الخليج الجديد:
2025-05-28@03:37:38 GMT

جدل العلمانية والدين في تركيا

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

جدل العلمانية والدين في تركيا

جدل العلمانية والدين في تركيا

نالت مناطق الدولة العثمانية نصيبها من الطغيان العلماني للحداثة، وكذلك الإسلام والمسلمون كان لهم نصيب من ذلك.

في عهد الجمهورية، بعد الحقبة العثمانية، فإنها قامت بإنشاء هيمنتها القمعية عبر تشكيل روح الإرادة التأسيسية والأيديولوجية الرسمية – المركزية.

أصبحت العلمانية بمثابة قاطع طريق فرضته الحداثة، وأدت إلى خلق العداوة وإفساد أو تحويل أو تدمير الدين والمعتقدات والطقوس وأنظمة الحياة الدينية.

كيف تم الوصول إلى مرحلة حل فيها محل العلمانية القمعية المناهضة للدين في القرن الماضي، ظهور أكبر للدين في الحياة والتعايش بين العلمانية والدين؟

كيف سيتم تعريف مرحلة تغيرت بالكامل مع حكومة العدالة والتنمية في الحقبة الجديدة؟ وهل سيتمركز الحزب عند مستوى نقاشات العلمانية والدين في العالم الجديد؟

تحولت العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة في عهد الدولة العثمانية إلى مشروع علمنة مع تطبيق العلمانية على أساس الثورات زمن الجمهورية، وتطور التحديث العثماني التركي الذي كان مستمرا لأكثر من 200 عام لمرحلة أخرى.

* * *

تعد قضية الدين والعلمانية في مقدمة القضايا التي يناقشها المثقفون والسياسيون في تركيا، كما هو الحال في بقية دول العالم، ورغم تطور الصراع بين الدين والعلمانية، الذي يناقشه العالم منذ 200 عام، إلى مرحلة مختلفة عن العالم الغربي الذي نشأ فيه، إلا أن الجدل ما زال مستمرا في العالم الإسلامي، على أساس العداء للدين الذي كان سائدا في القرن الماضي.

ومع وصول حزب الوطن الأم وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا، شهدت النقاشات حول العلمانية والإسلام تحولا كبيرا للغاية، فقد حلت محل العلمانية القمعية المناهضة للدين في القرن الماضي، ظهور أكبر للدين في الحياة والتعايش بين العلمانية والدين. والسؤال الذي يراود الكثيرين هو: كيف تم الوصول إلى هذه المرحلة؟

كان «الطغيان العلماني للحداثة»، من نتائج هيمنة وسطوة العقلانية من الناحية العلمية والوضعية في الغرب، التي شكلتها الإنسانوية المجسدة لعملية النهضة والإصلاح والتنوير بشعار «الله قد مات» وتعزز فهم «الإله المجسم».

وكذلك كان خطأ التنوير هو الافتراض بأن «المقدس ليس سوى وهم مؤقت، وأن الناس يمكن أن يعيشوا في عالم القيم العلمانية القائمة على العقل والمصلحة الذاتية». وأصبحت العلمانية بمثابة قاطع طريق فرضته الحداثة، وأدت إلى خلق العداوة وإفساد أو تحويل أو تدمير الدين والمعتقدات والطقوس وأنظمة الحياة الدينية.

لقد نالت مناطق الدولة العثمانية نصيبها من الطغيان العلماني للحداثة، وكذلك الإسلام والمسلمون كان لهم نصيب من ذلك، أما في عهد الجمهورية، أي ما بعد الحقبة العثمانية، فإنها قامت بإنشاء هيمنتها القمعية، من خلال تشكيل روح الإرادة التأسيسية والأيديولوجية الرسمية – المركزية.

وتحولت العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة في عهد الدولة العثمانية إلى مشروع علمنة مع تطبيق العلمانية على أساس الثورات في فترة الجمهورية، وتطور التحديث العثماني – التركي الذي كان مستمرا لأكثر من 200 عام إلى مرحلة أخرى.

وفي المرحلة الراهنة، يعد مصير ومسار العلمنة في المجتمع التركي الخاضع لممارسة علمانية مكثفة، موضوعا مهما للبحث والنقاش، فمع تبني مبدأ العلمانية القائمة على الفصل القانوني والبنيوي بين الدين وشؤون الدولة، وسيطرة الدولة على الدين عملياً، في السنوات الأولى للجمهورية، كان يُعتقد أن الدين سينسحب من الحياة الاجتماعية والسياسية، وسيبقى مقتصرا على الضمائر، ولن يكون مؤثرا في الحياة العامة.

