عربي21:
2025-05-13@10:18:08 GMT

ماذا بعد كل هذا الخراب؟

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

لن نختلف مع أحد في تشخيص الحالة العربية من المغرب إلى المشرق ولن نتجادل مع بشر إلا في تفاصيل وضع كارثي بأتم ما تعنيه الكلمة من معاني وهو وضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. انتهى طور الثورات التي صُفّيت بالحديد والنار لكن الحالة التي أعقبت ذلك لم تزد الوضع العام إلا فسادا.

عشر سنوات مرّت على انقلاب مصر وها هو قائد الانقلاب الذي تعهّد بعدم الترشح لولاية ثالثة يستعد لحكم مصر مدى الحياة على نهج من سبقه من عسكر مصر عبر انتخابات هزلية تثير سخرية الناس في الداخل والخارج.

الوضع في بقية البلاد العربية لا يختلف كثيرا عن وضع مصر باستثناءات قليلة في دول الخليج التي تتهددها الأخطار من كل جانب.

فماذا بعد الخراب الكبير؟ وهل قدر المجتمعات العربية أن تعيش في دوامة الموت والعنف والفوضى؟ هل من سبيل إلى الخروج من النفق القاتل؟ وهل من طريق إلى إيقاف النزيف؟

تأصل الفساد والاستبداد

ليست الانقلابات والفوضى التي أعقبت قيام الثورات المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مجرد ردّ فعل القوى العميقة في الداخل والخارج من أجل استعادة مصالحها وامتيازاتها بل هي كذلك دليل على فشل "النخب الثورية" أو القوى التي تصدرت المشهد بعد سقوط الأنظمة في تحويل الفورة الشعبية العارمة إلى مكسب ثابت لا قدرة للدولة العميقة على إزاحته.

لا يمكن إحداث تغيير حقيقي في البلاد العربية دون تجديد شامل يشمل النخب والأفكار ووسائل العمل الجماعي. لا بد من تجاوز الأيديولوجيات السياسية العقيمة التي لم تورّث المنطقة وشعوبها إلا الموت والانقلابات والفساد وهو الأمر الذي لا يكون ممكنا دون إعداد الأرضية اللازمة لأجيال التغيير القادمة.يبدو هنا أن المسألة لا تتعلق بإزاحة النظام السياسي والحزام الأمني والعسكري المحيط به بل إن المسألة ضاربة بجذورها في عمق الذهنية والثقافة الشعبية التي راكمت عبر عقود كل مظاهر العجز والإحباط والخوف من المبادرة. سرعان ما انقلبت الشعوب على المنجز الثوري وسريعا ما أدارت ظهرها للثورات ولموجات التغيير تحت ضربات القصف الإعلامي المكثف وتحت تأثير رعب الفوضى الذي أحدثته الأزمات الاقتصادية وجماعات العنف المسلح.

صحيح أن ترسيخ قواعد الحرية وتثبيت أركان الديمقراطية يحتاجان عقودا وأجيالا لتتحول من منجز ثوري إلى طبيعة مجتمعية وثقافة شعبية لا يمكن الاستغناء عنها. صحيح أيضا أن التربة العربية لم تكن مؤهلة للمحافظة على الثورات ومنع انزلاقها نحو العنف المسلح كما حدث في ليبيا وسوريا خاصة. لكن كيف يمكن تفسير تساهل الشعوب مع الانقلاب على ما ضحّت من أجله لعقود طويلة؟

 لا شك في أن الشعوب لم تراكم من الوعي والإدراك الجمعي والقدرة على الحركة ما يسمح لها بمنع الاستيلاء على أول أبواب التغيير لذا نجحت الثورات المضادة بسهولة كبيرة في تصفية منجز التغيير.

خيانة النخب

عن قصد وأحيانا قليلة عن غفلة ساذجة ساهمت النخب العربية في إسقاط كل موجات التغيير التي عرفتها المنطقة منذ مطلع القرن السابق بما في ذلك المشاريع التي أعقبت فترة مغادرة المحتل العسكري لبلادها. كان الفشل السياسي ذريعا في تصفية بقايا الاحتلال وفلوله وفي صياغة مشروع نهضة قادر على أن يُلحق بلاد العرب ببقية الأمم الصاعدة.

