اعتمد الكيان الصهيوني طيلة رحلته التي لا تتخطى القرن على التزييف والاعتماد على وسائل الإعلام وما تبثه من معلومات لا تمت للواقع بأي صلة، وكانت أسطورة الجيش الذي لا يقهر هي أولى الأساطير التي بثها الكيان الصهيوني بعد نكسة عام 1967، وظلت إسرائيل تبث الشائعات وتروج لها بشتى الطرق لترهب وترعب قلوب الجنود المصريين، إلا أن حرب أكتوبر 1973 جاءت لتدمر ما عاشت إسرائيل تبنيه وتخطط له منذ النكسة، وكان الانتصار حليف المصريين الذين حطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر بأقل المعدات والأدوات.

خط برليف استغرق سنة في البناء وساعات في الهدم

قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي ببناء خط برليف بعد هزيمة 1967، وتم بناء المرحلة الأولى من 15 مارس 1968 إلى 15 مارس 1969 أي لمدة عام كامل، بتكلفة وصلت إلى 248 مليون دولار، وتم استخدام كل الإمكانيات المحلية في إنشائه، حيث قاموا باقتلاع قضبان خط السكة الحديد «القنطرة- العريش»، وأيضا الفلنكات والعوارض الخشبية الضخمة من أجل بناء سقفا لحصون الخط.

خط بارليف على شاطئ قناة السويس

وأما عن خط بارليف من الداخل، فكان يتكون من 22 موقعًا حصينًا يتضمن 36 نقطة قوية، وكذلك خط وقود من أجل إشعال النيران في أي قوات من الجيش المصري تفكر عبور قناة السويس، وتم تحصين خط بارليف بكتل حجرية، وكذلك رمال تكون خط دفاع من من قنابل تزن حوالي 1000 رطل، وخلال مراحل تنفيذ خط بارليف، قامت القوات المسلحة المصرية بتصويرها، ليصبح لديهم كل المعلومات بشأن مكونات خط بارليف.

إلا أن الجيش المصري استطاع بأقل الإمكانيات وخلال ساعات أن يدمر ما استغرق الجيش الإسرائيلي بناءه خلال سنة، حيث تم استيراد 16 مضخة مياه من ألمانيا بدعوى أن القاهرة سوف تستخدمها في إطفاء الحرائق، ووصلت إلى مصر خلال 48 ساعة، تم نقلها إلى الجانب الشرقي من قناة السويس، وتدريب الجنود على استعمالها، وقام سلاح المهندسين المصريين بتجارب على استخدام المضخات للتأكد من نجاح الفكرة من خلال استخدامها في جزيرة البلاج بالإسماعيلية، وتم تجريف الرمال بالمياه لفتح ثغرات وعبود الجنود والمعدات منها.

عبور قناة السويس

وخلال الساعات الأولى من حرب 6 أكتوبر، تم هدم 1500 متر مكعب من الرمال خلال 120 دقيقة فقط، وتم فتح 88 ثغرة استطاعت أن تعبر منها القوات المسلحة ودمرت الخط، ومن ثم أصبح من السهل عبور القناة وحسم النصر.

الجدار العازل أسطورة جديدة للكيان المحتل تدمرها فلسطين

ولم تكتف إسرائيل بما حدث في خط بارليف، إلا أنها استمرت في تزييف الحقائق، وهذا يتجلى في الأسطورة الثانية التي أشاعتها بشأن الجدار العازل، وهو عن جدار طويل بنته إسرائيل في الضفة الغربية قرب الخط الأخضر وعلّلت ذلك بمنع دخول سكان الضفة الغربية الفلسطينيين إلى المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر بينما يقول الفلسطينيون أنه محاولة إسرائيلية لإعاقة حياة السكان الفلسطينيين أو ضم أراضٍ من الضفة الغربية إلى الاحتلال.

بناء الجدار العازل في الضفة الغربية

ويتشكل الجدار العازل من سياجات وطرق دوريات، وفي المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلث أو منطقة القدس تم نصب أسوار بدلاً من السياجات، وبدأ بناء الجدار في 2002 في ظل انتفاضة الأقصى، وفي نهاية عام 2006 بلغ طوله 402 كم، ويمر بمسار متعرج حيث يحيط معظم أراضي الضفة الغربية، وفي أماكن معينة، مثل قلقيلية.