لكن ذلك لم يتحقق، لأنه مع تولي حكومة الحزب الديمقراطي السلطة عام 1950، بدأت القيم والمناهج الدينية في المجتمع تؤثر في الحياة السياسية، وعاد الدين إلى واجهة الحياة الاجتماعية من جديد. ومع بدء عهد حزب الوطن الأم ومن ثم حزب العدالة والتنمية، أصبحت القيم الدينية أكثر وضوحا في كل جانب من جوانب المجتمع.

خلاصة الكلام؛ تعتبر مسألة الدستور الجديد على رأس القضايا التي ستطرح للنقاش في تركيا، بعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في شهر مارس المقبل. ومن أكثر القضايا التي ستثير الجدل في الدستور الجديد هي كيفية تعريف مفهومي الدين والعلمانية بما يتوافق مع العصر الجديد.

ونلاحظ بالفعل أن النقاشات قد اشتعلت من جديد حول هذه القضية بين الشرائح العلمانية والدينية في تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا شهدت حتى عام 2010 تطبيقا للعلمانية القائمة بشكل أساسي على القمع والإجبار والعقاب القانوني، كمشروع سياسي اجتماعي ذي نهج فوقاني، أي أنها في الوقت نفسه علمانية أيديولوجية.

كيف سيتم تعريف هذه المرحلة التي تغيرت بالكامل مع حكومة حزب العدالة والتنمية، في الحقبة الجديدة؟ وهل سيتمركز حزب العدالة والتنمية عند المستوى، الذي وصلت إليه نقاشات العلمانية والدين في العالم الجديد؟ يبدو أن هذا الملف سيكون الأهم في تركيا خلال الأيام المقبلة.

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا الجمهورية العلمانية المقدس الدستور الدين الانتخابات المحلية حزب العدالة والتنمیة الدولة العثمانیة فی الحیاة فی ترکیا فی عهد

إقرأ أيضاً:

