بايدن يسعى لمواجهة النفوذ الصيني خلال قمة المحيط الهادئ
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن قمة لزعماء دول جزر المحيط الهادئ، غداً الاثنين والثلاثاء، بعد عام على قمة مماثلة في واشنطن، في مسعى لمواجهة تصاعد نفوذ الصين التي تعمل على ترسيخ وجودها في المنطقة.
وسيجمع المنتدى دولاً وجزراً منتشرة عبر المحيط الهادئ من أستراليا إلى أرخبيلات ذات كثافة سكانية منخفضة ودول صغيرة.
فيما كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية أنه من المقرر أن يعلن بايدن عن موقف أمريكي أكثر حزما في المنطقة، وتمويل مشاريع البنية التحتية وتعزيز التعاون البحري، خصوصا لمكافحة الصيد غير القانوني، وفقًا لموقع العربية نت الإخباري.
وأكد مسؤول كبير في البيت الأبيض لم يشأ الكشف عن اسمه أن "هناك دوراً ما لعبته الصين في كل هذا، فإصرارها ونفوذها في ذلك في هذه المنطقة، يتطلب منا الحفاظ على تركيزنا الاستراتيجي"، وفق ما نقلت فرانس برس.
كما أكد أن إدارة بايدن تأمل بالإعلان عن "تقدم كبير للغاية" خلال تلك القمة التي ستبدأ بحضور مباراة رياضية.
كما سيتطرق المنتدى كذلك إلى إعادة التفاوض لتجديد "اتفاقية الارتباط الحر" مع جزر مارشال، التي تنتهي شروطها الحالية بحلول السبت المقبل.
فيما تطالب جزر مارشال بأن تأخذ واشنطن بالاعتبار في أي شراكة جديدة، آثارا تسببت بها حملاتها التجريبية النووية الضخمة في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.
وبموجب هذه الاتفاقية التي أبرمتها واشنطن أيضا مع كل من ميكرونيزيا وارخبيل بالاو- وهي مناطق كانت خاضعة سابقا للإدارة الأمريكية، إلى جانب جزر مارشال، يسمح للولايات المتحدة بوجود عسكري فيها. على أن تقدم في المقابل مساعدات اقتصادية وضمانات أمنية لتلك الجزر، مع السماح لسكانها العيش والعمل في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى البيت الأبيض خلال تلك القمة إلى اقتراح انضمام دول المحيط الهادئ إلى "الرباعية" وهي منتدى دفاعي يجمع الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، ويتعلق بالمراقبة البحرية، خصوصا لتعقب السفن المتورطة في الصيد غير القانوني.
كما سيعلن الأمريكيون أيضا عن مساعدات في البنى التحتية، بما في ذلك تخصيص دعم مالي لكابلات الاتصالات تحت البحر.
إلى ذلك، من المقرر أن يضم جدول أعمال الاثنين اجتماعات، بالإضافة إلى غداء مع بايدن. كما يتوقع أن يشهد، الثلاثاء، لقاءات بين زعماء الدول المشاركة وكبار المسؤولين في مجال المناخ والاقتصاد، بالإضافة إلى لقاءات في الكونجرس.
يشار إلى أن رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوفاغاري، وهو حليف وثيق لبكين سيغيب عن هذه القمة، لاسيما أن بلاده كانت وقعت في أبريل الماضي اتفاقا أمنيا مع الصين، أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها.
ما أزعج واشنطن بلا شك، إذ أقر مسؤول أمريكي كبير بأن بلاده "تشعر بخيبة أمل لاختياره عدم الحضور في هذه القمة الخاصة للغاية".
لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا:
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بايدن الصين قمة المحيط الهادئ أمريكا أمريكا والصين المحیط الهادئ
إقرأ أيضاً:
المليارات السبعة التي أهدرناها لقصف بلد لا نعرف موقعه على الخريطة
ترجمة: أحمد شافعي -
أدت فضيحة سيجنال إلى صيحات غضب عارم من الطريقة التي تبادل بها المسؤولون في إدارة ترامب رسائل نصية غير مؤمَّنة عن الضربات العسكرية لليمن. ولكن من ينقب أكثر يجد فضيحة أكبر.
هي فضيحة سياسة فاشلة تقوي «عدوا» للولايات المتحدة، وتضعف أمننا وسوف تكبدنا وفاة آلاف الأنفس. وهي فضيحة تلوث أيضًا الرئيس جو بايدن لكنها تبلغ حضيضها في ظل حكم الرئيس ترامب.
