المقاتلون اليمنيون يبحثون عن السلام بعد الحرب.. كيف؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
منذ عام 2015 وبداية الحرب في اليمن، انضم العديد من اليمنيين إلى القتال من أجل الحصول على المال، وخاصة القوات الحكومية المدعومة من السعودية والإمارات، والتي كانت تتقاضى رواتبها بالريال السعودي.
وترك البعض وظائفهم المنخفضة الأجر، وشاركوا في المعارك مقابل الحصول على أجور أفضل.
بينما لم يكن لدى آخرين عمل ليغادروه، ووجدوا أن القتال هو خيارهم الوحيد في زمن الحرب والأزمة الاقتصادية.
الآن، مع توقف الصراع الخطير بين المتمردين الحوثيين والتحالف المدعوم من السعودية والإمارات منذ أبريل/نيسان 2022، بدأ الجنود اليمنيون في إلقاء أسلحتهم وبناء حياة بعيدًا عن ساحة المعركة، وفق ما ذكر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد".
يقول أحمد، وهو جندي سابق يبلغ من العمر 36 عامًا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة: "لا شيء يستحق الموت من أجله أو قتل يمنيين آخرين من أجله".
ويضيف: "هناك دخل جيد من القتال، ولكن عندما تفكر في التأثير السلبي للقتال، ترى أن مجتمعًا بأكمله قد تم تدميره".
اقرأ أيضاً
اليمن.. حرب اقتصادية حوثية تهدد أي اتفاق سلام محتمل مع السعودية
وانضم أحمد إلى الجيش اليمني في عام 2011، وفي يوليو/تموز 2022، بعد زيارة أطفال زملائه الجنود الذين ماتوا في الحرب، استقال.
ويتابع: "في العيد العام الماضي، قمت بزيارة أيتام اثنين من زملائي الذين قُتلوا.. لقد اعتبرت أطفالهم أطفالي، ولكني فكرت، لماذا قتلوا؟.. حينها أدركت أنه لا يوجد سبب يستحق الموت من أجله أو ترك عائلاتنا وراءنا".
أحمد ليس جنديا جديدا، وهو يعتقد أن الجنود يجب أن يخدموا وطنهم مثل جميع الموظفين الحكوميين الآخرين، ولكنه يعتقد أيضاً أن القتال يجب أن يكون الملاذ الأخير، ولا يتم إلا بمبررات مقنعة.
ويتابع: "لقد حان وقت السلام.. وفي نهاية المطاف، اليمنيون إخوة".
ويزيد: "آمل أن تتمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى اتفاق سلمي"، مستطردا: "في الآونة الأخيرة، لم نشهد القتال العنيف الذي اعتدنا رؤيته، لذا قد تكون هذه بداية نهاية الحرب".
واليوم، يعمل الجندي السابق في مواقع البناء، ويحمل الطوب والإسمنت ومواد البناء الأخرى، وليس لديه وظيفة منتظمة، وأحيانا يبقى لأسابيع دون عمل، لكنه يقول إن ذلك أفضل من القتال.
اقرأ أيضاً
اليمن في 9 سنوات.. من شرارة الحرب إلى مخاض السلام (تسلسل زمني)
ويستطرد أحمد بالقول: ""أقوم الآن بعمل شاق: ما أكسبه يكفي فقط للأساسيات، وفي بعض الأحيان لا نملك حتى الأساسيات".
ويضيف: "لكن جيراننا يساعدوننا.. أنا سعيد بهذه الحياة لأنني لا أشعر بالذنب للمشاركة في تدمير بلدي".
أما عدنان الذي يبلغ 41 عامًا، فقد قضى سنوات في القتال مع القوات الحكومية، بينما ذهب ابن عمه إلى المعركة على الجانب الآخر لصالح الحوثيين.
يقول: "لقد كنا قريبين، لكن مزقتنا السياسة"، مضيفا: "“لقد فقدت العلاقة الجيدة التي كانت تربطني بابن عمي وبعض أفراد الأسرة الآخرين لأن انتماءاتهم مختلفة".
ويتابع: "كنت على وشك أن أفقد زوجتي التي كانت ضدي"، متابعا: "كنت أقاتل في ساحات القتال، وعندما أعود إلى المنزل، كنت أتجادل مع أفراد الأسرة الذين كانوا يحاولون إقناعي بعدم القتال.. لم أحصل على راحة".
