تكالبتم على الشعب السوداني، وتآمرتم عليه مرات وسرقتم أحلامه، حاضره ومستقبله، وكنتم على الدوام تتربصون بالتغيير من أجل أن تحصدوا ثماره وحدكم، عنوة وكرهاً، كلكم أو انفرادا، رغم علمكم يقيناً أنه زرع جموع الشعب السوداني، بشهدائه وجرحاه، الفقراء والمعدمين، النازحين واللاجئين، الأمهات الثكالى والآباء المكلومين، فكنتم أصغر من دجاجة صغيرة حمراء! فلا الفول فولكم، ولا الزرع زرعكم، ولا الحصاد كسبكم، ورغم ذلك تريدون أكله وحدكم!
واليوم بسبب طمعكم وحربكم يموت الناس، يقتتل الأخوة، يحارب الضعفاء حرب النمل، من أجل لقمة عيش وسقف خفيض وشربة ماء وملجأ ستر للروح قبل الجسد، أما رفاهية الصحة والتعليم، ونِعم السلامة والأمن والحركة، فأنتم سلبتموها وما زلتم تفعلون وبالتدريج المُهندس، وقد أوجدتم واقعاً سمته الدمار ومُسمّاه الحرب!
لقد كانت ثقة الغالبية العظمى من الثوار في وعودكم صفرا، ولكن أقلية ممن حملوا راية القيادة، وأي قيادة؟! انحازوا لكم عوضاً عن هذه الأغلبية، بمظنة حسنة أو غفلة نزقة أو ربما!! وها أنتم تسومون الشعب، كل الشعب، العذاب عاقبة على هذه المظنة، أو عقوبة على تلك الغفلة.

.!
ها أنتم اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما:
الاستمرار في هذه الحرب الماجنة التي لن تبقي على شيء لتحكماه؛ وحتى إن انتصر أحدكما عسكرياً فسيكون نصره على جماجم رفاقه وأهله وأحبته هنا وهناك، وهو كذلك، سيقف معقوراً على هذه الجثث، ويصعد بنصف جسد وبلا روح فوق تلك الجماجم، ليقدم خطبة الانتصار- أقرأ- خطبة وداع، فالعمر على مركب السنوات يمضي، وسيحين أوان لن ينفع فيه الندم على الماضي القريب، ولن يسعف حرف لو، ولن يفيد عذر، والموت سبيل الأولين والآخرين وسليل الحياة ومنتهاها لكل كائن وإن مد الله في الآجال!
وأما الخيار الثاني، فهو طي "خطوات" ينتظرها أولئك الأغلبية؛ من قُتل وجُرح جسداً ولُباً، ومن نزح ولجأ وتشرّد أو بقي بين الفجيعة واليقين، الذين رفضوكم أول أمرهم وأمركم، وانقسموا على سلامكم المخاتل وحربكم العبوس، بدل أن يأتلفوا على سلمٍ وطيد، نادوا به وخرجوا له وفقدوا الأصدقاء والأحبة في دربه، وقُتلوا بذات سلاحكم الذي يهرول بعضهم اليوم لحمله. وها هي الأقلية التي انحازت لشراكة أخرجت لسانها كيداً في كل حين، تحاول أن تأتي بالحلول الحسنة من قلب منقلب السوء الذي حملتم نحوه البلاد قسراً!
غازلوا من شئتم وقاوموا من خفتم، وصِلوا ليلكم بنهاركم في الحرب والقتل والتدمير، فالذاهبون حتماً للفجيعة أنتم، طالما قولكم وكلامكم محض ريح في قفص، فلا هو حافظ لها ولا هو مُنجي من عفونة فعلكم.
رفعت الأمهات الأكف تضرعاً، وصلى الآباء والدموع تنهمر على جلابيبهم حزناً، وتجمدت الدموع في المآقي والأحزان في أفئدة كِلام، فعادت الدعوات نكبات عليكم، واستحالت الأبهة والصولجان والدِعة إلى رماد أو تكاد، وكان البعض منا مجرد أصنام للعبادة لا تنفع، ولبصيرة شعبها لا تخضع ولنذر الشر تدير وجهها نكراناً أو شبقاً يغيب بين المتعة اللحظية الواجفة واقعاً وبنت الليل الزائفة حلماً؛ أكلتم المستقبل بفم لا يشبع وتجاهلتم صوت المُحذِّر بقلب لا يخشع، واليوم أو في الغد تأتي النازلة الأكبر، فإن كانت عليكم، فرغ الشعب واستنجى منكم، وإن كانت لأحدكم فهي سيفاً يبتلعه، فلا يسجد بعد بلعه شكراً أبدا، ولن يقوى حتى على ازدراد ريقه هيعة وأسفاً، ويبقى العمل الرديء شاهداً والشعب شهيداً حاضرا!
#اعصروا على بعض
#عار العالم في السودان
#العسكر للثكنات والجنجويد ينحل
#لسنا بخير
#لا للحرب
#ممرات ومسارات آمنة
#زمن البعاعيت  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

البعثة لا تُلام.. بل من يُطبل لها من أبناء الوطن!

في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الليبي أزمات متلاحقة، ويتخبط في دوامة من الانقسام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أداءها الباهت والمجرد من الفاعلية، وكأنها تعمل خارج حدود البلاد، أو بمعزل تام عن معاناة الشعب الليبي. ومع ذلك، فإن اللوم لا يقع فقط على البعثة، بل – وبشكل أدق – على أولئك الليبيين الذين ارتضوا لأنفسهم دور المدافعين الصاخبين عن البعثة ومبعوثتها، وكأنهم وكلاء معتمدون لتسويق أجندة لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.

