سلطنة عمان.. عدم الانحياز المطلق
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
بعد أن أرسى المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ وبعد أن كرَّسَ حضرة صاحب الجلالة حضرة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ ركائز السِّياسة الخارجيَّة لسلطنة عُمان عَبْرَ عقود من السنين، تبلْوَرَتِ السِّياسة الخارجيَّة للسَّلطنة نموذجًا فريدًا ليس فقط لسياسة عدم الانحياز المطلق، بل كذلك لسياسة عدم «الانحياز الإيجابي المتوازنة التي لا تنأى بالسَّلطنة إلى جزيرة معزولة لا تلامسها رياح العصر ولا أنسام البيئة الإقليميَّة فقط، تلك السِّياسة الرشيدة التي أحالتها إلى عنصر بناء وتوفيقي على المدارَيْنِ الدولي والإقليمي: فلَمْ تترك السَّلطنة معضلة عصيَّة على الحلِّ، على المستويَيْنِ أعلاه إلَّا وبذلت كافَّة الجهود العقلانيَّة لإيحاد الحلول الناجعة لها وعلى نَحْوٍ يضْمن رضا جميع الأطراف (إذا كانت متنازعة أو مختلفة) وعلى نَحْوٍ يضْمَن مباركة الأُسرة الدوليَّة عَبْرَ هيئاتها الرئيسة المعروفة عالميًّا.
وتتبَلْوَر للمتابع الفَطِن حقيقة مفادها أنَّ مسقط عصيَّة على الاستدراج إلى العواطف قصيرة النظر، إذ إنَّها تتجنَّب (بكُلِّ ذكاء) كُلَّ ما من شأنه أن يسحبَ أقدامها إلى أرضيَّات تنافسيَّة ندِّيَّة إقليميَّة أو دوليَّة ليست لا حاجة بها لخدمة مصالحها بها. المعيار الأصل الذي لا تحيد مسقط عَنْه هو مصالح الوطن العُماني الكبير بكُلِّ فئاته وطبقاته الاجتماعيَّة.
ودلائل، بل ومبرِّرات، ما يذهب إليه المرء من إطراء لنجاح مسقط على مستوى السِّياسة الخارجيَّة لا يأتي من داخل السَّلطنة فقط، وإنَّما هو ينطلق ممَّا تفصح عَنْه عواصم العالَم كافَّة، غربيَّة كانت أم شرقيَّة، الأمْرُ الذي يُلقي الضوء على حرص حكومات العالَم (على تنوُّع مشاربها ومنطلقاتها الأيديولوجيَّة) للتمسُّك بعلاقات قويَّة ومتوازنة ومتواصلة مع سلطنة عُمان، وهي علاقات إيجابيَّة تحسدها عليها أغلب دوَل الجوار الإقليمي والفضاء الدولي الأرحب: لَمْ أسمع يومًا بتعقيد أو تراكم نَفْسي بَيْنَ أية واحدة من حكومات العالَم وقَدْ شابَ العلاقة مع حكومة سلطنة عُمان المتوازنة وبعيدة النظر. وهذا ما ينطبق، بدقَّة مُبْهرة، على دَوْر عُمان البنَّاء المُرحَّب به إقليميًّا وعربيًّا.
وهكذا، غلب بُعد نظر حضرة السُّلطان هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه) الأهواء والمنزلقات العاطفيَّة المؤقَّتة، الأمْرُ الذي ضَمِن للسَّلطنة موقعًا طليعيًّا في مَسيرة بناء السَّلام إقليميًّا ودوليًّا: فمرحى لعُمان وسياستها الخارجيَّة الحكيمة.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الرئيس التركي يزور سلطنة عُمان.. الأربعاء
مسقط- العُمانية
يقوم فخامةُ الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا بزيارة دولة لسلطنة عُمان بعد غدٍ الأربعاء تستغرق يومين.
جاء ذلك في بيانٍ صادرٍ عن ديوان البلاط السُّلطاني اليوم فيما يأتي نصُّه:
"تجسيدًا لعلاقات الصداقة القائمة التي تربط سلطنة عُمان وجمهورية تركيا، وفي إطار التعاون المشترك بينهما لكل ما من شأنه تحقيق المزيد من الرخاء والنماء خدمة لمصالح البلدين، وبما يحقق تطلعاتهما وآمالهما. سيقوم - بمشيئة الله تعالى وتوفيقه - فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا بزيارة "دولة" لسلطنة عُمان خلال يومي الأربعاء والخميس الموافقين الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر أكتوبر لعام 2025، وسيتمُّ خلال هذه الزيارة التشاور والتنسيق بين القيادتين بما يسهم في تعزيز العمل المشترك، وبحث مختلف التطوُّرات على الساحتين الإقليميّة والدوليّة.
وفق الله تعالى قيادتي البلدين لكل ما فيه الخير والازدهار لشعبيهما وللأمة الإسلامية، إنه سميع مجيب الدعاء".