هل تفكر إسرائيل في هدم الأقصى وتتهم إيران؟
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
هناك نقطة ينبغي الاعتراف بها لدولة الاحتلال، وهي حرصها على التخصصية في الملفات التي تتناولها الأجهزة الإسرائيلية المختلفة، بحيث لا يطغى ملف على آخر، ولا يحول الانشغال العام بملفٍّ ما دون استمرار العمل في غيره.
وهو ما نراه اليوم بوضوح في ظل الحرب القائمة بين إيران وإسرائيل، وحرب الإبادة المستمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
ولعل أبرز ما يشير إلى هذه الحقيقة في الفترة الأخيرة هو قرار الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة في وجه المصلين مع انطلاق العمليات العسكرية ضد إيران، وذلك بحجة "منع التجمعات".
هذا الحدث لم يأخذ حقه في التحليل والمتابعة بعد، ربما بسبب الانشغال العالمي بالأحداث الأبرز في المنطقة، وعلى رأسها الحرب على إيران وغزة. لكنه قرار في غاية الحساسية والأهمية، ويحمل دلالاتٍ بعيدة المدى على القدس والمنطقة عمومًا.
وأول ما يشار إليه في هذا الموضوع أن قرار إغلاق المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة في وجوه المصلين إلى أجلٍ غيرِ مسمى ليس له أهداف أمنية كما تدعي حكومة نتنياهو، وإنما هو قرار سياسي بامتياز. حيث إن القرار ينبع من واقع أن إسرائيل تتعامل مع مدينة القدس بكافة مكوناتها اليوم كما تتعامل مع تل أبيب، بمعنى أن نتنياهو يرى أن المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة يخضعان للسيادة الإسرائيلية الكاملة، كما هو الحال في تل أبيب تمامًا.
ولذلك فإنه على سبيل المثال لم يتخذ نفس القرار في المناطق التي تقع خارج حدود السيادة السياسية لإسرائيل مثل مساجد رام الله ونابلس والخليل في الضفة الغربية، سواء كانت مناطق: " أ أو ب أو ج" حسب تقسيمات اتفاقية أوسلو.
وإنما حرص على تطبيق هذا القرار في المسجد الأقصى المبارك وفي كنيسة القيامة اللذين يقعان داخل البلدة القديمة بالقدس، وهي منطقة يفترض أنها تحت الاحتلال العسكري حسب القانون الدولي، ولكن دولة الاحتلال تتعامل معها باعتبارها عاصمتَها التي لا تختلف بحالٍ عن تل أبيب وحيفا.
إعلانوإذا ركزنا في هذا الجانب على المسجد الأقصى المبارك باعتباره يقع في قلب الصراع، فإن ما يجري، يندرج تحت محاولة إسرائيل تثبيت سيادتها عليه بشكل كاملٍ دون أي اعتبارٍ لوجود دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن.
وإسرائيل الآن في ظل حكومة الصهيونية الدينية تتعامل مع المسجد باعتباره كنيسًا قائمًا، ولم يبقَ إلا أن تعلن هذا الاعتراف بشكل رسمي كما فعلت عام 2009 في المسجد الإبراهيمي بالخليل حين أعلنت أنه جزء من التراث اليهودي.
وما إقامة كافة الطقوس الدينية فيه علنًا إلا خطواتٌ تمهيدية لإقامة أول مركزٍ يهودي دائمٍ داخل المسجد الأقصى، سواء كان بإنشاء كنيس، أو تخصيص ساحة مغلقة، أو اقتطاع جزءٍ منه، كما أعلن إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف أكثر من مرة.
ونتنياهو ليس بعيدًا عن هذا التوجه، فقد سبق أن خاطب أتباع تيار الصهيونية الدينية قبل أسبوعين من بدء العملية العسكرية ضد إيران، وأعلن لهم في خطابه- الذي كان يشبه الوعد- أن خطوات بناء "المعبد" المزعوم بدأت بالفعل، وأنهم سيرون هذه العملية بأنفسهم، فاستحق نتنياهو بذلك دعمًا غير محدود من أتباع هذا التيار.
