الجزيرة:
2025-06-16@15:54:58 GMT

الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟

عندما ينوي الكاتب تأليف مسرحية جديدة، يجد نفسه منذ البداية منشغل التفكير بين فكرة النص المسرحي وموضوعه. وقد يسبق الموضوع الفكرة الأساسية للمسرحية، وقد تتقدم الفكرة على الموضوع الذي سينبثق منها. وليس مهما أن يسبق أحدهما الآخر في أثناء الإعداد لنص مسرحي ما، فالعلاقة بين فكرة المسرحية وموضوعها علاقة جدلية تجاذبية لا تفسح للكاتب أو الناقد المسرحي مجالا أن يضع خطا فاصلا بينهما.

فقد تتقدم الفكرة على الموضوع أو العكس، ولكن الواقع الفني يشير إلى أن واحدا من الاثنين يتولد من الآخر.

في كتابه "فن المسرحية"، الذي يضم مجموعة محاضرات ألقاها علي أحمد باكثير في معهد الدراسات العربية العالية، يفيد الكاتب من تجاربه المسرحية الأساسية وموضوعاتها. وقبل أن نعرض لتحليل باكثير لتلك العلاقة، يهمنا أن ننوه بأهمية الفكرة الجوهرية للعمل المسرحي المنوي إنجازه، فهي التي تحدد الغاية من المسرحية من دون الحاجة إلى اللجوء لأسلوب الوعظ والإرشاد لإبرازها، إنما المسرحي الناجح تراه يسعى إلى بلورة فكرته الأساسية بأسلوب فني غير مباشر. لا بد للمسرحية الناجحة من أن تعتمد فكرة أساسية واحدة، إذ لا يجوز التطرق إلى فكرة ثانوية إلا إذا رأى المؤلف أنها تعزز الفكرة الأساسية وتعمقها، حيث استطاع ببراعة درامية أن يحقق ذلك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرِّوائي الجزائري "واسيني الأعرج": لا أفكر في جائزة نوبل لأنني مناصر للقضية الفلسطينيةlist 2 of 2راشد عيسى: الشعر رسالة جمالية تنتصر للفكر الإبداعي وتتساءل عن هوية الإنسانend of list إعلان

نعود إلى تجربة الأستاذ علي أحمد باكثير في التعامل مع الفكرة والموضوع، لنعرف منه أن الفكرة المسرحية في معظم الأحيان كانت تسبق الموضوع. ونراه يتطرق بهذا الصدد إلى حالات تجريبية كانت تمر معه، وهي:

قد يجد الكاتب المسرحي موضوعا لكاتب سابق له، فيستعير قصته أو روايته التي تتفق مع فكرته المسبقة، فيقوم بمسرحتها. وهذا التوجه لا ينفي أصالة الكاتب وقدرته على التأليف المسرحي، بل يمكن أن يظهر براعته الدرامية في موازاة العمل المستعار أو التفوق عليه. قد يسبق الموضوع الفكرة المسرحية لدى الكاتب، إذ يستهوي المؤلف المسرحي موضوع ما أو شخصية أو موقف، فيدرس ما يقع بين يديه حتى تتولد عنده الفكرة الأساسية. قد يعاني الكاتب من أزمة نفسية خاصة أو عامة يجد لها متنفسا في عمل مسرحي يتداخل فيه الموضوع بالفكرة. وفي البداية لا يكون الكاتب على علم بموضوعه أو فكرته، ومع تصاعد واجترار أزمته النفسية يجد نفسه أمام موضوع واضح ينطوي على فكرة أساسية. علي أحمد باكثير يشير في كتابه "فن المسرحية" إلى أن الفكرة غالبا ما تسبق الموضوع، لكنها قد تنبثق منه أيضا، معتمدا على تجاربه المسرحية في المزج بين الإبداع والواقع (الجزيرة) اختيار الموضوع المسرحي

لكي يوفق الكاتب المسرحي في اختيار الموضوع الملائم لفكرته الخاصة به، لا بد من الاحتكام إلى شرطين موضوعيين، وهما الرغبة في طرق الموضوع، والحرية في انتقائه من بين عدة موضوعات يمكن أن تخطر له.

وعند اختيار الموضوع المناسب، لا بد من أن يوظف الكاتب كل ما عنده من خبرة حياتية وخيال خصب، ليتمكن من نقل الواقع الفوتوغرافي إلى الواقع الفني بكل ما فيه من أحداث وشخوص وأجواء درامية. ويحسن بالكاتب هنا أن يكون صاحب مبدأ أو نظرة حياتية تقوم على فلسفة ما في التعامل مع واقع الحياة الإنسانية، فحين يتبنى أفكارا خاصة يدعو إليها، يتوفر لديه الاندفاع نحو موضوع حيوي ساخن ومتميز، يجري على غير ما اعتاده الكاتب.

ولكي يزاوج المؤلف المسرحي بين فكرته وموضوعه بحرارة وصدق، بعيدا عن الافتعال والتكلف، عليه أن يكون متفاعلا مع بيئته ومجتمعه، متبنيا للمشاكل والقضايا والهموم الفردية والجمعية، غير مهمل لقضايا وطنه وأمته. فمن منطلق هذا التفاعل والتبني القائمين على الالتزام، تنبع الأفكار الجيدة والموضوعات المكتنزة.

وللكاتب المسرحي الحرية التامة في طرق أي جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما له ألا يقيد نفسه بالوحدات المسرحية الثلاث (الزمان، المكان، الموضوع)، ففي وسعه أن يجمع بين الشرق والغرب، وبين الحاضر والماضي والمستقبل، وبين جوانب الحياة مجتمعة، ولكن دون أن يخرج عن وحدة الموضوع ووحدة الطابع الدرامي المحدد، الذي هو بمثابة الواجهة الأمامية للعمل المسرحي.

نجاح المسرحية مرهون بوحدة موضوعها وبراعة الكاتب في إبراز الفكرة بشكل مؤثر ومتماسك (شترستوك) وحدة الموضوع المسرحي

في حين يؤكد الناقد المسرحي ألاردس نيكول أهمية الفكرة المسرحية قائلا إن "المسرحية فن التعبير عن أفكار خاصة بالحياة في صورة درامية تجعل هذا التعبير ممكن الإيضاح عن طريق ممثلين"، نراه في الوقت نفسه يذهب إلى المطالبة بفصل وحدة الموضوع المسرحي عن وحدتي الزمان والمكان، لأهمية ذلك في نظره. فهو يرى ضرورة المحافظة على وحدة الموضوع في المسرحية الجادة، فلا يجوز عنده إضافة موضوع ثانوي على الموضوع الأصلي حتى لا يستأثر الموضوع الثانوي باهتمام الجمهور، مما يضيع الغاية من المسرحية ويغيب فكرتها الأساسية.

إعلان

إضافة إلى ذلك، لا بد من تميز وحدة الموضوع بطابع درامي واحد، فلا يجمع المؤلف أو يزاوج بين لونين متناقضين من الدراما كأن يخلط بين المأساة والملهاة في مشهد مسرحي واحد، لا سيما إذا ما جاء هذا الخلط خلطا تعسفيا لا مبرر له وبلا تناسق نفسي. فالمزج بين المضحك والمبكي في حالة مسرحية واحدة يبقى أسلوبا يناقض الحالة الشعورية للمشاهد.

وفي حقيقة الأمر، نجد معظم النقاد المسرحيين يميلون منذ عدة قرون إلى أولوية تحقق وحدة الطابع المسرحي في المسرحية الواحدة ذات الموضوع الواحد، فينادون بضرورة فصل الكوميديا عن التراجيديا في المسرحية الواحدة التي لا بد لها أن تتميز بلون درامي واحد. فهذا الكاتب المسرحي الإسباني (دلوب دي ديجا) عام 1609 يصر على عدم جواز المزج بين رفعة المأساة وهبوط الملهاة التي وصفها بالوضيعة. أما أديسون فقد علق في مطلع القرن الـ18 على ما سميت الملهاة الفاجعة قائلا: "إنها واحدة من أخبث الاختراعات الدرامية التي دارت في خيال شاعر".

في المقابل، نجد كلا من دريدن، والدكتور جونسون، وفيكتور هوغو، يتجاوزون مقولة أديسون الشهيرة، ويتصدون للدفاع عن ظاهرة المزج بين العنصر الكوميدي والعنصر التراجيدي في النص المسرحي الواحد، معتمدين في ذلك على طبيعة حياة الإنسان وواقعه الحياتي المليء بالبكاء والضحك معا.

المسرح رسالة فكرية تدعو الجمهور للتأمل والمشاركة في البحث عن حلول لقضايا المجتمع (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة)

خلاصة القول بهذا الصدد، ليست القضية هنا في أن يمزج الكاتب المسرحي المأساة بالملهاة أو لا يمزج في العمل المسرحي الواحد، ولكن القضية الدرامية هنا تكمن في مقدرته الفنية وبراعته الدرامية في المحافظة على وحدة الموضوع المسرحي، التي لا يستطيع من دونها أن يبرز فكرته المسرحية الهادفة ويعبر عنها أجدى تعبير يلقى استحسان الجمهور وإعجابه بها.

إعلان

وفي عودتنا إلى جدلية العلاقة بين الفكرة والموضوع، لا بد من الإشارة إلى أن هناك أفكارا كثيرة يلتقطها الكاتب المسرحي من واقع الحياة اليومية، أو تخطر على ذهنه حين يستعين بالذاكرة. والكاتب ذو الدراية والخبرة لا يحتار بين فكرة وأخرى، إذ سرعان ما تلقى إحدى الأفكار هوى في نفسه، فتستأثر باهتمامه، وهي تقود إلى موضوع أو موقف مؤثر مر به أو شاهده لغيره من الناس، فأقلقه وما زال يقلقه ويزعجه، فتتولد في نفسه عاطفة قوية وصادقة لمعالجة هذا الموضوع والتصدي الدرامي له باستحضار الشخصيات وإبراز الحدث بإدارة الصراع حتى يبلغ الذروة.

ولعل أقوى المسرحيات وأكثرها اكتنازا وتأثيرا في الجمهور، تلك المسرحية التي يظهر فيها المؤلف في أثناء طرحه للموضوع متأثرا وغاضبا ومحتجا على السكوت عن المشكلة المترتبة على موضوعه وآثارها السلبية، وكأنه يدعو الجمهور إلى مشاركته في التفكير بالأمر ومحاولة البحث عن الحل في أثناء متابعتهم تطور الحدث والحوار المتنامي، الذي يجري بين الشخصيات التي غالبا ما تكون متناقضة المواقف والآراء.

وعندما يكون الكاتب المسرحي شديد الحماسة لطرح موضوعه وتبنيه الشديد له، فإنه يضيف له من خياله ما يبلوره ويقوي حضوره الدرامي، فيكون أكثر وضوحا وجذبا لإثارة الاهتمام. وهذه هي رسالة المسرح في المجتمع، والمهمة التثقيفية التي يتطلع إليها الكاتب المسرحي الناجح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الکاتب المسرحی فکرة المسرحیة لا بد من

إقرأ أيضاً:

الماتشا أم القهوة السوداء.. أيهما الأمثل لبدء يومك؟

مع أن القهوة مُعززة للطاقة، إلا أن لها آثارًا جانبية كالإدمان والتوتر والقلق. لذا، لمن يبحث عن الكافيين صباحًا للاستيقاظ، جربوا الماتشا بدلًا منه. إنه شاي أخضر ياباني، وهو أكثر صحةً بكثير، غني بمضادات الأكسدة، يُقوي الدماغ ويُساعد على إنقاص الوزن.

عادات يومية غير متوقعة قد تقودك للإصابة بالسرطان .. احذرهاشم الطعام قبل تناوله قد يكون سرّك لخسارة الوزن.. دراسة تكشف

ما تشربه في ساعات الصباح مهم، ليس فقط لأنه مصدر فوري للطاقة، بل أيضًا لتغذية جسمك. لذا، بينما يعتمد معظم الأشخاص على القهوة، أصبحت أيضا الماتشا من المشروبات الرائجة بالأخص بين الشباب.
ورغم فوائد شرب القهوة العديدة، إلا أنها تُسبب الإدمان الشديد، وقد تُسبب التوتر نتيجةً لانخفاض مستوى الطاقة. ووفقًا للخبراء، وُجد أن الاستهلاك المُستمر للقهوة سريعة التحضير مُضر. ولكن، هل يُعدّ الماتشا بديلًا مثاليًا؟


الماتشا 
 

بحسب الأطباء، فإن الماتشا، الذي نشأ في اليابان منذ مئات السنين، هو شاي أخضر اجتاح العالم، يُصنع الماتشا من نفس أوراق الشاي الأخضر والأسود، ويتطلب طحن أوراق الشاي الأخضر الكاملة إلى مسحوق ناعم، يقول الخبراء إن مسحوق الماتشا يحافظ على المزيد من العناصر الغذائية والنكهة.
لونه أخضر زاهي، ذو نكهة ترابية قوية ومتوازنة، تتميز معظم أنواع الماتشا بنكهة عشبية عميقة مع لمسة من نكهة الجوز، يحتوي الماتشا أيضًا على الكافيين مثل القهوة، ولكن بكميات أقل بكثير. في المتوسط، يحتوي كوب الماتشا على حوالي 70 ملج من الكافيين، مقارنةً بـ 100-140 ملج في فنجان القهوة.

الماتشا أم القهوة: أيهما أفضل؟


كما تمنحك القهوة الطاقة، فإن الماتشا يؤدي نفس الوظيفة، ولكن مع فوائد إضافية عديدة. ووفقًا للخبراء، يتمتع الماتشا بخصائص عديدة تساعد في مكافحة السرطان، وتقوية جهاز المناعة، وتحفيز فقدان الوزن، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.


هناك بعض الأسباب التي تجعل الماتشا أكثر صحة من القهوة:


محملة بمضادات الأكسدة
الماتشا غني بمضادات الأكسدة القوية المعروفة باسم البوليفينول، والتي تساعد في مكافحة الأمراض والالتهابات، وعكس علامات الشيخوخة المبكرة، وتقليل الالتهابات، والوقاية من بعض أنواع السرطان، يحتوي كوب الماتشا على مضادات أكسدة تفوق عشرة أضعاف تلك الموجودة في الشاي الأخضر، والقهوة خالية منها.


يهدئ أعصابك
يحتوي الماتشا على نفس الحمض الأميني الذي يُبطئ امتصاص الكافيين ويُشعرك بالهدوء. يُمكن أن يُساعدك إل-ثيانين الموجود في الماتشا على الحصول على نوم مُنتظم وهادئ ومتواصل، كما يجد بعض الأشخاص أن القهوة قد تُفاقم الشعور بالقلق. لذا، فإن شرب أكثر من كوب واحد يوميًا قد يزيد من احتمالية شعورك بالقلق، كما قد تُعاني من أعراض جسدية للقلق، مثل خفقان القلب أو الارتعاش.


الاهتمام بصحة الفم 
على عكس القهوة، لا يُصبغ الماتشا الأسنان، بل يُحسّن صحة الفم. ووفقًا للخبراء، تُساعد مضادات الأكسدة القوية في الماتشا على مكافحة البكتيريا التي تنمو في الفم وتُسبب الضرر. وفي الوقت نفسه، يُقلل الماتشا من تراكم البلاك ويُخفف أعراض أمراض اللثة.


يساعد في إنقاص الوزن
يعمل الماتشا على تحسين عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون من خلال معالجة فقدان الوزن من كلا الجانبين مما سيزيد من مستويات الطاقة العالية ويضعك في وضع حرق الدهون بأمان، دون رفع ضغط الدم أو مستويات الكورتيزول.
وفقًا للدراسات، فإن الماتشا مفيد بشكل خاص في زيادة فقدان الدهون عند تناوله قبل التمرين.
المصدر: .timesnownews

طباعة شارك القهوة الماتشا الشاي الأخضر

مقالات مشابهة

  • إيران تغيّر النص.. وتفتح فصلًا جديدًا في توازن النار..
  • ميسي يقلب السوشيال ميديا بصورة عن الأهلي.. إيه الموضوع
  • أنا على يقين أن المحرك الأساسي للقضايا عبر الميديا هم القحاتة
  • الماتشا أم القهوة السوداء.. أيهما الأمثل لبدء يومك؟
  • الكاتب محي الدين لاذقاني يتناول كتابه “مثقف السلطة بين عهدين” خلال ندوة بدمشق
  • الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد وجودنا
  • انطلاق برنامج مصر جميلة بأسوان والاحتفاء بمسيرة محمد سلماوي والسامر يستقبل مهرجان فرق الأقاليم المسرحية
  • هل يشكل مؤتمر نيس نقطة تحول لإنقاذ المحيطات؟
  • أيهما أقوى ذاكرة: النساء أم الرجال؟ ولماذا؟