الجديد برس:

قالت مجلة Responsiblestatecraft الأمريكية التابعة لمعهد كوينسي، إن توجه وفد من صنعاء وفريق من الدبلوماسيين العمانيين إلى الرياض لإجراء محادثات بشأن الصراع والحرب بين اليمن ودول التحالف، يُعدّ أعلى مستوى من المفاوضات الرسمية بين صنعاء والرياض على الأراضي السعودية منذ بدء الحرب قبل تسع سنوات، منوهةً بأن المسئولين السعوديين وصفوا نتائج الزيارة بالإيجابية.

وأشارت المجلة- في تحليل سياسي كتبه جورجيو كافييرو، بعنوان: هل أصبحت الهدنة الحوثية السعودية وشيكة في اليمن؟- إلى أن المحادثات التي جاءت بعد توقف دام خمسة أشهر للمفاوضات بعد الجولة الأخيرة التي جرت في صنعاء برعاية وفد الوساطة العماني، وفّرت المزيد من الأمل في هدنة مستدامة بين صنعاء والمملكة، والتي ستكون ضرورية لتحقيق سلام دائم في اليمن.

التحليل الذي نشرته المجلة الأمريكية ركّز على تبدل لغة السعودية في الحديث عن صنعاء، موضحاً أن وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، الذي التقى الوفد الزائر، أشار إليهم باسم “وفد صنعاء”، بدلاً من الاسم الرسمي: “الحوثيين” أو “أنصار الله”، منوهاً بأن مثل هذه المصطلحات تشير إلى اعتراف الرياض بأن “الحوثيين” تمكنوا فعلاً من إدارة الدولة، وهو ما يؤكد رغبة المملكة العربية السعودية المتزايدة في إيجاد تسوية مؤقتة مع الطرف الأقوى الذي عززت سلطته بشكل فعّال في مناطق سيطرته.

التحليل نقل آراء بعض المتخصصين، منهم إليزابيث كيندال، المتخصصة في الدراسات العربية بجامعة كامبريدج، والتي قالت: “إن التحول في اللغة إلى “وفد صنعاء” أمر مهم”. موضحةً لـ RS: “لقد تم التشهير بالحوثيين وأنصار الله منذ فترة طويلة في وسائل الإعلام السعودية، لذا فإن إزالة الإشارات إليهم يبدو أنها تهدف إلى إزالة وصمة العار عن المحادثات وتجنب أي فكرة عن التنازل السعودي”، مضيفةً: “إن أهمية التسمية الجديدة تنبع من إعادة التموضع والتفاهمات المسبقة والرغبة في تحسين المناخ الدبلوماسي، وقلب صفحة التوترات الكاملة بأي ثمن، ومنح اعتراف رمزي، وتغيير المفاهيم العامة تدريجياً”، واتفق مع هذا الرأي الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إبراهيم جلال.

التحليل لفت إلى أن صنعاء والرياض لم تتوصلا إلى هدنة دائمة على الرغم من التقدم الأخير، مشيراً إلى أن هناك أربع قضايا حساسة على الأقل لا تزال بدون حل؛ الأولى مسألة صرف رواتب الموظفين في القطاع العام، والثانية أن تدفع هذه الرواتب من عائدات النفط والغاز اليمني، حيث ذكر نبيل خوري- نائب رئيس البعثة السابق في السفارة الأمريكية في اليمن وهو حالياً زميل غير مقيم في المركز العربي بواشنطن- لـ RS: إن ذلك ما كانت تطالب به صنعاء منذ فترة طويلة، وإما أن تحصل عليه أو “لن تسمح بمواصلة تصدير النفط والغاز بسلام”. حسب تعبيره.