بناء الجدار العازل في الضفة الغربية

لتأتي عملية طوفان الأقصى وتنشر كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» مقاطع فيديو تظهر اجتياز مقاتليها الجدار العازل على حدود قطاع غزة، وتوثق المقاطع التسلسل الزمني لعملية طوفان الأقصى، بدءا من استهداف أحد الأبراج التابعة للقوات الإسرائيلية، وما تبعه من رشقات صاروخية بدا وكأنها تغطي تسلل المقاومين نحو مناطق غلاف غزة، كما تظهر مقاطع الفيديو لحظة تفجير الجدار وإحداث ثغرات فيه، للدخول إلى المستوطنات ومناطق غلاف غزة.

اقرأ أيضاً1000 قتيل.. مفاجأة في عدد القتلى والأسرى بـ عملية طوفان الأقصى | فيديو

أبرز الأحداث الجارية في طوفان الأقصى و السيوف الحديدية

أمر يفوق الخيال.. رئيس الموساد السابق يعلق على طوفان الأقصى «فيديو»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل الجدار العازل الساتر الترابي خط بارليف خط برليف طوفان الاقصى عملية طوفان الأقصى فلسطين مصر الجدار العازل الضفة الغربیة طوفان الأقصى خط بارلیف

إقرأ أيضاً:

طوفان "بوح"

 

عائشة بنت أحمد البلوشية

 

كُلنا يعي حقيقة أنَّ سيدنا نوح- عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام- هو الأب الثاني للبشرية، فقد دعا على قومه الذين ما فتؤوا يسخرون منه، علاوة على تكذيبه طوال مئات السنين التي استمر يدعوهم فيها إلى التوحيد، فلما زاد الطغيان وانتشر الكفر والظلم، حانت ساعة الطوفان، فظهرت العلامة بأن "فار التنور"، وهطلت مياه السماء، وانفجرت عيون الأرض، فأغرق الله تعالى الأرض ومن عليها وما عليها بطوفان عظيم؛ ليصبح طوفان نوح رمزًا للتطهير، وغلبة الحق على الباطل، وإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ على الأرض، ونجت الفئة المؤمنة التي آمنت بنوح عليه السلام وركبت معه الفلك، وهلك من خالفه؛ بل حتى ولده الذي عصى أباه كان من المغرقين، أي أنه تعالى لم يستثن أحداً ممن خالف أوامر نبيه عليه وعلى رسولنا محمد الصلاة والسلام.

"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته المقاومة الباسلة على العملية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وكُلنا يتذكر كل الأسماء أو بعضها التي أطلقت على العمليات السابقة على امتداد الزمان لما يربو على 70 عامًا ونيف من الاحتلال والتنكيل والقتل والتهجير والنهب والتجويع واغتصاب الأرض، لكن وكأنَّ هذا الاسم جاء اليوم ليظهر الحق على الباطل، ويطهر الأرض ممن أفسدوا فيها، ويرفع الظلم الذي استشرى وانتشر، ويزيل الغشاوة من على أبصار العالم أجمع، وينزع سدادات الآذان، بل حتى إن الصم سمعوا صرخات الحق، فمن كان يتوقع أن ينهض طلبة الجامعات "الغربية"، ليتظاهروا تضامنًا مع غزة، طالبين من جامعاتهم التوقف عن الاستثمار في أو مع الكيان الصهيوني؟!

هؤلاء الطلبة الذين ينتمون إلى الجيل "z"، وبات من المُسلَّم به أن أدمغتهم قد تمَّ غسلها لتنعدم المروءة فيها، وأن قلوبهم تم تمييعها لتمحى النخوة فيها، حرك طوفان الأقصى السفن من تحت أرجلهم، فسمعوا أصوات الإنسانية، ولم يثنهم تهديد بالفصل، أو زج في السجون، أو مهانة الاعتقال، أو الضرب المبرح، وأصبحنا نرى اليوم أن بلد الحرية- كما يزعمون-، لا حرية فيها، بل تهاوت هراوة عسكرهم بقوة على الأستاذ المُسن والطالب على حدٍ سواء، وسيقت السيدات من المعلمات والطالبات بنفس الأسلوب المُهين، طوفان الأقصى أسقط الأقنعة لتخرج الوجوه الكالحة والقبيحة على حقيقتها.

