بين تمسّك الحقوقيات ورفض الفقهاء.. مشروع قانون النّوع يثير سجالات حادة في موريتانيا
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
عاد مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والفتيات ليثير سجالات ونقاشات واسعة بموريتانيا، بين مؤيدين يدافعون عن بنود جديدة يرون فيها فرصة للنهوض بالحقوق، ومعارضة شديدة من رجال دين يرفضون "مخالفة" عددا من مضامينه لتعاليم الدين الإسلامي.
وفي ثالث محاولة لإقراره عبر البرلمان خلال السنوات الأخيرة، أحالت الحكومة الموريتانية مشروع القانون المعروف باسم "قانون النوع" أو "الكرامة" على السلطة التشريعية في البلاد، بعد أن سبق لوزارة العدل أن سحبت نسختين سابقتين في عامي 2017 و2018، لمراجعتهما بعد أن قوبلتا برفض واسع.
وفي أعقاب الإحالة الجديدة، دان عشرات الفقهاء والأئمة الموريتانيين في بيان مشترك، الجمعة، مشروع القانون الجديد، معتبرين أنه "مخالف للشريعة الإسلامية"، مضيفين "ألا عذر لمسؤول تنفيذي ولا تشريعي في العمل على فرضه على المسلمين".
وجاء في البيان أن المشروع المذكور يقوم على "نسخ كلي لشريعة الرحمن بشريعة شيطان"، وهو بحسب المصدر ذاته، "ينسف ثوابت الولاية والقوامة، ويشجع للعقوق والنشوز، ويشيع للفاحشة والرذيلة، ويمكّن دعاة الشقاق وقطيعة الأرحام من العبث بسكينة الأسر واستقرارها..".
بالمقابل، تقول رئيسة منظمة "رابطة النساء معيلات الأسر" غير الحكومية، آمنة المختار، إن "إخراج هذا قانون مطلب ضروري تنادي به الجمعيات النسائية منذ سنوات من أجل حماية المرأة"، مسجلة "ارتفاعا ملحوظا" لجرائم العنف والاغتصاب "في ظل الفراغ القانوني المتعلق بحفظ حقوقهن".
وتضيف المختار في تصريح لموقع "الحرة"، أن بعض التيارات السياسية والدينية ترفض وجود أي قانون لحماية المرأة وكرامتها وشرفها وجسدها لأنها "لا ترى فيه مصلحتها، مما يعرقل إخراج هذا القانون منذ عام 2012، عبر حملة دون هوادة".
من جانبه، أكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية قبل أيام "وجود حملة منظمة" ضد مشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة والفتاة قانون كرامة"، مشيرا إلى أنه ما يزال مشروع قانون، ولم يتم اعتماده بعد.
وتابع المسؤول الحكومي الموريتاني، أن الأشخاص المشرفين على إعداد مشروع القانون المذكور "لا يمكن المزايدة عليهم في الدين أو الأخلاق أو القيم الاجتماعية"، كاشفا أن "القانون أرسل إلى المجلس الأعلى للفتوى والمظالم وهيئة العلماء الموريتانيين وقدموا ملاحظتهم حوله".
في هذا السياق، توضح الناشطة الحقوقية الموريتانية أن "حملة شيطنة القانون وراءها فقهاء الحركات الإسلامية السياسية وليس الفقهاء ورجال الدين المستقلين"، والذين لا يريدون أي قانون يحمي المرأة، مضيفة أن "من مصلحة هؤلاء بقاء المرأة تحت السلطة الذكورية".
سنوات من الجدلوسبق للحكومة الموريتانية أن قدمت مشروع القانون، أمام البرلمان في العام 2017، غير أنها سرعان ما سحبته، بعد أن واجه رفضا برلمانيا وشعبيا واسعا، وخصوصا داخل اللجنة البرلمانية التي تولت دراسته تحضيرا لعرضه في جلسة علنية، بحسب موقع "الأخبار" المحلي.
