقفه الصارم والداعم للمقاومة الفلسطينية، والتسليم المطلق بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”.
هذه الحشود لم تكن فقط تظاهرات تضامنية، بل تجسيد حي لخطاب تعبوي واستعداد استراتيجي طويل النفس، تحول شيئًا فشيئًا إلى معادلة ردع إقليمية.
رسائل العنفوان اليمني
لم تخرج الجماهير لتكتفي بالشعارات، بل حملت على أكتافها قضية أمة، معلنة بوضوح أن اليمن حاضر في قلب معركة القدس، وأن دماء أبنائه ليست أغلى من دماء أطفال غزة.
في كل مليونية، تتجدد ملامح العنفوان الوطني، ويتكرس موقف شعبي بأن النضال لم يعد خيارًا، بل هوية وسلوك ومصير. أحد المشاركين يقول : “نحن لا نخرج فقط تضامنًا، بل نحجز مواقعنا في خندق المواجهة القادمة، وننتظر إشارة القائد.”
التسليم للقائد.. وحدة في الهدف والطريق
الحشود الجماهيرية المتكررة تعكس حالة من الانسجام بين الشعب وقيادته، يقف في مركزها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”.
ويعبّر المشاركون في المليونيات، من مختلف المناطق والقبائل، عن طاعتهم الواعية للقائد الذي يرونه حاملًا لمشروع تحرري يتجاوز الحدود، ويعيد صياغة مفهوم السيادة والكرامة في المنطقة.
جاهزية القبائل والشعب للالتحام العسكري
من بين أبرز الرسائل التي حملتها المليونيات الأخيرة، خاصة مع تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كانت جهوزية الشعب اليمني – بمكوناته القبلية والاجتماعية – للالتحام العسكري المباشر مع العدو الصهيوني إذا تطلب الأمر.
شيوخ قبائل ووجهاء ومجاهدون ألقوا كلمات في الساحات أكدوا فيها استعدادهم التام للقتال، ووجهوا رسائلهم الغاضبة والمتقدة والمشتعلة بالقهر على ما يتعرض له أبناء غزة وبين الشوق إلى ملاقاة العدو مؤكدين بأن اليمن حاضر بالسلاح والرجال ، ومستعدون للنفير من كل المناطق والمحافظات ، ينتظرون أمر قائدهم .
وفي كل جمعة تنقل عدسات القنوات الإعلامية المحلية والدولية صور السيول الجماهيرية الهادرة بزئيرها الذي يملأ الأفاق تتوجه إلى ساحات المظاهرات في مواكب دفاقة ، رافعين البنادق والكلاشينكوف، في رسالة مباشرة إلى تل أبيب وواشنطن أن الشعب اليمني لا يعرف الحياد في معارك الأمة.
نظرة الإعلام الصهيوني والأمريكي للمليونيات اليمنية
وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية تتابع بقلق هذه الحشود المتكررة، إذ تنظر إليها بوصفها مؤشرًا خطيرًا على استدامة الدعم الشعبي للمقاومة، وتهديدًا استراتيجيًا يتصاعد من الخاصرة الجنوبية للمنطقة.
قالت صحيفة جيروزاليم بوست إن الهجمات اليمنية “لن تتوقف”، وأن الحشود “تعكس عمق الغليان الشعبي الذي لا يمكن احتواؤه بالقصف”.
بينما وصفت القناة 13 الصهيونية اليمن بأنه “خاصرة المقاومة التي لا يمكن كسرها حتى بالحرب الإعلامية”.
الإعلام الأمريكي هو الآخر حذر من أن “أبناء القبائل في اليمن يشكلون كتلة مقاتلة غير نظامية يصعب التنبؤ بتحركاتها أو إخضاعها لردع كلاسيكي”.
ختامًا :
اليمن لم يكن ذلك المتابع الغاضب لأحداث فلسطين وحسب ، بل صار جزءًا أصيلًا من معادلة الردع والمواجهة.
مليونياته تصوغ خطابًا سياسيًا جديدًا، يلتف حول قيادة موحدة، ويعلن للعالم أن زمن الصمت قد انتهى، وأن اليمن القوي الثائر مستعد للتحرك العسكري في سبيل القدس متى دُعي لذلك.