قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، إن الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، نشر مؤخرًا معلومات قانونية غير صحيحة بشأن نزاع سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، والأضرار التي نتجت عن مراحل الملء والتشغيل، حيث قال إنه يحق للمواطنين السودانيين المطالبة بتعويض من إثيوبيا.

وأضاف “مهران”، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة “صدى البلد”، أن الدكتور عباس شراقي قال “المعاناة مستمرة لكثير من المزارعين على النيل الأزرق نتيجة حجز مياه الفيضان لهذا العام في سد النهضة الذي تزامن مع نقص معدل الأمطار في السودان، ومن حق المزارعين في السودان الذين تضرروا مباشرة جراء التخزين الرابع طلب تعويضات من إثيوبيا مقابل الخسائر الاقتصادية التي لحقت بهم”.

وأوضح أستاذ القانون الدولي العام أن الدكتور عباس شراقي بذلك أعطى الحق للمواطنين في المطالبة بالتعويض، وهذا الكلام ليس له أساس في الواقع ولا في القانون الدولي، فإذا كان هناك حقًا للسودانيين فينعقد للمصريين أيضا، ولو كان الأمر كذلك فما كنا وصلنا إلى هذا الوضع الصعب الآن، فإن التعويض في مثل هذه النزاعات الدولية يستوجب وجود اتفاق بين أطراف النزاع لأن الأصل في النزاعات الدولية أنها تكون بين الدول فقط ولا يجوز لجوء غير الدول للقضاء الدولي، فلا يتصور أن يقاضي فرد دولة، الا أنه استثناء للأصل هناك بعض الحالات تم الاتفاق علي غير ذلك بين الأطراف المعنية، وذلك كما حدث في تحكيم سد جت عام 1968 بشأن نهر سانت لورانس بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، حيث تعود وقائع النزاع إلى أن كندا اقترحت عام 1874 بناء سد على النهر المشار إليه وطلبت موافقة أمريكا، وفي عام 1903 حصلت على الموافقة لكن بشرطين، الأول تمثل في أنه بعد تشييد السد إذا حدث أي تأثير مادي على مستويات المياه للجانب الأمريكي، أو إذا سبب السد ضررًا بأي شكل تقوم الحكومية الكندية بإجراء التغييرات المناسبة من أجل تدارك ذلك".

وتابع:"أما الشرط الثاني فقد تمثل في تعويض مواطني الولايات المتحدة إذا تسبب تشييد وتشغيل السد المذكور في إلحاق الضرر أو الإضرار بأصحاب الممتلكات في جزيرة "ليس جالوبس" أو ممتلكات أي مواطنين آخرين في الولايات المتحدة، فإن الحكومة الكندية بموجب ذلك تدفع مبلغ التعويض الذي قد يتفق عليه بين الحكومة المذكورة والأطراف المتضررة، أو وفقاً لما يحكم به للأطراف سالفة الذكر من قبل المحكمة المختصة في الولايات المتحدة التي يجوز أن تقام أمامها دعاوى تعويض عن الأضرار الناشئة عن تلك الأعمال من قبل الافراد المواطنين".

واستطرد: "وشيدت كندا السد، وفي عامي 1951 - 1952، وصل مستوى بحيرة أونتاريو ونهر سانت لورانس إلى مستويات غير مسبوقة، مما تسبب في حدوث فيضانات وأضرار متمثلة في تآكل في الشواطئ الشمالية والجنوبية للبحيرات العظمي، بما في ذلك بحيرة أونتاريو، في الجزء التابع لمواطني الولايات المتحدة. وفي عام 1962 أذن كونغرس الولايات المتحدة للجنة تسوية المطالبات الأجنبية في الولايات المتحدة بالفصل في مطالبات المواطنين الأمريكيين ضد كندا بسبب الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم من قبل «سد جت».

وأكد أنه بموجب اتفاقية وقعت في 25 مارس 1965 تم الاتفاق بين الولايات المتحدة وكندا على إنشاء هيئة تحكيم دولية للفصل في المطالبات المتعلقة ببحيرة أونتاريو وسد جت، وتم تبادل التصديقات في واشنطن في 11 أكتوبر 1966، وتشكلت المحكمة من الدكتور «لامبرتوس إيراديس» رئيساً للمحكمة وآخرين، وتلقت 230 دعوى نيابة عن مواطنين من الولايات المتحدة عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم في الولايات المتحدة بسبب الفيضانات والتآكل والتي يزعم أنها ناجمة عن سد كندي الذي أقيم عبر الحدود الدولية في الجانب الدولي لنهر سانت لورانس، وكان المبلغ الإجمالي لجميع مطالبات الولايات المتحدة هو ٦٥٣,٣٨٦,٠٢ دولارا.

ونوه: "وبعد أن قررت المحكمة بعض المسائل القانونية الأولية لصالح الولايات المتحدة، دخلت كندا والولايات المتحدة في مفاوضات من أجل تسوية توفيقية للوصول إلى حل وسط، وقد تم التوصل إلى اتفاق حيث وافقت كندا بموجبه على دفع ٣٥٠,٠٠٠ ألف دولار للولايات المتحدة للوفاء الكامل بالمطالبات عن الأضرار التي سببها "سد جت" للمواطنين الأمريكيين، وقد كانت هذه التسوية دون المساس بالموقف القانوني أو الواقعي لأي من الطرفين"، وسجلت المحكمة الرسائل والبيانات المشتركة بشأن ما تم بين الطرفين بشأن التسوية التوفيقية، والتي أشارت إلى حل هذه المسألة، كما سجلت أنها وافقت على التسوية".

