من هو جون فوس الفائز بجائزة نوبل في الأدب لعام 2023؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
فاز الكاتب النرويجى جون فوس، بجائزة نوبل في الأدب لعام 2023، نظرًا لمسيرته الحافلة فى عالم الأدب، وهو واحد من أهم الكتاب فى أوروبا.
بدأ مسيرته منذ ما يقرب من أربعين عامًا كتب الروايات والمسرحيات والقصائد والقصص والمقالات وكتب الأطفال، ترجمت أعماله الحائزة على جوائز إلى أكثر من خمسين لغة، وتم عرض مسرحياته أكثر من ألف مرة فى جميع أنحاء العالم.
نشأ فوس فى مزرعة صغيرة فى منطقة Hardanger بالنرويج، درس الأدب فى جامعة بيرجن وعاش كاتبًا متفرغًا بمعظم حياته وعمل صحفيا، كما درس فى أكاديمية الكتابة فى هوردالاند، كما كان أيضًا مستشارًا أدبيًا على سبيل المثال لإعادة ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة النرويجية، فى عام 2011، منحته الدولة النرويجية مكان إقامة فنانيها الفخرى مدى الحياة The Grotto، الواقع فى أوسلو ، بالقرب من القصر الملكى.
نشرت رواية فوس الأولى "أحمر وأسود" عام 1983، وهناك العديد من السمات المميزة لكتابة فوس أبرزها التكرار، والمونولوج الداخلى، والأسلوب الموسيقى المثير للذكريات وقد استمر فوس فى نشر النثر والشعر وكتب الأطفال خلال الثمانينيات.
بعد أن أثبت نفسه كروائى وشاعر وكاتب مقالات وكاتب كتب للأطفال، أصبح أيضًا كاتبًا مسرحيًا، وعلى الرغم من أنه أعرب فى كثير من الأحيان عن شكوكه بشأن المسرح، فقد كتب مسرحيته الأولى في عام 1992م، ووصفها لاحقًا بأنها أعظم اكتشاف في حياته الكتابية وقد تم عرضها فى المسرح الوطنى فى بيرجن عام 1994.
جاء إنجازه الدولى فى عام 1999م، عندما قام المخرج الفرنسى كلود ريجى بإخراج فيلم "شخص ما سيأتى فى نانتير" عن مسرحية له، فى العام التالى أدرج مسرح برلين الشهيرمسرحيته Schaubühne فى مهرجان سالزبورج، وقد ساعد هذان الإنتاجان فى تمهيد الطريق لدراما فوس على الصعيد الدولى.
وتم تقديم مسرحيات جون فوس في جميع أنحاء العالم، وبالإضافة إلى كتاباته قام جون فوس أيضًا بمراجعة الأدب وترجم العديد من الأعمال إلى اللغة النرويجية الجديدة ، سواء فى النثر أو إنشاء نسخ جديدة خاصة به من عدد من المسرحيات.
يعد أكبر أعمال فوس حتى الآن "علم السبعينيات" والذي بدأه خلال فترة استراحة من الكتابة المسرحية وقد أطلق فوس على أسلوبه في كتابة علم دراسة السبعينيات "النثر البطيء" وتتضمن آلياته: "أسلوب تغيير المستويات، والمشاهد، والانعكاسات ، عكس الدراما سريعة الوتيرة" وقد كان أحد المرشحين النهائيين للعديد من الجوائز بما في ذلك القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية في عام 2020.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جائزة نوبل في الأدب لعام 2023 عالم الأدب
إقرأ أيضاً:
في ذكرى الرحيل| رضوى عاشور.. صوت المقاومة والحرية
تعود ذكرى رحيل الكاتبة والروائية المصرية رضوى عاشور لتستحضر معها حضورًا فكريًا وإنسانيًا استثنائيًا ظل حيًا في ذاكرة الثقافة العربية، فبعد أعوام على غيابها، ما زالت أعمالها تحقّق انتشارًا واسعًا، ويواصل قرّاؤها الجدد اكتشاف عالمها الذي جمع بين شغف النضال وعمق الإبداع، وبين الوعي السياسي الحاد والرؤية الأدبية ذات الحساسية العالية تجاه الإنسان والقضية والذاكرة.
ولدت رضوى عاشور في القاهرة عام 1946، ونشأت في بيئة ثقافية تعددت فيها الأصوات الفنية والفكرية، فوالدها هو الرسام المعروف حسين عاشور، ووالدتها الشاعرة مي عزمي، الأمر الذي شكّل خلفية مبكرة لشغفها باللغة والجماليات.
التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة لدراسة الأدب الإنجليزي، لتبدأ بعدها رحلة علمية مهمة توّجتها بالحصول على الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة، حيث انشغل مشروعها الأكاديمي بدراسة الأدب الأفروأميركي وحركات التحرر.