يرجع الأمر كله إلى هجمة حماس على إسرائيل في أكتوبر من عام 2023، ورد إسرائيل الهمجي بتسوية أحياء كاملة من غزة بالأرض. إذ سعى نظام الحوثيين في اليمن إلى الظفر بدعم إقليمي من خلال مهاجمة سفن يفترض أنها موالية لإسرائيل حال مرورها على مقربة منه في البحر الأحمر. (وواقع الأمر أنهم ضربوا شتى السفن).
والمشكلات في العلاقات الدولية أكثر من الحلول، وقد كان هذا مثالا كلاسكيا: فقد كان نظام الحكم في اليمن يعوق التجارة الدولية، ولم يكن من سبيل يسير لإصلاح ذلك الأمر. فكان أن رد بايدن بعام كامل من الضربات لليمن استهدفت الحوثيين بتكلفة مليارات الدولارات لكن دونما تحقيق أي شيء واضح.
وبعد توليه السلطة، زاد ترامب من الضغط المفروض على اليمن. إذ قلل المساعدات الإنسانية في العالم كله، وتضرر اليمن بصفة خاصة. ولقد كانت آخر زيارة لي إلى اليمن في عام 2018، حين كان بعض الأطفال بالفعل يموتون جوعا، والآن بات الحال أسوأ: فنصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية - و«هذه إحصائية لا مثيل لها في العالم» بحسب اليونيسيف - وجاء تقليص المساعدات فأرغم ألفي برنامج تغذية على إغلاق أنشطتها وفقًا لتصريح توم فليشر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة. وقد ألغت الولايات المتحدة شحنة معجون فول سوداني كان يفترض أن تنقذ حياة نصف مليون طفل يمني.
ستكون الفتيات أكثر عرضة للوفاة، لأن الثقافة اليمنية تحابي الذكور. فقد أجريت ذات يوم حوارا مع فتاة اسمها نجود علي تزوجت رغم أنفها وهي في العاشرة. ويجري الآن أيضا تقليص برامج المساعدات الرامية إلى تمكين الفتيات اليمنيات بتقليل زواج الأطفال.
أشك أن إيلون ماسك - الذي تباهى بوضع برامج مساعدات التغذية في الطاحونة - سيقول إننا لا نقدر على مساعدة فتيات صغيرات في اليمن. فهو أغنى رجل في العالم، فقد تكون لديه دراية خاصة بالاستعمال الأمثل لمليون دولار يمثل التكلفة اليومية لستة أسابيع من معجون الفول السوداني الكفيل بإنقاذ حياة طفل جائع.
في الوقت نفسه، فإن الأموال الحقيقية التي تنفقها أمريكا في اليمن هي أموال القنابل، لكن فريق ماسك في إدارة الكفاءة الحكومية بما لديهم من مطاحن للتكاليف بدوا غافلين عن هذه التكلفة. وفي حين وفرت الولايات المتحدة مبالغ بسيطة من خلال السماح بجوع الفتيات الصغيرات، فقد صعدت حملة بايدن القصف في اليمن، بضرب أهداف على نحو شبه يومي. فكانت تكلفة الشهر الأول فقط من حملة ترامب للقصف أكثر من مليار دولار من الأسلحة والذخائر.
أسقط الحوثيون في ستة أسابيع فقط سبع مسيرات من طراز (MQ-9 Reaper) تكلفة الواحدة منها ثلاثون مليون دولار، وخسرت الولايات المتحدة طائرتين مقاتلتين من طراز (F/A-18 Super Hornet) بتكلفة سبعة وستين مليون دولار للواحدة.
يطرح مركز أبحاث «أولويات الدفاع» بواشنطن تقديرا مقنعا مفاده أن الولايات المتحدة أنفقت من خلال بايدن وترامب أكثر من سبعة مليارات دولار لقصف اليمن على مدى أكثر قليلا من عامين. ويبدو أن أغلب هذا الرقم قد تم إنفاقه بإشراف بايدن.
وافقت ليندا بيلمز -خبيرة تكاليف الصراع العسكري في جامعة هارفرد- على أن سبعة مليارات دولار تمثل تقديرا منطقيا بعد إدراج تكلفة نشر حاملات الطائرات وأجور القتال، وعوامل أخرى. وقالت: إن «إنفاق الولايات المتحدة لا يكافئ إنفاق الحوثيين، فنحن ننفق مليون دولار على الصواريخ للرد على مسيّرات الحوثيين إيرانية الصنع التي تتراوح تكلفتها بين مائتي دولار وخمسمائة».
