الحكومة الكينية تنهي ترتيبات تبادل الأطباء مع كوبا
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
أكدت الحكومة الكينية، أنها لن تجدد اتفاقية توظيف أطباء كوبيين في نيروبي، وكانت الاتفاقية مدتها 6 سنوات.
ويسافر الأطباء من الدولة الواقعة في شرق أفريقيا إلي كوبا لتلقي تدريب متخصص،ولم يحظ البرنامج بشعبية لدى نقابة الأطباء الرئيسية في كينيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الأطباء الكوبيين حصلوا على أكثر من ضعف متوسط الراتب الذي يتقاضاه نظرائهم الكينيين.
وجادل المنتقدون بأنه من الأفضل إنفاق الأموال على البنية التحتية الطبية في كينيا وعلى أطبائها.
أعلن وزير الصحة ناكوميتشا وافولا، نهاية اتفاق كوبا في اجتماع مع العاملين في مجال الصحة في العاصمة نيروبي، وقد قوبل بالتصفيق والهتافات "نعم، نعم!"
وقال وافولا، إن الوزارة ستضمن أن العاملين في مجال الصحة في البلاد "تم الاعتناء به جيدًا."
وبموجب الاتفاق الموقع في عام 2017، تم إرسال 50 كينيًا إلى كوبا للخضوع لتدريب متخصص، بينما تم إرسال 100 كوبي إلى المستشفيات على مستوى المقاطعات في كينيا للمساعدة في تحسين الخدمات.
وتعرضت هذه الخطوة لانتقادات شديدة في ذلك الوقت من قبل المشرعين واتحاد الممارسين الطبيين والصيادلة وأطباء الأسنان الكينيين، الذين قالوا إنها كانت مضيعة للموارد عندما كانت البلاد تعاني من آلاف الأطباء والمتخصصين العاطلين عن العمل.
وأضافت النقابة، أن الأموال المستخدمة لدفع رواتب الأطباء الكوبيين المرتفعة كان من الممكن استخدامها لتوظيف أطباء كينيين أو لشراء معدات طبية للمستشفيات المحلية التي غالبًا ما تفتقر إلى المرافق والأدوية الأساسية.
وأوضحت لجنة الرواتب والأجور الكينية، أن كل طبيب كوبي كان ويتقاضى الأطباء المحليون من نفس الفئة راتبا شهريا يبلغ نحو 5300 دولار، ويتراوح ما بين 1600 و2300 دولار. كما حصل الأطباء الكوبيون على بدلات سفر وسكن أفضل.
وكثيرا ما يقوم الأطباء والممرضون في كينيا بالإضراب للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نيروبي مجال الصحة فی کینیا
إقرأ أيضاً:
غيدي المدينة الكينية التي خبّأتها الغابة ونسِيَها الزمن
#سواليف
في قلب #غابة_أرابوكو/سوكوكي #الكينية، وعلى مرمى خطوات من أمواج المحيط الهندي قرب #ماليندي، تختبئ مدينة لا تريد أن تُفصح عن نفسها بسهولة.
إنها مدينة #غيدي التاريخية، التي يصرّ #علماء_الآثار على نعتها بـ«الأكثر غموضًا في شرق أفريقيا»، بينما يفضّل الزوار وصفها بأنها «المكان الأسطورة».
فما إن تخطو داخل الغابة حتى تخفّض الأشجار صوت العالم الخارجي، وتكتشف أن ما ينتظرك ليس مجرد أطلال، بل مدينة كاملة قررت أن تذوب في الغابة من دون أن تختفي تمامًا؛ تبرز من بين الجذوع أحجار مرصوصة بدقّة لا تخطئها عين، وجدران لمساجد وقصور تحدّت الرطوبة، وكأنها تحاول التذكير بأن حضارة مزدهرة عاشت هنا ذات يوم… ثم رحلت فجأة بلا رسالة وداع.
عرف البرتغاليون الموقع في القرن السابع عشر، لكنهم تركوه من دون أن يفهموه.