تمترست النخب الفكرية العربية وراء أيديولوجيات كسيحة عقيمة مستوردة من قومية وشيوعية ولبرالية انتهت جميعها في حضن الأنظمة الاستبدادية الحاكمة وتحولت سريعا إلى حارس من حراسها. انفرد العسكر بأهم الحواضر العربية في مصر والعراق وسوريا وليبيا والجزائر فصاغ أبشع المنظومات الاستبدادية وتفنن في حياكة أبشع الأجهزة القمعية فقتل الحريات وقمع الاختلاف وشيّد صرح الزعيم الواحد الأحد.

كأننا نتحرك داخل دائرة مغلقة وهو ما يؤكد أن طور الاستبداد العربي ذاهب إلى نهايته وأنه لا بد أن يستكمل كامل دورته التاريخية والحضارية. بناء عليه فإن الأمل في قدرة هذا الجيل أو الجيل الذي يليه على صناعة التغيير تبدو ضعيفة جدا لأسباب عديدة يطول سردها.أما الإسلاميون وهم تقريبا الفصيل الأصيل الأبرز الذي نبت داخل الحاضنة العربية فلم يختلفوا كثيرا عن سابقيهم في فشل الإنجاز وغياب روح المبادرة والعجز عن تفادي الاصطدام مع حَمَلة السلاح. نجحت الأنظمة في اختراق أغلب فصائلهم وصنعت لهم نظائر مشابهة مسلّحة بالتطرف والعنف لتبرير قمعهم فتحوّل الصراع من صراع بين الشعب والنظام إلى صراع بين الإسلاميين والنظام.

دفعت المجتمعات ثمنا ثقيلا نتيجة هذا الصراع وهو الصراع الذي هيمن على الحياة السياسية العربية منذ الثمانينات وصولا إلى ثورات الربيع دون إحراز تقدم في طبيعة المواجهة.

تجديد لا بد منه

هل استوعبت النخب الدرس؟ هل فهمت الشعوب حجم المؤامرة وخطورة المنزلق الذي تتجه نحوه؟ كل المؤشرات تدل على أن دار لقمان لا تزال على حالها وأن لا أحد استوعب الدرس. ما الحل إذن؟

كأننا نتحرك داخل دائرة مغلقة وهو ما يؤكد أن طور الاستبداد العربي ذاهب إلى نهايته وأنه لا بد أن يستكمل كامل دورته التاريخية والحضارية. بناء عليه فإن الأمل في قدرة هذا الجيل أو الجيل الذي يليه على صناعة التغيير تبدو ضعيفة جدا لأسباب عديدة يطول سردها.

لا تزال النخب العربية تراوح في نفس الإطار الفكري الذي ينتظر الإصلاح دون العمل عليه فلم نر أي فصيل سياسي أو فكري عربي بما فيهم الإسلاميون قد بادر إلى مراجعات فكرية عميقة بناء على ما حصل من فشل وانكسارات كان هو أحد أهم أسبابها. إن غياب مشاريع التغيير وغياب الآليات القادرة على تفعيل هذه المشاريع اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا هو الذي يدفع الشعوب نحو هذا الهدوء اليائس من التغيير وكأنه ينتظر معجزة لن تأتي أبدا.

لا يمكن إحداث تغيير حقيقي في البلاد العربية دون تجديد شامل يشمل النخب والأفكار ووسائل العمل الجماعي. لا بد من تجاوز الأيديولوجيات السياسية العقيمة التي لم تورّث المنطقة وشعوبها إلا الموت والانقلابات والفساد وهو الأمر الذي لا يكون ممكنا دون إعداد الأرضية اللازمة لأجيال التغيير القادمة.

من الصعب جدا أن تقبل النخب العربية وزعامتها المريضة بعشق السلطة أن تغادر بهدوء وهي تدرك جيدا أنها صارت اليوم جزءا من المشكل لا جزءا من الحلّ. كيف تقنع القيادات الإسلامية والقومية واليسارية واللبرالية أنها انتهت تاريخيا واستُهلكت فكريا وأنه يجب عليها الرحيل؟

إن أم المعارك القادمة لا تتمثل في تحرير الشعوب من الأنظمة الحاكمة بل تتمثل أولا وقبل كل شيء في تحرير المجتمعات والشعوب من نخبها التي هي حزام أحزمة الاستبداد وأول شروط بقائه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية سياسة عرب رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مروة ناجي: حرصت على التغيير فى الشكل والمضمون بألبومي الجديد

كشفت الفنانة مروة ناجي عن تفاصيل ألبومها الجديد، والذى تقوم بطرح أغانيه بطريقة السينجل، مؤكدة أن هذا الأسلوب الأفضل حتى تتيح لكل أغنية الفرصة لسماعها. 