وفي العام 2018، أعادت الحكومة عرض مشروع القانون ذاته على المؤسسة التشريعية، غير أنه قوبل بنفس الرفض، مما دفعها لسحبه وتنقيح بعض بنوده، بحسب المصدر ذاته، قبل أن تعود مجددا في مايو من عام 2020، لتصادق عليه خلال اجتماع استثنائي، غير أنها لم تحله في هذه المرة إلى البرلمان، بعد تجدد الجدل حول بنوده.
في هذا الجانب، تقول آمنة المختار، إن للتيارات التي ترفض خروج القانون تأثير مهم في المشهد السياسي وعلى الرأي العام، غير أنها تؤكد على أن "توفر إرادة سياسية حقيقية من الدولة كفيل بإخراجه واعتماده".
وجاءت مسودة مشروع القانون الجديد التي اطلع موقع "الحرة" على نسخة منها، في ستة فصول و55 مادة، شملت تحديد موضوع القانون وتعريفاته، بالإضافة لمجالات الحماية والعقوبات والإجراءات.
وجاء في المادة الأولى أن هذا القانون "يهدف إلى الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات ووضع الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الضحايا وتعويضهن عن الضرر ومعاقبة الجناة".
في هذا السياق، تقول بنتو صو، ناشطة حقوقية موريتانية، إنها اطلعت على مسودة القانون كاملة "ولا ترى أي مبرر لرفض بنوده، إذ لا يتضمن أي شيء يتنافى مع القيم الإسلامية".
وتضيف صو، في تصريح لموقع "الحرة"، أن "الانتقاد مقبول غير أنه ينبغي أن يوجه نحو مواد محددة، أما رفض مسودة تتكون من 54 بندا بمجملها فلا يمكن تبريره".
أبرز البنود الجديدةوكشف بحث ميداني سابق لـ"هيومن رايتس ووتش"، أن غياب القوانين القوية ضد العنف المبني على النوع الاجتماعي وغياب المؤسسات التي تقدم العون للضحايا، بالإضافة إلى الضغط الاجتماعي والوصم، يمنع النساء والفتيات من طلب المساعدة والانتصاف عند تعرضهن للانتهاكات.
وجاء في تقرير المنظمة الحقوقية أن السلطات "لا تقدم إلى الضحايا ما يكفي من خدمات الرعاية الصحية والطب النفسي والدعم القانوني، ما يدفع المنظمات غير الحكومية إلى سد فجوة الحماية قدر المستطاع بإمكانات محدودة".
وأفادت هيومن رايتس ووتش بأن "ضحايا الاغتصاب اللواتي يقدمن شكاوى للسلطات خطر المحاكمة بسبب إقامة علاقة جنسية خارج الزواج إن لم يتمكنّ من إثبات تعرضهن للاغتصاب".
وفيما يتعلق بأبرز المستجدات التي جاء بها النص الجديد، تقول المختار إنه يعرّف العنف ضد النساء بـ"شكل شامل ومرجعي في المجال"، في ظل غياب أي إطار قانوني يجرمه ويحميهن، ومن هذا المنطق "تبرز أهميته والحاجة الأساسية إليه"، بحسب المتحدثة ذاتها.
ويعرف مشروع القانون الجديد العنف ضد النساء والفتيات، بأنه أي عنف موجه ضد الإناث يتسبب أو قد يتسبب في إلحاق أذى أو معاناة بدنية أو جنسية أو نفسية أو أدبية أو اقتصادية أو ثقافية، بالنساء والفتيات، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأعمال، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة.. كما يقدم أيضا ويحدد تعريفات للاغتصاب والتحرش الجنسي واغتصاب المحارم واللمس الجنسي.
وتنص مسودة القانون أيضا ولأول مرة على ضمان استفادة المرأة من حقها في الميراث، وذلك بإقرار عقوبة سجنية وغرامات "ضد من يمنعها من الحصول على حقوقها".
في هذا الجانب، تقول مختار، إن الكثير من النساء "لا زلن ممنوعات من حقهن في الإرث"، كما أن من الممنوع عليهن تسيير وحماية ميراث أبنائهن اليتامى، إذ يعود هذا الحق إلى أولياء آخرين، مما يتسبب في ضياع الحقوق.