لم يبدأ البحث الجدي عن #المدينة_المعجزة إلا في القرن العشرين، ليكتشف الباحثون مدينة سواحِلية متقنة البناء: منازل حجرية ذات أفنية داخلية وآبار خاصة، مسجد كبير ومساجد صغيرة، وحتى قصر بمواصفات راقية تُحاكي المدن المزدهرة على سواحل المحيط الهندي.
لكن كلما زادت الاكتشافات، زادت معها الأسئلة: من بنى غيدي؟ وكيف ازدهرت؟ ولماذا هجرها أهلها فجأة؟
فاللقى التي عُثر عليها: خرز هندي، زجاج فارسي، وخزف صيني من سلالة مينغ، تكشف بوضوح أن غيدي لم تكن بلدة معزولة في الغابة، بل نقطة على طريق التجارة العالمية قبل قرون طويلة من الحداثة.
لكن الأكثر إثارة للحيرة هو هذا الرحيل المفاجئ للمدينة؛ لقد رحلت بلا سبب واضح: فهل شحّت المياه؟ هل تغيّرت طرق التجارة البحرية؟ هل هاجمتها غزوات من الداخل؟ لا دليل على أيٍّ من هذه الافتراضات.
وترفض المدينة بعناد جميل، حتى اليوم أن تطلع الباحثين عن قصتها الكاملة؛ ربما كانت هذه رغبتها منذ البداية، أن تظل لغزًا يليق بجمالها.
الآن، تخضع غيدي للحماية بوصفها موقعًا أثريًا، لكنها ليست مكانًا صامتًا.
قرود الكولوبوس تتنقل بخفة بين غرف القصور، وغزلان الديك-ديك الصغيرة تقطع الأزقة التي كانت يومًا طرقًا لم يسلكها إلا التجار والأعيان.
هنا، يبدو تفاعل الطبيعة مع التاريخ وكأنه عرض مسرحيّ لا يتكرر: جذور ضخمة تلتف حول جدران المساجد، وكتل المرجان الحجري تستعيد صلابتها رغم قرون من الأمطار.
غيدي ليست مدينة مهجورة، بل مدينة تعلّمت العيش مع الغابة.
مختبر للعلماء…
ودهشة للزوار
بالنسبة للباحثين، غيدي كتاب مفتوح على نصفه فقط: نصف مليء بالقصور والخزف والتجار، ونصف آخر فارغ ينتظر من يكتب فصوله الغائبة.
أما الزوّار، فيأتون إليها لسبب آخر: لأنها تمنحهم الإحساس بأنهم دخلوا في قصة لم تُكتب نهايتها بعد؛ كل زاوية فيها تبدو كأنها تُريد أن تقول شيئًا لكنها تنتظر السؤال المناسب.
مدينة لا تزال حيّة بطريقة ما
وربما لهذا السبب تحديدًا، لا تزال غيدي تُغذّي الخيال والبحث معًا.
هي ليست مجرد آثار مطمورة بين الأشجار، بل نافذة على زمن كانت فيه أفريقيا الساحلية لاعبًا رئيسًا في التجارة عبر المحيطات.
هكذا تبقى غيدي مدينة تأبى أن تُفهم بسهولة. كل اكتشاف جديد يضيف إليها لغزًا آخر؛ وكل زائر يغادرها وفي ذهنه سؤال مختلف. لكن ما لا شك فيه أنها ليست مجرد مدينة مهجورة، بل نموذج لحضارة ازدهرت ثم اختفت، ورسالة صامتة عن هشاشة المدن مهما بلغ ازدهارها، وعن ضرورة الحفاظ على التراث الإنساني قبل أن يبتلعه الزمن.
في نهاية المطاف، يبدو أن غيدي لا تزال تريد أن تقول شيئًا عن الماضي، عن التجارة، عن العمارة، وعن مصير المدن التي تُولد من البحر وتقع في حب الغابة. وربما يكون أجمل ما فيها أنّها تواصل رواية قصتها من دون أن تكشف النهاية أبدًا.
هي، باختصار، ليست مدينة خفية، بل مدينة اختارت ألا تتبرج إلا لمن يتعمّق في النظر، ويرجع البصر في جمالها كرتين..
وهي، رغم صمتها، كأنها تقول:
«أنا هنا… وما زال لدي الكثير لأرويه ولأحكيه.»