حذر ضابط في الاستخبارات الأميركية من أن ثمة معتقدات خاطئة في السياسة الخارجية يمكن أن تستمر ردحا طويلا من الزمن، من بينها أفكار سائدة على نطاق واسع تؤثر في توجيه السياسات المهمة.

وينطبق هذا بشكل خاص على بعض الأدلة التي تنطوي على أشياء لم تحدث، رغم أنها قد تدحض بعض المعتقدات بقدر ما تدحض أمورا حدثت بالفعل، وفق مقال بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية.

ويعتقد كاتب المقال بول بيلار -وهو ضابط جهاز المخابرات الوطنية للشرق الأدنى وجنوب آسيا قبل تقاعده عام 2005- أن تلك المعتقدات الخاطئة هي التي سادت في الدوائر الأميركية حول الدور الذي قيل إن أفغانستان لعبته في ظاهرة الإرهاب الدولي.

وقد ظل ذلك الاعتقاد محفورا في أذهان الأميركيين بأن وضعية أفغانستان ومستقبلها السياسي هما العامل الأساس في تحديد ما إذا كان المزيد من الأميركيين سيقعون ضحايا للإرهاب.

وبرأي بيلا أن هذا الاعتقاد يرجع السبب فيه إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011 على مدينتي نيويورك وواشنطن دي سي، التي اعتبرها المقال أحد الأحداث ذات السمات البارزة التي غيرت التوجهات.

كما كان ذلك سببا في استمرار الدعم الذي حظيت به ما باتت تُعرف بأطول حرب تخوضها الولايات المتحدة، وكلفتها أكثر من تريليوني دولار، وأزهقت أرواح ما يزيد على 6 آلاف أميركي من عسكريين ومدنيين، وفق مقال ناشونال إنترست.


توسيع الأهداف

إن معظم ما أنجزته الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمن حققته في الأسابيع الأولى من القبض على المجموعة التي ارتكبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وإسقاط نظام طالبان -الذي استضافها- من سدة الحكم في أفغانستان.

على أن ما تلا ذلك -كما يقول ضابط المخابرات المتقاعد- كان محاولة لتوسيع أهداف المهمة لتشمل بناء الدولة، وقد تجلى عجز تلك الجهود في السرعة التي انهارت بها الحكومة الأفغانية في أغسطس/آب عام 2022.

وبمرور الزمن، أُثيرت قضايا أخرى كمسوغات لمواصلة النضال من أجل منع حركة طالبان من العودة إلى السلطة، من بينها أفكارها التي تعود إلى "العصور الوسطى حول دور المرأة".

لكن الإرهاب -بدون أي مشكلة أخرى- كان هو القضية التي بسببها استمر الدعم لحرب أثبتت إخفاقها في نهاية المطاف، طبقا لمقال المجلة الأميركية، وكان المنطق هو "أننا بحاجة لمحاربة الأشرار حتى لا نضطر لقتالهم في وطننا".

واستنادا إلى ذلك النمط من التفكير، فإن معظم الانتقادات التي طالت إدارة الرئيس جو بايدن عندما أوقفت الحرب في أفغانستان عام 2021، تركزت حول الإرهاب.


انتقادات مفتعلة

وأعاد بيلار إلى الأذهان ما سبق أن قاله ناثان سيلز منسق مكافحة الإرهاب على الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب. فقد صرح بأن خطر الإرهاب على بلاده سيكون "أسوأ بشكل مثير وكبير" لأنه "من المؤكد تقريبا أن تنظيم القاعدة سيعيد إنشاء ملاذ آمن له في أفغانستان ويستخدمه في تدبير أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة وأطراف أخرى". كما انتقد أعضاء في الحزب الجمهوري انسحاب الجيش الأميركي بأنه سيحيل أفغانستان إلى "مرتع للإرهابيين".

ويعلق ضابط المخابرات الوطنية السابق على تلك الانتقادات الحزبية بأنها مفتعلة كما هو الوضع في مثل هذه المواقف عادة، حيث يتغاضى المنتقدون بسهولة عن أن بايدن كان ينفذ اتفاقية الانسحاب التي فوّضت بها إدارة سلفه ترامب. غير أن الانتقادات لاقت صدى لدى العديد من الأميركيين، بعيدا عن انتماءاتهم الحزبية.

ويخلص بيلار إلى أن المعتقدات الخاطئة بشأن أفغانستان والإرهاب سوف تستمر، ذلك أن من يخطئ تحليل الوضع كما كان عليه في أغسطس/آب 2021 ليسوا مرغمين على الاعتراف بخطئهم، وأن أفكارهم الخاطئة ستستمر في تصدر معظم النقاشات حول السياسة تجاه أفغانستان حاليا، وإزاء كيفية النظر إلى الانسحاب الأميركي الذي حدث قبل عامين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

إعلامي أميركي يلمّح إلى تورط إسرائيل في فضيحة جيفري إبستين

قال الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون إن فضيحة جيفري إبستين كشفت عن أنه كان يعمل لصالح أجهزة استخبارات ليست أميركية "على الأرجح"، مشيرا إلى أن الدولة المتورطة في هذا الأمر هي إسرائيل.