وقالت مروة ناجي، فى تصريح خاص لـ"صدى البلد": “استغرقت وقتا طويلا من أجل الاستقرار لى أغانى الألبوم والذى انطلق بأغنية ”أنا مش قد غيابك" والتى حققت نجاحا كبيرا عند طرحها". 

وأضافت: “حرصت مع زوجى على أن نختار مجموعة من الأغانى مغايرة تماما سواء فى الشكل أو المضمون عما قدمته من قبل، وهو ما تحقق بالفعل”. 

قاطعتها لمدة سنة.. إيناس عز الدين تروى تفاصيل أزمتها مع والدتهاهادي الباجوري يعلق على تصنيف السينما إلى نظيفة ومرأة.. تفاصيلبسبب عزاء زوجها.. كارول سماحة تصالح إليسا ومروان خورى بعد 12 عاماأول تعليق من أشرف فايق بعد إجراء عملية جراحية في القلبمروة ناجي تغنى لكوكب الشرق 

في حفل غنائي مكتمل العدد، أحيت الفنانة مروة ناجي الذكري الخمسين على رحيل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم في ليلة طربية مليئة بالإبداع عاش معها الجمهور علي مدار ساعتين متواصلتين لتقدم مجموعة من أغانيها المميزة.

وقفت مروة ناجي خلال الحفل على خشبة المسرح الوطني مسرح محمد الخامس بمدينة الرباط في دولة المغرب، والذي وقفت عليه من قبل السيدة أم كلثوم لتعيد أمجادها مجددا من خلال تقديم مجموعة من أغانيها المختارة التي خطفت قلوب الجمهور وجعلتهم يتغنون ويتفاعلون معها، والتي كان من بينها حب إيه وسيرة الحب وحيرت قلبي وأغدا ألقاك وبرضاك وألف ليلة وليلة وانت عمري وغيرهم من الأغاني.

وعبرت الفنانة مروة ناجي عن سعادتها الكبيرة بالحفل فقالت عنه: “في ليلة أشبه بالحلم سعدت بلقاء جمهور الرباط الأكثر من رائع جمهور مثقف دافئ وصاحب ذوق رفيع ، كانت أمسية لا تنسي بفضل حضوركم، غمرتوني بحبكم وأسعدتوني من كل قلبي”.

كان الحفل من تنظيم شركة ميدان للإنتاج الفني برئاسة نبيل سليطن والمدير الفني عادل العقاد، وبمصاحبة فرقة الموسيقى العربية بقيادة المايسترو هشام التلمودي، وهي واحدة ضمن جولتها الغنائية المقرر أن تحييها في دولة المغرب خلال الفترة المقبلة، والتي بدأت من مدينة الرباط، تلاها حفل كازبلانكا يوم الجمعة المقبل 9 مايو وتختمها بحفل مراكش يوم 16 مايو.

يذكر أن الفنانة مروة ناجي طرحت مؤخرا أغنية جديدة بعنوان “انت وبختك”، والتي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا وتفاعل معها الجمهور، والتي تعاونت فيها مع الشاعر جمال الخولي وألحان مصطفى محفوظ وتوزيع وميكس وماستر عمر إسماعيل.

طباعة شارك الفنانة مروة ناجي مروة ناجي أغانى مروة ناجي أعمال مروة ناجي حفل مروة ناجي

مقالات مشابهة

  • فوز لائحة عهد التغيير في مراح السفيرة بكامل أعضائها
  • قاطرة النخب
  • حزب بارزاني:حل حزب الـpkk بداية لنيل حقوق الشعوب الكردية
  • السوداني يطلع على فندق ” قلب العالم” في بغداد الذي سيستضيف وفود القمة العربية
  • هيمنة أحزاب السلطة تقوّض فرصة التغيير في الانتخابات العراقية المقبلة
  • معوّض: اليوم ندعم حالة التغيير الإنمائي
  • المقاطعة تتقدّم وإسرائيل تُعزل في عقر دار داعميها
  • مروة ناجي: حرصت على التغيير فى الشكل والمضمون بألبومي الجديد
  • حكومة التغيير والبناء.. جهود كبيرة للتغلب على تداعيات العدوان
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم