DW عربية:
2025-06-16@15:49:04 GMT

كيف يشكل هجوم حماس على إسرائيل تحدياً للغرب؟

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل بأنه يمثل "الشر المطلق"، هل تتدخل واشنطن مباشرة في الحرب بين حماس وإسرائيل؟

في أعقاب هجوم  حماس الإرهابي المباغت على إسرائيل، خرج المستشار الألماني أولاف شولتس ليؤكد على "أن أمن إسرائيل مصلحةٌ وطنيةٌ ألمانية" في استعارة لعبارة رددتها المستشارة السابقة انغيلا ميركل.

مختارات لماذا لن يوقف الاتحاد الأوروبي مساعداته للفلسطينيين بعد هجوم حماس؟ هل يصب هجوم حماس في مصلحة آلة الدعاية الروسية؟ الادعاء الألماني يفتح تحقيقا حول تورط حماس في جرائم قتل وخطف المستشارة الألمانية: أمن إسرائيل مصلحة وطنية وننتقد الاستيطان ألمانيا: غضب بعد تصريحات عباس عن الهولوكوست وشولتس في مرمى الانتقادات

وصدرت تصريحات مماثلة من قبل عدد من كبار المسؤولين الألمان، لا سيما وزيرة الخارجية، انالينا بيربوك، والرئيس الاتحادي، فرانك-فالتر شتاينماير، وقادة الأحزاب المنضوية في الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة.

ورغم جلاء موقف الأحزاب السياسية في ألمانيا حيال قضية دعم إسرائيل، إلا أن البعض من أنصار الفلسطينيين احتفلوا بهجوم حماس في شوارع العاصمة برلين، وهو ما أثار غضب شولتس الذي ندد بالأمر، قائلاً: "لا نقبل أن يتم الاحتفال بالهجمات الشنيعة ضد إسرائيل في شوارعنا".

وفي وقت لاحق أعلن المستشار الألماني الخميس (12 اكتوبر تشرين أول) أمام البوندستاغ قرار الحكومة الألمانية حظر حماس وأنشطتها في ألمانيا، وأكد أن وزارة الداخلية ستمنع كل الأنشطة والمظاهرات المؤيدة لحماس والمعادية للسامية.

الجدير بالذكر أن شولتس قد تعرض لانتقادات إبان زيارة  الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى برلين العام الماضي بسبب عدم تعاطيه بشكل سريع حيال تصريح رئيس السلطة الفلسطينية بأن إسرائيل ارتكبت "50 محرقة" ضد الفلسطينيين، بيد أن المستشار الألماني نأى بنفسه في وقت لاحق بعد المؤتمر الصحفي عن التصريح الذي اعتبره "غير مقبول ولا يمكن التسامح معه".

تمويل الإرهابيين؟

بيد أن السؤال المُلح في الوقت الراهن يتمثل في ماهية الدروس التي يتعين على برلين استخلاصها بعد هجوم حماس الاخير وكيف ستستفيد منها على أرض الواقع.

كانت ألمانيا قد خصصت منذ بداية العام الجاري 250 مليون يورو (265 مليون دولار) لمساعدة  الفلسطينيين، حسبما ذكرت وزارة التنمية الألمانية، لكن الوزيرة، سفينيا شولتسه، ترغب في "مراجعة الالتزام الكامل تجاه الأراضي الفلسطينية".

وعلى الصعيد الرسمي، لا يذهب الدعم المالي الألماني إلى السلطة الفلسطينية ولا إلى حركة حماس التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى كمنظمة إرهابية. ورغم ذلك، فإنه من الصعب التأكد من أن بعضاً من هذه المخصصات المالية لا تصل إلى حماس على نحو ما، وهو ما دفع عددا من المشرعين الألمان ومنهم السياسي عن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، ألكسندر دوبرينت، إلى المطالبة الأحد (8 أكتوبر / تشرين الأول) بوقف كل أشكال التمويل للفلسطينيين بشكل كامل.

الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، هل يتراجع الدعم الأمريكي إلى أوكرانيا الآن؟

ومن جانبها دعت الجمعية الألمانية-الإسرائيلية إلى وضع شروط على المخصصات المالية على أقل تقدير. وقال بيان صادر عن رئيسها، فولكر بيك: "يجب ألا تُستخدم أموال دافعي الضرائب الألمان في تمويل الإرهاب ومعاداة السامية".

العصا والجزرة 

ولا تواجه ألمانيا وحدها معضلة التمويل؛ إذ تدعم مؤسسات أوروبية حزمة من المشاريع التي ترمي إلى دعم  الشعب الفلسطيني، لكن في ظل ضعف المؤسسات الفلسطينية خاصة التنفيذية كحال مناطق الصراعات الأخرى، فإن الغموض قد يكتنف مصير أشكال الدعم المالي.

بيد أنه من المؤكد أن غياب الدعم المالي من قبل الاتحاد الأوروبي قد يشكل خطراً على بقاء السلطة الفلسطينية، فضلاً عن أن التكتل الأوروبي يتمسك بسياسة الجزرة في الوقت الذي تصر فيه الولايات المتحدة على سياسة العصا.

ففي أعقاب هجمات  حماس الأخيرة، يهدف الجيش الأمريكي من تحريك حاملة طائرات ومقاتلات إلى الشرق الأوسط إظهار دعم واشنطن لإسرائيل.

ويقول خبراء إن تصاعد التوتر في الشرق الأوسط قد يعرض المصالح الأمريكية للخطر على المدى الطويل في ضوء احتمالية تجميد التقارب بين إسرائيل والسعودية وتعليق المفاوضات النووية مع إيران. 

وكان رد الفعل السعودي الأولي متحفظاً في الواقع. ويبدو أن مصر تسعى من جانبها لضمان عدم خروج الصراع عن السيطرة.

يتلقى الفلسطينيون أيضا من الاتحاد الأوروبي وحده مساعدات تبلغ قيمتها 691 مليون يورو (729 مليون دولار) (أرشيف)

تشتيت الانتباه عن الصراع في أوكرانيا

ويشير مراقبون بأن إحدى التداعيات المباشرة لموجة التوتر الأخيرة في الشرق الأوسط تتمثل في تشتيت الانتباه عن الغزو الروسي لأوكرانيا. وأصدر الرئيس فولوديمير زيلينسكي بياناً أكد فيه على دعم بلاده لإسرائيل، وربط  في وقت لاحق هجوم حماس بالعدوان الروسي المستمر على بلاده. وقال زيلينسكي الاثنين (9 أكتوبر / تشرين الأول) أمام الجمعية البرلمانية  لحلف شمال الأطلسي في كوبنهاغن عبر رابط فيديو: "الفرق الوحيد هو أن هناك منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، بينما هنا فإن دولة إرهابية هي التي هاجمت أوكرانيا. النوايا المعلنة مختلفة لكن الجوهر واحد".

يتزامن هذا مع ظهور بعض مؤشرات على تصدع بعض أوجه الدعم الغربي لأوكرانيا في ضوء عدم إحراز كييف تقدما كبيرا في هجومها المضاد ضد القوات الروسية، فيما ينذر اندلاع صراع طويل ضد إسرائيل، حليفة الدول الغربية، بتشتيت الأنظار أكثر عن الصراع في أوكرانيا.

وفي ذلك، نقلت القناة الأولى في التلفزيون الألماني "إيه آر دي" عن الباحثة في "الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية" (DGAP)، دانييلا شفارتزر، قولها إن "جُل تركيز الولايات المتحدة سوف ينصب على أوكرانيا في المدى القصير وعلى الصين ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي في المدى الطويل". وأضافت "يجب أن يمضي الاهتمام السياسي وقضية التمويل وتوفير مستلزمات القتال قدماً بالتوازي بطريقة أو بأخرى بين مناطق الصراع المختلفة".

الصين..التزام الحياد

وتواجه الدول الغربية إشكالية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا: ويتمثل ذلك مثلا في امتناع الدول النامية والناشئة بما في ذلك الدول القريبة من القيم الغربية عن إدانة حماس. فعلى سبيل المثال، أصدر الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، التي لم تُقدم على حتى الآن على إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا، بياناً حمل مقارنة بين نظام الفصل العنصري السابق في البلاد والوضع الحالي في الشرق الأوسط.

كذلك رفضت الصين إدانة هجوم حماس في تكرار لموقفها حيال العدوان الروسي على أوكرانيا.

أما روسيا، فقد قامت بتذكير الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالهدف الذي دعوا إلى تحقيقه لسنوات والمتمثل في إقامة دولة فلسطينية. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الاثنين (9 أكتوبر / تشرين الأول) إن "إنشاء  دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل يعد الحل الأكثر مصداقية للصراع". وأضاف "لا يمكننا أن نتفق مع الذين يرددون بأن الأمن لا يمكن ضمانه إلا من خلال مكافحة الإرهاب".

واللافت في تصريحات لافروف أنها تأتي في الوقت الذي يمضي فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قدماً في إنكار حق أوكرانيا في الوجود ويستمر في حربه ضد المدنيين الأوكرانيين لأكثر من عام ونصف.

كريستوف هاسلباخ / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الفلسطينيون اسرائيل الدول الغربية الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي أخبار المانيا الدعم الغربي لإسرائيل الغزو الروسي لأوكرانيا الصين الشرق الأوسط الفلسطينيون اسرائيل الدول الغربية الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي أخبار المانيا الدعم الغربي لإسرائيل الغزو الروسي لأوكرانيا الصين الاتحاد الأوروبی الشرق الأوسط هجوم حماس حماس فی

إقرأ أيضاً:

الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟

عندما ينوي الكاتب تأليف مسرحية جديدة، يجد نفسه منذ البداية منشغل التفكير بين فكرة النص المسرحي وموضوعه. وقد يسبق الموضوع الفكرة الأساسية للمسرحية، وقد تتقدم الفكرة على الموضوع الذي سينبثق منها. وليس مهما أن يسبق أحدهما الآخر في أثناء الإعداد لنص مسرحي ما، فالعلاقة بين فكرة المسرحية وموضوعها علاقة جدلية تجاذبية لا تفسح للكاتب أو الناقد المسرحي مجالا أن يضع خطا فاصلا بينهما. فقد تتقدم الفكرة على الموضوع أو العكس، ولكن الواقع الفني يشير إلى أن واحدا من الاثنين يتولد من الآخر.

في كتابه "فن المسرحية"، الذي يضم مجموعة محاضرات ألقاها علي أحمد باكثير في معهد الدراسات العربية العالية، يفيد الكاتب من تجاربه المسرحية الأساسية وموضوعاتها. وقبل أن نعرض لتحليل باكثير لتلك العلاقة، يهمنا أن ننوه بأهمية الفكرة الجوهرية للعمل المسرحي المنوي إنجازه، فهي التي تحدد الغاية من المسرحية من دون الحاجة إلى اللجوء لأسلوب الوعظ والإرشاد لإبرازها، إنما المسرحي الناجح تراه يسعى إلى بلورة فكرته الأساسية بأسلوب فني غير مباشر. لا بد للمسرحية الناجحة من أن تعتمد فكرة أساسية واحدة، إذ لا يجوز التطرق إلى فكرة ثانوية إلا إذا رأى المؤلف أنها تعزز الفكرة الأساسية وتعمقها، حيث استطاع ببراعة درامية أن يحقق ذلك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرِّوائي الجزائري "واسيني الأعرج": لا أفكر في جائزة نوبل لأنني مناصر للقضية الفلسطينيةlist 2 of 2راشد عيسى: الشعر رسالة جمالية تنتصر للفكر الإبداعي وتتساءل عن هوية الإنسانend of list إعلان

نعود إلى تجربة الأستاذ علي أحمد باكثير في التعامل مع الفكرة والموضوع، لنعرف منه أن الفكرة المسرحية في معظم الأحيان كانت تسبق الموضوع. ونراه يتطرق بهذا الصدد إلى حالات تجريبية كانت تمر معه، وهي:

قد يجد الكاتب المسرحي موضوعا لكاتب سابق له، فيستعير قصته أو روايته التي تتفق مع فكرته المسبقة، فيقوم بمسرحتها. وهذا التوجه لا ينفي أصالة الكاتب وقدرته على التأليف المسرحي، بل يمكن أن يظهر براعته الدرامية في موازاة العمل المستعار أو التفوق عليه. قد يسبق الموضوع الفكرة المسرحية لدى الكاتب، إذ يستهوي المؤلف المسرحي موضوع ما أو شخصية أو موقف، فيدرس ما يقع بين يديه حتى تتولد عنده الفكرة الأساسية. قد يعاني الكاتب من أزمة نفسية خاصة أو عامة يجد لها متنفسا في عمل مسرحي يتداخل فيه الموضوع بالفكرة. وفي البداية لا يكون الكاتب على علم بموضوعه أو فكرته، ومع تصاعد واجترار أزمته النفسية يجد نفسه أمام موضوع واضح ينطوي على فكرة أساسية. علي أحمد باكثير يشير في كتابه "فن المسرحية" إلى أن الفكرة غالبا ما تسبق الموضوع، لكنها قد تنبثق منه أيضا، معتمدا على تجاربه المسرحية في المزج بين الإبداع والواقع (الجزيرة) اختيار الموضوع المسرحي