الحياة مدرسة

#الحياة_مدرسة

د. #هاشم_غرايبة

سألت صديقي الشاعر: هل ما تكتبه من عبارت الغرام والهيام تحس به حقا.
قال: أبدا، إنما هي عبارات جميلة أتخيلها، وصور بيانية مخترعة، تطرب النفوس، وبدونها لا يكون الشعر شعرا.
لا شك أن دخول مفاهيم الحب والغرام لتفسير العلاقة بين الرجل والمرأة، وجدت منذ وجدا، وهذه المفاهيم رغم أنها اختراع بشري، إلا أنها المدخل الوحيد لهذه العلاقة، التي فطر الكائنات الحية عليها لأجل بقاء الجنس بالتناسل.
العلاقة بين الذكر والأنثى في المملكة الحيوانية فطرية بسيطة ومباشرة، لكنها عند الإنسان الأرقى معقدة، لأنها لا تقتصر على تلبية المتطلب الفطري، بل تكوين مؤسسة الأسرة، المبنية علاقتها على السكينة والتواد والتراحم.
فالسكينة والمودة والرحمة ليست الحب المعروف قطعاً، فمن أين جاء البشر بمفهوم الحب إذاً!؟.
لنتفكر في قوله تعالى (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، فذلك يعني أن العلاقة الزوجية عميقة مرتبطة بالنفس، وليست كأية علاقة تعاونية قائمة على تبادل المصالح، لذلك وبما أن خلق البشر جاء على صورتين: الذكر والأنثى بهدف التزاوج والإنجاب والتكاثر، والمولود يحتاج الى رعاية وعناية وتربية، فكان لا بد من إيجاد رابط قوي يدفعهما للإلتقاء للتزاوج أولا، والتفاهم على تأسيس أسرة ثانيا، وإدامة هذه المؤسسة ثالثا، وهذا الرابط يجب أن يكون دائما باقيا لا يقتصر على الإعجاب المظهري لأنه متغير متبدل، ولا الرغبة الجنسية فقط فهي حالة عارضة تحضر وتغيب، ولا على المصلحة الأنانية لأنها متقلبة.
هذا الرابط الذي أوجده الله يتلخص بخاصيتي المودة والرحمة، و(جعل بينكم)، تعني أنهما لم تكونا موجودتين مسبقا في نفسي الشخصين قبل الزواج، لكن الله جعلها متمكنة من نفسيهما بعد ان ارتبطا معا بهذا الرابط المقدس ” وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” [البقرة:21].
هاتان الصفتان يوجدهما الله في الزواج الناجح، الذي يقوم على التقوى، وفي نفسي الزوجين على السواء، والأتقى منهما هو من تكونان متمكنتان من نفسه أكثر، ونقيضهما الأنانية، فكلما قويت نزعتها لدى أحدهما غابتا عنده، وعندما يحس الطرف الآخر بذلك، تبدأ عاطفتا الود والرحمة لديه بالفتور تدريجيا.
هكذا نفهم لماذا يكون شهر العسل هو الحالة المثلى في تلك العلاقة، فالشحنة التي زودهما الله بها تكون في أعلى درجاتها، ولا ينقص منها إلا النزعة الأنانية، التي تبدأ بالتصارع مع المودة والرحمة، وبحسب قوة هذه النزعة أو ضعفها تتحدد درجة برود العلاقة الحميمة الابتدائية، فتصمد أو تتلاشي.
أنانية الرجل تتمثل بالرغبة في التسلط والتملك والإستبداد، ثم تتطور الى عدم القناعة بما لديه، ثم عدم مراعاة مشاعر الطرف الآخر، وتجاوز احتياجاته النفسية والمادية.
أما أنانية المرأة فتبدأ بالسعي للإستئثار بالزوج وقطع ارتباطاته إلا من خلالها، وتتطور الى تحميله أحمالا كثيرة، وإنهاكه في اللهاث لنيل رضاها.
عندما تستنفد أنانية أحد الطرفين المتفاقمة الرصيد المختزن من الذخيرة الأساسية (المودة والرحمة)، تذبل العلاقة الزوجية، ولا يعود يبقيها غير ذلك الخيط الرفيع الباقي مشتركا بينهما وهو مصلحة الأولاد وبقاء البيت الذي يؤويهم.
في كثير من الأحيان عندما يتزوج الرجل مرة ثانية بلا مبرر، بل تلبية لنزوة إعجاب بامرأة أخرى، لا يتسم هذا الزواج بمثلما وجده في الزواج الأول من مودة ورحمة، إذ هو قائم على تلاقي مصالح: شهوانية الرجل مقابل منافع المرأة، والتي سرعان ما تتعارض، لذلك نجد في أغلب الحالات، أن من عددوا الزوجات بدافع شهوانيتهم، لا يجدون في زواجهم الجديد تلك السكينة التي جعلها الله في زواجهم الأول، فتجدونهم في أعماقهم يحنّون الى زوجتهم الأولى التي سكنت نفوسهم إليها، لكنهم لا يستطيعون اليها سبيلا.
مما سبق نجد أن مفاهيم مثل الحب والعشق والغرام، هي ابتداع بشري، وكانت لإرضاء غرور الأنثى، التي بطبيعتها (كما في كل الحيونات الأخرى)، ترغب بأن يظهر الذكر الرغبة بها وحدها، وبما أن الإنسان كائن ناطق فهي تحب أن يتودد لها الرجل بحلو الكلام.
لذلك تفنن الشعراء والأدباء (الرجال)، في ابتداع العبارات المنمقة، وتطور ذلك فأصبح الباب الأدبي الأول.
الطرفان الذكر والأنثى يطربهما ذلك لا أكثر، لكنهما يحبان أن يصدقا أنه من القلب.
ما يقرُّ في القلب حقيقة هو المودة والرحمة، وما يصدر عنه هو الشيء الصادق..وكل ما عداه مجرد كلام معسول.

مقالات ذات صلة آلاء النجّار ” أمّ الشهداء “ 2025/05/25

مقالات مشابهة

  • الرئيس الشرع: هذا الذي نراه من دعم الأشقاء والأصدقاء ورفع العقوبات ليس من قبيل المجاملة السياسية، بل هو استحقاق استحقه السوريون من العالم لما بذلوه من تضحيات وسطروه من بطولات، وما يثقل عاتقنا عظم الأمانة فلا تخذلوا أنفسكم فتخذلوا عالماً تعلقت آماله عليكم
  • الإيرادات العامة للسلطنة تنخفض بنسبة 7%.. والدين العام عند 14.3 مليار ريال
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • المسلمون في فرنسا بين مبادئ العلمانية وسياسات التمييز
  • طلاب الصف السادس الابتدائي بالدقهلية يؤدوا امتحان مادتي اللغة العربية والدين
  • العراق رابع دول العالم الأكثر شراءً للعقارات في تركيا
  • أوضاع مأساوية للنازحين في ميناء غزة وسط انعدام مقومات الحياة
  • الحياة مدرسة
  • حين تتحرك العلمانية الفرنسية لسحق خصومها
  • ليس الكباب ولا البقلاوة.. تعرف على الطبق التركي الذي نال إعجاب العالم!