ولذلك رأينا الصمت التام الذي التزم به أتباع هذا التيار إزاء عملية إغلاق المسجد الأقصى المبارك في وجه اقتحامات المستوطنين في نفس التاريخ الذي أعلن فيه إغلاق المسجد في وجه المسلمين، بالرغم من أنهم في العادة كانوا يثورون ويغضبون عند أي وقفٍ أو منعٍ للاقتحامات.
فما يهمُّ هذه الجماعات في هذا الوقت هو المساواة بينهم وبين المسلمين في حقوق الصلاة، في مسعى أوليٍّ لطلب التفوق على المسلمين في الحقوق، كما يحدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل، وفي حائط البراق في القدس على حد سواء.
وبمناسبة ذكر حائط البراق، فإن مسألةً مهمةً لم يركز عليها الإعلام كثيرًا تلفت نظرنا في هذه المعادلة، وهي التعامل غير المتوازن في موضوع إغلاق الأماكن المقدسة عندما يتعلق الأمر بحائط البراق (الذي يطلق عليه الإسرائيليون "الحائط الغربي" أو "حائط المبكى").
فبينما سارعت حكومة نتنياهو لإفراغ المسجد الأقصى المبارك من المصلين في يوم الجمعة، وهو أهم أيام الأسبوع في المسجد، رأيناها تغض الطرف عن عشرات آلاف المصلين اليهود الذين ما زالوا يتوافدون بكثرةٍ إلى حائط البراق دون رادعٍ أو ضوابط.
فساحة حائط البراق مفتوحة على مصراعيها للمصلين اليهود طوال أربعٍ وعشرين ساعةً على مدار الأسبوع. وهذا الأمر استغلته القيادة الدينية لمجموعات المستوطنين حيث كانت قد دعت جمهورها لصلواتٍ جماعية حاشدة يوم الاثنين 16 من الشهر الجاري للتجمع بكثافةٍ في الموقع تحت حجة الصلاة لأجل انتصار الجيش في معركته في غزة وفي إيران.
وفي جميع الحالات، لم نرَ لوزارة الداخلية لدى الاحتلال أي تعليماتٍ تتعامل مع هذه النقطة أو تحاول منع مثل هذه التجمعات. وهذا الأمر يمكن فهمه في سياقين اثنين:
الأول: أنه يأتي في سياق مغازلة نتنياهو تيار الحريديم الذي كاد يسقط حكومته قبل اندلاع المواجهة الأخيرة مع إيران بأيامٍ قليلةٍ فقط. حيث إنه من المعروف أن هذا التيار يرى ضرورة استمرارية العبادات الدينية في مواعيدها وبشكلها المتعارف عليه مهما كانت الظروف، ويعتبر أن هذه مهمته الإلهية المقدسة، وأنه دون الاستمرارية في أداء الطقوس الدينية فإن العالَم كله، لا دولة الاحتلال فقط، سيكون في خطر.
إعلانومن المعلوم أن أتباع هذا التيار كانوا خلال فترة جائحة كورونا على سبيل المثال من أشد المعارضين لإجراءات الإغلاقات والمنع، وكانوا يرون ضرورة إقامة الطقوس الدينية بشكلها الطبيعي دون أي اعتباراتٍ صحية أو غيرها، ولهذا كانت نسبة انتشار ذلك المرض عاليةً بين أتباع التيارات الحريدية في ذلك الوقت.
وهم لا يرون فرقًا بين جائحةٍ صحيةٍ وحربٍ أو غيرها، ونتنياهو لا يرغب في استفزازهم بعد أن كادت حكومته تسقط في تصويت الكنيست الأخير لولا نجاحه في إقناعهم في اللحظة الأخيرة بوقف التصويت لصالح قانون حل الكنيست الذي قدمته المعارضة.
أما السياق الثاني: فإن فتح منطقة حائط البراق على مصراعيها للمستوطنين في مقابل إغلاق المسجد الأقصى المبارك يضيف لما ذكرناه سابقًا من أن القرار سياسي، وليس له أي اعتباراتٍ أمنيةٍ كما ادعى نتنياهو وأركان حكومته.