لكي يوفق الكاتب المسرحي في اختيار الموضوع الملائم لفكرته الخاصة به، لا بد من الاحتكام إلى شرطين موضوعيين، وهما الرغبة في طرق الموضوع، والحرية في انتقائه من بين عدة موضوعات يمكن أن تخطر له.

وعند اختيار الموضوع المناسب، لا بد من أن يوظف الكاتب كل ما عنده من خبرة حياتية وخيال خصب، ليتمكن من نقل الواقع الفوتوغرافي إلى الواقع الفني بكل ما فيه من أحداث وشخوص وأجواء درامية. ويحسن بالكاتب هنا أن يكون صاحب مبدأ أو نظرة حياتية تقوم على فلسفة ما في التعامل مع واقع الحياة الإنسانية، فحين يتبنى أفكارا خاصة يدعو إليها، يتوفر لديه الاندفاع نحو موضوع حيوي ساخن ومتميز، يجري على غير ما اعتاده الكاتب.

ولكي يزاوج المؤلف المسرحي بين فكرته وموضوعه بحرارة وصدق، بعيدا عن الافتعال والتكلف، عليه أن يكون متفاعلا مع بيئته ومجتمعه، متبنيا للمشاكل والقضايا والهموم الفردية والجمعية، غير مهمل لقضايا وطنه وأمته. فمن منطلق هذا التفاعل والتبني القائمين على الالتزام، تنبع الأفكار الجيدة والموضوعات المكتنزة.

وللكاتب المسرحي الحرية التامة في طرق أي جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما له ألا يقيد نفسه بالوحدات المسرحية الثلاث (الزمان، المكان، الموضوع)، ففي وسعه أن يجمع بين الشرق والغرب، وبين الحاضر والماضي والمستقبل، وبين جوانب الحياة مجتمعة، ولكن دون أن يخرج عن وحدة الموضوع ووحدة الطابع الدرامي المحدد، الذي هو بمثابة الواجهة الأمامية للعمل المسرحي.

نجاح المسرحية مرهون بوحدة موضوعها وبراعة الكاتب في إبراز الفكرة بشكل مؤثر ومتماسك (شترستوك) وحدة الموضوع المسرحي

في حين يؤكد الناقد المسرحي ألاردس نيكول أهمية الفكرة المسرحية قائلا إن "المسرحية فن التعبير عن أفكار خاصة بالحياة في صورة درامية تجعل هذا التعبير ممكن الإيضاح عن طريق ممثلين"، نراه في الوقت نفسه يذهب إلى المطالبة بفصل وحدة الموضوع المسرحي عن وحدتي الزمان والمكان، لأهمية ذلك في نظره. فهو يرى ضرورة المحافظة على وحدة الموضوع في المسرحية الجادة، فلا يجوز عنده إضافة موضوع ثانوي على الموضوع الأصلي حتى لا يستأثر الموضوع الثانوي باهتمام الجمهور، مما يضيع الغاية من المسرحية ويغيب فكرتها الأساسية.

إعلان

إضافة إلى ذلك، لا بد من تميز وحدة الموضوع بطابع درامي واحد، فلا يجمع المؤلف أو يزاوج بين لونين متناقضين من الدراما كأن يخلط بين المأساة والملهاة في مشهد مسرحي واحد، لا سيما إذا ما جاء هذا الخلط خلطا تعسفيا لا مبرر له وبلا تناسق نفسي. فالمزج بين المضحك والمبكي في حالة مسرحية واحدة يبقى أسلوبا يناقض الحالة الشعورية للمشاهد.

وفي حقيقة الأمر، نجد معظم النقاد المسرحيين يميلون منذ عدة قرون إلى أولوية تحقق وحدة الطابع المسرحي في المسرحية الواحدة ذات الموضوع الواحد، فينادون بضرورة فصل الكوميديا عن التراجيديا في المسرحية الواحدة التي لا بد لها أن تتميز بلون درامي واحد. فهذا الكاتب المسرحي الإسباني (دلوب دي ديجا) عام 1609 يصر على عدم جواز المزج بين رفعة المأساة وهبوط الملهاة التي وصفها بالوضيعة. أما أديسون فقد علق في مطلع القرن الـ18 على ما سميت الملهاة الفاجعة قائلا: "إنها واحدة من أخبث الاختراعات الدرامية التي دارت في خيال شاعر".