وأفاد: "ومما سبق نخلص إلى أن تحكيم «سد جت» يُعد أبرز مثال للقضايا التحكيمية في منازعات الأنهار الدولية فيما يتعلق بلجوء أطراف من غير الدول إلى التحكيم في تلك المنازعات غير أن محكمة التحكيم في هذه القضية طبقت قواعد الإنصاف كقاعدة قابلة للتطبيق بدلاً من الاتفاقات القائمة التي يصعب تفسيرها، حيث حملت المحكمة الحكومة الكندية المسئولية وصدقت على حل وسط دفعت كندا بموجبه مبلغا مقطوعا قدره ۳٥۰,۰۰۰ دولار أمريكي للولايات المتحدة لتوزيعه على المطالبين كتسوية نهائية لجميع الدعاوى المقامة بشأن الأضرار التي يفترض أن تكون ناجمة عن «سد جت»، ويلاحظ أن المحكمة قضت بذلك لأن الاتفاقية لم تحدد المبلغ المقطوع ذات الصلة بين الأضرار وبناء السد المشار إليه، ومسؤولية الدول المشاطئة عن إنشاء السد وتشغيله.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور عباس شراقي فی الولایات المتحدة الأضرار التی عباس شراقی

إقرأ أيضاً:

وصمة عار في جبين الحضارة.. أستاذ قانون دولي يطالب بمقاطعة شاملة لإسرائيل فورًا

وصف الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، البيان المصري الذي أدان قرار الاحتلال الإسرائيلي الموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة بأنه صفعة قانونية قوية للكيان الصهيوني، مطالبًا المجتمع الدولي بـالتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم المتواصلة.

وقال الدكتور مهران، إن ما نشهده اليوم ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل استهانة سافرة بالمجتمع الدولي بأكمله، مضيفا بلهجة حادة: إسرائيل تبصق في وجه العدالة الدولية وتتحدى قرارات مجلس الأمن وأحكام محكمة العدل الدولية بوقاحة لا مثيل لها.

وانتقد أستاذ القانون الدولي بشدة صمت القوى الغربية والدول العربية، قائلًا: أين العقوبات التي تتشدق بها الدول الغربية؟ أين الدول العربية مما يحدث؟ أين الضغوط الاقتصادية؟ العالم يشهد جريمة حرب مستمرة ويكتفي بالبيانات الإنشائية، متابعا: هذا التواطؤ الدولي مع الجرائم الإسرائيلية وصمة عار في جبين الحضارة الإنسانية.

وأكد الدكتور مهران أن كل مستوطنة جديدة هي جريمة حرب موثقة وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، موضحا أن نقل السكان المدنيين للأراضي المحتلة جريمة صريحة، وإسرائيل ترتكبها أمام أعين العالم دون خجل أو حياء.

وحذر من أن استمرار الصمت الدولي سيؤدي لانهيار كامل لمنظومة القانون الدولي، محذرا إذا لم يتحرك العالم اليوم لوقف هذا الجنون، فسيجد نفسه غدًا أمام وحش لا يمكن السيطرة عليه.

ودعا الدكتور مهران الدول العربية والغربية لـ تجاوز البيانات إلى الأفعال، مؤكدا أن الوقت حان لمقاطعة شاملة اقتصاديًا ودبلوماسيًا، ولقطع كل أشكال التطبيع مع هذا الكيان الإجرامي، مطالبا بتفعيل فوري للعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على إسرائيل، قائلا: الذي فرض عقوبات مدمرة على دول لأسباب أقل بكثير، يقف مكتوف الأيدي أمام دولة ترتكب جرائم الحرب يوميًا.

وحذر الدكتور مهران مجددا، مؤكدا أن التاريخ لن يرحم من يقف صامتًا أمام هذه الجرائم، ومضيفاة أن كل يوم تأخير في وقف العدوان الإسرائيلي هو شراكة في الجريمة، ومشددا علي أن القضية الفلسطينية اليوم هي محك الضمير الإنساني، ولا مجال للحياد أمام الظلم الصارخ.

مقالات مشابهة

  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • حماس تدين تصريحات هاكابي بشأن إقامة دولة فلسطينية في فرنسا
  • حماس تدين تصريحات هاكابي بشأن إقامة دولة فلسطينية على أراض فرنسية
  • كندا تحترق.. آلاف السكان يفرّون من جحيم حرائق الغابات التي تلتهم البلاد
  • عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا لـ صدى البلد: الزلازل بريئة من إعصار الإسكندرية
  • بكين تستنكر وتعارض بشدة تصريحات وزير الدفاع الأمريكي السلبية بشأن الصين في حوار شانغريلا
  • الصين تحذّر الولايات المتحدة من «اللعب بالنار» بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي
  • الصين تحذر الولايات المتحدة من اللعب بالنار بشأن تايوان
  • حرائق الغابات في كندا تمتد لـ 174 موقعا.. والخطر يهدد الولايات المتحدة
  • وصمة عار في جبين الحضارة.. أستاذ قانون دولي يطالب بمقاطعة شاملة لإسرائيل فورًا