ومن الواضح أن أحد أهم أهداف هذا القرار منع التجمعات الشعبية في المسجد الأقصى، والتي يمكن أن تتطور إلى مواجهةٍ شعبيةٍ خاصةً أيام الجمعة. فما الذي يجعل منطقة حائط البراق آمنةً من الصواريخ فيما المسجد الأقصى الملاصق للحائط غير آمن؟ وكذلك الأمر ينطبق على كنيسة القيامة التي لا تبعد أكثر من 350 مترًا فقط عن أسوار المسجد الغربية وحائط البراق.
هذا الأمر بحد ذاته يعد الدليل الأوضح على أن الهدف من كل هذه الإجراءات ليس أكثر من تثبيت السيادة الإسرائيلية على المكان، بل إني أتوقع أن إغلاق كنيسة القيامة جاء لمحاولة تضليل الرأي العام الإسلامي في موضوع إغلاق المسجد الأقصى نفسه، فإغلاق المسجد الأقصى يأتي ضمن إجراءاتٍ إضافية خطيرةٍ لم يطبقها الاحتلال إلا في الأقصى.
ومن ذلك على سبيل المثال قصرُ السماح بدخول المسجد الأقصى على حراس المسجد فقط، بالرغم من أن الحراس يعانون من نقصٍ شديدٍ في عدد الكوادر العاملة، أما بقية موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية فلا يسمح لهم الاحتلال بدخول المسجد أو أداء الصلاة فيه، وهذا يختلف حتى عن أيام جائحة كورونا، حيث كان الاحتلال يسمح في ذلك الوقت لموظفي دائرة الأوقاف كافةً بدخول المسجد خلال الإغلاق.
واليوم، رأينا الاحتلال يمنع حتى موظفي الأوقاف الذين يعملون في المباني الملاصقة لأسوار المسجد الأقصى الغربية من المرور من البوابات الملاصقة لمكاتبهم لدخول المسجد، فتحول هذا الإجراء إلى قطعٍ كاملٍ للحياة عن المسجد الأقصى وحصارٍ مطبقٍ عليه يذكّرنا بأول أيام هبّة باب الأسباط عام 2017، عندما أغلق الاحتلال المسجد الأقصى نهائيًا ومنع الصلاة فيه؛ تمهيدًا لمحاولة إجراء تغيير جذري في إجراءات الدخول إليه من خلال البوابات الإلكترونية التي زرعها في ذلك الوقت.
وما يحصل الآن يجعلنا نتساءل: ما هو الواقع الجديد الذي يخطط الاحتلال أن نصحو عليه في المسجد الأقصى مع انتهاء هذه الجولة من القتال ورفع الحصار عن بوابات المسجد؟
إنني لا أخفي في هذا المقام تخوفي الشديد على المسجد الأقصى المبارك من أن يرتكب الاحتلال فيه أي حماقة استغلالًا لهذه الأوضاع، فقد نُشر فيديو خطير قبل أيامٍ للحاخام الحريدي يوسيف مزراحي الذي يعيش في نيويورك، دعا فيه صراحةً لاستغلال هذه الأوضاع لإيذاء المسجد الأقصى، وادعى في الفيديو أنه لو كان الأمر بيده لأرسل على المسجد الأقصى صاروخًا، ثم ادّعى أنه صاروخٌ إيرانيٌّ سقط بالخطأ على المسجد الأقصى.
مثل هذه الأفكار الشيطانية، وإن كانت تبدو مثيرةً للسخرية، إلا أنها تنبئ عن نوايا خطيرة مبيتة تجاه المسجد الأقصى ينبغي أن ينتبه إليها الشعب الفلسطيني في القدس بالذات.
ولا بديل في هذه الأوضاع عن التحرك الشعبي لحماية المسجد وتحقيق الكابوس الذي يخشاه الاحتلال، وهو التصعيد الشعبي العارم وتأزيم الأوضاع الداخلية في وجه نتنياهو وحكومته، وإلا فسيكون ثمن الصمت والانتظار مرتفعًا جدًا.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات على المسجد الأقصى حائط البراق هذا التیار تتعامل مع فی المسجد فی هذا فی وجه
إقرأ أيضاً:
ملاحقة خطباء القدس والأقصى.. سياسة إسرائيلية تشتد في ظل الحرب
لا تعتبر ملاحقة خطباء وأئمة المسجد الأقصى المبارك سياسة احتلالية جديدة، بل يشدد الاحتلال منذ نحو 3 عقود على كل كلمة تُلقى في خطب المسجد الأقصى، ويُستدعى الخطباء ويتم التحقيق معهم على خلفية ذلك وعلى رأسهم الشيخ عكرمة صبري.