ومن بين القضايا الأخرى البارزة في القانون، بحسب المتحدثة ذاتها، الإشارة إلى العنف الأسري والزوجي والذي لم يكن مقنّنا في السابق، مشيرة إلى أن المشروع الجديد "جاء بخطوة تجريمه، ووضع عقوبة رادعة ضده".
من جهتها، توضح الناشطة الحقوقية، بنتو صو، أن القانون الجديد "مخصص لحماية النساء وحقوقهن لا أكثر ولا أقل"، لافتة إلى بروز ما اعتبرتها "سلوكيات دخيلة على المجتمع الموريتاني، بالتالي كانت الدولة مسؤولة عن حماية جميع فئات المجتمع، وذلك عبر مثل هذه القوانين".
وتضيف المتحدثة، أن إخراج القانون "ضرورة لا محيد عنها" من أجل حماية النساء، خاصة فيما يتعلق بتوفير الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف الجسدي والجنسي.
وثمنت صو البند 15 من القانون والمتعلق بتوفير الدولة الحماية للشهود على الجرائم المرتكبة ضد من أجل الإدلاء بشهاداتهم، معتبرة أن هذه الخطوة "جد مهمة، حيث لم يقدم الكثيرون شهاداتهم للجرائم التي يشاهدونها خشية أعمال انتقامية".
وتنص المادة 27 من مسودة القانون أيضا على تجريم تشويه العضو التناسلي للفتاة، وجاء فيها "كل من يقوم بتشويه العضو التناسلي لبنت أو بأي ممارسة أخرى تضر بصحة المرأة والبنت، إذا لم تسفر نتيجة الفعل عن عقوبة أشد، يعاقب بالحبس ستة أشهر إلى سنة".
وتشير الناشطة الحقوقية أيضا إلى أهمية هذه الخطوة، مؤكدة أن تشويه العضو التناسلي للفتيات في ظل ما يعرف بـ"ختان الإناث" يبقى "جريمة منتشرة في المجتمع، لم يكن يعاقب على ارتكابها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النساء والفتیات العنف ضد النساء القانون الجدید مشروع القانون غیر أنه وجاء فی فی هذا
إقرأ أيضاً:
قانون ترامب للضرائب يهدد التغطية الصحية لـ 12 مليون أميركي
قال مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي إن مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق يهدد تغطية التأمين الصحي لنحو 12 مليون أميركي، ويضيف 3.3 تريليونات دولار إلى الديون.
ومن شأن التقييم الصادر عن المكتب غير الحزبي، أن يُعقّد جهود الجمهوريين لإقرار قانون "مشروع قانون واحد كبير وجميل" للرئيس دونالد ترامب في الأيام المقبلة.
وتمت الموافقة على خطة الإنفاق بفارق ضئيل في تصويت تمهيدي في مجلس الشيوخ في وقت متأخر من يوم السبت، بعد أن سارع قادة الحزب إلى الضغط على الأعضاء المترددين من قاعدتهم.
وأعلن أحد المنشقين، السيناتور توم تيليس من ولاية كارولينا الشمالية، أنه لن يسعى لإعادة انتخابه بعد تصويته ضد التشريع الرئيسي لترامب.
انتقاداتقاد المشرعون الديمقراطيون انتقادات لمشروع القانون، وتشير أرقام مكتب الميزانية في الكونغرس إلى تخفيضات في تمويل الرعاية الصحية بقيمة تريليون دولار في حال إقرار هذا الإجراء.
وقُدِّمت النسخة الأخيرة من مشروع القانون في تصويتٍ بمجلس الشيوخ مساء السبت بأغلبية 51 صوتًا مقابل 49. وانضمّ الجمهوريان، تيليس وراند بول من كنتاكي، إلى الديمقراطيين في معارضة هذه الخطوة.
عارض بول مشروع القانون لأنه يرفع سقف الدين الأميركي، بينما صرّح تيليس بأن مشروع القانون سيُكلّف ولايته مليارات الدولارات من تمويل الرعاية الصحية.
بينما ناقش أعضاء مجلس الشيوخ مشروع القانون يوم الأحد، لم يتضح بعد ما إذا كان يحظى بدعمٍ كافٍ لإقراره في النهاية.