اقرأ أيضاً
الحكومة اليمنية: ندعم جهود السعودية لإحلال السلام وإنهاء الحرب
وبدأ عدنان القتال في الحرب عام 2016، لكنه غادر في وقت سابق من هذا العام، مقتنعاً بأن الاستمتاع بالحياة مع عائلته أفضل من مواصلة القتال، وخسارة الأشخاص الأقرب إليه.
ويزيد: "السياسة هي التي تقرر الحرب (..) رأيت أن السعودية كانت ضد الحوثيين، ثم بدأت في التقارب معهم، ورأيت مقاتلين كانوا مع الحوثيين ينضمون إلى الحكومة والعكس، فنحن نقاتل خلف القادة، ولا نعرف ما سيحدث".
ويستطرد: ""قررت أن أترك الحرب وكابوسها ورائي، وأستمتع بالحياة مع ابنتي وبقية أفراد عائلتي."
والآن بعد أن ألقى سلاحه، يقول عدنان إنه يستمتع بحياته العائلية، مضيفا: "لقد انتهت الخلافات، حيث وافقت العائلة على عدم الحديث عن القتال بل التركيز على الأشياء الجيدة في الحياة".
ويضيف: "أعمل صاحب متجر، وما أحصل عليه من هذا المتجر يكفي لتزويد عائلتي بالأساسيات.. ترك القتال إلى الأبد كان أفضل قرار اتخذته في حياتي، وأنا أستمتع حقًا بكل لحظة الآن".
اقرأ أيضاً
جدل دعاوى الحرب والسلام في اليمن
لكن بالنسبة لأولئك الذين تركوا القتال، فإن التفكير قد يجلب في كثير من الأحيان مشاعر "غير مريحة".
ويرى عبدالله، وهو مقاتل سابق يبلغ من العمر 39 عاماً، أن كل من حمل السلاح يتحمل بعض المسؤولية عن نتائج الحرب، سواء كانت جيدة أو سيئة.
ويقول: "انضممت إلى القتال في عام 2015، معتقدًا أن الحرب ستنتهي في غضون أسابيع قليلة، وأن اليمن سيكون في وضع أفضل، لكن الحرب استمرت لسنوات، واليمن يزداد سوءًا".
ويضيف: "منذ عام 2015، لم أر سوى الأثر السلبي للحرب، أرى أناسًا جياعًا كل يوم، وأرى دمارًا، وأرى نازحين يعيشون في مخيمات مزرية".
ويتابع: "لم تجلب الحرب سوى الدمار والبؤس، وأشعر بالخجل بعدما كنت جزءا منه".
ويزيد عبدالله، أن تأثير الحرب أجبره على التوقف عن القتال، وهو يعتقد أنه إذا لم يقاتل أحد، فإن الحرب سوف تتوقف.
اقرأ أيضاً
الحرب في اليمن تدخل عامها الخامس والسلام رهن اتفاق هش
ويضيف أن "المقاتلين هم وقود الحرب، وهم ينضمون كل يوم.. لكن إذا لم يكن هناك مقاتلون أو عدد أقل من المقاتلين، فإن الأطراف المتحاربة ستضطر إلى إيجاد حل سلمي".
ويأمل عبدالله أن يغفر الله له مشاركته في الحرب.
كما يأمل أن تساعد دول الجوار اليمن على التعافي من الأضرار التي سببها له.
ويتابع: "الدول المجاورة كانت جزءا من الحرب وساعدت اليمنيين على قتال بعضهم البعض.. والآن، يجب عليهم مساعدة اليمن على إعادة البناء والشفاء".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 60% من الوفيات المقدرة بـ377 ألف حالة في اليمن بين عامي 2015 وبداية عام 2022، كانت نتيجة لأسباب غير مباشرة مثل انعدام الأمن الغذائي ونقص الخدمات الصحية المتاحة.
وسيحتاج ثلثا اليمنيين (نحو 21.6 مليون شخص) إلى المساعدة الإنسانية في عام 2023.
اقرأ أيضاً
الحرب تدفع اليمن صوب التقسيم وتحبط جهود إحلال السلام
المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: اليمن الحرب في اليمن السلام الحرب مقاتلون السعودية التحالف الحوثيون اقرأ أیضا فی الیمن
إقرأ أيضاً:
المصالح الأجنبية تعمّق الحرب في السودان ولا سبيل لإيقافها سوى الدبلوماسية الإقليمية
نشر موقع "كونفرسيشن" الأميركي مقالا لأحد الأكاديميين الأفارقة بالمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة، يتناول فيه الحرب في السودان ويقترح كيفية الوصول إلى السلام هناك.