وقال كارلسون -وهو أحد أشهر الإعلاميين الأميركيين- في فعالية "تورنينغ بوينت" إن من حق الأميركيين أن يتساءلوا: لصالح من كان يعمل إبستين، وكيف تحول من مدرّس في أواخر السبعينيات، بدون شهادة جامعية، إلى مالك لجزيرة وطائرات خاصة وأكبر قصر في مانهاتن بنيويوك؟

وتابع "من الواضح جدا لأي أحد أن إبستين كانت له صلات مباشرة بحكومة أجنبية، ولا يسمح لأحد الآن بأن يقول إن تلك الحكومة هي إسرائيل".

وأضاف "بطريقة ما جعلونا نعتقد أن قول ذلك خطيئة، لكن لا شيء خاطئا في قول ذلك"، مشددا على أن الأمر لا يتعلق بالكراهية أو معاداة السامية.

NEW: Tucker Carlson suggests Jeffrey Epstein was working on behalf of Israel while speaking during a Turning Point USA event.

“I think the real answer is Jeffrey Epstein was working on behalf of intel services, probably not American.”

“We have every right to ask, on whose… pic.twitter.com/hCO8G1tB3i

— Collin Rugg (@CollinRugg) July 12, 2025

وحسب كارلسون، فإنه ينبغي توجيه سؤال مباشر للحكومة الإسرائيلية عن مدى علاقتها بملف إبستين، مضيفا أنه إن كانت أميركا ترسل المال لإسرائيل في حين تقوم إسرائيل بجرائم على الأرض الأميركية فينبغي أن نسألهم: هل فعلتم ذلك حقا؟

وأشار الإعلامي الأميركي إلى أنه نظرا لغسيل الدماغ الذي يتعرض له الأميركيون، سيظن الناس أن هذه الأسئلة تعبير عن الكراهية أو التعصب ضد إسرائيل، نافيا أن يكون الدافع وراء ذلك هو الكراهية، ومؤكدا أن هذا النوع من الأسئلة يعد بديهيا ومن حق أي مواطن أميركي أن يتساءل.

إعلان أشياء مروّعة

وقال كارلسون "أمضيت حياتي كلها تقريبا في واشنطن وعرفت وأحببت عددا من الأشخاص، بمن فيهم شخص مقرب جدا كان يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، غير أن هذا لم يمنعني أبدا من قول إن الوكالة ارتكبت أشياء مروعة".

وفي انتقاد لـ"سي آي إيه"، قال كارلسون "لقد شاركوا في اغتيال رئيس أميركي وهو على رأس منصبه، ولديهم سجل طويل من الجرائم"، موضحا أن قول ذلك لا يجعل من الشخص أميركيا غير مخلص أو كارها لأميركا بأي شكل.

وإبستين رجل أعمال أميركي اتُّهم بإدارة شبكة واسعة من الاستغلال الجنسي للقاصرات، بعضهن لم تتجاوز أعمارهن 14 عاما. وعُثر عليه ميتا بالسجن في أغسطس/آب 2018، أثناء محاكمته بتهم الاعتداء الجنسي على فتيات والولع الجنسي بالأطفال وإنشاء شبكة دعارة.

وحذف ماسك قبل أسابيع منشورا على منصته إكس، قال فيه إن اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرد في ملفات جيفري إبستين، وجاء في المنشور "حان الوقت لإلقاء القنبلة الكبرى: اسمه (ترامب) يرد في ملفات إبستين.. هذا هو السبب الحقيقي وراء عدم نشرها".

وكانت وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) أعلنا عدم العثور على دليل يثبت وجود قائمة بأسماء شخصيات متنفذة متورطة في فضيحة جيفري إبستين المعروفة إعلاميا "بملفات إبستين"، ونفيا الروايات التي رجحت مقتله عمدا للتغطية على القضية.

ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي -عن وثيقة داخلية مؤلفة من صفحتين- أن السلطات الأميركية أعادت فتح التحقيق في القضية المثيرة للجدل التي اتُّهم فيها إبستين قبل سنوات بإنشاء شبكة للدعارة والاستغلال الجنسي للقاصرات.

وأوضحت نتائج التحقيق أنه على خلاف الاعتقاد السائد، لم يُعثر على أي قائمة بأسماء عملاء أو شخصيات نافذة يُزعم أنهم شركاء لإبستين أو كان يتم ابتزازهم عبر شبكته.

مقالات مشابهة

  • ضابط ألماني لرئاسة البعثة الاستشارية الأوروبية في العراق
  • إعلامي أميركي يلمّح إلى تورط إسرائيل في فضيحة جيفري إبستين
  • فتوح: جريمة "سنجل" تصعيد خطير للإرهاب المنظم للمستوطنين
  • عاجل | الرئيس التركي: التغيرات التي حصلت في سوريا والعراق ساعدتنا في التعامل مع الإرهاب
  • تدشين مشروع المملكة للأمن الغذائي والطوارئ في أفغانستان 2025
  • فيديو.. سائقو الأجرة في أفغانستان يواجهون حرارة الصيف بطريقة مبتكرة
  • «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع الأمن الغذائي والطوارئ في أفغانستان لعام 2025 – 2026م
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن مشروع الأمن الغذائي والطوارئ في أفغانستان لعام 2025 – 2026م
  • ظروف صعبة ومصير مجهول لآلاف اللاجئين الأفغان العائدين يوميا من إيران
  • اغتيال ضابط كبير في المخابرات الأوكرانية وسط العاصمة كييف