لسنا في موضع الدفاع عن البعثة أو مهاجمتها، لكنها – في نهاية المطاف – تمثل إرادة المجتمع الدولي لا إرادة الليبيين. أما المأساة الحقيقية، فهي في أولئك السياسيين الليبيين الذين تحولوا إلى ناطقين رسميين باسم المبعوثة الأممية، يهللون لخطواتها، ويمجدون تحركاتها، ويبررون تدخلاتها، في الوقت الذي يغيب فيه صوت المواطن، وتتوارى فيه السيادة خلف ستار “الدعم الدولي”.

لقد بات من المعتاد أن تظهر بعض الشخصيات السياسية الليبية – التي فقدت رصيدها الشعبي ومشروعها الوطني – في وسائل الإعلام مدافعة باستماتة عن البعثة، معتبرة أن خلاص البلاد يكمن في الانصياع التام لما تطرحه المبعوثة ومكتبها، مهما كانت طبيعة هذا الطرح، ومهما كان حجم التجاوز فيه لإرادة الليبيين ومؤسساتهم.

وما يدعو إلى الاستغراب أن هذه الشخصيات لا تكتفي بالدفاع، بل تمارس الإقصاء المعنوي بحق كل من يختلف معها، وتتهم كل من ينتقد البعثة بأنه “ضد الاستقرار”، أو “يريد تقويض العملية السياسية”، وكأن الاستقرار لا يتحقق إلا بالخضوع، وكأن العملية السياسية لا تتنفس إلا في ظل مباركة المجتمع الدولي وحده.

المفارقة المؤلمة أن مواقف هذه الشخصيات لا تقوم على مبادئ، بل على تقلبات رياح البعثة نفسها. فعندما تصدر البعثة بيانًا لا يتماشى مع ما يجري في شرق ليبيا، ينبري المصفقون في الشرق لمهاجمتها، ويتهمونها بالانحياز. وحينما تصدر موقفًا يؤيد جهة شرقية، يعود نفس المصفقين ليمدحوها ويرفعوا من شأنها. والأمر ذاته يتكرر في الغرب: تأييد إذا وافقت البعثة التوجه المحلي، وهجوم عليها إذا خالفته. فهل باتت الوطنية تقاس بمن يصدر البيان؟ وهل اختُزلت السيادة في مزاج المبعوثة؟

لقد آن الأوان أن نقول لهؤلاء جميعًا، في الشرق والغرب والجنوب: استحوا! فكرامتكم، وتاريخكم، وانتماءكم الوطني، أكبر من تيتاه ومن بعثة الأمم المتحدة بأسرها. لماذا تصرون على أن تتحولوا – في يوم من الأيام – إلى مجرد غجر سياسيين في دولتكم؟ لماذا ترضون أن تكونوا أدوات بلا موقف، وأصوات بلا مشروع؟

المشكلة ليست فقط في البعثة التي تلتقي بمن تشاء، وتتجاهل من تشاء، بل في أولئك الذين يقبلون أن يُستدعى لهم دون غيرهم، ثم يخرجون علينا محملين بنصوص جاهزة وشعارات مكررة، ظنًا منهم أن التطبيل للبعثة سيمنحهم شرعية لا يملكونها، أو قوة لا يستحقونها.

إن ليبيا لن تستعيد عافيتها عبر تمجيد الخارج، بل عبر استعادة الإرادة الوطنية، وبناء مشروع سياسي ينبع من الشعب، لا من المقرات الأممية، ولا من تقارير تُكتب في غرف مغلقة.

ولتذهب البعثة والتيته والمجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى الجحيم، دعونا نعود إلى الشعب. دعونا نعود إلى خارطة الطريق الحقيقية: أن نستفتي الشعب على شكل الدولة وهويتها، ثم نكلف نخبة من الليبيين المتخصصين بصياغة دستور وطني جامع، ثم نستفتي الشعب عليه، ثم نبني دولتنا بأيدينا لا بأيدي موظفي البعثات. كفاكم تطبيلاً وتزميراً، فإن بلادكم تضيع أمام أعينكم، وأنتم تتراقصون على أوهام الخارج. عودوا إلى الشعب، يا من لم تعودوا من الشعب!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • كانت ضربة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.. المكتسبات المسكوت عنها لثورة 30 يونيو
  • صراعات التأسيس في الميدان: مكوار ودقلو
  • حزب الوعي: ثورة 30 يونيو كانت تجسيدًا حقيقيًا لإرادة الشعب المصري
  • البعثة لا تُلام.. بل من يُطبل لها من أبناء الوطن!
  • أنتم السند الحقيقي.. رسائل قوية من الرئيس السيسي للمصريين في ذكرى 30 يونيو
  • باحث: 30 يونيو كانت صيحة شعب ضد مخططات اختطاف الدولة المصرية
  • عبد الله يحي: وحدة الصف العسكري وتلاحمها مع الإرادة الشعبية كانت حجر الأساس في تثبيت أركان الدولة
  • كمال ريان: أخطاء الإخوان كانت الوقود الحقيقي لثورة 30 يونيو.. والشعب كشف كذب شعاراتهم مبكرًا
  • هل كانت مسرحية؟
  • خارجية النواب: 30 يونيو كانت لحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الوطن