فيما تتعلق المسألة الثالثة بإعادة فتح مطار صنعاء الدولي بدون قيود، بالإضافة إلى المطارات الأخرى في اليمن والموانئ البحرية، أما القضية الرابعة فهي مطالبة صنعاء بإنهاء الانقسام المالي وتوحيد البنك المركزي، الذي نقلت حكومة الشرعية وظائفه وعملياته من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن، وقد تناولت المحادثات حتى الآن كيفية إعادة توحيد البنك المركزي، سواء في اليمن أو ربما في بلد آخر مثل عُمان أو الأردن، بحسب خوري.

وأرجع التحليل تسارع عمليات التفاوض إلى ما وصفها بمهارات الوساطة العمانية، التي حظيت بإشادة كبيرة، لافتاً إلى أنه ومع ذلك فمن المحتمل أن تتحرك هذه المحادثات ببطء، مع تحقيق تقدم تدريجي نظراً لانعدام الثقة القائم منذ فترة طويلة بين صنعاء والسعودية، مؤكداً أن بناء الثقة بين الجانبين لا يمكن حدوثه في عشية وضحاها، ولم يتطرق التحليل إلى أن التقدم العسكري لقوات صنعاء وما عرضته من ترسانة أسلحة صاروخية وطائرات مسيّرة في استعراضها العسكري الأخير الذي نظمته في الحادي والعشرين من سبتمبر المنصرم قد يكون السبب الرئيس في سهي السعودية الحثيث لإنجاز واستكمال المباحثات التفاوضية مع صنعاء، نظراً لمخاوفها الشديدة من عودة التصعيد العسكري وخطورته على مشاريعها الاقتصادية ومنشآتها الحيوية التي أثبتت صنعاء أنها أصبحت في متناول أسلحة قواتها المتطورة والفعّالة.

وتطرق التحليل إلى استبعاد وتهميش مجلس القيادة الرئاسي، الذي وصفه بالضعيف والهش، من التفاوضات الأخيرة بين صنعاء والرياض، وكذلك عدم مشاركة الإمارات، مؤكداً أن هناك دلائل على أن أبو ظبي “منزعجة للغاية” من استبعادها. الأمر الذي يعني أن الهدنة المحتملة بين الرياض وصنعاء يمكن أن تؤدي إلى تعزيز قوة أنصار الله، متوقعاً أن يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات والذي يحكم عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية، انفصاله عن اليمن، في إشارة إلى أن الإمارات قد تدفع بالفصيل التابع لها إلى الإقدام على هذه الخطوة في إطار ما تعتقد أنه سيؤمِّن بقاء مصالحها في تلك المناطق، حيث تسيطر على الموانئ والجزر الاستراتيجية.

*YNP / إبراهيم القانص

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: بین صنعاء فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

نبوءات ويتمان.. كيف تنبأ شاعر القرن الـ 19 بأمريكا العصر الحديث؟

رغم مرور أكثر من قرن على رحيله، لا يزال الشاعر الأمريكي والت ويتمان (1819–1892) حاضرًا بقوة في المشهد الأدبي والثقافي، ليس فقط كواحد من رواد الشعر الحر، بل كصوت استثنائي سبق زمانه وتجاوز حدود عصره. 

وكتب ويتمان بروح بدت وكأنها خرجت من قلب القرن الحادي والعشرين، بتناقضاته، وتحدياته، وصراعاته حول الهوية والحرية والتعدد.

وهذا الحضور الفريد يطرح تساؤلًا ملحًا: كيف لشاعر ولد في القرن التاسع عشر أن يكتب عن قضايا تعد من أبرز ملامح عصرنا الحديث؟ وهل كان Leaves of Grass مجرد ديوان شعري أم وثيقة فكرية تنبؤية استشرفت ما هو آت

وفي زمن كانت فيه الولايات المتحدة تخوض صراعاتها الداخلية لبناء هويتها كأمة، جاء ويتمان ليصوغ رؤيته الخاصة لأمريكا، رؤية أكثر شمولًا وإنسانية، تتجاوز التصنيفات والانقسامات. 

ولم يكن يكتب عن النخبة أو السلطة، بل عن الناس العاديين؛ المزارعين، العمال، النساء، المثليين، السود، الجنود، والمهمشين. 