لكن رضوى لم تكن مجرد أكاديمية، بل كانت مثقفة عضوية بمعنى الكلمة، فكان حضورها السياسي موازيًا لحضورها الأدبي، انخرطت في القضايا الوطنية والقومية، ودافعت عن الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الفلسطينيين، وشاركت في الاحتجاجات والفاعليات الثقافية والحركات الطلابية.
ولأنها كانت ترى أن المثقف الحقيقي هو «ضمير المجتمع»، لم تتردد في إعلان مواقفها حتى لو كلّفتها عناء المواجهة، وقد دفعها هذا الالتزام إلى أن تصبح إحدى أهم الأصوات النسوية التقدمية في العالم العربي.
تميّزت تجربة رضوى عاشور بقدرتها على جعل الأدب شكلًا من أشكال المقاومة، ليس فقط على مستوى المحتوى، بل على مستوى البنية السردية نفسها.
وقدّمت عبر أعمالها قراءةً مختلفة للتاريخ، تستعيد فيها المسكوت عنه، وتمنح البطولة للفئات المهمشة والمقهورة.
ومن أبرز أعمالها “ثلاثية غرناطة”، التي تُعد إحدى أعظم الروايات العربية في العقود الأخيرة، حيث قدمت من خلالها ملحمة إنسانية عن سقوط الأندلس ومعاناة أهلها، مستخدمة التاريخ مرآةً لفهم واقع عربي يعيد إنتاج القمع والاقتلاع.
وفي «الطنطورية»، قدّمت واحدة من أكثر الروايات قربًا من روح الإنسان العربي، عبر صوت فتاة جنوبية لبنانية تعيش الحرب الأهلية والاجتياحات الإسرائيلية.
كانت الرواية شهادة بقدر ما كانت موقفًا، ومرافعة أدبية مفتوحة ضد الحروب والديكتاتورية والعنف.
كما أن «أطياف» و«قطعة من أوروبا» و«فرج» تكمل ملامح مشروعها الذي لا يفصل بين السياسي والإنساني، ولا بين الفرد والمجتمع، فقد آمنت رضوى أن الرواية يمكنها أن تكشف الحقيقة مثلما يكشفها التاريخ، وأنها قد تقول ما يعجز عنه الخطاب السياسي المباشر.
رغم حضورها السياسي الواضح، تميّزت كتابات رضوى بحساسية إنسانية عالية، حيث منحت أبطال رواياتها صوتًا عميقًا، واقتربت من الداخل الإنساني بصدق شديد.
لغتها هادئة، شفافة، لكنها مشحونة بطاقة وجدانية تجعل القارئ جزءًا من الحكاية.
كانت ترى أن الكتابة فعل حب، وفعل مقاومة في الوقت ذاته، وأن الرواية لا تكتمل إلا إذا لامست «قلب القارئ قبل عقله».
لم تكن رضوى عاشور بمعزل عن تجربتها الذاتية، بل جعلت من حياتها جزءًا من سردياتها، ففي كتابها المميز «أثقل من رضوى» قدّمت شهادة مؤثرة عن رحلتها مع المرض، مكاشفةً نفسها وقرّاءها بجرأة لافتة.
كان الكتاب أقرب إلى سيرة ذاتية روحية، تقاوم فيها الألم، وتتمسك بالحياة، وتؤكد أن الإنسان قادر على الصمود مهما اشتدت العتمة.
قدّمت رضوى عاشور أحد أهم الأصوات النسوية العربية، ليس عبر خطاب شعاراتي، بل عبر سرد يضع المرأة في مركز التاريخ، ويمنحها قدرة وقوة، ويرصد معاناتها اليومية داخل البنى الاجتماعية والسياسية.
في أعمالها لا تظهر المرأة كضحية فقط، بل بوصفها فاعلًا، مقاومة، وقادرة على إعادة تعريف مصيرها.
تجربتها كمثقفة وزوجة للفلسطيني الشاعر مريد البرغوثي أثرت كثيرًا في كتاباتها، وسمحت لها بالاقتراب من القضية الفلسطينية من موقع إنساني وفكري عميق، فقد جمعتها بمريد علاقة نضالية وأدبية، نتج عنها تفاعل إبداعي مشترك، وترك أثرًا في مشروع كل منهما.
اليوم، وبعد سنوات على رحيلها في نوفمبر 2014، لا تزال رضوى عاشور حاضرة بقوة، تُدرّس أعمالها في جامعات عربية وعالمية، وتُناقَش أطروحات أكاديمية عن مشروعها، ويواصل القرّاء تداول مقولاتها التي أصبحت جزءًا من وعي جيل كامل.
ربما تكمن قوة رضوى في أنها لم تكتب لتُرضي أحدًا، بل كتبت لأنها آمنت بأن الأدب «أوسع من أن يكون ترفًا»، وأنه أداة لتحرير الوعي، كتبت لتقاوم، لتشهد، ولتقول الحقيقة، لذلك لم تتشيخ أعمالها، ولم تفقد راهنيتها، لأنها ابنة اللحظة والذاكرة معًا.