ومؤخرا تصاعدت الهجمة ضد الخطباء، وفي مطلع الشهر الجاري اعتقل قاضي قضاة القدس الشيخ إياد العباسي، عقب إلقائه درسا تحدث فيه عن الغزيين الذين يواجهون حرب الإبادة وسياسة التجويع، وأُفرج عنه بعد ساعات.
وسبقه في الاعتقال من داخل ساحات المسجد مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، وذلك في نهاية شهر يوليو/تموز المنصرم، عقب تطرقه في خطبة الجمعة التي ألقاها من على منبر الأقصى للأوضاع في غزة.
وتسلم المفتي حينها قرارا بإبعاده عن المسجد الأقصى، وبعد انتهاء هذه المدة تم تمديد إبعاده عن الأقصى لمدة 6 أشهر.
وعن هذه السياسة، قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري في مستهل حديثه للجزيرة نت إن التشديد على خطباء الأقصى ليس جديدا، بل هو قديم جديد، وإنه منذ ما يزيد على 30 عاما والتشديد قائما، "ولكن بعد حرب غزة أصبح التشديد أكثر شراسة وحدّة، فلا يريد الاحتلال أن نذكر كلمة غزة في الخطابة وهددوا جميع الخطباء بأن من يذكر غزة في خطبته سيعتقل ويمنع من الصلاة في الأقصى".
وعن شعوره حيال ذلك بعدما أوشك أن يُنهي عقوبة الإبعاد عن المسجد الأقصى لعام متواصل، قال "هذا نوع من العقاب والانتقام، ولا شك أن الإنسان يتألم، لكن عليه أن يصبر ويعتبر أن ثباته في بيت المقدس هو مرابطة، وبالنسبة لي بشكل شخصي فإنني بحمد الله ألقي خطب الجمعة في مساجد أخرى وأؤدي واجبي".
إعلانوأضاف أنه يعتبر أن أي إجراء ضد الخطباء هو تعدٍ على الأقصى كمقدس، وأن كل الإجراءات ضد الأقصى تعني أن الاحتلال طامع به ويحاول باستمرار التقييد بمنع الشباب من دخوله وأحيانا بتحديد أعمار المصلين، والهدف من ذلك تقليل عدد المسلمين والسماح للمقتحمين باستباحته وفرض السيادة الإسرائيلية عليه وسحب صلاحية الوقف الإسلامي في إدارة الأقصى.
واعتلى الشيخ صبري منبر المسجد الأقصى لأول مرة لإلقاء خطبة عام 1973، ويواظب للعام الـ52 على التوالي على القيام بهذا الدور، لكن خطبه وكلماته لا تروق للاحتلال، فبدأ بملاحقته منذ عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم يتعرض للاستدعاء والاعتقال والتحقيق بالإضافة لعقوبتيْ الإبعاد عن المسجد الأقصى والمنع من السفر، وتهديده بهدم منزل كان يسكن فيه بحي الصوانة القريب من المسجد الأقصى المبارك.
أما مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين الذي بدأت اليوم عقوبة إبعاده عن الأقصى لمدة 6 أشهر، فقال للجزيرة نت إن هذه الاعتداءات تشكل استباحة وتطورا خطيرا في ظل الأوضاع القائمة.
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية تستغل الأوضاع الجارية في كل من غزة والضفة الغربية والقدس، لتمرير مخططاتها على المسجد الأقصى في قضية فرض واقع جديد وتغيير الوضع التاريخي القائم فيه، والاعتداء على حرمته وقدسيته وإيذاء مشاعر المسلمين في كل العالم.
وأكد المفتي أنه رغم كل ذلك سيبقى المسجد الأقصى إسلاميا وللمسلمين وحدهم لا يشاركهم فيه أحد، وأن كل ما تقوم به السلطات الإسرائيلية هو عدوان واعتداء على حرمته وقدسيته وعلى حق المسلمين في عباداتهم، "ونعتز أننا أصحابه وسنبقى مرابطين في القدس ومقدساتها إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا".