يستهل الأكاديمي جون موكوم مبّكو، أستاذ الاقتصاد في جامعة ويبر ستيت الأميركية والزميل الأول غير المقيم في مؤسسة بروكينغز بواشنطن، مقاله باستعراض الأهوال التي نتجت عن الحرب في السودان، وأبرزها مقتل أكثر من 150 ألف شخص، ونزوح أكثر من 14 مليونا، بينهم 3 ملايين فروا إلى دول الجوار، وتحول العاصمة الخرطوم إلى مدينة منكوبة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟list 2 of 2خبير إسرائيلي: عزل أيمن عودة من الكنيست إعلان حرب على عرب الداخلend of list جذور الحربويرى المقال أن جذور هذه الحرب تعود إلى توترات عرقية وسياسية واقتصادية قديمة، لكنها ازدادت سوءا بسبب التدخلات الخارجية غير المحايدة، حيث فاقمت الأطراف الدولية والإقليمية الصراع بدلا من حله.
واستشهد بعبارة لمنظمة العفو الدولية حول الاستجابة الدولية للصراع في السودان، إذ وصفت المنظمة هذه الاستجابة بأنها "مخيبة للآمال بشكل مؤلم".
ويشير الكاتب، المتخصص في أزمات الحكم الأفريقية، إلى أن إنهاء الصراع في السودان يتطلب التزاما دوليا جادا بالحياد، مع دعم الشعب السوداني لحل أزماته بنفسه.
دور الاتحاد الأفريقي
ولتحقيق ذلك، يقول الكاتب، يجب تفعيل الدبلوماسية الإقليمية، وعلى رأسها دور الاتحاد الإفريقي.
ثم يعود مبّكو مستدركا أن الاتحاد الإفريقي، رغم شعاره القائل "حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية"، لم يُفعّل دوره كما يجب، إذ لم يُحاسب قادة الحرب، ولم يحصّن المدنيين.
ويقترح المقال خطوات يمكن للاتحاد الأفريقي اتخاذها، منها:
التعاون مع الأمم المتحدة لإرسال بعثة لحماية المدنيين ومراقبة حقوق الإنسان، خصوصا النساء والفتيات، والمساعدة في عودة النازحين. تشكيل فريق خبراء للتحقيق في الانتهاكات، لا سيما العنف الجنسي، ورفع النتائج إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي. التنسيق مع الجامعة العربية لضمان موقف موحد يخدم مصالح السودانيين في السلام والتنمية. معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، مثل: الفقر، والتمييز، والتهميش السياسي، والاقتصادي. جون موكوم مبّكو: السلام في السودان لن يتحقق إلا من خلال عمل دولي وإقليمي منسق وجاد، يدعم الديمقراطية ويبني مؤسسات مستقلة، ويعزز ثقة المواطنين بمؤسساتهم، باعتبار أن ذلك هو الطريق الوحيد نحو الاستقرار والتنمية. خبرات الزعماء الأفارقةويقترح الكاتب أيضا الاستفادة من خبرات الزعماء الأفارقة الحاليين والسابقين في الوساطة وحل النزاعات، مثل: ثابو مبيكي، وموسى فكي، وأولوسيغون أوباسانغو.
إعلانأما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فيقول الكاتب إنها لعبت دورا مهما في الماضي من خلال "اتفاقيات أبراهام"، التي أدت إلى تطبيع جزئي بين السودان وإسرائيل، ورفعت اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب".
الدور الأميركيوأشار إلى أن هذا التقارب مع أميركا كان من الممكن أن يشكّل أساسا للتعاون المستقبلي، خاصة بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، لولا أن الحرب الحالية وعدم الاستقرار السياسي عطّلا هذا المسار.
ويستمر مبّكو ليقول إن ترامب لم يبدِ اهتماما فعليا بالسودان، رغم أن اتفاقيات أبراهام كانت إنجازا كبيرا له، إذ لم يتطرق إلى هذه الأزمة خلال زيارته إلى السعودية في مايو 2025.
ويختم الكاتب المقال بالتشديد على أن السلام في السودان لن يتحقق إلا من خلال عمل دولي وإقليمي منسق وجاد، يدعم الديمقراطية ويبني مؤسسات مستقلة، ويعزز ثقة المواطنين بمؤسساتهم، باعتبار أن ذلك الطريق هو الوحيد نحو الاستقرار والتنمية.