في المقابل، نجد كلا من دريدن، والدكتور جونسون، وفيكتور هوغو، يتجاوزون مقولة أديسون الشهيرة، ويتصدون للدفاع عن ظاهرة المزج بين العنصر الكوميدي والعنصر التراجيدي في النص المسرحي الواحد، معتمدين في ذلك على طبيعة حياة الإنسان وواقعه الحياتي المليء بالبكاء والضحك معا.

المسرح رسالة فكرية تدعو الجمهور للتأمل والمشاركة في البحث عن حلول لقضايا المجتمع (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة)

خلاصة القول بهذا الصدد، ليست القضية هنا في أن يمزج الكاتب المسرحي المأساة بالملهاة أو لا يمزج في العمل المسرحي الواحد، ولكن القضية الدرامية هنا تكمن في مقدرته الفنية وبراعته الدرامية في المحافظة على وحدة الموضوع المسرحي، التي لا يستطيع من دونها أن يبرز فكرته المسرحية الهادفة ويعبر عنها أجدى تعبير يلقى استحسان الجمهور وإعجابه بها.

إعلان

وفي عودتنا إلى جدلية العلاقة بين الفكرة والموضوع، لا بد من الإشارة إلى أن هناك أفكارا كثيرة يلتقطها الكاتب المسرحي من واقع الحياة اليومية، أو تخطر على ذهنه حين يستعين بالذاكرة. والكاتب ذو الدراية والخبرة لا يحتار بين فكرة وأخرى، إذ سرعان ما تلقى إحدى الأفكار هوى في نفسه، فتستأثر باهتمامه، وهي تقود إلى موضوع أو موقف مؤثر مر به أو شاهده لغيره من الناس، فأقلقه وما زال يقلقه ويزعجه، فتتولد في نفسه عاطفة قوية وصادقة لمعالجة هذا الموضوع والتصدي الدرامي له باستحضار الشخصيات وإبراز الحدث بإدارة الصراع حتى يبلغ الذروة.

ولعل أقوى المسرحيات وأكثرها اكتنازا وتأثيرا في الجمهور، تلك المسرحية التي يظهر فيها المؤلف في أثناء طرحه للموضوع متأثرا وغاضبا ومحتجا على السكوت عن المشكلة المترتبة على موضوعه وآثارها السلبية، وكأنه يدعو الجمهور إلى مشاركته في التفكير بالأمر ومحاولة البحث عن الحل في أثناء متابعتهم تطور الحدث والحوار المتنامي، الذي يجري بين الشخصيات التي غالبا ما تكون متناقضة المواقف والآراء.

وعندما يكون الكاتب المسرحي شديد الحماسة لطرح موضوعه وتبنيه الشديد له، فإنه يضيف له من خياله ما يبلوره ويقوي حضوره الدرامي، فيكون أكثر وضوحا وجذبا لإثارة الاهتمام. وهذه هي رسالة المسرح في المجتمع، والمهمة التثقيفية التي يتطلع إليها الكاتب المسرحي الناجح.

مقالات مشابهة

  • الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
  • روسيا تسلم أوكرانيا جثث 1200 من قتلى الحرب
  • من غزة إلى طهران.. كيف مهّدت إسرائيل لهجومها على إيران؟
  • تقرير:العراق ضمن الدول العشرة التي تهيمن على المشهد العالمي للموارد الطبيعية
  • ضمن اتفاق سابق بين البلدين.. أوكرانيا تتسلم 1200 جثة من روسيا
  • عاجل | ترامب: الرئيس الروسي يشعر مثلي أن هذه الحرب بين إسرائيل وإيران ينبغي أن تنتهي
  • زيلينسكي: أوكرانيا أوقفت تقدم القوات الروسية في منطقة سومي
  • إدانات وتحذيرات من التصعيد.. كيف تفاعلت الدول العربية مع هجوم إسرائيل على إيران؟
  • مسؤول إيراني كبير: سنستهدف قواعد الدول التي تدافع عن إسرائيل
  • هل يشكل مؤتمر نيس نقطة تحول لإنقاذ المحيطات؟