لأنه دعا الجيوش العربية والإسلامية لمحاربة الاحتلال..
حكمت محكمة الاحتلال، اليوم الأربعاء، بالسجن الفعلي نحو 3 سنوات (34 شهرا) بحق الخطيب المقدسي الشيخ عصام عميرة من قرية صورباهر جنوب القدس.
اعتُقل عميرة من منزله في 12 أكتوبر/تشرين أول عام 2023، بتهمة "التحريض"، ومدد الاحتلال… pic.twitter.com/MZYumoPN2e
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) January 29, 2025
استهداف خطباء القدسلم تقتصر الملاحقة منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، على خطباء المسجد الأقصى وأئمته، بل طالت خطباء وأئمة مساجد في أحياء القدس المختلفة.
واعتُقل وحُكم بالسجن الفعلي كل من خطيب أحد مساجد بلدة صور باهر الشيخ عصام عميرة، وخطيب أحد مساجد بلدة سلوان الشيخ نعيم عودة، بالإضافة لجمال مصطفى خطيب أحد مساجد بلدة العيساوية، ومحمود أبو خضير خطيب مسجد بلدة شعفاط.
ووجهت النيابة العامة الإسرائيلية تهمة التحريض للخطباء الأربعة، لأنهم نصروا غزة في خطبهم في بداية الحرب الحالية، وبينما أُفرج عن كل من نعيم عودة ومحمود أبو خضير، لا يزال جمال مصطفى وعصام عميرة يقضيان مدة حكمهما بالسجن الفعلي خلف قضبان سجون الاحتلال.
أفاد مراسل الجزيرة نت بأن شرطة الاحتلال الإسرائيلي اقتادت خطيب المسجد الأقصى الشيخ إياد العباسي إلى مركز التحقيق بعد اعتقاله من باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى.
وتواصل شرطة الاحتلال استهداف خطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد عن المسجد بحجة التحريض، حيث اعتقلت الجمعة… pic.twitter.com/vR0iMJebwS
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) August 1, 2025
ملاحقة سياسيةالمحامي المختص في قضايا القدس خالد زبارقة يرى أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من ملاحقة خطباء الأقصى يندرج في إطار الملاحقة السياسية التي تمارسها على ما هو فلسطيني، وبشكل أشد على كل المؤثرين والخطباء والأئمة الذين لهم دور بارز في كشف مخططات الاحتلال، وفي بناء وعي جمعي حقيقي قادر على مواجهة روايته وتحديها.
إعلانوأضاف زبارقة في حديثه للجزيرة نت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تخالف القانون الإسرائيلي نفسه عندما تلاحق الأئمة، لأن المسجد وخطباءه لا يخضعون لسلطات الاحتلال، بل لدائرة الأوقاف الإسلامية، وكل موظف في الدائرة يجب أن يحظى بالحماية والحصانة القانونية من الملاحقات السياسية.
"لكن ما تقوم به سلطات الاحتلال هو تجاوز للقانون واعتباراته، ومحاولة لمنع بناء وعي فلسطيني خاصة في ظل هذا الواقع الأليم الذي نعيشه" أردف زبارقة.
وشدد المحامي على أن خطباء الأقصى مؤتمنون على قول كلمة الحق، خاصة في ظل ما يتعرض له الفلسطينيون في كل من غزة والقدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وبالتالي فمن الواجب على خطباء المساجد أن يتعاملوا مع هذه الأحداث وأن يوجهوا الناس التوجيه الصحيح، وهذا دور تبوؤوه، ولهم في ذلك الأجر والثواب من الله.
وبرأيه فإنه لا يمكن التعامل مع النظام القضائي الإسرائيلي كما أي نظام قضائي آخر "لأنه لا يرقى إلى المعايير الأساسية للنظام القانوني العادل من ناحية النزاهة والموضوعية".
وفي ظل هذا الواقع يعتقد خالد زبارقة أنه إذا توفرت الاستشارة القانونية اللازمة للخطباء، من حيث وضع الخطبة في قالب قانوني معين قد ننجح نوعا ما في التخفيف من وطأة الملاحقة القانونية.