واحتوى شعره كل هؤلاء، واحتفى بهم بلغة شعرية تمزج الجسد بالروح، والحب بالتمرد، والذات بالمجتمع، في نظر ويتمان، كانت أمريكا حلمًا يتسع للجميع، حلمًا لا يتحقق إلا بالاعتراف بالتنوع والاختلاف. 

وهذه الرؤية، التي بدت غريبة في عصره، أصبحت اليوم جوهر النقاش السياسي والاجتماعي في أمريكا والعالم.

واللافت في تجربة ويتمان الشعرية أنه سبق عصر “السوشيال ميديا” بمئات السنين، لكنه عبر عن ذاته بنفس طريقتها. 

فقصائده، خاصة في ديوان Leaves of Grass، تبدو كأنها تدوينات شخصية على فيسبوك أو تغريدات صريحة على تويتر.

 قال في أول سطر من الديوان: “أحتفل بنفسي، وأغني نفسي”، وهو سطر يبدو وكأنه خرج من حساب شخصي لا من نص كلاسيكي. 

لم يتردد ويتمان في الحديث عن جسده، رغباته، تناقضاته، وحتى ميوله، ما جعله مثار جدل في عصره، لكنه في الوقت ذاته، جعله قريبًا من روح هذا العصر الذي أصبح فيه الإفصاح عن الذات جزءًا من الحياة اليومية.

تجربة ويتمان الإنسانية لم تتوقف عند الكتابة فقط، بل امتدت إلى الواقع، ففي فترة الحرب الأهلية الأمريكية، لم يحمل بندقية، بل حمل قلبًا. 

تطوع للعمل في مستشفيات الجيش، وشاهد بعينيه جراح الجنود، الألم، والموت، لكنه لم يتحول إلى شاعر رثاء، بل ظل ينظر للإنسان نظرة شفقة وتعاطف. 

كتب عن الجسد الجريح بروح محبة، وعن الموت كجزء من دورة الحياة لا نهايتها، هذه النزعة الإنسانية هي التي تجعل من ويتمان شاعر سلام، حتى وهو يعيش في قلب حرب. 

وهي ذاتها التي نجدها اليوم في الخطابات الداعية للتسامح ونبذ الكراهية وقبول الآخر.

لكن ويتمان لم يكن مجرد شاعر حسي يحتفي بالجسد، بل كان أيضًا فيلسوفًا روحيًا يرى الإنسان ككل متكامل لا ينفصل فيه الجسد عن الروح. 

لم يكن يرى تناقضًا بين التمتّع بالحياة والتأمل في الخلود، بين الحب الجسدي والتجليات الروحية، وفي عصرنا الذي يعاد فيه تعريف الإنسان وسط طوفان الذكاء الاصطناعي والعوالم الافتراضية، تعود أسئلة ويتمان لتفرض نفسها: هل الإنسان عقل فقط؟ أم روح؟ أم جسد؟ أم كل هذا معًا؟ لقد كتب عن الإنسان بطريقة تُحاكي القلق الوجودي الذي نعيشه اليوم.

طباعة شارك والت ويتمان المشهد الأدبي الشعر الحر ديوان شعري الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • عقم استوديوهات التحليل الكروي !
  • حاجة معاقة سمعياً: السعودية تتفانى في خدمة الحجاج
  • دعا للمشاركة في “سيتي سكيب الرياض”..الحقيل: السعودية مركز عالمي للاستثمار العقاري
  • تهديدات الرئيس المشاط تثير الذعر في كيان العدو.. اليمن يعيد صياغة معادلة الردع في الشرق الأوسط
  • اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء
  • لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟
  • نبوءات ويتمان.. كيف تنبأ شاعر القرن الـ 19 بأمريكا العصر الحديث؟
  • الرياض القديمة شارع الظهيرة
  • أقوى امرأة في التاريخ الحديث
  • في اليمن أكثر من (300) نوع للحمام أشهرها عالمياً “الصنعاوي”