ويتمتع الجمهوريون بأغلبيةٍ ضئيلةٍ في مجلس الشيوخ، ويشغلون 53 مقعدًا، ويملك جيه دي فانس نائب الرئيس صوتَ حسم التعادل، لذا لا يستطيع الحزب تحمّل سوى معارضة 3 أعضاء منهم.
إعلانواستغلّ أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون قواعد المجلس لفرض قراءةٍ لمدة 16 ساعة لمشروع القانون الذي يبلغ عدد صفحاته 940 صفحة، في محاولةٍ لتأجيل التصويت على إقراره.
وبموجب قواعد مجلس الشيوخ، يُخصّص للمشرّعين الآن 20 ساعةً لمناقشة مشروع القانون، ومن المتوقع أن يستغل الديمقراطيون كل وقتهم لتأجيل التصويت، بينما يحاول الجمهوريون تسريع العملية.
ويقترح المشرعون كذلك تعديلات على مشروع القانون، وإذا أقرّ مجلس الشيوخ مشروع القانون المعدّل، فلا يزال يتعين إعادته إلى مجلس النواب للموافقة النهائية عليه قبل أن يُعرض على مكتب الرئيس للتوقيع عليه ليصبح قانونا نافذا.
ودفع ترامب باتجاه إقرار مشروع القانون من قِبل الكونغرس قبل الموعد النهائي الذي حدده بنفسه في 4 يوليو/ تموز، ووصف البيت الأبيض عدم إقراره بأنه "خيانة عظمى".
ويوم السبت، وصف ترامب تصويت مجلس الشيوخ على مشروع القانون بأنه "نصر عظيم".
لكن التخفيضات المقترحة في مشروع القانون على برنامج "ميديكيد"، وهو برنامج رعاية صحية يعتمد عليه ملايين الأميركيين المسنين والمعاقين وذوي الدخل المحدود، أصبحت نقطة خلاف سياسية.
ونقلت شبكة سي إن إن عن السيناتور الديمقراطي مارك وارنر قوله إن هذا الإجراء سيؤثر سلبًا على الملايين، مضيفًا: "هذه تخفيضات ضريبية للأثرياء، ما يؤدي في النهاية إلى خفض الرعاية الصحية، بكل بساطة".
وبموجب مشروع القانون، سيحصل أكثر من 80% من الأميركيين على تخفيض ضريبي العام المقبل، مع أن دافعي الضرائب الأكثر ثراءً سيستفيدون أكثر من غيرهم، بما في ذلك كنسبة مئوية من دخلهم، وفقًا لمركز السياسة الضريبية غير الحزبي.
ونقلت شبكة إن بي سي عن السيناتور ماركوين مولين، الجمهوري، قوله إن التشريع يهدف إلى القضاء على الاحتيال والإهدار وإساءة الاستخدام.
وأكد أن الكثير من الأميركيين المستفيدين من برنامج ميدكيد ليسوا تحت خط الفقر.
مشروع القانونوتمت مراجعة بعض أجزاء مشروع قانون الإنفاق في مجلس الشيوخ لإرضاء الجمهوريين الرافضين.
ولا يزال المشروع يحتوي على بنود كالتخفيضات الضريبية التي اعتمد عليها ترامب في حملته الانتخابية، مثل خصم ضريبي على استحقاقات الضمان الاجتماعي، وإلغاء الضرائب على العمل الإضافي والإكراميات.
ويمدد مشروع القانون التخفيضات الضريبية التي أقرها الجمهوريون عام 2017، كما يقترح تخفيضات في بعض البرامج لتغطية الخصومات الضريبية.
فيما يتعلق بالرعاية الصحية، يقترح مشروع قانون الإنفاق شرط العمل على معظم البالغين للتأهل للحصول على المزايا.
ويُقلل مشروع القانون من قيمة الضرائب التي يمكن للولايات فرضها على مقدمي الخدمات الطبية، والتي تُستخدم أموالها بكثافة لتمويل برامج ميدكيد.
يتضمن مشروع القانون قيودًا على برنامج كوبونات الطعام الأميركي، من خلال مطالبة معظم البالغين الذين لديهم أطفال يبلغون من العمر 14 عامًا أو أكثر بإثباتات إضافية لإثبات الاستحقاق.