ما الذي حققته مليارات الدولارات السبعة؟ قلل القصف الأمريكي من قدرات الحوثيين بدرجة ما وقتلت أيضا ما لا يقل عن مائتين وستة من المدنيين في شهر أبريل وحده وفقًا لـ(مشروع بيانات اليمن) غير الربحي. كما قللت حملة القصف أيضا من قدرة أمريكا العسكرية من خلال استهلاك ذخائر ثمينة. وعل مدى أكثر قليلا من عامين، يبدو أن الحوثيين قد أسقطوا نحو 7% من مخزون أمريكا الكامل من مسيّرات (MQ-9 Reaper).
لقد أعلن ترامب في مارس أن حملة القصف هذه سوف تؤدي إلى «إبادة كاملة» للحوثيين. لكنه تراجع في الشهر الحالي، وأعلن «توقفا» للعمليات الهجومية. وحفظ ماء وجهه بوعد من الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية، ولكن تلك لم تكن المشكلة الأساسية، فالغالبية الكاسحة من السفن التي تعبر البحر الأحمر ليست أمريكية. والنتيجة أن الحوثيين - الذين أتفهم شعورهم بالنصر - قد أعلنوا النصر من خلال هاشتاج «اليمن تهزم أمريكا [Yemen defeats America].
بالنظر إلى الأمر بأثر رجعي، نرى أن ترامب صعّد سياسة بايدن الفاشلة، لكنه أظهر أيضا مقدرة أكبر من بايدن على تصحيح أخطائه.
ما الذي يمكن أن يفعله ترامب لإيقاف هجمات الحوثيين على السفن؟ الخطوة الواضحة هي الضغط على إسرائيل بدرجة أكبر لقبول صفقة تيسر رجوع الرهائن جميعا وتحقيق هدنة دائمة في غزة.
في الوقت نفسه، لم يستأنف ترامب المساعدة الإنسانية، ولذلك يموت أطفال اليمن جوعا.
أخبرتني ميشيل نان ـ رئيس منظمة كير CARE - أن تقليل المساعدات الأمريكية تعني ألا تستطيع منظمتها الاستمرار في مساعدة أكثر من سبعمائة وثلاثين ألف يمني في الحصول على المياه النظيفة وعلى خدمات أخرى. وحكت لي عن فتاة عمرها عامان، تدعى مريم، وصلت إلى عيادة متنقلة ووزنها لا يتجاوز أحد عشر رطلا وتشارف على الموت بسبب سوء التغذية. استطاع مسؤولو الصحة في كير أن ينعشوا مريم، فبدأت تتعافى، ثم أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية البرنامج. ولا يعرف عمال المساعدة الآن إن كانت مريم قد نجت.
إنني أتفهم الشك الأمريكي في تقديم المساعدة الإنسانية لأطفال اليمن، إذ يدير الحوثيون دولة بوليسية مدعومة من إيران لها تاريخ في تسليح المساعدات. غير أن حملتنا القائمة على القصف والتجويع قد تقوي الحوثيين، وتجعل نظامهم الحاكم قليل الشعبية أشبه بحامي حمى الأمة ويزيدهم قربا من إيران.
قال لي جريجوري دي جونسن خبير شؤون اليمن في معهد دول الخليج الغربي إن «تقليل المساعدات الإنسانية لليمن لا يرجح أن تفيد أحدا عدا الحوثيين، فمع تفاقم الوضع الإنساني المزري أصلا بسبب قطع المساعدات، لن يكون للأسر المقيمة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلا أن تقف في صف الجماعة سعيًا يائسًا منها إلى النجاة».
والخلاصة حسبما قال جونسن: هي أن الحوثيين سوف «يزيدون ترسيخ وجودهم في السلطة، بما يزيد من صعوبة اقتلاعهم منها لاحقا». واليمن لم يطرح لنا قط خيارات جيدة. ولكن في خياراتنا السيئة على نحو غير معهود أرى حكاية تحذيرية عن النتائج المترتبة على تكاليف السياسة الخارجية المتخبطة: جوع، وصبية وفتيات يموتون، وإضعاف للأمن الأمريكي وانتصار لخصومنا، وكل ذلك بتكلفة سبعة مليارات دولار من ضرائبنا. وإذن، هذه فضيحة.
نيكولاس كريستوف يكتب في صفحة الرأي بنيويورك تايمز منذ عام 2001
خدمة نيويورك تايمز