الرباط .. الدعوة إلى إحداث رقم هاتفي وطني موحد للحالات المستعجلة
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
دعا المشاركون في الدورة السابعة للمؤتمر الدولي لطب المستعجلات، السبت بالرباط، إلى إحداث رقم هاتفي وطني موحد، من شأنه تقديم إجابة مواتية لوضعية طارئة، بما يضمن نقل المصابين في ظروف مثلى نحو البنية الاستشفائية الأكثر ملاءمة. وأوصى هذا الحدث العلمي، الذي نظم على مدى ثلاثة أيام بمبادرة من الجمعية المغربية لطب المستعجلات تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، بتحقيق التواصل المباشر مع هيئات الإنقاذ في حالات الطوارئ، بغرض تسريع إجابة فرق الإنقاذ والفرق الطبية، بما يمكن من الاستجابة بفعالية للحالات المستعجلة لدى المواطنين وتوفير خط اتصال مباشر مع خدمات الطوارئ، وتبسيط عملية الإبلاغ عن الحالات الحرجة وتسريع استجابة فرق الإنقاذ الطبية.
وقال رئيس الجمعية المغربية لطب المستعجلات، أحمد غسان الأديب، إن الجمهور الواسع مدعو إلى معرفة التفاعل مع وضعية طارئة أو مع كارثة طبيعية، مضيفا أنه يتوجب على الأشخاص الموجودين أمام وضعية مثيلة أن يختاروا من يبلغوا وكيفية تقديم الإسعافات الأولية.
وأكد الأديب، أهمية ضمان نقل موات للمصابين، في احترام لتدابير السلامة، بغرض تلافي تفاقم الحالات وتفادي المضاعفات الثانوية.
وأوضح أنه من خلال تنظيم موائد مستديرة التئم فيها خبراء، مكن هذا المؤتمر من بلورة نقاشات حول التكفل الشامل، لاسيما خلال الكوارث الطبيعية عبر استلهام العبر والدروس والتجارب من زلزال الحوز وكوارث وحوادث أخرى.
وأبرز أنه تم التشديد على كيفيات وصيغ اشتغال خلايا الأزمة، واختيار أماكن إرساء المستشفيات الميدانية، وتنظيم عمليات انتقاء المرضى، لافتا إلى النقاشات التي همت القضايا المتعلقة ببروتوكولات التكفل بالمرضى والمصابين بصدمات نفسية، لاسيما النساء الحوامل والأطفال.
وأضاف أن النقاشات همت أيضا تقديم الدعم النفسي للضحايا، إضافة إلى إشكالية إعادة تأهيل المرضى الذين عاشوا صدمة، مع ضمان إعادة إدماجهم اجتماعيا بأقل الأضرار.
وسجل السيد الأديب وهو أيضا أستاذ في الإنعاش والتخدير أن طب المستعجلات مدعو إلى أن يحتل مكانة هامة في المغرب، بالنظر إلى الاستحقاقات الرياضية الهامة التي تعتزم المملكة تنظيمها.
وذكر أنه يتعين بذل جهود إضافية من أجل دمقرطة التكوين حول الإسعافات الأولية، لاسيما بالمدارس، وجعله يستهدف الأجيال الصاعدة.
وشكل المؤتمر السنوي حول طب المستعجلات فرصة فريدة لتبادل المعارف والخبرات بين الخبراء المغاربة والأجانب، تسمح للمشاركين بمقاربة سبل رفع التحديات المرتبطة بجودة الرعاية المقدمة في أقسام المستعجلات المختلفة، حسب كل تخصص طبي.
وعمل المشاركون الذين يمثلون مختلف التخصصات الطبية أيضا على تحسين قدراتهم في الإنقاذ خلال الكوراث الطبيعية، من خلال ورشة محاكاة أبرزت وضعية خلفت عدة ضحايا.
وتهدف الجمعية المغربية لطب المستعجلات عبر دورات تكوينية، إلى بلوغ تعميم للعلاجات الأولية لفائدة الساكنة ، خاصة فيما يتعلق بحالات الأزمات القلبية .
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
اللاوا.. من تراث للشلك إلى رمز وطني في جنوب السودان
بعد أن كان "اللاوا" زيّا تقليديا يقتصر على أفراد قبيلة الشلك في ولاية أعالي النيل، تحوّل مع مرور الوقت إلى رمز ثقافي وطني يمثل جنوب السودان بأسره.
فقد أصبح اليوم من أبرز الهدايا الرسمية التي تُقدَّم لتكريم الشخصيات المهمة، كما يُستخدم في المهرجانات والاحتفالات الوطنية ويُقدَّم لضيوف البلاد من الأجانب، تعبيرا عن الفخر بالهوية الثقافية الجنوبية.
وتوجد مجموعة الشلك في ولاية أعالي النيل شمال شرقي جنوب السودان، ولها تاريخ عريق امتد عبر قرون، حيث كانت لهم مملكة مستقلة في منطقة فشودة.
وتُعَدّ قبيلة الشلك واحدة من المجموعات النيلية الكبرى في البلاد إلى جانب الدينكا والنوير.
وتُعرَف هذه القبيلة بهياكلها التقليدية المنظمة حول الملك (الرث) والسلاطين والعُمد. ويتميز المجتمع الشلكاوي بنظام اجتماعي متين يرتكز على الزراعة والرعي والممارسات الثقافية التقليدية.
وتبرز ثقافة الشلك في الاحتفالات والفنون الشعبية، بما في ذلك الموت والأزياء التقليدية مثل "اللاوا"، التي تجسد القيم الاجتماعية والمكانة داخل المجتمع، وتشكل تراثا حيا يستمر في التأثير على الهوية الثقافية في أعالي النيل وجنوب السودان بأسره.
ويمثل اللاوا لغة بصرية للهوية المحلية، إذ تعكس ألوانه وأنماطه الفروق بين الجنسين والمكانة الاجتماعية والمناسبات.
فالرجال يضعونه على الكتف الأيسر تاركين الأيمن حرا لحمل الحراب والأسلحة التقليدية، بينما تختار النساء والفتيات الألوان الزهرية الزاهية للتعبير عن الرقة والاحتفاء بالحياة.
أما السلاطين وقيادات مملكة الشلك، فيميزهم ارتداء اللون الأحمر الفاتح الممزوج بالبنفسجي، دلالة على القوة والمكانة الروحية، مما يجعل اللاوا لوحة حيّة تعكس تنوع الأدوار والمقامات في ثقافة الشلك.
إعلانولا يقتصر تأثير اللاوا على الشلك وحدهم، فقد وجد له نظير لدى مجموعة الباري في الولاية الاستوائية الوسطى، حيث ترتدي النساء زيا تقليديا يعرف باسم "كوربابة". يشبه هذا الزي اللاوا في طريقة لفّه على الجسد، لكنه أقصر وأخف، مع عقدة تسمح بحرية الحركة أثناء الرقصات الشعبية التي ترافق الاحتفالات. وغالبا ما يُرتدى مع تنورة تقليدية مزخرفة، ليظل رمزا للجمال والانتماء الثقافي في فسيفساء التراث الجنوب سوداني.
ويختلف اللاوا بحسب الغرض والمناسبة، فهناك اللاوا الصغير للأعمال اليومية كالزراعة والمهام المنزلية، واللاوا الكبير للمناسبات الرسمية والاحتفالات الكبرى أو استقبال الضيوف.
وهذا يعكس قدرة المجتمع الشلكاوي على دمج الجمال والوظيفة في قطعة واحدة من التراث.
وفي السنوات الأخيرة، تجاوز اللاوا حدود قبيلة الشلك ومجموعة الباري ليصبح جزءا من المشهد الثقافي العام في جنوب السودان، حيث يُرتدى في حفلات الزواج والمهرجانات الشعبية والمناسبات الرسمية.
وقد أخذ هذا الانتشار الطابع الوطني تدريجيا، من دون أي توجيه حكومي، ليصبح رمزا يجمع مختلف المجموعات الإثنية ويعبر عن الوحدة الوطنية والفخر المشترك.
وفي الاحتفالات الرسمية يسود اللون الأبيض التقليدي الذي يعكس الوقار، بينما اعتمد العديد من القبائل من غير الشلك تقديم قطع من اللاوا للعريس وأسرته، في تعبير عن الاحترام والانتماء الثقافي.
ويرى الصحفي الجنوب سوداني جيمس ياك أن اللاوا يعد أحد أبرز رموز الهوية الثقافية لقبيلة الشلك، إذ يجسد القيم والمكانة الاجتماعية والتاريخ العريق للمجتمع.
ويضيف في حديث لـلجزيرة نت أن "انتقال اللاوا من زي قبلي إلى رمز وطني جاء نتيجة احترام التقاليد وإعجاب المجموعات الأخرى بجماليته، وأصبح يُستخدم في الاحتفالات الرسمية وتكريم الشخصيات الوطنية واستقبال الضيوف الأجانب، ليعبر عن الوحدة والفخر المشترك بين مختلف الأعراق من دون أي فرضية سياسية".
ويشاطر سايمون قاج، الصحفي والمحلل السياسي، هذا الرأي، مشيرا إلى أن الانتشار الواسع لللاوا يبرز قيمته الثقافية والفنية ويتيح التعبير عن الهوية بطريقة مرنة تناسب مختلف المناسبات.
ويقول قاج للجزيرة نت "في بلد يعاني من صراعات وهشاشة مؤسساتية، الرموز التراثية مثل اللاوا توفر مساحة مشتركة للتعبير عن الفخر والانتماء الوطني بعيدا عن الانقسامات القبلية والسياسية، وتسهم في تعزيز الوحدة الوطنية عبر المشاركة الثقافية والتقدير المتبادل بين المكونات المختلفة للمجتمع".
ويشير الباحث دانيال جون من مركز الرؤية للدراسات الثقافية إلى أهمية وجود قواسم مشتركة بين مواطني جنوب السودان لتعزيز الوحدة الوطنية في بلد يتنوع سكانه عرقيا وثقافيا.
وقال جون في حديثه للجزيرة نت "إن اللاوا أصبح رمزا تلقائيا للهوية الجمالية والثقافية لجنوب السودان، إذ وافق الجميع على قيمته الرمزية من دون تدخل رسمي".
إعلانويرى أن هذا الانتشار الطوعي يعكس قدرة الثقافة المادية على خلق مساحات مشتركة للتعبير عن الانتماء والفخر الوطني.
وطالب جون سلطات وزارة الثقافة بإعلان اللاوا رسميا كزي وطني لجنوب السودان، معتبرا أن ذلك سيعزز دور التراث في بناء الهوية الوطنية وتقوية الروابط بين مختلف المكونات الثقافية في البلاد.
واختتم بالقول "إعلان اللاوا كزي وطني سيكون رسالة قوية بأن الثقافة والتراث يمكن أن يكونا جسورا للوحدة والفخر المشترك بين كل مواطني جنوب السودان، بعيدا عن الانقسامات العرقية والسياسية، ويمنح الأجيال القادمة رمزا واضحا لهويتهم الوطنية".