أعي جيدًا أننا جميعًا نؤمن بأنَّ النصر آتٍ لا مُحالة، ولكن ما لم أتوقعه أنني سأرى ما أراه وأنا لازلت على قيد الحياة، أن أشاهد هذه الأخبار عبر شاشات التلفاز، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، أن تتصدر القضية الفلسطينية عناوين أخبار العالم بعد أن كانت في طيِّ النسيان، أن تتم مقاضاة الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وأن تبدأ الدول الغربية، نعم الغربية في الانضمام واحدة تلو الأخرى إلى قضية التطهير العرقي والقتل والإبادة المرفوعة ضد الكيان الصهيوني، بل أن يوضع جيش الكيان الصهيوني في القائمة السوداء لأنه جيش قاتل للأطفال، وأن تقطع أفضل وأكبر الجامعات "الغربية" وأعرقها استثماراتها في الكيان المحتل، وأن تبدأ الدول "الغربية" واحدة تلو الأخرى في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن تبدأ الدول تباعاً بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأن يتحرر العالم من السيطرة الإعلامية الصهيونية المحكمة على الأدمغة، كل هذه المكاسب التي كانت يومًا ضربًا من الخيال باتت واقعاً نعيشه ونسمعه ونراه.

ورغم وقوف الدول التي تدعي العظمة- لأنها سقطت أخلاقيًا- مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومساهمتها في عمليات التطهير العرقي وإبادة الأطفال والنساء والمدنيين، إلّا أنه وقوف مع الباطل، فطوفان الأقصى جاء فيصلًا بين الحق والباطل، وكلاهما جليَّان تمامًا، فتحية صادقة إلى جميع أولئك الطلبة في جامعات العالم وأساتذتهم على تعليمنا درساً أن المؤسسات التعليمية هي صروح علم وتربية، وأن الإنسانية ما تزال بخير، وتحية إلى تلك الشعوب الغربية لأنهم أثبتوا أن القضية الفلسطينية قضية جميع الشعوب لا تقتصر على العرب فقط، ولأنهم أنصتوا إلى بوح طوفان الأقصى في أذن الكون، بأن الحق حق وأن الباطل باطل، وأن الظلم وباله ظلمات على الظالم.

ومثلما كان طوفان نوح تطهيرا للأرض من الظلم والطغيان والكفر، جاء طوفان الأقصى مطهرا لأدمغة أجيال العالم وجلاء لأبصارهم بحقيقة الصهيونية البشعة، وأحقية الفلسطينيين في فلسطين الأرض والوطن، وإن كل من شارك في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية للأطفال والنساء والمدنيين سيدفع الثمن على مرحلتين، أولاهما في الدنيا؛ لأنه سيظل مُطاردًا بجرائمه، وستلاحقه صرخات الثكالى والأرامل والأيتام بدعواتهم عليه في صحوه ونومه، أمّا في الآخرة وهي المرحلة الأهم لأنها السرمدية فحتمًا سيجني العقاب الإلهي وسيخلُد فيه مهانًا.

----------------------------------------------

توقيع:

 

"إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ // فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ.

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي // ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ.

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ // تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ"

أبو القاسم الشابي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ما بعد طوفان الأقصى.. مواجهة عدوان الاحتلال بسلام الشجعان أو الرّهان الخاسر
  • عملية طوفان الأقصى تدخل يوماً جديداً.. أبرز التطورات
  • تطورات اليوم الـ249 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • صربيا تزود الاحتلال بكميات هائلة من الأسلحة منذ طوفان الأقصى
  • طوفان "بوح"
  • اعتقال 30 فلسطينيًا من الضفة الغربية وارتفاع الحصيلة إلى 9155 منذ "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ248 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • قائد فرقة غزة في جيش الاحتلال يستقيل من منصبه: “فشلت في مهمة حياتي”
  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ247 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة